من أرشيف رؤية
أين المستعربون من تهويد القدس وتدنيس المقدسات…؟ بقلم: مصطفى قطبي
من أرشيف رؤية
بينما يتم دفع المنطقة والأمة العربية إلى المنزلقات والمهاوي، وحرائق الاقتتال والفتن والتطاحن فيما بينها في استغلال ممنهج لعامل التباين الطائفي، نرقب على الشاطئ الآخر حيث القضية الفلسطينية وفي قلبها القدس امتطاء صهيو ـ أميركي لهذا الراهن العربي المحترق والمكتوي بنيران الطائفية والمماحكات السياسية لرسم وقائع جديدة تستهدف مدينة القدس المحتلة وقلبها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، سيراً نحو تحقيق الأحلام التلمودية بإقامة ”كيان يهودي” احتلالي تكون القدس له عاصمة أبدية موحدة.
وربما من الواقعي والمفيد أن نقرأ ونعيد قراءة قول الإرهابي موشيه يعلون ”بوغي” وزير الإرهاب الصهيوني الذي قال: ”أعتقد أنه لا يوجد اليوم زعيم عربي يزعم مثلا أن القضية الفلسطينية هي لب المشكلات في الشرق الأوسط، فالذي يشغلهم تهديدات إيران وداعش والإخوان المسلمين”.
ما يجري من عدوان يومي ممنهج بحق المسجد الأقصى من قبل شرطة الاحتلال ومستوطنيه تخطى كل عدوان سابق وكل ما يمكن تخيله منذ احتلال القدس سنة 1967، حيث يتعرض المسجد الأقصى بكافة مرافقه الإسلامية منذ عدة أيام لهجمة احتلالية شرسة غير مسبوقة، أصيب فيها عشرات المصلين والمرابطين في الأقصى، أطلق فيها الاحتلال كمية كبيرة من النيران والقنابل، والاحتلال الإسرائيلي هو الاحتلال الوحيد في العالم الذي يعمل لكافة أذرعه ”الأمنية والشرطية والسياسية” ضمن عدوان ممنهج على الأقصى أمام مرأى ومسمع العالم بعد أن انتقلت حكومته من مرحلة السرية في العدوان إلى الاعتداء العلني.
إن التطرف الإسرائيلي يتزايد يوماً بعد يوم دون تصنيف محدد للجماعات اليهودية التي تمارسه، بل إن نتنياهو أراد أن يؤكد وجوده في خلفية الصورة كمحفز للمقتحمين والمدنسين للحرم القدسي على الاستمرار في فعلتهم النكراء وذلك ببيانه الذي تزامن مع عملية الاقتحام والاستفزاز والتدنيس وقال فيه ”شهدنا مؤخراً أحداثاً شملت رشق الحجارة والاضطرابات والعنف. يجب أن نرى ما هو حجم القوات وما هي القدرات التي يجب أن نستعملها والخطوات التي يجب أن نتخذها من أجل ضمان السلامة العامة في القدس”.
وهو بذلك يعطي تفويضاً مفتوحاً لاستمرار عمليات الاستفزاز والتدنيس والاستباحة للحرم القدسي ويصدر أوامره لقوات الاحتلال لحماية المتطرفين وتشجيعهم، بمعنى آخر إن المتطرف نتنياهو يريد صب المزيد من الزيت على النار دخل المسجد الأقصى، وهذا في بُعده يتطابق مع ما أكد عليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو أن الحكومة الإسرائيلية هي من تقوم برعاية وتشجيع اعتداءات المتطرفين الإسرائيليين في المسجد الأقصى، وأنه ”في كل يوم نجد هؤلاء المتطرفين يحاولون بكل الوسائل الدخول إلى المسجد الأقصى من خلال فرض أمر واقع وهو تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً بحجة أن لهم نصيبًا فيه”.
