من أرشيف رؤية
قناة الجزيرة من الإيديولوجية الإخوانية إلى تقسيم الدول العربية! بقلم: مصطفى قطبي
من أرشيف رؤية
لقد غدت الحرب الإعلامية التي نشهدها اليوم هي الحرب الأكثر فتكاً والأقل خسارة بالنسبة للدول التي تستخدمها والأسرع تأثيراً على الشعوب المستهدفة. ولمعرفة هذه الحقيقة فإن من خطَط للسيطرة الاستعمارية على العالم العربي بشكل خاص، وضع الإعلام في قمة أسلحته وفوق بقية الأسلحة الحربية المتنوعة، لأن التحكم في ردود فعل الرأي العام يشكل أحد شروط شن الحروب الكبرى لفرض الهيمنة الصهيو ـ أمريكية وتحقيق رغبتهم الكبرى في شرق أوسط جديد وفق معايير الأصولية اليهودية والتكفير الوهابي لمسح الآخر والسيطرة على ثروات العالم، ومن هنا تكمن العلاقة المأزومة بين نظام عالمي قمعي وآخر، وبين تلك العلاقة التبادلية بين موت الأخلاق وبؤس النظام العالمي (المتحضر) الذي أدخل المجتمعات البشرية في دائرة الشك والفوضى والعبث والدوران حول قطب واحد، لأن القوة في القرن الواحد والعشرين لن تكون في المعايير الاقتصادية أو العسكرية، ولكنها تكمن في خزائن المعرفة، و خطورة الأمر يكمن فيمن يمتلك أدوات هذه القوة لتحقيق مآرب وأهداف خاصة لنشر معلبات إعلامية جاهزة وغسل عقول البشر للتحكم بهم واستغلالهم لأهداف اقتصادية أو سياسية أو آيديولوجية.
ففعل الكلمة أشد وقعاً من فعل الرصاصة، وقد لجأت الدول الاستعمارية والدول العميلة والمعادية لمصالح الشعوب، ذات المجتمعات المستقرة إلى فتح قنوات مشبوهة لضخ الرسائل الإعلامية الموجهة إلى مجتمعات وشعوب ودول محددة، لإضعاف وحدتها الوطنية ونخر مجتمعاتها، والانقضاض عليها وتفتيت كياناتها من خلال الترويج لأفكار بالية وإيقاظ نعرات طائفية والنفخ في أتون الفتن المذهبية وتأليب أبناء المجتمع الواحد ضد بعضهم البعض. والدليل الصارخ على وقاحة تلك الأقنية وضلوعها في التضليل هو ما نراه اليوم من ممارسات وتنفيذ للدور المعادي، ما تقوم به قناة الجزيرة القطرية التي تمثل رأس الحربة الصهيونية.
إن كل من يشاهد محطة التضليل الإعلامي (الجزيرة) القطرية منذ بداية أحداث (الربيع العربي) يدرك فوراً وبلا تردد أن للجزيرة وأخواتها وظيفة مخابراتية، فالطريقة الهستيرية لتغطية الجزيرة للأحداث وتحول مقدمي البرامج والمذيعين إلى (مقاتلين إرهابيين) يقومون بمهمة واضحة بنشر الفوضى وإشعال الحرب الأهلية وتعمد عدم إطفاء نيران الحرب الأهلية، التي كانوا هم المحرضين عليها، وتخليهم الصريح عن كل قواعد المهنة الصحفية مثل الموضوعية النسبية والحياد، مما يؤكد أنها كانت مشروعاً مخابراتياً صرفاً، اعتمدت أحقر عمليات الكذب والتزوير والتشويه لما يحدث ليس من أجل إسقاط أنظمة بل من أجل تضليل الرأي العام ودفعه في دهليز مسدود عمداً تنفيذاً للمخطط الصهيوني الذي لم يعد خافياً على أحد.
فقد أصبح من الواضح اليوم أن التغطية الإعلامية التي تقوم بها قناة الجزيرة للأحداث التي تجري في العالم بشكل عام وللأحداث التي تجري في الدول العربية بشكل خاص، ليست تغطية موضوعية أو مهنية، ولا تحقق الحد الأدنى من شعار الرأي والرأي الآخر الذي ظلت تسوقه منذ انطلاقتها في العام 1996، بل إن الأمر يتعدى ذلك ليتناقض مع ميثاق العمل الصحفي للقناة نفسها والذي تنشره على موقعها الإلكتروني، وتدعي الالتزام به دليلاً على مهنيتها وتأكيداً على مصداقيتها.
فهل كانت قناة الجزيرة الفضائية ومثيلاتها خديعة للعرب فعلاً؟ وهل كانت هذه القنوات فعلاً جسراً للعبور إلى العقل العربي لفكفكة ثناياه وخلاياه العروبية، وإعادة ترتيب أولويات عروبته والأسس التي يقوم عليها وصولاً لعقل متبلد لا حراك فيه ولا إحساس يتقبل مصافحة عدوه التاريخي كنوع من الاتكيت واللياقة والكياسة؟!... لنسف كل نفس عروبي ممانع مقاوم يرفض التطبيع بكل أشكاله والجسور الممهدة له لتمرير المؤامرات والخيانات ودس الدسائس!
