مركز الدراسات
حلفاء محمد بن سلمان في مأزق بسبب خاشقجي The New York Times: الإمارات الأكثر تضرراً وإسرائيل تغير خططها ومصر تلجأ لخيار آمن
كان صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة بمثابة هدية لإسرائيل، والآن فإن الأزمة المترتبة على مقتل خاشقجي لم تقلق تل أبيب وحدها بل دولاً عدة معها، إذ أن بعض حلفاء الأمير محمد في مأزق ويخططون لتغيير خططهم التي كانوا وضعوها لإعادة صياغة المنطقة.
تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية عرض لردود فعل دول المنطقة تجاه الأزمة، وكيف تنظر دول المنطقة إليها، وكيف يحاول حلفاء الأمير محمد بن سلمان تقليل خسائرهم، ومواقف خصومه التي بدت أكثر تبايناً.
ولكن الأهم هو انعكاس هذه الأزمة على خطط في المنطقة كان حلفاء الأمير محمد بن سلمان يضعةنها، ولكنهم أصبحوا مضطرين إلى تجميدها او إلغائها بسبب الأزمة التي تحيق بحليفهم.
فقد أصبح حلفاء الأمير محمد في مأزق بعد أن كان الرجل يلعب دوراً قيادياً في أغلب خططهم
بالنسبة إلى إسرائيل إنه الرجل القادر على فرض صفقة القرن على الفلسطينيين
تصف الصحيفة صعود الأمير محمد بأنه كان هدية لإسرائيل، فقد سعى الرجل إلى ردع إيران، بل إنه شبَّه مرشد الثورة الأيرانية الأعلى بهتلر.
كما لم يبال الأمير محمد بن سلمان كثيراً بالقضية الفلسطينية.
وكان يُنظَر إليه على أنه شخص قادر على فرض خطة ترمب للسلام على الفلسطينيين.
وعلى الرغم من أن السعودية لا تزال غير مُمَثَّلة رسمياً في إسرائيل، لكنّ الأمير الشاب تحدث صراحةً عن المصالح المشتركة بين الدولتين.
وبالفعل فإن تل أبيب قررت تجميد خطة لإنشاء تحالف دولي ضد إيران
والآن، فيما تكافح السعودية لدحض الاتهامات بأن ولي العهد السعودي كان متواطئاً في القتل المروع لجمال خاشقجي، بدأ شعورٌ بالقلق يتسلل لإسرائيل والإمارات العربية المتحدة وحلفاء الأمير محمد الآخرين في المنطقة من أن الضرر الذي قد يلحق به ربما يقضي على خططهم وأولوياتهم.
ويقول محللون إن الاتهامات بأن ولي العهد قد أمر بقتل جمال خاشقجي كان لها أثرها بالفعل على إسرائيل.
فقد أدت في الواقع إلى تجميد الدفع باتجاه تشكيل تحالف دولي للحدِّ من نفوذ إيران الإقليمي، وهو الأولوية القصوى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فليس هناك عضو كونغرس أو زعيم غربي مستعد للجلوس مع بن سلمان
«أنت بحاجة لأن تكون السعودية في قلب هذا التحالف، حسبما يقول دانيال شابيرو، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل.
ويضيف شابيرو قائلاً «وفي الوقت الحالي، من الصعب أن تجد أن أي عضو في الكونغرس الأميركي أو أي زعيم غربي من أوروبا على استعداد للجلوس مع وليّ العهد للتشاور معه».
ويبدو أن إسرائيل هي أكثر حلفاء الأمير محمد تضرراً من الأزمة.
وردود الفعل السعودية أكدت الاتهامات بدلاً من أن تنفيها
وتصاعدت التسريبات التركية المُوجَّهة بدقة أمس الإثنين 22 أكتوبر/تشرين الأول حول قضية خاشقجي بكشفها عن أن السعودية قد أرسلت شخصاً شبيهاً بخاشقجي ارتدى ملابسه بعد قتله في القنصلية السعودية في إسطنبول كنوع من التضليل.
وقد أثارت هذه الأخبار شكوكاً جديدة حول التفسير السعودي بأن خاشقجي قد قُتل دون قصد إثر شجار بالأيدي، إذا أنها تشير إلى وجود خطة مُبيَّتة للقضاء عليه.