إذن المخطط الإسرائيلي حسب التصريحات الإسرئيلية، هو تقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً، ما يعني بسط السيادة الإسرئيلية على المقدسات الإسلامية في تعدٍّ سافر على هذه المقدسات تبدأ باقتحامات جماعية وصلوات يهودية لفرض أمر واقع جديد على الأرض، وهو ما يعني في نفس الوقت إنهاء وصاية وإشراف الأردن على المسجد الأقصى بموجب القانون الدولي واتفاقية السلام المبرمة بين الأردن وإسرائيل…
ولهذا فإن انتزاع الولاية على القدس الشرقية من الأردن، ليست شيئاً مثيراً للدهشة ولا يبدو أنها مثيرة للغيرة والانتصار للمسجد الأقصى وللشعب الفلسطيني، في زمن عزت فيه النخوة والشهامة والكرامة والكبرياء، وأصبحت مختنقة بأدخنة العمالة والنذالة والخسة والتواطؤ والتبعية والقبول بوظيفة خادم عند سيد صهيوني مارق على القانون والشرائع الدولية وطابخ للمؤامرات وصانع لحفلات الدم المجنونة بحق الأبرياء العرب والمسلمين.
فقد تعود الصهيوني ومن ورائه الأميركي وعودانا على اصطياد الفرص واقتناصها وسرقتها، وللتاريخ في ذلك دروس طوال تصل حد المعلقات، لكن التغير النوعي الحاصل الآن هو أن فرصاً تم صنعها في مطابخ الاستخبارات ومراكز الدراسات الغربية لتجربتها في مختبر ما يسمى ”الشرق الأوسط الكبير”، لا عجب إذن اليوم أن نجد هذا الذي يسمونه (ربيعاً) وقد تحول إلى موسم يومي لتدنيس الأقصى وتهويده وخنقه بمزيد من المستعمرات…
بل والأنكى ما كشفته دراسة ”صهيونية” مؤخراً عن حجم الدعم والحماية الذي توفره حالياً حكومة الاحتلال الصهيوني للجماعات اليهودية المتطرفة الفاعلة من أجل هدم الأقصى وقبة الصخرة وبناء الهيكل الثالث المزعوم، وهو الأمر الذي ينصرف إلى كارثة كبرى ومخطط محكم لركوب الانشغال العربي والدولي لفرض أمر واقع جديد في المدينة المقدسة قد يستيقظ العالم عليه غدًا أو بعد غد.
لقد جاءت تلك الدراسة لتحذر من انفجار ”برميل بارود” ستصيب تبعاته المنطقة والعالم، ولنا أن نتساءل: عن أي برميل بارود أقوى في أثره وأدوى في انفجاره مما كشفته الأرقام بأن نحو 15 ألف يهودي دنسوا الحرم القدسي العام الماضي؟ وأن حركة الاستيطان في القدس شهدتها انتعاشة تاريخية لم تشهدها على مر تاريخ الصراع، وهي مسألة لا نلوم فيها الصهيوني بقدر ما نلوم فيها الغفلة العربية والتهافت على فتات الموائد الأميركية والعجز عن بلورة موقف موحد وقوي.
وفيما يتبنى العرب خيار ”المفاوضات” مع مغتصبي الأرض والمقدسات والحقوق، من دون أي خيارات أخرى، ويضعون كل بيضهم في ”سلة أمريكا” التي ترغمهم على تقديم المزيد من التنازلات المجانية، توجه حكومة التطرف الصهيوني صفعتين من العيار الثقيل إلى الفلسطينيين، فالمؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية تواصل تنفيذ المخططات التهويدية في مدينة القدس الشريف وبخاصة المواقع الإسلامية الأثرية، وتعمل من دون توقف لإحداث انقلاب في هوية المدينة العربية، وفي الوقت نفسه تؤكد على تكريس احتلال غور الأردن باعتباره حسب زعمها يلبي الاحتياجات ”الأمنية” للكيان الصهيوني الإرهابي.
الصهاينة اتخذوا كل الاجراءات لهدم المسجد الأقصى المبارك، لبناء ما يطلقون عليه ”كنيس الخراب” ويستبقون الضربة القاضية باقتسام المسجد للصلاة بين ”المسلمين واليهود”، وهو ما نشهد له دلالات وعلامات كثيرة، وأقلها إقامة ”صلوات تلمودية” في ساحات الأقصى، كما فعلوا من قبل في المسجد الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل.
وحسب ”الأساطير اليهودية” فإن بناء ”كنيس الخراب” يقربهم مما يسمونه ”بخلاص اليهود” حيث تتحدث الجماعات اليهودية عن ”نبوءة” مفادها أن حاخاماً إسرائيلياً يدعى ”جاؤون فيلنا” عاش في العام 1750م، وكتب يومها متنبئاً ـ كما يزعمون ـ بأن يوم البدء في بناء الهيكل الثالث المزعوم هو اليوم الذي يلي إعادة افتتاح ”كنيس الخراب”، وقد أعلنت الجماعات اليهودية المتطرفة البدء الجدي والفعلي بالإعداد لبناء ”الهيكل” على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، وأعدت حجارة خاصة قالت إنها أساس بناء ”الهيكل” وتم تغليفها بالأعلام الصهيونية ووضعها على شاحنة خاصة بالقرب من باب المغاربة بانتظار نقلها إلى داخل المسجد الأقصى، يذكر أن اليهود أطلقوا اسم ”الخراب” على الكنيس المراد تشييده للدلالة على خراب ”الهيكل”، وعلى إمكانية تجسيد ”الأسطورة” على أرض الواقع.
فالوقائع المادية على الأرض، ونتيجة لعمليات التهويد المتواصلة، تشير بأن رموز التهويد باتت تطوق المسجد الأقصى المبارك من جهاته الأربع بأكثر من مائة كنيس يهودي، بخاصة داخل البلدة القديمة بالقدس، وبالقرب من أسوار القدس القديمة، في وقت توجد فيه عدة كنس يهودية في الأنفاق التي حفرت تحت المسجد الأقصى المبارك، وهناك عشرات الكنس، بدأت تمتد وتزداد في غرب المسجد الأقصى المبارك، وأصبحت جميعها تشكل سلسلة على شكل دائري حول المسجد الأقصى من كل الجهات، وبدأت تزداد وتقترب من المسجد الأقصى المبارك في هذه الأيام، وتشكل أجواء استيطانية يهودية، خانقة حول المسجد. وقد بنيت على عقارات وأوقاف إسلامية ومساجد استولت عليها المؤسسة ”الإسرائيلية” بعد الإحتلال ”الإسرائيلي” للقدس الشرقية عام 1967.
كما كانت المؤسسة ”الإسرائيلية” قد صعّدت في الفترة الأخيرة من بناء هذه الكنس في مواقع قريبة من الأقصى، إضافة لوجود مخطط ”إسرائيلي” لبناء أكبر كنيس يهودي في العالم بتكلفة 40 مليون دولار فوق المدرسة (التنكزية) الإسلامية التاريخية والتي هي جزء من المسجد الأقصى، وقد تم إقرار مخطط هذا الكنيس في زمن حكومة شارون.
ومع ذلك، وبصرف النظر عن مشروعية التصدَي للأساطير التوراتية التي عملت الصهيونية على تحويلها إلى وقائع تاريخية تثبت ما يسمى ”الحق الإلهي” لليهود في الأراضي المقدسة، وبعيداً عن مواقف بعض العرب والمسلمين الذين يساهمون، عملياً، في تنفيذ المخططات الصهيونية من خلال صناعة أنموذج ”إسرائيلي” جديد لـ”الجهاد” وتوجيه طاقاتهم وقدراتهم لتدمير سورية والعراق وشعبيهما، فإن الصعود إلى ما يسمى ”جبل الهيكل” لم يعد شعائر دينية لليهود الحريديم فقط، بل أصبح تظاهرة سياسية تؤشر إلى إلغاء الفرق بين ما يسمى الصلة الدينية والسيادة السياسية، وترمي إلى إقرار حقائق على الأرض.
وتحت ظلال ذلك، تم الانتهاء من إعداد المخططات الهيكلية لبناء ما يسمى ”الهيكل الثالث”، وإقامة ورشة عمل جمع الحجارة الخاصة ببناء الهيكل، بعد هدم الأقصى، والذي سيعقبه، وفق المؤمنين بـ”المعتقدات المسيانية”، اندلاع ما يطلقون عليه حرب يأجوج ومأجوج التي سيتخللها ظهور المسيح ثم يتم بناء الهيكل الثالث المزعوم الذي سيمتد، وفقاً للمخططات، نحو الشمال على حساب الحي الإسلامي في المدينة المقدسة.