لسنا هنا لنذكر أمثلة على ذلك (فالحقيقة كالشمس لا يستطيع أحد أن يحجبها) ولسنا هنا أيضاً من باب الهجوم على القناة، ولكننا سنحاول استعراض معلومات عن قناة الجزيرة، ونحللها بهدف الوصول إلى جزء من حقيقة القناة ودورها السابق والحالي. هي إذا مجموعة من الأسئلة المنطقية حولها ونترك الإجابة للقارئ، وسوف نسلط الضوء على بعض من ممارسات الجزيرة التي شكلت خطراً حقيقياً على الأمة العربية، وتلاعبت إلى حد كبير بعقل المشاهد العربي. ولا بد في البداية من الاعتراف بتلك الحرفية الكبيرة التي يؤدي بها كل العاملين في قناة الجزيرة عملهم، وليس المهنية الكبيرة، إذ أن هناك فرقاً بين الحرفية والمهنية. فبينما تعني الحرفية إتقان الحرفة وصولاً إلى الإبداع فيها في بعض الأحيان، تعني المهنية أن تكون حرفياً مع مراعاة الأخلاق والصدق في العمل.
وبالعودة قليلاً للوراء، وبالتحديد إلى ”حصريات” الجزيرة لتغطية الأحداث الساخنة في العالم التي تتركز في المنطقة العربية والشرق الأوسط على وجه الخصوص، كتغطية الجزيرة لوقائع الاحتلال الأمريكي للعراق منذ لحظة إشعال فتيل الحرب في الـ 2003، واحتكارها تزويد وسائل الإعلام العربية والعالمية بالبث الحي، إلى تغطية وقائع الحرب على لبنان في الـ2006، إلى حرب غزة في الـ 2008، إلى امتلاكها حصرية تغطية معظم الأحداث الرياضية الهامة على المستوى الدولي الذي لم يكن بريئاً، ولم يكن خدمة للقضايا العربية وتسخيراً لها أبداً، بل كان كمن يدس السم بالعسل ويضع الكحل في العين ليعميها! إلى أن أتى ما يطلق عليه الربيع العربي، وطريقة التعاطي معه عبر مسميات ربيع الثورات العربية، وحديث الثورات العربية بتسخير شاشاتها لتأمين تغطية موتورة حاقدة مملوءة بالتحريض والتلفيق والتزييف والتضليل والانتقائية وغياب الموضوعية بانحياز سافر فاضح أطاح بميثاق الشرف والمهنية والحياد الذي تدعيه، وداسه بالأحذية، فبدا ما نشاهده له علاقة بكل شيء إلا الإعلام، وسط دهشة المتابعين والمشاهدين والمهتمين، ما استدعى منهم الفرملة وإعادة النظر بحقيقة ما يعرض ويبث ليكتشفوا خديعة الجزيرة الكبرى والأجندات المرسومة التي لم تكن يوماً إلا مطية وممراً للمشروع الأمرو ـ صهيوني في المنطقة العربية بمواجهة المشروع القومي العروبي الممانع حماية لإسرائيل وأمن إسرائيل، والسيطرة على منابع النفط والثروات العربية، والموقع الجيوسياسي الذي يميز هذه المنطقة من العالم.
فجزيرة قطر ليست دولة بترولية ثرية ـ وإن كان الغاز المسال هو مصدر دخلها الأول ـ مثل السعودية أو الكويت لتتحمل كل هذا الإنفاق الخرافي على قناة الجزيرة بدون أي هدف. فأمير قطر له علاقات قويه جداً بأمريكا، وهو واحد من أفضل أصدقائها (أتباعها) وحلفائها في المنطقة وقد تجسدت هذه الصداقة (التبعية) في إقامة أكبر قاعدة عسكريه أمريكية في المنطقة في قطر والرجل لم ينكر أبداً علاقته القوية بالكيان الصهيوني الأمر الذي يجعله يقيم مكتب للتمثيل التجاري لإسرائيل في قطر بدون أي مبرر وله تقريباً زيارات سنوية للكيان الصهيوني كما نعلم.
