من أرشيف رؤية

حديث مع سعادة السفير، المندوب الدائم السابق للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة

من أرشيف رؤية

لقد كانت و لازالت المملكة المغربية نموذجا يعتد و يحتذى به في مجال لقاء الثقافات و الحضارات حيث سافر أبناؤه و هاجروا أو تفاعلوا مع واقع المجتمعات التي يعيشون  فيها  و  الشعب المغربي قد نجح في أن يضع له بصمة قوية و واضحة في هذا المضمار حيث يتواجد أبناؤه على أي قطعة من بقاع المعمورة. ونحن في أمريكا نسعد و نعتز و نفخر دائما بوجود الطابع التراثي العريق للشعب المغربي.

المغرب بلد متعدد الحضارات مكوناته القومية و السكانية و اللغوية و الثقافية عبر تاريخ. فقد إحتضن هذا البلد كثيرا من العناصر البشرية القادمة سواء من الشرق الفينيقيون و العرب و من الجنوب قارة أفريقيا أو من الشمال الرومان و الوندال و كان لهذه المكونات البشرية جميعا أثر على التركيب العرقي و الاجتماعي الذي صار يضم تعددا قوميا متنوعا للمملكة المغربية.  و لأن الإنسان إبن البيئة و الظروف فربما يفسر ذلك سر تميز الإنسان المغربي فهو يعيش في طبيعة منحته الصفاء و النقاء الروحي. نظرا للأمتداد الجغرافي للمغرب على إمتداد البحر المتوسط، و ما تتميز به المملكة من إمكانيات سياحية و تراثية و ثقافية هائلة و تفاعل هذه العوامل كانت ثماره واضحة على الساحة العالمية لقد جسدت المغرب عبر العصور و الأزمان نبوءة المؤرخين من أن المغرب بحكم موقعها و ظروفها فأنها أتاحت الفرصة لكل من يولد على أرضها أن يكون نموذجا متميزا في العطاء.

 

و الإنسان تعود على أن يكون دبلوماسيا في كل المواقف بمعنى أن يجيد التعامل مع الآخرين و ليقدم لنفسه و لبلده صورة ذهنية تبهر العالم فإذا كان هذا الحال بالنسبة للإنسان و المواطن العادي فبالتأكيد فإن الذين يعملون في المجال الدبلوماسي لديهم قدرات و إمكانيات ترقى لأن تكون هي الإطار الذي رسم و حدد الصورة العامة المتميزة للدبلوماسية المغربية حول العالم و هذا ليس بكثير على أبناء المغرب الذي قدمت لهم بلدهم كل الإمكانيات الخاصة بالتعليم و التنشئة فعندما إنطلقوا للعالمية كان ولا يزال لهم أمل و قد تحقق ألا و هو أن يجيدوا أداء المهام التي وكلت إليهم و أن يرفعوا إسم المغرب عاليا بين الأمم و أننا هنا في هذا الحوار الصحفي المتميز التي تسعد جريدة المستقبل بإجراء هذا الحوار مع سعادة السفير / محمد وليشكى مندوب المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة إنه لمن دواعي سرورنا و اعتزازنا أن نتيح للقارئ الكريم أن يتعرف على شخصية مغربية عربية و إسلامية و إفريقية راكمت خبرة و تجارب ساهمة في إثراء إسم المغرب في المحافل الدولية .

 

و السفير محمد وليشكى خريج كلية الحقوق بالرباط سنة 1974 و جامعة السوربون بباريس 1979 و منذ إنضمامه إلى وزارة الخارجية بالمغرب في عام 1974 تولى عدة مهام قانونية و دبلوماسية هامة منها سفير المغرب لدى هنغاريا و البوسنة و الهرسك و جمهورية كرواتيا ، ومنسق الحكومة المغربية مع المينورسو و السفير المندوب الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة بجنيف.

 

 و هذا هو نص الحوار :

 

س١ـ هل ترى معاليك أن الأعلام العربي في المهجر يمكن أن يساهم بشكل أو بآخر في تنشيط الفعاليات الاقتصادية و الاجتماعية و السياحية للدول العربية بصفة عامة و المغرب بصفة خاصة ؟

 

ج- يكفي التذكير بأن الإعلام يعتبر السلطة الرابعة لنعلم مدى تأثير و سائل التواصل على المتلقي و خصوصا في ظل التطور التكنولوجي الذي عرفته و سائل الإعلام خلال العشرين سنة الأخيرة.

فالإعلام له تأثير مباشر أو غير مباشر على طرق تفكيرنا و فحوى خطابنا و على عاداتنا الغذائية و طريقة لباسنا. يستقبل القارئ أو المشاهد كما هائلا من الأخبار و المعلومات عليه أن ينهل منها و يختار ما يناسب  ميولاته و اهتماماته و قناعاته.