وقد أعاقت ردود السعودية المتغيرة على الاتهامات جهود الرياض لاحتواء القصة.
إذ يقوَّضَ كل كشف تركي جديد التفسير الأخير الذي تقدَّمه السعودية
وكان الأثر التراكمي لكل هذه التسريبات كان بمثابة ضربة قاصمة لسمعة السعودية والأمير محمد بن سلمان.
والضرر الذي لحق بالمملكة قد يترك أثره على المنطقة برمتها
قد يترك الضرر الدائم الذي لحق بمكانة السعودية أثره على المنطقة بأسرها، مما يؤثر على الصراعات ابتداءً من ليبيا وانتهاءً باليمن، بينما يُصعِّب على إدارة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنشاء تحالف متعدد الأطراف ضد إيران، وهما هدفان رئيسيان تسعى لتحقيقهما في الشرق الأوسط.
وقالت لينا الخطيب، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في قاعدة معهد تشاتام هاوس: «ما نشهده في المنطقة من ردود فعل على الأزمة هو تعبير عن الولاء للسعودية، لكنه يحجب مخاوف حقيقية يشعر بها حلفاء السعودية المقربون بشأن مدى قدرة النظام الحالي على الصمود، وكيف سيؤثر سلوكه على المنطقة».
هنا الإمارات.. أهم حلفاء الأمير محمد بن سلمان
لم تربط أي دولة عربية طموحاتها الإقليمية ربطاً وثيقاً بطموحات السعودية تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان بقدر ما فعلت الإمارات، حسب تقرير The New York Times.
إذ كان قادتها يأملون أن يتمكنوا، من خلال مواءمة خططهم مع جارتهم الأكبر والأثرى، من الاستفادة من ثقل المملكة لتحقيق مصالحهم.
وتقاتل الإمارات إلى جانب السعودية في اليمن ضد حركة التمرد الحوثية المدعومة من إيران.
وتبحث أبو ظبي عن أماكن أخرى لردع إيران فيها كذلك.
وقد اتحد البلدان كذلك في محاولتهما لقمع الإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، وتدخَّلا في مصر وليبيا لمحاولة إلحاق الهزيمة به.
وحتى بعد أن أصبحت السعودية شريكاً أقل جاذبية فإن أبو ظبي لن تقطع العلاقات
في حين أن الضرر الذي لحق بسمعة السعودية يجعلها شريكاً أقل جاذبية، لكن اعتماد الإمارات على تلك العلاقة أكبر من أن تقطعها.
يقول إميل الحكيم، محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «بالنسبة إلى الإمارات، فإن الشراكة مع السعودية ذات طبيعة استراتيجية».
إذ استثمرت الإمارات، حسب الحكيم، في محمد بن سلمان تحديداً، الذي تتوافق رؤاه المحلية والإقليمية مع رؤيتها أكثر من أي عضو آخر في العائلة المالكة السعودية.
لذا، فهو ليس استثمار يمكن أن يحذفوه كقيمة غير قابلة للاسترداد، ولكن في الوقت نفسه، أصبحت الجوانب السلبية المتعلقة بالسياسة والسمعة لعلاقة الإمارات مع الأمير محمد أوضح، وستكون إدارة هذا الأمر هي المشكلة من الآن فصاعداً بالنسبة للإماراتيين».
أما بالنسبة لحلفاء الأمير محمد الآخرين مثل مصر فقد لجأوا إلى الخيار الآمن
بالنسبة إلى البلدان الأصغر في المنطقة، مثل البحرين والكويت، والدول الأفقر، مثل الأردن ومصر.
كان الرهان الأكثر أماناً هو الإعلان عن دعم حليفتهم السعودية أو التزام الصمت آملين في أن تمر العاصفة بسلام.
وتعلق الصحيفة الأميركية على هذه المواقف قائلة «وذلك يرجع إلى حد كبير إلى أنهم لا يملكون أي خيارات أخرى».
في المقابل فإن خصوم الأمير محمد اعتبروا الأزمة هدية من السماء
في حين وقف حلفاء الأمير محمد بن سلمان مكتوفي الأيدي تقريباً فإن التشويه العام لسمعته كان بمثابة هدية لأعداء المملكة، حسب وصف الصحيفة.
وينطبق هذا سواء على أولئك الذين يدعمون الإسلام السياسي أو أولئك الذين يدعمون إيران.
فقد فرضت السعودية والإمارات ومصر حصاراً على قطر، جارة السعودية الصغيرة، متهمين إياها بدعم الإرهاب والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
لكن قطر ردت لهم الصاع صاعين منذ اختفاء خاشقجي، بإعطائها حرية مطلقة لوسائل إعلامها، مثل قناة الجزيرة الفضائية، لبث أكثر التفاصيل المروعة حول قضية خاشقجي في جميع أنحاء العالم العربي.
فتركيا أبقت القضية مثارة لأسابيع مما شكل ضغطاً على واشنطن والرياض معاً
وقد استفادت تركيا أيضاً، إذ استغل رئيس الدولة الإسلامي رجب طيب أردوغانهذه القضية للمساعدة في تدمير سمعة الأمير محمد بن سلمان، وهو منافس يرى نفسه أيضاً صالحاً لقيادة العالم الإسلامي.
وقد أبقى أردوغان القصة مثارة لأسابيع من خلال السماح لأجهزته الأمنية بتسريب تفاصيل قضية خاشقجي، مما زاد الضغط على كل من الرياض وواشنطن للتوصل إلى حل. وحتى الآن، لم يتوصل أي منهما إلى ذلك الحل.
وقال ثاد تروي، وهو مسؤول سابق في المخابرات الأميركية يتمتع بخبرة في الشؤون التركية: «إن الأتراك مضطرون الآن لفضح كل شيء».
وأضاف قائلا «من المؤكد أن الأتراك سيحصلون على أقصى استفادة من هذا الأمر، مقللين بذلك قدر استطاعتهم من شأن محمد بن سلمان».
أما إيران أكبر خصوم ولي العهد السعودي فقد قررت اتباع استراتيجية «دعه يأتي إلينا»
كما أن تشويه سمعة الأمير محمد بن سلمان من شأنه أن يُسعِد إيران وحلفاءها في أنحاء العالم العربي الذين يعتبرون المملكة شريكاً أساسياً في الخطط الأميركية في المنطقة والتي يعارضونها.
وقالت رندا سليم، المحللة في معهد الشرق الأوسط، إنه بينما كان القطريون والأتراك وغيرهم من الإسلاميين على وشك التهليل ابتهاجاً بهزيمة محمد بن سلمان، فقد اكتفى الإيرانيون وحلفاؤهم بمراقبة الوضع بهدوء بالغ.
إذا إنهم يتبنون وجهة نظر استراتيجية بعيدة المدى. ولا يوجد ما هو أحب إلى قلوبهم من رؤية انهيار التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية انهياراً كاملاً.
وأضافت رندا سليم: «إن الإيرانيين يعتقدون أنه، إذا تخلت عنه الولايات المتحدة، فسوف يتجه إلى روسيا، وسوف يتجه إلى الصين، وسوف ينتقل إلى محورنا، وقد كان هذا هو حلمهم على المدى الطويل: إبعاد السعودية عن ما يسمونه المشروع الأميركي الصهيوني».
ولكنهم لم يتدخلوا في الأزمة حتى الآن
ولا يرى حلفاء إيران، والذين من ضمنهم الحكومة السورية، وبعض القوى السياسية في العراق، وحزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن، أي سبب لإلصاق تهم أخرى بالأمير محمد بن سلمان.
تقول راندا سليم: «عندما ترى عدوك يدمر نفسه بنفسه، لماذا تحتاج إلى فعل أي شيء؟ سوف يكتفون بالجلوس والاستمتاع بالعرض».
ويقول عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا: «أعتقد أن محمد بن سلمان واقع لا غنى عنه ونأمل أن يخرج من هذه التجربة وهو أكثر نضجاً، لذلك علينا أن نتعامل معه. سيكون حاضراً، فالملك يثق به وعلينا أن نتقبل حقيقة أن محمد بن سلمان سوف يستمر».