إذاً المعركة متواصلة في القدس المحتلة، وعناوينها تزداد يوماً بعد يوم، وتتنوع بين محاولات وسياسات تهويد وتدنيس المدينة ومقدساتها، وحتى مقابرها التاريخية، وأسماء شوارعها وأحيائها، والتضييق على الصامدين من أهلها المقدسيين، وتصعيد وتيرة العدوان عليهم، من خلال سياسة العزل، والاعتداء الجسدي واللفظي، وسحب الهوية، ومصادرة أملاكهم وزرعها بالمستوطنات، وقد أخذت معركة القدس أبعاداً جديدة، عندما دخلت المواجهة المفتوحة، في ساحات المسجد الأقصى المبارك، وقبة الصخرة، مرحلة الاشتباك غير المتكافئ بين الفلسطينيين العزل، وجنود الاحتلال المدججين بالسلاح…
فأين ”الجهاديون والإخوان والثوار والدواعش”؟ أين ”الانتحاريون وطلاب الشهادة في سبيل جنات العدن وحور العين”؟ أين القرضاوي والظواهري والبغدادي وأشباههم من تجار وسماسرة الدين والدم؟ والأهم أين حراس المحميات والقواعد الأميركية في ممالك وإمارات الرمال المتحركة من أصحاب العروش المتهالكة والكروش المتخمة؟ بل أين البهلوان الأميركي وأسطوانته الببغائية حول السلام والدولة الفلسطينية المنشودة؟
نعم أين هؤلاء مما يجري في الأقصى؟ أين هم وأعلام إسرائيل ترفع وترفرف فوقه؟ وقطعان المستوطنين تدنس حرماته كل يوم؟ والحفريات الإسرائيلية تدك الأساسات من تحته ومن حوله وتذيب صخوره بالمواد الكيماوية؟ لماذا لا يدعون لاجتماع طارئ لمجلس الأمن؟ أو يحشدون لمؤتمر أصدقاء الشعب الفلسطيني والأقصى؟ والأهم لماذا لا يعلن مفتي الناتو وإخوانه ”الجهاد”’ نصرة للفلسطينيين ولاسترجاع حقوقهم المغتصبة؟
لقد ظهر المستعربون الجدد وأدواتهم ومشغلوهم على حقيقتهم، بعد أن تكشفت أوراقهم، وافتضحت عوراتهم الخلقية والأخلاقية، وظهر ما في إنائهم الآسن من أفكار هدامة وظلامية عفنة وكلام لا يعدو كونه مزايدات خطابية منمقة وإنشائية شكلية خاوية من أي مضمون جوهري أو حراك حقيقي.
فالموقف العربي من القدس المناصر للحق الفلسطيني في عاصمته الأبدية يتأتى فقط من محور المقاومة في زمن الرداءة. وكل من يراهن على الجامعة العربية بأنها قد تدعم صمود القدس فهو واهم، فهي لم تنفذ أي التزام من التزاماتها تجاه القدس وبخاصة التزامات القمة الثانية والعشرين التي عقدت في ليبيا عام 2010 والتي أقرت تخصيص 500 مليون دولار لدعم صمود القدس، ولم يصل منها شيئاً.
لا يمكن لممالك ودويلات ومشيخات النفط والغاز التي تنفذ وتسهّل طبخة الربيع العربي المشؤوم، أن يكون لها أدنى دور يمكنه أن يعرقل أو يمنع مشروع قانون إسرائيلي لتقسيم الأقصى، ولذلك ليس غريباً أن تتوالى بصورة لافتة للنظر عمليات التدنيس للمسجد الأقصى وعمليات التهويد في القدس المحتلة، ويردد في الآن ذاته المحتلون الصهاينة: دعهم ”أي العرب” يذبحون بعضهم بعضاً، فقد وفروا علينا كل شيء، ونكتفي فقط بالتفرج عليهم دون التدخل أو التعليق، لذا لا غرو أن تعلن جماعة ما تسمى ”الائتلاف من أجل الهيكل” عن تنظيم فعاليات تدنيسية تهويدية في القدس المحتلة، أو ما تطلق عليه زعمًا ”خراب الهيكل”، وذلك بهدف الدعوة إلى إعادة بنائه (الهيكل المزعوم) على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.