 

اعتبارا لهذه المكانة التي يحظى بها الإعلام فبإمكانه الإسهام بحظ أوفر في التعريف بالإنسان العربي بحضارته و خصوصياته و آماله و طموحاته. لإعلام دور كذلك في التقريب ما بين الجاليات العربية و الإسلامية فيما بينها و مد الجسور بين الجالية العربية في المهجر والمجتمع المدني في دول الإستقبال و الإسهام في تقارب الديانات و الحضارات.

 

س٢ـ كيف تنظر بلادكم للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى و الحفريات التي تستهدفه و ما هي المجهودات التي يقوم بها الملك محمد السادس في هذا الشأن ؟

 

ج كما تابعتم، إلتأم في مراكش يومي 17-18 يناير الجاري الدور العشرون للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي التي يترأسها صاحب الجلالة محمد السادس ملك المغرب. و تمخض عن هذا الإجتماع قرارات تهم الدفاع عن هوية و رمزية مدينة القدس و التصدي للممارسات الإسرائيلية أيا كانت طبيعتها التي تستهدف هذه المدينة المقدسة، و التأكيد على الحق الثابت للفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية و إدانة إقامة و توسيع المستوطنات من طرف إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة و طلب مجلس الأمن الإضطلاع بمسؤولياته كاملة إزاء النزاع و كذا تأييد المفاوضات الجارية بين الطرفين تحت الرعاية الأمريكية.

 

و قد كان الإجتماع مناسبة ليطلع أعضاء لجنة القدس على المجهودات و الإتصالات و المبادرات التي يقوم بها صاحب الجلالة بصفته رئيس اللجنة لصالح القضية الفلسطينية و المحافظة على المقدسات الإسلامية في القدس و مساعدة المقدسيين على الصمود من خلال البرامج و المشاريع التي يمولها بيت مال القدس.

 

س٣ـ كيف تصفون علاقة بلادكم بجيرانه و ما هو مصير الإتحاد المغربي و فيما إذا سيبقى مجمدا كما هو عليه الحال الآن نتيجة لتوتر منطقة المغرب العربي ؟ 

 

ج- المغرب كان و سيبقى دائما بلدا متفتحا و مستعدا للتعاون و هذا يسري أولا بأول مع دول الجوار المغاربية نظرا للروابط اللغوية و الدينية و الإنسانية التي تجمعنا و نظرا كذلك لتحديات الحاضر و طموحات المستقبل التي تجمعنا.

 

و من المؤسف أن نرى تجمعات إقليمية تأسست بعد الإتحاد المغاربي خطت  خطوات هامة في التعاون و الإندماج بينما تبقى الدينامية المغاربية جامدة و متعثرة. كل البلدان المغاربية تؤدي ثمن هذا الجمود و انعدام الإنسياب التجاري و الإقتصادي بين أعضاء الإتحاد و الذي يقدر بأكثر من 2% من معدل النمو الإقتصادي الوطني.

 

لا يمكن للعلاقات المغاربية أن تتطور و تنمو في ظل حدود مغلقة ما بين المغرب و الجزائر. و المغرب أبدى دائما استعداده لحوار صريح و شامل لمناقشة كل المشاكل المطروحة و إيجاد حلول توافقية و عملية لها.

هناك في الجوار الجنوبي للمنطقة المغاربية تحديات أمنية و إرهابية و إنفصالية لها إنعكاسات سلبية على الجميع و يجب أن نرفع هذه التحديات بتكثيف جهود التعاون و التنسيق فيما بيننا.

 

ثم هناك تحدي التنمية الذي يفرض علينا في هذا العصر، عصر التكثلات الإقليمية، تعزيز الشراكة و الإندماج لخلق تجمع إقتصادي جهوي فاعل و مؤثر بإمكانه أن يعزز قوته التفاوضية.

 

س٤ـ سعادة السفير لقد توليتم رئاسة مجلس الأمن في ديسمبر 2012 هل لسيادتكم أن تتحدث عن الإنجازات و القرارات الهامة في تلك الفترة فترة توليكم رئاسة المجلس ؟

 

ج- أم القضايا بالنسبة للمغرب هي مسألة وحدته الترابية التي تحظى بإجماع وطني ثابت و متجدد. و لهذا كان على الوفد المغربي خلال سنتي ولايته أن يقرب أعضاء مجلس الأمن من الجوانب التاريخية و السياسية و السوسيولوجية التي تؤكد مغربية الصحراء و في نفس الوقت أن يبرهن على عزيمته الصادقة في حل الخلاف الذي ترتب عن استرجاع المغرب لصحرائه، عبر مبادرة الحكم الذاتي. هذه المبادرة التي تنسجم مع ورش الإصلاحات الدستورية و البنيوية و التنموية التي فتحها صاحب الجلالة مند إعتلائه العرش و التي يحرص على متابعة تطبيقها على أرض الواقع.

 

بالإضافة إلى مسألة الوحدة الترابية للمغرب، سعى الوفد المغربي على الصعيد العربي إلى حث مجلس الأمن على التجاوب مع كل التطورات التي عرفتها القضية الفلسطينية سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني بما فيها الممارسات الإسرائيلية في القدس الشريف. و كانت كل التحركات و المبادرات المغربية تسبقها مشاورات و تنسيق مع الوفود العربية و على رأسها الوفد الفلسطيني.

