أخبار من أمريكاتحليلات سياسيةمركز الدراسات
كيف حققت جماعات الضغط بالولايات المتحدة مصالح الدول الأخرى مقابل المال ..؟
رويترز – وكالات
في صيف عام 2014، وبعدما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم شبه جزيرة القرم إلى بلاده، لمعت في رأسه فكرة “جهنمية”، وهي: لماذا لا نكرر ما فعلناه في القرم ولكن هذه المرة في الأقاليم الانفصالية الأوكرانية، مادامت جماعات الضغط التي يمولها السيد بوتين في أروقة صناعة القرار في الولايات المتحدة تؤتي أكلها.
فمنذ منذ عام 2008، واللوبي الروسي في واشنطن يمنع فرض أي عقوبات فعالة ضد موسكو؛ رداً على عملياتها العسكرية في جمهوريات الاتحاد السوفييتي، بما فيها القرم، ولعل هذا ما دفع بوتين للتفكير مرة أخرى في المغامرة في أوكرانيا، رغم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ودول أوروبية ضد موسكو بعد بدء العمليات العسكرية في فبراير/شباط 2022.
عمل الكرملين قبل غزوه لأوكرانيا على تمويل جماعات الضغط التابعة له في العاصمة الأمريكية بمبالغ طائلة، وعلى مدار القرن الحادي والعشرين، استخدم الكرملين مراراً شركات تديرها الدولة الروسية وشركات أخرى مرتبطة به، لتخفيف التداعيات التي قد تنجم عن مغامرات روسيا الخارجية، وتجنيب الكيانات الروسية أي عقوبات أمريكية شديدة الوطأة.
ما فعلته “جماعات بوتين” قد يعيد إلى الأذهان ما تقوم به جماعات الضغط العاملة في الولايات المتحدة، والتي ينظم عملها دستور البلاد، ما قامت به بعض دول الخليج وإسرائيل خلال السنوات الماضية، ففي الفترة من 2017 إلى 2021 أنفقت دول الخليج ملايين الدولارات للتأثير على صانع القرار في الولايات المتحدة بعد الحصار الذي فرضته دول خليجية على قطر صيف عام 2017، والذي رفع عقب اتفاقية العلا بالمملكة العربية السعودية مطلع العام الماضي.
لكن ورغم دستورية عمل “اللوبي” في الولايات المتحدة، باتت بعض دول الخليج تستخدم نفوذها “غير القانوني” في واشنطن من أجل التأثير على قرارات الإدارة كما حدث في حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي كان يقوم صهره جاريد كوشنر تقريباً بكل شيء مقابل المال.
في الأسطر القادمة سنسلط الضوء على جماعات الضغط في الولايات المتحدة وطريقة عملها، وأيضاً التطرق إلى أبرز هذه الجماعات وأهم ما قامت به.
ما هي قصة جماعات الضغط؟
إذا كنت تمتلك الأموال المناسبة، سواء كنت فرداً أو جماعة أو دولة أجنبية؛ يمكنك التأثير في مشروعات القوانين الأمريكية من خلال جماعات الضغط، أو ما يعرف باللوبي، التي تعمل كوسيط بين الحكومة الأمريكية وأصحاب المصالح لتحقيق أهدافهم مقابل مبلغ من المال.
يتولى المسؤولون الأمريكيون السابقون القيام بخدمات اللوبي؛ استغلالاً لعلاقاتهم مع مسؤولين حاليين في التأثير على القرارات والقوانين الأمريكية لتحقيق رغبات أصحاب الأموال وممولي هذه الجماعات مقابل رواتب شهرية وسنوية فلكية.
تدور تعريفات جماعات الضغط في معظمها حول القدرة على التأثير على متخذ القرار بشكل غير رسمي وبمصلحة متبادلة، فسواء كان الأصل في اختراع هذا النشاط يعود إلى مسارح لندن، أو فندق أمام البيت الأبيض كان يتم لقاء السياسيين فيهما، فإن الأصل في المسألة أن جماعات الضغط أو المصالح تمارس نشاطها كوسيط بين أصحاب المصالح وأصحاب القرار، ومن ثم يعرف البعض جماعات الضغط بأنها “مجموعة من الأشخاص الذين يسعون للتأثير على النواب والمشرّعين من أجل قضيةٍ ما”.
أو أنها جماعات هدفها التأثير على “البرلمان للتصويت مع أو ضد مشروع قانون ما”، وبشكل عام تصف الكلمة عمل الضغط السياسي الذي يحاول التأثير في سياسي أو مسؤول حكومي بشأن موقفه تجاه قضية معينة، أو لدفعه لتغيير القوانين والتشريعات المرتبطة بالقضية.
ولأهمية هذه المهنة فقد وصل عدد ممارسي الضغط المُسجَّلين (أي الذين صرحوا عن أنشطتهم وعن عملهم بمجال الضغط السياسي)، إلى 14 ألفاً و132 فرداً عام 2008، ومنذ ذلك العام قلَّ عدد المسجَّلين ليصل في 2019 إلى 11 ألفاً و885 فرداً.
ولتقدير الأمر بشكل جيد عليك أن تتأمل في بيانات مركز السياسات المستجيبة (The Center for Responsive Politics)- وهو مركز بحثي متخصص في شؤون اللوبيات والشفافية- حيث أكد على إنفاق 3.5 مليار دولار خلال عام 2020 على أنشطة اللوبيات والضغط والتأثير على الحكومة الأمريكية من مختلف القطاعات والصناعات والجمعيات الأميركية، إضافة لعدد من الدول الأجنبية.
قد يظن البعض أن عمل جماعات الضغط أو تحقيق مصالح الغير في السياسة الأمريكية أمر غير شرعي أو مخالف للقانون، على الرغم من أن البعض أحياناً ينطبق عليه هذا الوصف، فقد أباح الدستور الأمريكي للمواطنين الأمريكيين حق إقامة تجمعات شعبية ووظيفية تأخذ على عاتقها المطالبة بحقوقهم؛ من خلال الضغط على حكومات الولايات المتحدة أو السلطة الفدرالية؛ أملاً في الوصول لمطالبهم.
وقد رسخت الولايات المتحدة هذه الظاهرة اعتماداً على التعديل الأول بالدستور الأمريكي الذي تم تبنيه ضمن التعديلات العشرة الأولى من الدستور بـ”وثيقة الحقوق”، وقد تم إقرارها في 15 ديسمبر/كانون الأول 1791، والذي نص على أن “لا يصدر الكونغرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته، أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة، أو من حق الناس في الاجتماع سلمياً، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف”.
وبذلك فإن هذا التعديل يحمي 5 حقوق رئيسة ويمنع الكونغرس من سن أي قوانين من شأنها تقييد هذه الحقوق، وخامس هذه الحقوق ذلك المتعلق بحق الشعب في تقديم التماس إلى حكومته من أجل تصحيح المظالم، واعتماداً على الفقرة الأخيرة المتعلقة بحق المواطنين في “مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف”، ومن ثم فإن عمل جماعات الضغط عمل يحكمه الدستور وينظمه القانون كما سنبين لاحقاً.
ما هي قصة قانون فارا؟
قانون “فارا”.. «تسجيل الوكلاء (المُمثلين) الأجانب Foreign Agents Registration Act»
يعد هذا القانون أهم قانون أمريكي ينظِّم الضغط السياسي لصالح جهات أجنبية (غير أمريكية)، وقد وضعت النسخة الأولى من القانون عام 1938 بسعي من الرئيس الأمريكي آنذاك، فرانكلين روزفلت، لتخوفه من وجود تمويل من الحزب النازي الألماني يقدمه للحركة النازية داخل أمريكا.
ويُلزم القانون أي شخص داخل الولايات المتحدة يعمل لصالح جهات خارجية أن يفصح عن أنشطته وطبيعتها، ومع أي الجهات يتواصل، وكيف يتصل بها، ويلزم بالإفصاح عن موضوع التواصل وتاريخه، وعن الأموال التي تتلقاها شركات الضغط أو موظفوها، وعن الأموال التي يستعملونها لإتمام عملهم، أو تبرعاتهم للحملات الانتخابية لسياسيين أمريكيين.
ولكن لا تلتزم جميع جماعات الضغط السياسي بالقانون التزاماً كاملاً، وتنشر وزارة العدل الأمريكية كافة سجلات أنشطة الضغط السياسي المسجَّلة لديها في قاعدة بيانات مفتوحة، ومتاحة للاطلاع عليها من موقع الوزارة، وتُحدَّث القاعدة يومياً بالمعلومات والسجلات الجديدة.
ورغم ذلك، تظل مساحة التلاعب مفتوحة وواسعة للعاملين بالضغط السياسي، فهم المسؤولون عن ملء السجلات بالطريقة التي تناسبهم، ونادراً ما تجري محاسبة المتخلفين عن الإفصاح.
وخير دليل على هذه الوقائع ما قام به السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة الذي أقام علاقات خاصة مع مسؤولين أمريكيين، بما فيهم صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، للضغط على إدارته لتحقيق مصالح أبوظبي في المنطقة بدعم أمريكي.
في عام 1945 صدر تشريع يُلزم ممارسي الضغط بتعريف أعضاء الكونغرس عن أنفسهم وأنشطتهم وفقاً لشروط ضيقة جداً تحدد من يجب عليه أن يصرح عن نشاطه، وتلاه حكم من المحكمة العليا الأمريكية (أعلى هيئة قضائية أمريكية) في عام 1954 يلزم العاملين بالمجال بالتصريح عن أنفسهم فقط إذا كانوا يتواصلون مع أعضاء الكونغرس، وحصراً بشأن تشريعات جارٍ العمل عليها، وصدر تشريع آخر عام 1995 يلزم ممارسي الضغط بتسجيل بياناتهم وأنشطتهم إذا تلقوا أجراً يزيد على 10 آلاف دولار.
هذه الترسانة الدستورية والقانونية تؤمِّن لجماعات الضغط والمصالح الصفة القانونية، وتمنحها المشروعية باعتبارها تأتي من كونها إحدى الوسائل أو القنوات لنقل مطالب المواطنين والشركات والتجمعات الأخرى إلى السلطة، على عكس ما يوحي به عمل اللوبيات، فالضغط السياسي ممارسة مشروعة وقانونية في الولايات المتحدة، ويحتجُّ لها بالتعديل الأول من الدستور الأمريكي الذي يمنح المواطنين حقَّ “مخاطبة الحكومة” لتصحيح المظالم.
من الذي يعمل في اللوبيات؟
يعمل بمجال الضغط السياسي أشخاص من خلفيات عدَّة، ولكن أهمهم على الإطلاق ممن عملوا سابقاً داخل الحكومة الأمريكية أو بالكونغرس، وتزيد أهمية الفرد كلما كان منصبه السابق أعلى؛ فمثلاً، كبير موظفين عضو في الكونغرس أهم من “مساعد التشريعات” في مكتب العضو، وبالمثل، مساعدو زعماء اللجان وزعماء الحزبين في الكونغرس، أهم من غيرهم.
حيث تستهدف الجهات الأجنبية المسؤولين الحكوميين السابقين، ممن عملوا في البيت الأبيض أو وزارات مثل وزارة الخارجية أو الخزانة الأمريكية، ويمكن أن تستأجر الجهات الأجنبية مسؤولين سابقين في وكالات فيدرالية أمريكية، مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي)؛ حيث يدخل المسؤولون السابقون مجال الضغط السياسي بعلاقاتهم مع زملائهم الذين ما زالوا داخل الحكومة أو انتقلوا لمناصب جديدة فيها، وكلما كان المنصب رفيعاً ارتفعت كلفة العقود.
ما هي مهام جماعات الضغط؟
تعد أهم واجبات ومهام هذه الوظائف العمل “لدعم الشركة في جهودها للضغط على الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية، من خلال تحليل آلاف القوانين، وتزويد الإدارة العليا بمعلومات عن الاتجاهات السياسية الحالية والمستقبلية”، وفي بعض الحالات تتطلب الوظيفة خبرة عمل لا تقل عن 3 سنوات في إحدى لجان مجلسي الشيوخ أو النواب، أو العمل في مكاتب أحد أعضاء الكونغرس، كما تتضمن المهام عرض وجهات النظر والتوقعات فيما يتعلق بالميزانية الفيدرالية، والاعتمادات المالية في الكونغرس، وجميع التشريعات المتعلقة بالأعمال التجارية، بما يتفق مع أولويات الشركة وقيمها الراسخة، وتعكس هذه الوظائف صورة عامة لمهام “اللوبيست” المحترفين ضمن فرق الشركات والمؤسسات المختلفة، وقد تغيرت طبيعة هذه الوظائف والمهام المرتبطة بها بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية طبقاً للتغير الكبير في طبيعة الاقتصاد الأمريكي.
كيف تعمل جماعات الضغط؟
تمارس الجماعات ذات المصلحة التأثير في المشرعين على مستويات مختلفة، مستخدمة طريقين اثنين: من خلال الضغط على المفاصل الأساسية التي تتحكم في إعادة انتخاب المشرع، وكذلك الإسهام المالي في الحملات الانتخابية، فالتمويل بالإضافة إلى التأثير في المقترعين يسمح للجماعات ذات المصلحة بامتلاك نفوذ أكبر على مسؤوليهم المنتخبين، وهكذا تتكامل الوعود أثناء الحملات الانتخابية مع الحكم.
ويغدو المسؤولون المنتخبون أكثر حساسية واستجابة لمطالب ناخبيهم، وتعمل جماعات الضغط السياسي بطرق عديدة، منها القانوني ومنها ما يجري فيه التلاعب بالقوانين والالتفاف عليها، أو ببساطة بالفساد والرشوة؛ حيث يتواصل العاملون بمجال الضغط السياسي مع أعضاء الكونغرس، وموظفيهم، ومع مسؤولين حكوميين معنيين بالقضية التي يعملون عليها، ويقدمون أبحاثاً ومعلومات وخلاصات بشأن هذه القضايا تعزز موقف زبائنهم، أو على أقل تقدير يُشعرون الجهات الحكومية المعنية بموقف زبائنهم في قضايا محددة.
ما هي أهمية عمل جماعات الضغط؟
يتم توظيف وتبرير أنشطة اللوبي من خلال تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية والتكنولوجية في عالم اليوم، بما يستحيل معه لعضو الكونغرس أو لمسؤول حكومي، ومساعديهم، أن يفهموا تعقيدات وأبعاد آلاف من مشروعات القرارات التي ينظر فيها في كل دورة تشريعية.
من ناحية أخرى، لا تعني الاستعانة بكبريات شركات اللوبي ضمان تمرير أو إعاقة مشاريع القرارات المختلفة، فلكل جهة تؤيد تشريعاً معيناً، توجد في الأغلب فئات تعارض هذا التشريع أو ذاك، خاصة في القضايا المحلية المتعلقة بسياسات الصحة العامة أو تشريعات وقيود حمل السلاح، ويختلف الأمر في القضايا الخارجية، ولا يمكن لدولة أن تمرر تشريعاً يخصها إلا إذا كان هناك دعم يتخطى الانتماء الحزبي ويجمع مشرعين من الحزبين وراء هذا التشريع أو ذاك، وتظهر هذه الحالة بوضوح في التشريعات المتعلقة بسياسة أمريكا الخارجية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، حيث يتوفر الدعم الواسع لإسرائيل من أعضاء الحزبين.
