أخبار العالمرياضة
بعد صورته مع أردوغان.. الصحافة الألمانية تذبح أوزيل بسبب بيانه “الإنكليزي” وتفجّر أزمة جديدة
كسر نجم آرسنال الإنكليزي مسعود أوزيل، الأحد 22 يوليو/تموز 2018، أخيراً، صمته وأعلن اعتزاله اللعب الدولي حالياً مع المنتخب الألماني؛ بسبب العنصرية والتعامل السيئ من قِبل مسؤولي الاتحاد الألماني لكرة القدم وجزء من المشجعين، جراء الصور التي التقطها هو وزميله إلكاي غوندوغان مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
لكن، ليس قبل أن يرد على الكثير من المنتقدين له في الأسابيع التي صمت فيها، في بيان مطول نشره على 3 أجزاء بحساباته في الشبكات الاجتماعية.
كيف رأت الصحافة الألمانية اعتزاله في عمر الـ29 عاماً؟
خصص أوزيل جزءاً من بيان اعتزاله لانتقاد وسائل الإعلام الألمانية، التي اتهمها بلومه على أداء الفريق بأكمله عبر الإشارة إلى كونه من أصل أجنبي وبصورة عن كأس عالم سيئة.
أشار إلى أن بعض الصحف الألمانية تستخدم خلفيته الثقافية وصورته مع الرئيس التركي كـ«بروباغندا» يمينية متطرفة للترويج لقضايا سياسية، متسائلاً عن السبب الذي يدفعها لوضع صورته واسمه في عنوان عن الأسباب المباشرة للخسارة في روسيا، مشيراً إلى أنها تجاوزت الحدود وحاولت تأليب الشعب الألماني ضده.
صحيفة «فيليت».. إنهاء للفضيحة!
كان أوزيل يشير إلى وسائل إعلام كشأن «دي فيليت» و»بيلد»، اللتين واصلتا تهجمهما وانتقادهما لأوزيل بعد إصدار بيان التوقف عن اللعب الدولي.
فكتب أولف بوشاردت، رئيس تحرير «فيلت»، تعليقاً دعا فيه الاتحاد الألماني لكرة القدم إلى القول بشكل أوضح، ما الذي يعنيه قميص المنتخب الوطني.
قال إن قضية أوزيل تُظهر الطرق المضنية التي قد تواجه المهاجرين، وأنه ينبغي للاتحاد الألماني لكرة القدم صياغة توقعاته من اللاعب بشكل واضح، وعلى كل رياضي متجول بين الثقافات أن يقرر ما إذا كان يستطيع أو يريد ذلك.
وذهب إلى أن ما قاله أوزيل أنهى فضيحة، كانت تضم خاسرين فحسب.
صحيفة «بيلد» تصفية حسابات
رئيس تحرير «بيلد»، يوليان رايشلت، علق على مادة غلاف عدد صحيفته اليوم الاثنين «(اعتزال – شكوى) مسعود أوزيل.. وتصفية حسابه المشوشة مع ألمانيا»، أن اعتزال أوزيل يحمل اغتراراً بالنفس لا حد له وأن تقديم نفسه كضحية للعنصرية لا أساس له.
مشيراً في المادة أن تصفية حسابه مع ألمانيا واعتزاله جاء باللغة الانكليزية وعلى شكل مسلسل تلفزيوني من نمط الجريمة، وأن رسالته كانت «فقط شخص واحد ليس لديه أي خطأ هو أنا مسعود أوزيل».
أما رايشلت فقال على حسابه بموقع تويتر إن أوزيل يحاول عبر متابعيه الذين يصل عددهم إلى 70 مليوناً على الشبكات الاجتماعية أن يصور نفسه على أنه ضحية للإعلام، مرجعاً كتابة أوزيل بيان اعتزاله بالإنكليزية إلى كونه يعرف أنه من بين أقوى العلامات الإعلامية الرياضية في العالم.
صحيفة شبيغل.. فشل الاتحاد الألمان
بينما نشر موقع «شبيغل» تعليقاً على صفحته الرئيسية عنوانه «اعتزال أوزيل وفشل الاتحاد الألماني لكرة القدم.. لم يندمج بشكل كافٍ».
تحدث فيه الكاتب عن افتقاد بيان اعتزال أوزيل للنقد الذاتي، إذ اكتفى بانتقاد العيوب لدى الجميع من وسائل الإعلام والداعمين والمشجعين، مشيراً إلى أن تهجمه على رئيس الاتحاد راينهارد غريندل فيه الكثير من الصحة.
معتبراً أن الاتحاد فشل في واحدة من أهم واجباته، في الوقوف إلى جانب اللاعبين أوزيل وغوندوغان عندما بدأت الأزمة والرد على الانتقادات، وعدم تعبير غريندل ومدير المنتخب أوليفر بيرهوف عن التزام الاتحاد بالاندماج، وأن الجميع ألمان بغضّ النظر عن موطنهم الأصلي، يربحون ويخسرون سوية، بل عوضاً عن ذلك بدت وكأن مهمتهما بعد الخروج من المونديال تكمن في الطلب من أوزيل ما يُفترض أن غالبية المجتمع كانت تتوقعه، أي تبيان موقفه من قضية الصور.
وكتبت صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» على موقعها «اعتزال أوزيل.. تصفية حساب في ثلاث ملفات»، أن اعتزاله هو الأمر الذي كان الكثيرون يحذرون منه ويخافون منه، وأن تبرير أوزيل لاعتزاله علامة خطيرة للكرة الألمانية والمجتمع الألماني.
لقد ضحوا بأوزيل لأجل صورة!
وبيّن الكاتب ميشائيل إدير في التعليق أن الكثير من الشبان الألمان- الأتراك، سيتخذونه مثلاً ويقولون «أرأيتم لقد ضحوا بأوزيل لأجل صورة، وجعلوه كبش فداء لفشل المنتخب في كأس العالم، نحن ليس مرحب بنا هنا لأننا أتراك»، داعياً إلى عدم الاستهانة بأوزيل الذي يملك 23 مليون متابع على تويتر فقط.
معتبراً أن أوزيل بالغ في التهجم على رئيس الاتحاد غريندل واتهامه بالعنصرية، وعلى وسائل الإعلام، مستغرباً من عدم انتقاد أوزيل لأوليفر بيرهوف، مدير المنتخب، الذي حوله إلى كبش فداء. وقال إن ما لم يجب عليه أوزيل هو موقفه من قيم الرئيس التركي والقيم الألمانية وتعليقه على وضع حقوق الإنسان في تركيا، مضيفاً أن أوزيل أعطى الكثير من الاجابات، لكن عن الأمور التي تحمّل الآخرين المسؤولية فحسب.
هل تفهَّم الساسة اتهاماته وتعاطفوا معه؟
وأدلى العديد من الساسة والمسؤولين في الحكومة الألمانية بتعليقات على اعتزال أوزيل، بطل العالم مع المنتخب في مونديال البرازيل، فكتبت وزيرة العدل كاترينا بارلي على تويتر إنها لعلامة إنذار عندما يشعر لاعب ألماني كبير كمسعود أوزيل بأنه غير مرغوب فيه ببلاده بسبب العنصرية وأنه غير ممثل عبر الاتحاد الألماني لكرة القدم.
وقال جيم أوزدمير (تركي الأصل)، عضو البوندستاغ والرئيس السابق لحزب الخضر على تويتر، إن صور أوزيل مع أردوغان تبقى خاطئة، وأن توضيحه لا يُقنع، واصفاً تصرف قيادة الاتحاد الألماني حيال ذلك بالكارثية على الأقل، متهماً رئيس الاتحاد غريندل بتقطيع تاريخهم في الاندماج، متسائلاً فيما إذا كانت قيادة الاتحاد ترغب في لعب الألمان -الأتراك لأردوغان، على حد وصفه، معتبراً أن الاتحاد الألماني بحاجة لانطلاقة جديدة.
أما أوميد نوريبور، عضو البوندستاغ عن حزب الخضر (إيراني الأصل)، قال إن اللقاء مع أردوغان كان خطأ كبيراً وإن كان أوزيل لا يراه. مستغرباً مطالبة البعض من أوزيل بيان التزامه بحقوق الإنسان فيما لا يطلب ذلك من الكابتن الفخري للمنتخب الألماني لوتار ماتيوس الذي احتفل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو لا يتم سؤال بايرن عن علاقته مع قطر، مضيفاً أن رئيس الاتحاد غريندل كان ينبغى أن يرحل لا أوزيل.
وقال فرانك شفابه، عضو البرلمان الألماني عن الحزب الأشتراكي الديمقراطي، إن اعتزال أوزيل مُخجل للبلد وبائس للاتحاد الألماني لكرة القدم، وإن من كان يتوجب عليه الاستقالة هما غريندل وبيرهوف، الذين لم يختبئا خلف أوزيل فحسب بل غذيا الاستياء وحولا لاعباً إلى طريدة.
بينما علق نيما موفسات، عضو البوندستاغ عن حزب «دي لينكه» اليساري، إن التقاط الصور المذكورة كانت خطأ، وإنه كان جيداً لو كان هناك نقد ذاتي في البيان، إلا أن الاعتزال كان أمراً مؤسفاً ونتيجة حملة عنصرية، بفضل الاتحاد الألماني لكرة القدم ومرسيدس وجزء هام من الإعلام الألماني.