فهل ينفق الرجل كل هذه الأموال ليقيم وينشئ قناة إخبارية يمكن أن تعمل بحق ضد حلفائه وأصدقائه في واشنطن وتل أبيب؟
أما القول أن رغبة أمير قطر في إنشاء قناة تهتم بالديمقراطية في قطر وغيرها، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدعي إنسان أن صاحب قناة الجزيرة يؤمن بحريه الكلمة وحرية الإعلام، وأنه كلف نفسه كل هذا الإنفاق لخدمة ذلك، فهو أمير قطر أي أن نظام الحكم أميري ملكي، الأمير فيه يحكم حكماً مطلقاً، لا وجود لمجلس شعب أو نواب ولا وجود لأي رقابة شعبية على إدارته هو أو حكومته لشؤون بلاده، بل ولا يجرؤ أحد من شعبه أن ينطق بكلمة عنه أو عن أسرته على الرغم من معرفتنا كيف تولى أمور الحكم؟ وما هي الصراعات التي نشأت داخل العائلة الحاكمة؟ وكيف تم تصفية الكثيرين من العائلة الحاكمة إن لم يكن جسدياً ففكرياً وعن طريق الإلغاء والإقصاء والحبس والإقامة الجبرية والإبعاد؟ وكثير منا يعرف دور الشيخة موزة في إدارة شؤون الإمارة ورسم علاقاتها خصوصاً مع الولايات المتحدة الأمريكية.
فالكلمة الحرة الوحيدة التي يؤمن بها هي كلمة نفاق أو كلمة كاذبة تنفي عنه ما هو فيه، وأتصور أن وضع حرية الكلمة في قطر وحرية الإعلام في قطر أوضح من أن ينخدع أحد فيه، سيما وأن لا خبر عن داخل قطر منذ نشأة الجزيرة.
ومن منطق قراءة ما تذهب إليه محطة الجزيرة، أسجل العديد من النقاط التي أتمنى أن تعجب من يَطرب للجزيرة وشفافية الخبر حين يطل علينا مذيعوها وكأنهم يحاربون في قاعدة السيلية.
أولا: لقد أنجزت الجزيرة مهمتها الأولى بأن نقلت الصورة التي تريد أمريكا ومعها الاتحاد الأوروبي وغدت طرفاً مصدقاً تبنى على أساسه التقارير… وكم سمعنا من أمريكا وأوروبا أن الجزيرة كاذبة وبخاصة في الموضوع الفلسطيني واللبناني…
ثانياً: نجحت المحطة في إظهار هويتها السياسية بعد سنوات طويلة من التخفي وراء شعارات كبيرة… أقنعت فيها الشارع أنها صوت الحقيقة.
ثالثاً: تمكنت الجزيرة من توسيع دائرة مراسليها حول العالم ولكن هذه المرة بلا حدود وأعطت للمراسل حق الكلام حتى الثمالة… ودون أن يدخل في دورات تؤهله لذلك… فكل مراسل له الحق في الاتصال متى شاء ومتى رغب والخط لا يقطع إلا في حالة واحدة أن يخرج عن المتفق عليه.
رابعاً: علمتنا الجزيرة أن لغة الأرقام تنبع من حالة الود والخصام… فالسعودية والبحرين لا يعدان… أما سورية واليمن ومصر فتحت المجهر.
خامساً: أظهرت المحطة كم الحب الذي تختزنه للشعوب العربية إلى درجة أنها نسيت أو تناست أن تغطي الكثير من الأحداث الفلسطينية والانتهاكات الصهيونية اليومية… وهذا بحد ذاته سؤال مشروع لمن يرى فيها منبراً حراً يناصر قضايا الشعوب العربية.
سادساً: قد يكون للجزيرة جمهورها العريض الذي يرى عكس ما نراه، ولكن لن يطول الوقت حتى تؤكد لهم عكس ما يعتقدون وبخاصة أنها بدأت بحربها على رموز الممانعة وتهكمها على دول الممانعة.
سابعاً: من يتابع الصحافة الصهيونية فسيجد قلة بل ندرة بالمقالات التي كانت تهاجم الجزيرة وأصبحت اليوم مرجعاً للقناة العاشرة، ومن يشكك بذلك فليتابع القناة الصهيونية العاشرة.
ثامناً: دون أن تقصد جعلتنا نفتش في مفرداتها عن أسباب انفلاتها من عقالها، والبحث في سياسات لدول عربية قدمت نفسها على أنها تخدم قضايا الأمة وتحاول أن تكون متوازنة لدرء الشبهات.
تاسعاً: ما دامت الجزيرة حريصة كل هذا الحرص على القضايا العربية، فلماذا لا تفتح ملف القواعد الأمريكية في الخليج، ودور قاعدة السيلية في قطر ودورها في الحرب على العراق والعلاقات السرية والعلنية مع الكيان الصهيوني والمكاتب التجارية.
إن مقولات الجزيرة من مثل (الإعلام المحايد، والباحث عن الحقيقة)، هي أكاذيب صرفة. ولا يمكن تخيل إنفاق مبالغ طائلة لمجرد تقديم الحقائق، وهي نسبية على كل حال، فأي إعلام له هدف ورسالة محددة. ويعرف كل من عمل في الإعلام هذه الحقائق، كما يعرف أن المقولات المشار إليها، نظرية تماماً، ويتداولها الإعلاميون وأساتذة الإعلام، بوصفها ذاك.