مأساة الشعب الفلسطيني وقضيته أن معظم الدول العربية والجامعة العربية تجمع (المال) وتوظف جدول عملها السياسي لاستهداف دول عربية تقف ضد المشروع الصهيوني، ولم تبدأ بعد دول النفط والغاز بوضع خطة توظف الأموال فيها والدعم لحماية أقدس مقدسات المسلمين في مدينة القدس المحتلة. وبالمقابل يجد هؤلاء العرب أنفسهم مسخّرين في خطة سياسية أميركية ـ إسرائيلية تحقق لإسرائيل التوسع في مشروعها الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني ومقدسات أمة عربية وإسلامية. وهذا ما يؤكده نتنياهو حين يطالب العرب جميعاً وليس الفلسطينيين وحدهم بالاعتراف بيهودية الدولة التي اغتصبت فلسطين بغرض تهويد كل مقدساتهم الإسلامية والمسيحية في وطنهم التاريخي.
إن سماح كيان الاحتلال الإسرائيلي لليهود المتطرفين باقتحام الأقصى الشريف هو فعل إجرامي، لم ولن يكون الجريمة الأولى والأخيرة، وإنما يأتي في إطار السلسلة المتواصلة من عمليات التدنيس والتهويد الصهيونية الممنهجة ضد المسجد الأقصى، وبينما تستمر هذه الاعتداءات غير المسبوقة يتم سوق الفلسطينيين إلى مفاوضات تحت حراب الاستيطان والتهويد، وكل إرهاصاتها تشير إلى أنه يراد منها أن تكون اللحظات الحاسمة والمصيرية في ترتيب نهائي وبرعاية أميركية لصالح الاحتلال الصهيوني، يعلن فيها النهاية الحقيقية للقضية الفلسطينية، بحيث تتحول إلى ذكرى جديدة كذكرى النكبة وإحراق المسجد الأقصى وإحراق الحرم الإبراهيمي وغيرها، ومما يلاحظ أن هناك سباقًا نحو الزمن لاستغلال الراهن العربي المتضعضع تحت ضربات الفوضى الأميركية الخلاقة للوصول إلى الهدف الصهيو ـ أميركي المنشود.
ومن المهم في هذا السياق توفير الدعم لأبناء القدس للحفاظ على عقاراتهم وممتلكاتهم المجاورة للحرم القدسي الشريف، ومساعدتهم للصمود وتحمل المشقات والمعاناة وعدم الاستسلام، ورفع مستوى الوعي السياسي والديني لدى الشباب والشعوب العربية والتأكيد لهم على أهمية حماية هذا المكان المقدس من أي اعتداء قادم.
هي معركة وجود وبقاء يخوضها المقدسيون ومن ورائهم الفلسطينيون بالنيابة عن بقية الأمة لحماية مقدساتهم والوقوف في مواجهة آلة التغول التهويدية التي لم تترك حجراً إلا وعملت على نهبه ونسبته إلى تاريخ مزيف من الوجود اليهودي في فلسطين المحتلة، وإلى أن يدرك العرب والمسلمون وبقية الشعوب ما يجري لتلك المقدسات والمحاولات الجارية للاستيلاء عليها، يظل العبء الأكبر ملقى على عاتق المقدسيين والفلسطينيين بشكل عام، وهي مسؤولية لا يتم بها تشريفهم إلا مع القيام بها على أكمل وجه، لكن ذلك لا ينتقص من مطالبهم تجاه توفير الحد الأدنى من الدعم المعنوي والمادي، وهو بالمقابل حق وواجب على أبناء العرب والمسلمين وليس تفضلاً أو تكرماً، فمسوؤلية حماية أولى القبلتين وثالث المساجد المقدسة لدى المسلمين هي مسؤولية عامة ومشتركة، ولا يجوز التعويل في فيها على ردات فعل أو تصرفات فردية، مهما كانت مهمة أو مؤثرة.