حوارات
حوار مع سعادة السفير/ معتز خليل مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة
الـثـلاثـاء 25 سـبتـمـبـر 2012 06:51 ص
– هناك ثوابت للسياسة الخارجية المصرية على المستوى العربي والاسلامي والمتوسطي والافريقي والعالمي .
– الفترة السابقة للثورة كان يعتريها نوع من الجمود والركود .. ومن الواضح ان مصر بعد الثورة تتطلع لإستعادة الدور الذي تستحقه على المستوى الأقليمي والعالمي .
– زيارة الرئيس / محمد مرسي الى إيران كانت زيارة لحركة عدم الانحياز .
– مصر لا تعادي اي دولة وانما تحافظ على مصالحها وتحرص على التواصل مع مختلف الدول وعلى إحقاق الحق وإبطال الباطل .
– علاقتنا بدول الخليج ليست علاقات سياسية واقتصادية فقط .. فهي علاقات ثقافية وأواصر دم وأسرة واحدة ..
سعدت جريدة ربيع العرب .. بإجراء هذا الحوار مع سعادة السفير/ معتز أحمدين خليل .. مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة .. لإتاحة الفرصة لأن نطلع القارئ على أسس وثوابت السياسة الخارجية والمستجدات التي مثلت روح ثورة 25 يناير .
وفي حديثي مع السفير/ معتز خليل وجدت أنه يحمل في صفاته صفات الدبلوماسي الناجح من وضوح الرؤية والإيمان بالرسالة الوطنية وتقدير واحترام الآخرين فلديه مرونة الدبلوماسي المتميز وهذا ليس بغريب على الدبلوماسية المصرية وأعضاء السلك الدبلوماسي في مصر لما يتمتعون به من خبرة طويلة في العلاقات الخارجية بجميع دول العالم .
ولقد أجرت الجريدة هذا الحديث الصريح مع سعادة السفير/ معتز خليل وهذا نص الحوار :
سـ ١ يرى كثير من المراقبين والمهتمين بالشأن العام المصري ان إدارة الرئيس مرسي لملف العلاقات الخارجية والدولية شهد لها بسرعة الحراك فمن السعودية الى اديس ابابا الى الصين ومنها الى ايران ثم إلي نيويورك يوم 24 سبتمبر كيف تنظر واشنطون الى هذا التحرك من جانب القيادة الجديدة في مصر ؟
جـ 1 أنا اعتقد ان السؤال يجب ان يكون ما هي تطلعات مصر .. مسألة تنظر واشنطون يسأل في ذلك واشنطن وليس مصر .. لكن ما أستشفه من السؤال انه كيفية تطوير السياسة الخارجية المصرية والواقع ان هناك ثوابت للسياسة الخارجية المصرية على المستوى العربي والاسلامي والمتوسطي والافريقي والعالمي .. فالفترة السابقة للثورة كان يعتريها نوع من الجمود والركود .. ومن الواضح ان مصر بعد الثورة تتطلع لإستعادة الدور الذي تستحقه على المستوى الأقليمي والعالمي .
وتحركات رئيس الجمهورية الدكتور/ محمد مرسي تدل على إهتمامه بالسياسة الخارجية المصرية والدوائر الرئيسية .. ولإهمية استعادة دور مصر .. وهذه الدوائر مرتبطة بالجغرافيا والتاريخ.. ولا تتغير.. ولكن التغيير في درجة الإهتمام وقوة التحرك وفعالية وحجم المجهود أو الجهد من أجل التواصل مع هذه الدوائر والتأثير فيها والتأثر بها من خلال التفاعل وما تضمنه من متغيرات ومن الواضح انه رغم حداثة العهد في الديمقراطية وحداثة العهد في الثورة وذلك في صدور نتيجة الانتخابات وتولي الرئيس الجديد المنتخب / محمد مرسي رئاسة مصر بصورة ديمقراطية .
فقد بدأت التحركات مبكرة وكانت درجة الإستجابة الإقليمية والعالمية لها عن تطلع المجتمع الدولي لمصر واستعادة مصر لدورها الذي تستحقه في صالح المنطقة كلها من خلال إتخاذ مواقف متوازنة تدافع عن الحق وتواجه الباطل وتسعى الى تحقيق مصالح الجميع والمصالح الوطنية من قبلها.. دون مبالغة او تفريط .