لكن من يعمل في الإعلام، يعرف أيضاً أن هناك قواعد مهنية يجب مراعاتها، عند صوغ وتقديم الرسالة الإعلامية، كي تكون مقنعة وتحقق الهدف منها. ودون ذلك تصبح الرسالة على درجة عالية من الفجاجة، وتتعجل الوصول إلى الهدف بأية طريقة. وإذا كانت الوسيلة الإعلامية التي تقدم الرسالة على هذا النحو، قد بنت حضوراً لدى المتلقي فإنها تصبح أداة خطرة، بقدرتها على تمرير الأكاذيب بكونها حقائق منتهية، وهذا هو حال (الجزيرة). حيث تصر أنها مهنية وهي التي أغفلت عن قصد وأغمضت العين عن الذي يجري في البحرين وبأمر من حمد رئيس الوزراء القطري… وتقول لنا إنها مهنية.
فعلى مدى سنوات نشاطها سارت (الجزيرة) على خيط دقيق في تغطية الأحداث في دول الخليج العربي، فدولة قطر عضو في مجلس التعاون، لكن ذلك لم يمنع، ولمرات من تركيز حملات إعلامية، متصلة بـ(النكايات) بين الدول الخليجية. وهذه قصة طويلة، ليس مجال الخوض فيها الآن.
عند بدء التحركات الشعبية في البحرين، تعاملت (الجزيرة) مع الحدث. ولكن مع القرار الخليجي، بإرسال قوات عسكرية إلى مملكة البحرين، عمدت (الجزيرة) إلى نوع خاص من التغطية: التجاهل الكلي لما يحدث داخل المدن والقرى البحرينية، وتناول الوقائع من خلال الموقف الرسمي لدول مجلس التعاون، والذي سلك مسلكاً تصعيدياً ضد طهران، واعتبر التحرك الشعبي في البحرين، نوعاً من (الفتنة المذهبية).
(لا يحق للبحرينيين) هي العبارة التي تختصر تعامل (الجزيرة) مع الحدث الذي يدور على مقربة جغرافية منها. فلا ثورة هنا، ولا تنظير لكيفية إدارتها، ولا توضيح لطبيعة التدخل العسكري الخليجي في البلد الصغير، كما أن تشويهاً كبيراً قد لحق بمطالب من تحركوا مطالبين بالإصلاح، وبدور سياسي في بلادهم. إنه (الرأي والرأي الآخر) في أحد تجلياته القصوى، وفق (استراتيجية الجزيرة) القطرية.
و”الجزيرة” بهذا تمارس الميكافيلية في أوضح صورها، من خلال التضليل والخداع وبث الأكاذيب ما دام ذلك يحقق لها الشهرة وإثارة الجماهير والضغط على الحكومات وابتزازها، الأمر الذي أدى إلى التأثير على علاقة قطر بالبلدان العربية، لمسؤوليتها عن القناة وما تبثه، رغم زعمها بأنها تبث برامجها بحرية تامة ومن دون رقابة، لكن من الواضح أنها تعتمد حرية انتقائية.
فالحرية ليست رفاهية مطلقة، بل هي التزام ومسؤولية، ولذلك فعلى من يتحمل أمانتها أن يتحلى بصفات عليا، أولها إدراك خطورة الكلمة وأبعادها وتأثيراتها، بخاصة في فترة حرجة كالتي تمر بها أمتنا، بدءاً باحتلال العراق عام 2003 مروراً بتقسيم السودان والعدوان الأطلسي على ليبيا والفوضى في مصر وتونس واليمن وانتهاء بالمؤامرة على سورية من قبل الولايات المتحدة والصهيونية العالمية وعرب الجنسية وبضمنهم (حكام قطر والسعودية)، لكن ”الجزيرة” والقائمين عليها يشاركون في هذه المؤامرة مسخرين الكلمة والصورة لقتل المواطن العربي وتحريك بؤر الإرهاب، دون أن يدركوا أن ”الجزيرة”، والقنوات المماثلة، لن تستطيع حجب الحقيقة طويلاً، وليس لعمر التاريخ حد.
وبما أن قناة الجزيرة قناة قطريه أقامها حاكم قطر، وينفق عليها بأموال قطر، فالمنطق أن يكون الشأن القطري على قمة أولويات قناة الجزيرة. ذلك أن للإعلام دوراً مهماً في الرقي بمستوى الدول وفي تحقيق قدر من الرقابة والشفافية وغير ذلك. ولكن منذ أنشئت قناة الجزيرة لم يحدث أن تعرضت في أي من برامجها إلى ما يحدث في قطر، موقف غريب حقاً فهل هو ناتج عن أن القائمين على قناة الجزيرة يرون أن دولة قطر أصغر وأضأل من أن يهتم بها متابعو برامج الجزيرة؟ أم أن قطر تحولت إلى جنة حقيقية على الأرض حيث العدالة والحرية وتكافؤ الفرص والمساواة وتوزيع الثروات، وحيث لا يوجد مشكلات تحتاج إلى أن تلقى عليها قناة الجزيرة الأضواء؟
أتصور أنه لا هذا ولا ذاك، فقطر دولة عربية ولها الكثير من المواقف التي قد نتفق معها أو نختلف معها ولكنها مواقف تستحق أن تناقش على قناة الجزيرة والشأن الداخلي في قطر يهم كل عربي باعتبارها دولة عربية شقيقة مثلما يهمنا أمر ليبيا والسودان والصومال وجزر القمر وكلها دول عربية ولكن أتصور أن هناك خطاً أحمر على قناة الجزيرة ألا تقترب أبداً من الشأن الداخلي في قطر، وقناة الجزيرة حريصة على التقيد بهذا الخط الأحمر، فكل العاملين بها يدركون حقاً ما قد يحدث إذا فكروا مجرد التفكير في تجاوز هذا الخط الأحمر الذي فرضه صاحب القناة، وبذلك لا يكون هناك أي مجال للحديث عن أن الانتصار لحرية الكلمة وحرية الإعلام كان أحد أسباب إنشاء قناة الجزيرة.
اِن دولة قناة الجزيرة، تحاول وبسلاح ”الجزيرة” تغيير الخريطة السياسية للمنطقة برمتها، ومصادرة القرار السياسي لقوى وَجدت نفسها مربوطة بخيط هذه الإمارة الصغيرة، ومعلقة في فضاء جزيرتها، فإما أن تنصاع وتعلن الطاعة (وتأخذ المال والدعاية) وإما بالإمكان إسقاطها بسهرتين تلفزيونيتين تحريضيتين. ويبدو أن حكام تلك ”الجزيرة” الإعلامية، انهمكوا في الدور تماماً، لدرجة أنهم يتصرفون في المنطقة الآن، كقوة عظمى. قوة قوامها: محطة تلفزيونية ومليارات لا تحصى من الدولارات، ورصيد يبلغ صفراً من الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق الإنسان.
أي أن الحراك العربي الذي بدأ لأجل الديمقراطية والحرية والمشاركة في القرار السياسي، ولأجل أن يكون المواطن العربي حراً كريماً في بلده، يراد له أن ينتهي عند عرش هذا الأمير النفطي أو ذاك، وهم التابعون أصلاً لقوى الصهيونية العالمية، ولا يملكون قياد قرارهم السياسي، ويقال لنا الآن، أن إعلامهم يعمل لمصلحة الشعوب وحريتها وكرامتها. هؤلاء الذين يُعتبر انتقادهم من قبل أي مواطن في بلادهم جريمة لا تغتفر، ومن الكبائر التي لا كفارة عنها سوى القتل أو السجن أو النفي. لا بل إنهم يحرّمون التظاهرات شرعاً في بلادهم وفي هذا فتاوى شهيرة وواضحة.
تعتمد (الجزيرة) في تغطياتها أسلوبا يعرف بـ(الإشباع). وهو يعني من الناحية النظرية، الإحاطة بالخبر من كافة جوانبه، والذهاب نحو مناقشة كافة التفاصيل المتعلقة به. وقد حافظت على ذات الأسلوب في تعاملها مع تغطية الأحداث في سوريا، وحيث لم يكن هناك (حدث) يمكن تمطيطه والنفخ به، أحلت (الجزيرة) مكان (الإشباع الخبري)، إشباعاً من اللغة التحريضية والأكاذيب، وإن لم يكن هناك حدث بالمرة، جرى اختراعه، ومن ثم إشباعه بذات الأسلوب، فالمئات آلاف، والآلاف عشرات الآلاف، ومن ثم الصراخ والصراخ، عل أحداً يصدق.
ويمكن الافتراض استناداً إلى ما قدمته وتقدمه (الجزيرة)، أن المطلوب كان الوصول بالأكاذيب إلى استدعاء التدخل الغربي البشع الذي استدعته أكاذيب (الجزيرة) في ليبيا، وهللت له القناة على نحو ما تقدم. وبات من المعروف (ولعله كان مدركاً ومعروفاً منذ زمن) أن استهداف سوريا، هو استهداف لمواقفها الوطنية والقومية، وهو استهداف لخط المقاومة والممانعة، وفيه الكثير الكثير من محاولات الثأر للهزائم التي ألحقتها قوى المقاومة والممانعة بالمشروع الصهيوني، والمخططات الأمريكية.
فلسنا في جملة من يتوهمون أن في وسع الخطاب الإعلامي لقناة الجزيرة، ـ وهو خطاب إيديولوجي ـ أن يكون خطاباً ”موضوعياً” و ”محايداً” ومنزهاً عن أي انحياز. ولكن بين ”الحياد” الكامل و (المستحيل) والانحياز السافر المفضوح مسافة غير قابلة للاختصار.
فقناة الجزيرة لا تخفي ميولها القرونوسطية ذات اللون الواحد الذي لا يمكن للمرء الخطأ حوله: فهي معادية للفكر القومي العربي وإن تبدي بعض ما تقدمه على أنه عروبي بشكل ما ولكنه في حقيقة الأمر ليس إلا من منظور إيديولوجي يحلم في عودة بسراب ”الخلافة العثمانية” البائدة.
أما اليوم فقد تبين للمواطن العربي تجييشها الذي لا يصب في مصلحة أحد إلا مشروعها القرونوسطية الذي لو تحقق فلن يحصد سوى المزيد من تشرذم وتابعية الشعوب العربية للآخرين غربيين كانوا أم ”عثمانيين جدداً” أم تتاراً مستجدين أم مماليك مستنسخين. ولم يعد خافياً علينا اتخاذ (الجزيرة) للقرضاوي أباً روحياً لها، وهذا ما يبرهن ويثبت معطيات قرونوسطية (الجزيرة) فهو الذي شرّع الاغتيال السياسي في أكثر من مرة، ومنها حين شرعن اغتيال القذافي وبشار الأسد وثلث الشعب السوري…
فالقرضاوي واحد من الذين شاركوا بكل وقاحة وصلابة في صنع المؤامرة الاستعمارية في قتل العرب فيما يسمى بالربيع العربي المصنوع في دهاليز وكالة المخابرات الأمريكية ومشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي وضع لبناته ”شمعون بيريز” واضعاً من نفسه داعية، يصول ويجول في خطاباته الرنانة معلناً وصايته على حقوق المسلمين جنباً إلى جنب مع أمير قطر، في مسرحية أمريكية بسلب هوية الإنسان العربي في القرن الواحد والعشرين، وهو بذلك لا يختلف عن الصهاينة في قتل العرب في فلسطين.
فقد بات أمر الشيخ ”يوسف القرضاوي” مفضوحاً في الشارع العربي ككل، بعد أن كشفت تدخلاته السافرة الأخيرة في الشؤون الداخلية للعديد من الدولة العربية، عن أنه يخطب وفقاً لأجندة النظام القطري وحلفائه من جماعة الإخوان المسلمين، لا وفقاً لأجندة وطنية تقوم على الحرية والعدالة والمساواة. ولن ينس له الإماراتيون تدخله في شأنهم الداخلي وتحريضه العالم الإسلامي ضد الإمارات بسبب ما تردد عن طردها لسوريين تظاهروا دون تصريح من الدولة، ولن ينس له السوريون دعوته الطائفية حين قرر تحويل ثورتهم إلى حرب طائفية بين السنة والعلويين الذين يمثلهم النظام، وغير ذلك من التدخلات السافرة، مستغلا الدين وتأويله للآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وفقاً لمستلزمات جماعة الإخوان وحلفائها في النظام القطري.
تناقض واضح يكشف أن انتقائية الشيخ لا علاقة لها بالدين أو الدفاع عنه وعن معتنقيه، ولكن موجهة سياسياً وفقاً لأجندة انتمائية وتمويلية إخوانية وقطرية، فهو كما أصبح واضحاً للعيان يعمل ويتاجر بالدين لحساب من ينتمي إليهم ومن يموله، وهذا يفسر تطابق موقفه مع النظام القطري من التدخل الفرنسي في مالي، فرنسا التي دعاها للتدخل العسكري إلى ضرب ليبيا وسوريا، يرفض تدخلها الآن داعماً ومسانداً وحامياً لتنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة والمنشقة عنها في جمهورية مالي، والتي كان بعضها يحمي نظام القذافي.
فإذا ما عدنا إلى مرجعية فتاوى ”القرضاوي” زعيم أبواق الغواية والفتنة وزبانيته، لوجدنا أنه قد حسم أمره وأخذ خياره في الوقوف إلى جانب صف أعداء الأمة، والتحق بنواطير رأس مال الحقبة النفطية، وتحالف مع غزاة الوطن العربي وعلى سبيل المثال حين أجمعت حركة التحرر العربية منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضي على رفض الانضمام لحلف بغداد، أصرت مرجعية هذه الفتاوى على العمل مع حلف بغداد، والتحالف مع قوى الغرب الرأسمالي المستغل بحجة أنها قوى كتابية تقف في مواجهة الاتحاد السوفييتي الكافر الذي يتزوج فيه الأخ من أخته (على حد زعم هذه المرجعية)، وكان أن حملت عناصر هذه المرجعيات السلاح في مواجهة حركة التحرر العربية دون خجل أو استحياء، وازدادت شراسة في مواجهة قوى مقاومة الوجود الصهيوني على الرغم من معرفة هذه المرجعيات له بأنه غزو إحلالي لأولى القبلتين وثالث الحرمين وأرض الإسراء والمعراج والصراع مع هذا الغزو هو صراع وجود وليس صراع حدود…
أعرف أنه يمكن للكثيرين أن يتطوعوا للدفاع عن ”القرضاوي” ورفض كلامي، لا لشيء يستحقه الرجل، ولكن فقط لأنه رجل دين، والبعض يؤمن أن رجل الدين له حصانة أو قداسة، ولكني أقول وبعد كل الأخطاء القاتلة من مفتي الناتو، لم يعد له حصانة ولا قداسة، أرفض إلباسهما لأي فرد من المجتمع، ذلك أني أومن أن لا أحد فوق النقد والمسائلة، ومن أراد الديمقراطية وبناء مجتمع مدني فعليه أن يعرف أن الأمور لا تستقيم مع أحد فوق القانون، بمن فيهم رجال الدين، وإلا رجعنا إلى العصور الوسطى التي لا عودة لها مهما افتعل المجرمون من مسوغات دموية لعودتها.