 

و بالنسبة للمسألة السورية كان همنا الوحيد هو التخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق الذي يبقى في آخر المطاف الضحية الأولى و الأخيرة. على أي حال كنا دائما ننادى بوقف العنف أيا كان مصدره و كنا دائما نحاول أن ندفع للتسوية السلمية و الحوار السياسي الذي بدونه لا يمكن لأي نزاع أن يعرف نهايته و في نفس الوقت كنا نركز على البعد الإنساني لهذه المأساة. و الذي عكسته مبادرة صاحب الجلالة إقامة مستشفى ميداني في مخيم الزعتري و زيارة جلالته لهذا المخيم.

 

و اليوم نسجل بتفاؤل إنعقاد مؤتمر جنيف الثاني الذي شارك فيه السيد و زير الشؤون الخارجية و التعاون المغربي و نتمنى أن يؤدي هذا المسار إلى تسوية سياسية تحقن الدماء و تجمع الشمل و تفتح أفقا واعدا لكل أبناء و بنات سوريا بدون إستثناء.

 

 أما على المستوى الأفريقي، فقد كانت للمغرب مبادرات فيما يخص مشكلة مالي توجت بإعتماد القرار الخاص بهذا البلد تحت رئاسة المملكة المغربية. 

 

كما ساهم المغرب بقسط وافر في صياغة و بداية تطبيق إستراتيجية الأمم المتحدة المندمجة المتعلقة بدول الساحل. و ارتباطا بهذه الإستراتيجية حرص المغرب بصفته رئيسا للجنة مكافحة الإرهاب المتفرعة عن مجلس الأمن على تخصيص دورة خاصة للتداول حول انعكاسات آفة الإرهاب على منطقة الساحل.

 

كما عمل الوفد المغربي على إثارة إنتباه المجلس إلى خطورة الأوضاع في جمهورية إفريقيا الوسطى و ضرورة التحرك لتفادي كارثة إنسانية في هذا البلد الإفريقي.

س٥ـ ما الذي يميز المغرب كدولة عربية سياحية و لماذا يقبل السياح علي القيام بزيارتها من كل دول العالم ؟

 

ج هناك الموقع الجغرافي الذي أفاء الله عز وجل به على المغرب بين أوروبا و إفريقيا. ثم هناك التراث المغربي المعماري و التنوع المناخي و الجغرافي من سهول و صحراء و جبال و شواطئ ممتدة على البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي، و كذا طبيعة الإنسان المغربي المتفتح و المضياف، ثم هناك الإستقرار السياسي الذي يتميز به المغرب و الذي يوفر له المناخ الضروري لتنمية قدراته و إنجاز الأوراش المهيكلة لقطاع السياحة و غيرها التي تعرفها جميع جهات المملكة.

 

س٦ـ ما هي تمنياتك للعالم العربي في عام 2014 بصفة عامة ؟

 

ج  تمنياتي للعالم العربي أولا السلام و الإستقرار لأن بدونهما لا يمكن إنجاز أي تقدم.

تمنياتي أن يحقق الشعب الفلسطيني في 2014 و هي سنة التضامن العالمي مع هذا الشعب، حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية و أن يعود الإستقرار و الوئام إلى سوريا الشقيقة.

 

الأمة العربية لها تاريخ عريق و إسهام متميز في الحضارة الإنسانية و في نفس الوقت تتوفر على مؤهلات  إقتصادية و بشرية تمكنها لأن تضمن الرفاهية لأبنائها و بناتها و أن تساهم بقسط أوفر في تقدم البشرية.

 

وفي نهاية اللقاء مع سعدة السفير / محمد لوليشكي ، فقد أكد لنا خلال ذكرياته وتجربته العملية في الحياة أن الإنسان المغربي سواء كان دبلوماسيا أو مواطنا عاديا هو مزيج من حضارة الشرق والغرب وكانت المغرب وستظل صورة ذهنية للذين قرأوا التاريخ أنها تمثل النموذج الذي يعتد به من تفاعل الحضارات والثقافات ، وليس غريب علي المملكة المغربية أن تكون لها هذه الطلة .. في مجالات السياحة والثقافة والعلم والفن والأدب .

 

إن لقاءنا مع السفير/ محمد لوليشكي كان صورة حية لكل هذه العناصر الجميلة مجتمعة والتي تميز المغرب.

نشكر سعادة السفير /محمد لوليشكي علي  إتاحته الفرصة لنا لإجراء هذا الحوار الصحفي مع سيادته والتي تشرفت الجريدة به لنتعرف من خلالها علي أبعاد شخصية دبلوماسية تمرست في العمل الدبلوماسي ونتمني للمملكة المغربية ولسيادته كل النجاح والتقدم والإزدهار .

 

 

 

 

رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق