مركز الدراسات
كونغرس منقسم ورقابة شديدة وتحقيقات ستخرج للعلن.. ماذا تعني سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأميركي؟
حقَّق الحزب الديمقراطي انتصاراً كبيراً، الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، في الانتخابات التشريعية الأميركية بمنتصف الولاية الرئاسية بانتزاعهم السيطرة على مجلس النواب غير أن «الموجة الزرقاء» المرتقبة ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم تحصل.
واحتفظ الجمهوريون بأغلبية مجلس الشيوخ، ما أتاح لترمب الإعلان عن «نجاح هائل» من دون أن يأتي على ذكر خسارة حزبه مجلس النواب.
وبعد عامين على فوز رجل الأعمال المفاجئ بالرئاسة، من دون أن تكون له أي خبرة سياسية أو دبلوماسية، تهافَتَ الأميركيون بكثافة إلى مراكز الاقتراع.
واستعاد الديمقراطيون مجلس النواب لأول مرة منذ العام 2010، فيما احتفظ الجمهوريون بغالبيتهم في مجلس الشيوخ، مع احتمال زيادتها بمقعد أو مقعدين، بحسب شبكات التلفزيون الأميركية.
ماذا يعني فوز الديمقراطيين؟
هذا الفوز الذي حقَّقه الديمقراطيون سيضع الولايات المتحدة، في يناير/كانون الثاني 2019، أمام كونغرس منقسم، وسوف يخول لهم فرض رقابة مؤسسية على رئاسة ترمب، وهو ما شأنه التأثير على أجندة البيت الأبيض في تمرير عدد من الملفات الأساسية، ومراقبة التشريعات الخاصة بالملفات المختلفة في المجلس، على سبيل المثال:
السياسة الخارجية
سيبدأ مجلس النواب في فتح التحقيقات في علاقة ترمب بروسيا، ويمكن أن يجعل الديمقراطيون إدارة ترمب تمر بأوقات عصيبة فيما يتعلق بالعلاقات مع السعودية، مع عقد المزيد من جلسات الاستماع حول الإنفاق العسكري، والتركيز بشكل أكبر على الجهود العالمية الداعية إلى مواجهة التغير المناخي.
ويتوقع الخبراء أنَّ الديمقراطيين سيطلقون تحقيقاتٍ مثيرة للجدل، في مسائل مثل الإقرارات الضريبية لترمب وصفقاته التجارية السابقة. وقد يسعون كذلك لعقد جلسات استماع علنية مع أفراد عائلة ترمب، بمن فيهم دونالد ترمب الابن، الذي يُعَد شخصية أساسية في التحقيق الروسي.
خاصة أن زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي بعد لحظات من فوزها بالأغلبية في مجلس النواب، وعدت بفرض «ضوابط ومحاسبة» من جديد على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكدة في الوقت نفسه أن حزبها لن يشنّ حرباً على الجمهوريين بعد استعادة السيطرة على مجلس النواب.
يقول محمد المنشاوي، الصحافي المتخصص في الشأن الأميركي، ان فوز الديمقراطيين سوف يعرقل أجندة ترمب والجمهوريين في الكونغرس، ويفتح الباب لمزيد من التحقيقات المتعلقة بترمب، وبأعماله الخاصة، وعائلته، والاتهامات بمخالفات جنسية، والتربح غير المشروع، إضافة لتحقيقات التدخّل الروسي في الانتخابات.
المنشاوي أضاف: «يستطيع الديمقراطيون استدعاء من يريدون للمثول أمامهم والإدلاء بشهادته، بعد حلف اليمين والقسم، ويستطيعون طلب الاطلاع على ما يريدون من وثائق كذلك.
لكن هل يستطيع الديمقراطيون عزل ترمب؟
قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن الحزب الديمقراطي كان يحتاج للفوز في مجلس الشيوخ بجانب مجلس النواب، من أجل فرض السيطرة على الأجندة التشريعية، وسلب ترمب القدرة على تطبيق برامجه.
ويتطلب سحب الثقة من دونالد ترمب أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ الأميركي، وهي الغرفة التشريعية التي يسيطر عليها الجمهوريون، أي أنَّه سيستلزم أصواتاً جمهوريةً، مما يجعل هذه الفرضية الآن أقرب للخيال، إلا إذا تم الكشف عما يدفع الجمهوريين للتصويت ضد ترامب من علاقته بروسيا أو تواطؤه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بصورة لا تحتمل الشك للإضرار بالديمقراطية الأميركية.
ملف التجارة واتفاقية USMCA
بخصوص ملف التجارة، يمكن أن يصير الطريق نحو الحصول على موافقة الكونغرس على اتفاقية «يوسمكا» (USMCA) التجارية مع المكسيك وكندا أكثر تعقيداً، بالرغم من أن المسار النهائي يحتمل استمرار ضمانه في 2019، في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ بحسب الصحيفة البريطانية.
برنامج DREAM وملف الهجرة
أما ملف الهجرة، فإن الحزب الديمقراطي فشل في وقت سابق من هذا العام في تمرير قانون يحمي المستفيدين من برنامج Dreamers، وهم المهاجرون الذين لا يحملون وثائق وقدموا إلى الولايات المتحدة في سن صغيرة، لكن مع النجاح الجديد يستطيع الحزب الديمقراطي تمرير هذا القانون.
الاقتصاد
سيكون من الصعب على الحزب الجمهوري المضي قدماً في إدخال إصلاحات ضريبية جديدة لتعزيز تشريع التخفيض الضريبي المقدر بـ1.5 تريليون دولار، الذي خرج إلى النور في ديسمبر/كانون الأول 2017، ويشمل ذلك على سبيل المثال التدابير التي ستجعل الخفض الضريبي الفردي دائماً، أو ستقلل من ضرائب أرباح رأس المال.
أيضا سوف يؤدي ذلك إلى تصعيب الأمور على الجمهوريين لتمرير إصلاحات على الإنفاق غير العسكري، وفق ما قالت صحيفة Financial Times البريطانية.
الصحة
قد تكون النتيجة حالة جمود تشريعي، بالرغم من وجود بعض القضايا التي يمكن للحزبين أن يصوغا فيها توافقاً في الآراء، مثل خفض بعض الضرائب التي تُفرض بموجب قانون الرعاية الصحية الأميركي (أوباما كير). ويمكن للديمقراطيين بدء تحقيقات في تطبيق الجمهوريين للإصلاحات التي أُدخلت على «أوباما كير».
رئاسة اللجان
قالت صحيفة The Telegraph البريطانية، بعد سيطرة الديمقراطيون على الأغلبية فإنهم سوف يستحوذون على رئاسة لجان المجلس، ويتمتعون بكامل السلطة لإصدار مذكرات الاستدعاء، وسيكون بإمكانهم فرض رقابة صارمة على التحقيقات الجارية بحق إدارة الرئيس دونالد ترمب.