قناة الجزيرة قناة ناطقه باللغة العربية فقط حتى وقت قريب في كل برامجها وهو ما يعنى أن المستهدف لها هو المتلقي العربي وليس أحداً سواه وهو ما يؤكد حقيقة أنها ليست قناة لنقل وجهة النظر العربية إلى الآخر، وليست قناة للدفاع عن الحقوق العربية أمام الآخر بل هي قناة عربية للعرب فقط، ويبدو جلياً من نوعية البرامج التي تقدم والتي كانت تستهدف النزاعات بين الدول العربية، والخلافات داخل الدولة الواحدة بين طوائفها وعرقياتها وحتى بين التوجهات الفكرية وبين أصحاب المواقف السياسية ضمن الدولة الواحدة، وهو الأمر الذي لم يترك أثراً إيجابياً على المواطن العربي في أي دولة كان. ثم جاء ما يسمى بـ(الثورات العربية) وكانت الطامة الكبرى حيث رأينا الحقائق تشوه والأخبار الكاذبة تنتشر والتحريض الداخلي وغياب الرؤى والحلول.
يقول ”مايكل وولف” الإعلامي الأمريكي المعروف في مقال له بعنوان ”حد الجزيرة”: إن الإعلام الأمريكي لديه رغبة جامحة في الجزيرة ومراسليها، لأنها تستخدم الأساليب التي يستخدمها التلفزيون الأمريكي، والأهم من ذلك أن الجزيرة عملت كمصدر معلوماتي ثمين للأمريكيين، وتفوقت في ذلك على المحطات الإعلامية الأمريكية نفسها، وزودتهم بمعلومات قيمة من ساحات الحرب. ويتابع ”مايكل وولف” بأن الإدارة الأمريكية تطمح في أن تصبح الجزيرة محايدة بالمعنى الأمريكي، بحيث يقتصر عملها على نقل الرؤية الأمريكية للأحداث، وتعمل إدارة الجزيرة من أجل الوصول إلى هذه الغاية. ويختم ”مايكل وولف” مقاله بقوله: إن قناة الجزيرة في طريقها إلى أن تصبح جزءاً من ماكينة الأمركة ولا سبيل لنجاحها، كما يقول وولف، إلا بتحولها إلى أداة تعمل على تحويل المشاهد العربي بشكل مضطرد إلى مستهلك جشع ومتلق لا يفكر!
فقناة الجزيرة انفضح أمرها، وأصبح أدائها الإعلامي مثل لوحة فسيفسائية جديدة من تركيب للألوان عجيب وهجين: من التعتيم الكامل على ما يجري في بلد، إلى التشديد الكامل على ما يجري في ثان إلى التحريض على نظام في بلد ثالث وهكذا دواليك، والضحية في هذا كله هي الرسالة الأصل: الخبر هكذا يتحول الخبر إلى موقف سياسي: بحجبه هنا وبتضخيمه هناك. بل هكذا يقع إنهاء الخبر من الأساس والتعويض عنه بالوقف السياسي.
فالكيل بمكاييل أصدق وصف لـ ”فلسفة قناة الجزيرة”، فهي هنا ثورية تبز الثوريين أنفسهم وتملي عليهم الخيارات والشعارات، وتخلط بين حابلهم ونابلهم، فتستضيف منهم النبيل والنظيف، مثلما تستضيف منهم من أجمع القوم على طويل خدمته لإسرائيل، وهي محافظة ورجعية تلوذ بالصمت على شرائع القرون الوسطى، ولا ببنت شفة تنبس عما يجري وراء ستار التعتيم المطلق، وما أغنانا عن القول أن الانتهازية والنفاق جوهر أية سياسة تكيل بمكاييل: في السياسة أو في الفكر أو في الإعلام، إذ هي تفتقر إلى أي مبدأ أو وازع أخلاقي يعصمها من السقوط المعنوي وفقدان الصدقية التي هي رأسمال السياسة والإعلام في عالم اليوم.