وقالت مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الاندماج أنيته فيدمان-ماوتز إنه من الجيد أن أوزيل أوضح موقفه أخيراً، لكنها أضافت أنه مع كل التفهم للعائلة والجذور، إلا أنه يتوجب على لاعبي المنتخب الوطني أن يتقبلوا النقد في حال سخروا أنفسهم لغايات انتخابية، في إشارة إلى الرئيس التركي، مؤكدة في الوقت نفسه أنه لا ينبغي أن يدفع هذا النقد المحق إلى تقليل قيمة اللاعبين ذوي الخلفيات المهاجرة كلياً.
وقال رئيس شبيبة التحالف المسيحي الذي تقوده ميركل، باول زيمياك، إنه ما من عاقل يريد من أوزيل أن ينسى أصله، إلا أن الادعاء بأن التقاط صورة مع أردوغان وسط حملة انتخابية جاء دون نوايا سياسة لسذاجة.
ونقلت صحيفة بيلد عن وزير داخلية ولاية بادن فورتمبرغ، توماس شترويل، المنتمي لقيادة حزب ميركل المسيحي الديمقراطي، قوله إنه يتمنى «التزاماً واضحاً بقيمنا»، خاصة حيال رجب طيب أردوغان، في إشارة إلى قضية الصور.
البعض وجد في القضية فرصة للتعبير علناً عن عنصريته
وساد خبر اعتزال أوزيل كما هو متوقع ترتيب المواضيع التي تحدث عنها الألمان على مواقع التواصل الاجتماعي، فتراوح ترتيب هاشتاغ “#Özil” منذ نشره البيان على شكل تغريدات على موقع تويتر بين صدارة الترتيب والمركز الثاني مع هاشتاغات أخرى، كالمتعلق بالمظاهرة الضخمة التي خرجت في ميونيخ.
واعتبر غيورغ ديز، كاتب عمود على موقع شبيغل أن الفضيحة المتعلقة بأوزيل هي مزيج من عنصرية المجتمع في ألمانيا ومن اتحاد كرة قدم يتصرف كفرع لحزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المتطرف، وأن ما جرى عار وفضيحة، داعياً إلى استقالة رئيس الاتحاد غريندل أو خضوعه لدورة اندماج.
وقال الصحفي الحر سيباستيان فايرمان على حسابه بموقع تويتر إنه يجد من الجيد انتقاد أوزيل للعنصرية والكيل بمكيالين لدى الاتحاد الألماني ومرسيدس والإعلام والمجتمع، لكنه في الوقت نفسه يجرد ظهوره مع أردوغان من السياسة كلياً، مضيفاً أنه في حال وجود نقد ذاتي في البيان لكان قوياً جداً.
وسخر البعض من حملة العلاقات العامة التي أطلقها الاتحاد الألماني بعنوان «معاً»، كناية عن التماسك بين أفراد المنتخب، فوُصفت «يا لنفايات العلاقات العامة هذه. يا لها من كارثة».
وبدا البعض غير مقتنع بإمكانية فصل منصب الرئاسة عن شخص الرئيس، المبرر الذي ساقه أوزيل في بيانه وبين إنه كان سيلتقط الصور كائن من كان الرئيس وفقاً للانتخابات الماضية، فقال فلوريان شميت-زومرفيلد الصحفي الرياضي في شبكة «سكاي سبورت» النسخة الألمانية، إنه لا يمكن فصل أردوغان الشخص عن منصب الرئيس، وهو ما أظهره الرياضيون الأميركيون بشكل مؤثر وصحيح، فلم يكن لدى أحدهم شيء ضد «الرئيس» بل ضد دونالد ترمب.
وقالت المؤلفة وعارضة الأزياء ماري فون دين بينكن، على تويتر إنه لأمر جديد بالملاحظة كيف يصور البعض أوزيل كضحية، وإن أوزيل كان يأمل الانتهاء من هذا الموضوع عبر الفوز بكأس العالم، ثم عبر بيان يتضمن (0,0) من النقد الذاتي، وإنما الشكوى من سوء الأحوال في ألمانيا، فيما تجاهل الأمر في تركيا، متهمة إياه باتباع سياسة الكيل بمكيالين.
وقالت مقدمة البرامج الحوارية هاتيجه أكون، إنه «في عام ٢٠١٨ يعتزل لاعب في المنتخب الألماني بسبب العنصرية، عدنا في ٣ أسابيع فقط إلى ثمانينيات القرن الماضي. هنيئاً لك ألمانيا».