سـ 2 ما هي نتائج زيارة الرئيس/ محمد مرسي الى إيران وكيف ترى رد فعل خطابه من المجتمع الدولي؟
جـ 2 زيارة الرئيس مرسي الى إيران كانت زيارة لحركة عدم الانحياز وهي تعكس إضطلاع مصر بمسئوليتها تجاه هذه الحركة.. وعدم نقوصها عن عدم تحمل المسئولية .. وكانت مصر تتولى رئاسة الحركة .. وبالتالي عندما ذهب الرئيس/ محمد مرسي الى إيران .. ترأس هو إجتماع قمة حركة عدم الإنحياز وسلم الرئاسة الى نظيرة الايراني .. وعرض تقريرا عن نشاط مصر في السنوات الثلاث الماضية اثناء رئاستها لحركة عدم الانحياز.
والزيارة كانت فعالة للغاية أثبتت قدرة مصر على اتخاذ مواقف واضحة كما قلت سابقا .. تدافع عن الحق وتتصدى للباطل .. ومن ذلك الموقف الذي تم التعبير عنه بقوة ووضوح بشأن سوريا وبشأن فلسطين وبشأن نزع السلاح النووي في الشرق الأوسط .. وفي العالم بأسره وبشأن اصلاح الأمم المتحدة .. وبشأن الاهتمام بحقوق الأنسان وبإعلان قيم الكرامة والحرية والديمقراطية وهي كلها موضوعات رئيسية تعكس التحول الذي حدث في مصر بعد الثورة وتعكس خطا مستمرا ومتواصلا في السياسة الخارجية نسعى الى تنميته وبلورته شيئا فشيئا مع تطور النظام الديمقراطي في مصر .
سـ 3 كيف تستطيع مصر ان توائم بين توجهات سياستها الخارجية بعد ثورة يناير من خلال الاتجاة شرقا والاهتمام بافريقيا واعادة العلاقات مع ايران واحداث توازن في العلاقات مع دول الخليج العربي دون ان يؤثر سلبا على علاقتنا بواشنطون وتل أبيب ؟
جـ 3 عندما تتخذ مصر مواقف متوازنة لا تؤثر سلبا على اي دولة اخرى وسياستنا تنبع من مصالحنا .. وموضوع إستعادة العلاقات مع ايران لم يتقرر بعد ..
وكما ذكرت لك ان الزيارة كانت لحركة عدم الانحياز من منطلق رئاسة مصر لهذة الحركة .. ولم تكن زيارة ثنائية لإيران .. وهذا لم يمنع بالطبع من التواصل مع دولة ايران لأننا لسنا في حالة عداء مع اي دولة .. وايران دولة جارة ومهمة في الاقليم والعلاقات معها طيبة .. ومتوازنة وكانت هناك لقاءات مع الرئيس وكان هناك لقاء بين الرئيس محمد مرسي والرئيس الإيراني أحمدي نجاد تم خلالها بالتأكيد تناول مختلف الموضوعات لكن الهدف الرئيسي من الزيارة كان التركيز على حركة عدم الأنحياز وتسليم رئاسة الحركة لدولة إيران ومواصلتنا لمساعدتنا لأعضاء الحركة وبصفة خاصة الرئاسة الجديدة لإيران من أجل الحفاظ على تماسك الحركة وضروريتها في النظام العالمي .
سـ 4 مع المزيد من الوضوح في قرارات مصر في ظل الإدارة الجديدة بالنسبة للسياسات الخارجية هل لازال الشك والقلق يسيطران على عقول اصحاب القرار السياسي في اسرائيل وواشنطون وكيف يمكن احداث توازن بين متطلبات السياسه الخارجية المصرية خاصة في موضوع الأزمة السورية وموقف الصين وايران وروسيا من مساندة الرئيس بشار؟
جـ 4 لا اعتقد انه مجددا اذا كنت تسأل عن شعور دولة او دول اخرى بالقلق او بالارتياح فانه يجب ان ينقل هذا السؤال لهذة الدولة .. لكن لا أرى ما يدعو لأن تقلق اي دولة من سياسة مصر لانها تتجه الى تبوء الدور الذي تستحقه كما قلت.. وتتجه الى اخذ مواقف متوازنة في سياستها الخارجية .
فمصر لا تعادي اي دولة وانما تحافظ على مصالحها وتحرص على التواصل مع مختلف الدول وعلى إحقاق الحق وإبطال الباطل .. ولا أرى ما يدعو الى القلق فمصر القوية التي تبوء مسؤليتها على المستوى الأقليمي والدولي تساعد في تحقيق الاستقرار الاقليمي وتكون شريكا وندا محترما لمختلف دول العالم .. ودول العالم تتطلع لهذا الدور لمصر وهذا ما سمعته من مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في الأمم المتحدة عندما قمت بزيارتهم للتعرف عليهم عند وصولي الى نيويورك .