انكشفت (الجزيرة)، وانتهت مرحلة طويلة من التواطؤ، في التعامل مع هذه الوسيلة الإعلامية. ومع الانكشاف صار بالإمكان الإجابة عن كثير من الأسئلة التي كانت لغزاً محيراً، وأنتجت لمرحلة طويلة التواطؤ الذي أشرنا إليه.والسؤال الذي يطرحه أي مواطن عربي اليوم على إعلاميي قناة الجزيرة، ونعرف أنه ليس بمقدوركم الإجابة عنه ولو استعنتم بكل خبرات وإمكانات سادتكم وموجهيكم هو:
إلى أين تريدون الوصول بما تقومون به من تحريض على الفتنة وقتل الأبرياء، وتزييف الوقائع والافتئات على الحقيقة وفبركة الأحداث وتلفيق الاتهامات الباطلة ضد شرفاء الأمة العربية ومقاوميها الأحرار، وحماية الجماعات الإرهابية المسلحة وتغطية جرائمها الوحشية بادعاءات كاذبة مازلتم مصرين على نشرها وتكرارها والصراخ من هولها حتى بحّت حناجركم وانتفخت أوداجكم ومزقت سراويلكم و….؟
الشيء المخجل أنكم لم تخجلوا من أنفسكم أيها القادمون من بلدان المغرب والمشرق العربيين إلى قناة النفط والغاز الفضائية على الرغم من معرفتكم بأنكم تكذبون وتلفقون وتخدعون على حساب كراماتكم وأخلاقكم، لكنها ضريبة البحث عن الغنى والثروة ولن نقول الشهرة لأن أسماءكم وتاريخكم وعملكم صارت اليوم في الحضيض كما هو حال الجزيرة التي تعملون فيها، وستكتشفون حين تنجلي الحقائق قريباً وتجدون أنفسكم منبوذين على هامش الحياة الإعلامية العربية الشريفة والنظيفة والمعافاة، ومرفوضين في أوطانكم الأصلية والبديلة من الجميع حتى أقرب الناس إليكم، لأنكم كنتم صوت هذه القناة الطارئة والساقطة في ظلام الحقد والخيال بشرّ أعمالها وسيئ مواقفها، وستكتشفون كم كان الثمن الذي دفعتموه من كراماتكم ومستقبلكم ووجودكم غالياً ولن تسترجعوا شيئاً من أنفسكم وأحلامكم التي أضعتموها ركضاً وراء سراب خادع أغراكم به ممولو تلك القناة.
ألم تسألوا أنفسكم حين لهثتم نحوها: لماذا لا يوجد عاملون في تلك القناة من أبناء قطر التي أنشأتها إلا نادراً؟ ولماذا تعتمد فقط على المرتزقة (الأجانب) كما يسمونكم؟
إذا وجدتم الإجابة الصحيحة فستعرفون مدى المكابرة التي تستمرون فيها، وسترون من بعيد المصير الأسود الذي ينتظركم، وكل ما نأمله ألا يكون قد فات الأوان على التراجع عن الخطأ والعودة إلى الفضيلة التي طعنتموها كثيراً.
وما يحيرنا أيها المسؤولون والعاملون في تلك القناة أنكم بعد كل الفضائح التي غطتكم من الرأس إلى القدمين وعرت قنواتكم من كل شيء لم تستحوا، ما يعني ببساطة أنكم وقناتكم غائبون عن الوعي، ومن لا يستحي يفعل ما يشاء كما يقال، ولسنا بصدد تعداد هذه الفضائح لأن المشاهدين العرب في كل مكان يحفظونها عن ظهر قلب.
فنحن الآن لا نتحامل على قناة الجزيرة، لكننا نريد كشف الحقائق والدعوة إلى أخذ الحيطة من إعلام الجزيرة الموجه، وأن يدرك هؤلاء القائمون على محطة الجزيرة، بأنه كان لدينا فلسطين واحدة جريحة، وبفضلهم وفضل سياساتهم صار لدينا أكثر من بلد عربي جريح، ألم يسألوا أنفسهم من المستفيد الأول من نشر الفوضى في عالمنا العربي؟ ولماذا لم تلعب قناة الجزيرة دوراً إيجابياً يعود بالنفع على الأمة العربية وتلاحمها مادامت قناتهم تهتم بمصالح الأمة العربية وشؤونها بحسب ما يقولون، كأن تعمل على دفع الشباب للتظاهر والمطالبة بالوحدة العربية وفك حدود الدول العربية فيما بينها، وأن تشحن الشعوب للتظاهر لإيقاف الاستيطان في فلسطين وتحرير القدس الشريف المحتل.
فمعركتنا القادمة نحن مثقفي هذه البلاد العربية مع (الجزيرة) التي طلّقت الروح المهنية وامتهنت التجييش، وأعطت لنفسها حق الوصاية على الشعوب وعلى حاضرنا ومستقبلنا.