وبينت الصحفية نضال صلاح الدين أنه أمر محزن لكنه حقيقي، الحاملين لجواز السفر الألماني ممن موطنهم الأصلي ليس ألمانيا، يبقون ألماناً قيد الاختبار، عندما يكون أدائهم على نحو خاص الرياضيين جيداً يتم تقبلهم، وما أن يظهر شك في أدائهم أو الولاء يتم إلغاء الاعتراف بهم كألمان عبر التشخيص عن بعد حتى المهاجرين النموذجيين منهم، موضحة أنها لا تدافع عن التقاطه الصورة، لافتة إلى أن الصورة اتخذت من قبل الكثيرين كمناسبة سانحة لممارسة عنصريتهم بشكل مكشوف، تحت ستار أن الأمر بالنسبة لهم يتعلق بحقوق الإنسان في تركيا.
وأكدت لمياء قدور، الباحثة والكاتبة البارزة في الشؤون الإسلامية، على حسابها بموقع تويتر أن الكثير مما كتبه أوزيل صحيح، وأن الكثيرين استغلوا صورة أردوغان للتعبير عن عنصريتهم الصرفة ومعاداتهم للأتراك، معتبرة تصرف الاتحاد الألماني حيال ذلك مخزياً، داعية لاستقالة رئيسه غريندل. واستدركت بتبيان أنها لا تتفق مع موقف أوزيل من قضية الصورة وإمكانية توضيح موقفه في وقت أبكر وقول إن التقاطها لم يكن ملائماً.
وكتب أيمن مزيك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين، على تويتر أن تبرير أوزيل اعتزاله بالعنصرية وقلة الاحترام قاس وحقيقة في الوقت نفسه، مشيراً إلى وقع بيان أوزيل السيئ عالمياً لأن الجميع يعرفون أوزيل ويجيدون الإنكليزية، موجهاً الشكر لأوزيل، الذي قال إنه سيبقى أحد أفضل لاعب كرة القدم الألمان في الأعوام الأخيرة، رغم محاولة قيادة الاتحاد الألماني لكرة القدم تدمير تاريخ الاندماج العظيم للاتحاد، خلال أيام فقط.
وكان أوزيل قد قال في البيان: «أنا في أعين رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم وداعميه ألماني عندما نفوز.. ومهاجر عندما نخسر»، المقولة التي انتشرت على نطاق واسع، وأعاد تغريدها تريفور نواه مقدم البرنامج الكوميدي الأميركي (ذا ديلي شو).
وقال أوزيل (٩٢ مباراة دولية) إنه يشعر بخيبة أمل من غريندل لكنه ليس متفاجئاً مذكراً بأن غريندل قال عندما كان عضواً في البرلمان الألماني في عام ٢٠٠٤ إن تعدد الثقافات عبارة عن خرافة في الواقع، وكذبة.
الفنان الألماني الإسرائيلي شاهاك شابيرا بدا غاضباً من احتفال البعض كيف طردت البلاد لاعباً بسبب موطنه من المنتخب الوطني، على حد وصفه، قائلاً إن ألمانيا لم تستحق حتى التأهل لكأس العالم.
مخاوف من تأثير الاعتزال على الألمان ذوي الأصول التركية
وسيكون تأثير اعتزال أوزيل -الذي سبق ونال جائزة «بامبي» كشخصية مثالية في الاندماج- كبيراً على الجانب الرياضي لدى ملايين الألمان ذوي الأصول التركية.
إذ قال رئيس رابطة الجالية التركية في ألمانيا غوكاي سوفوغلو إن اعتزال أوزيل لا يعني فقدان المنتخب للاعب تقني رائع فحسب، بل الكثير من الآمال المعقودة على المواهب الشابة من ذوي الخلفيات المهاجرة، التي سيصبح الدافع عندهم أضعف جراء هذه التطورات.
وبين أن التنوع في المنتخب الوطني الألماني كان مشروعاً نموذجياً رائعاً بات مهدداً بالفشل بسبب القيادة غير المأهلة، في إشارة إلى قيادة الاتحاد الألماني لكرة التي دعاها للاستقالة، واصفاً جعل أوزيل كبش فداء وتحميله مسؤولية الخروج من المونديال بالحجة الرخيصة.
وقال طيب دميرأوغلو، وهو مؤسس منظمة شبابية غير ربحية تركية- ألمانية، إن اعتزال أوزيل أسوأ من أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث لألمانيا متسامحة ومنفتحة، لافتاً إلى أن منح الأطفال من خلفيات مهاجرة الأمل استغرق وقتاً طويلاً، «فإن فشل مثلهم الأعلى أوزيل فكيف ينبغي على الأطفال أن يأمنوا بأنفسهم وببلادنا؟».