وهذا أيضا ما أجده ما يردده مندوبوا الدول التي إلتقيب بها سواء من أوروبا أو من أسيا أو أفريقيا وامريكا اللاتينيه وكذلك سكرتارية الأمم المتحدة وكبار مساعديه.
وكما قلت مصر دولة محترمة لها مكانتها وموقعها الجغرافي والتاريخي والحاضر كذلك في الساحة الأقليمية والدولية .. وقيام مصر بهذا الدور في صالح مصر في صالح الإقليم وفي صالح العالم اجمع من اجل تحقيق عالم اكثر عدالة ونظام دولي اكثر فاعلية.
سـ 5 سعادة السفير بعد تولي الرئيس/ محمد مرسي رئاسة مصر ووصول التيار الاسلامي لحكم مصر كان هناك تخوف من دول الخليج من وصول التيار الاسلامي .. ولكن الرئيس مرسي أزال هذا التخوف حيث ذكر في أكثر من خطاب .. ان مصر لا تتدخل في الشئون الداخلية لاي دولة كما أنها لا تسمح بالتدخل في شئونها الداخلية .. كيف ترى رد الفعل لكلمة الرئيس/ مرسي على دول الخليج ؟
جـ 5 بالتأكيد مصر لا تتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة .. واعتقد من المبالغة ما يتردد من قلق دول الخليج أو غيرها من الدول من تصدير الثورة المصرية .. لأن مصر لا تصدر الثورة .. ولا تسعى الى ذلك .. مصر تحاول ان تحقق تطلعات شعبها وتكون نموذجا يحتذى من خلال القدوة وليس من خلال التدخل في شئون الدول الأخرى .. واذا نجحنا في تحقيق اهدافنا وفي تحقيق اهداف الكرامة والحرية والتنمية لشعبنا فعلى الدول الأخرى اذا كانت ترى ان هذة القيم هي قيم جيدة وتتطلع الى تحقيقها أن تحذو حذوها .. واذا كانت لا تشارك في هذة القيم هي حرة في ذلك .. وتتبع الصور التي تشائها وهذا شأن خاص بكل دول العالم بما فيها دول الخليج .. التي نتمتع معها بعلاقات جيدة وهي علاقات ليست وليدة الأمس بل هي علاقات تاريخية وقديمة فهي ليست علاقات سياسية واقتصادية فقط فهي علاقات ثقافية وأواصر دم وأسرة واحدة ..
سـ 6 ما هي الرسالة التي توجهها لأبناء الجالية المصرية في أمريكا بمناسبة تعيينك في هذا المنصب .. وبمناسبة زيارة الرئيس مرسي للولايات المتحدة ؟
جـ 6 الرسالة التي أوجهها لأبناء الجالية المصرية في الولايات المتحدة الأمريكية هي أن بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة تمثل الدولة المصرية بحكومتها وشعبها .. وتسعى الى التواصل مع الجالية المصرية وهي في خدمتها وتتطلع أن تكون عند حسن الظن ونحن مستعدون دائما للتواصل والحوار والنقد من جميع افراد الجالية .. من أجل تحسين أدائنا ومن اجل إبلاغهم بما يتم في الأمم المتحدة وبالمواقف التي نتخذها .. من خلال الجرائد المحترمة مثل جريدتكم الموقرة .. ومن خلال وسائل الأعلام ونتطلع للتواصل ولتدعيم علاقات الود والتعامل والاستفادة المتبادلة مع ابناء الجالية المصرية في أمريكا.
وفي نهاية هذا الحديث الصريح تود أسرة التحرير لجريدة ربيع العرب أن تتقدم بخالص الشكر لمعالي السفير/ معتز أحمدين خليل مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة لما أتاحة لنا من فرصة للتعرف على توجهات السياسة الخارجية المصرية وكيف يكون المطبخ أو مكان صنع القرار ومدى ما تتمتع به الدبلوماسية المصرية من خبرات متراكمة تساعد في تقديم المشورة والنصائح لصاحب القرار .. وربما تجربتنا في مصر بعد الثورة مع أول رئيس مصري منتخب يفترض فيها أن التوجهات للسياسية المصرية لها ثوابت .. لكنها ايضا استجابة للشارع المصري .. سيكون لها قدر ملحوظ من التحرك بلا تحرج في إتجاهات لإثبات قوة الأرادة وإرادة القوة .