اللوبي الروسي.. “رجال بوتين في الإدارة الأمريكية”
منذ عقود ويعمل اللوبي الروسي في الولايات المتحدة، لكن ظهرت أهميته عام 2008، عندما منع فرض أية عقوبات فعالة ضد موسكو؛ رداً على عمليات روسيا العسكرية في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، فقد عمل الكرملين قبل غزوه لأوكرانيا على تمويل جماعات الضغط التابعة له في العاصمة الأمريكية بمبالغ طائلة، واستخدم شركات تديرها الدولة الروسية وشركات أخرى مرتبطة به، لتخفيف التداعيات التي نجمت عن مغامرات روسيا في جورجيا، أو ضم شبه جزيرة القرم.
وعلى الرغم من الإنفاق السخي الذي قدمته روسيا بشكل مباشر وبشكل غير مباشر لجماعات الضغط؛ فقد تعرضت لعقوبات أمريكية تمثلت في حظر التأشيرات على مسؤولين روس، وإلغاء مشاورات عسكرية مع روسيا، وزادت طلعاتها الجوية العسكرية فوق دول الاتحاد السوفييتي السابق، وفرضت عقوبات على شركات روسية عديدة، وأكثرت من المساعدات الأمنية لأوكرانيا، الأمر الذي دفع الحكومة الروسية إلى الإنفاق غير المباشر على جماعات الضغط في واشنطن، من خلال شركات مرتبطة بها وبالكرملين، عملت على مقاومة العقوبات الأمريكية بإنفاق الملايين من أجل تعزيز نفوذها في السياسة الأمريكية، بما في ذلك اللجوء لأساليب أخرى للتأثير في السياسة الأمريكية، تمثلت في التدخل في الانتخابات الأمريكية عامي 2016 و2020.
وقد اتهمت السلطات الأمريكية 13 روسياً، و3 شركات تابعة لموسكو، بالتدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وعلى الرغم من ذلك لم يتوقف النفوذ الروسي القانوني من أن يشق طريقه ويتمدد بهدوء خلال تلك السنوات، ونجحت روسيا من خلال الاستعانة بجماعات الضغط ومن يعمل فيها من المسؤولين الأمريكيين السابقين في إنقاذ الكرملين من وطأة العقوبات الأمريكية.
إلا أن الحرب الروسية على أوكرانيا أدت إلى انهيار الأدوات الروسية في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث قطعت معظم شركات الضغط والعلاقات العامة في العاصمة الأمريكية علاقاتها مع عملائها الروس.
وآل الحال بكثير من العقوبات الأمريكية، التي لطالما وقفت جماعات الضغط الموالية لروسيا حصناً ضدها، إلى الدخول فجأة حيز التنفيذ، إلا أن نجاح مثل هذه الأدوات سابقاً سيدفع روسيا إلى محاولة استعادة نفوذها، ولما كانت العقوبات الأمريكية الحالية تحد من مساعي الضغط السياسي القانوني، فإن الأقرب أن تلجأ روسيا إلى توسيع نطاق تأثيرها غير المشروع في دهاليز السياسة الأمريكية.
اللوبي الإسرائيلي.. عقود من الخدمة
يعد اللوبي الإسرائيلي من أهم جماعات الضغط في الولايات المتحدة على مدار عقود؛ إذ حافظ على أن يجعل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط متمحورة حول الدفاع عن إسرائيل بكل الطرق.
يشمل اللوبي الإسرائيلي الكثير من أصحاب الشركات والمصانع العملاقة في أمريكا وذات رؤوس الأموال الضخمة، والذي يزيد عن 34 منظمة يهودية سياسية في الولايات المتحدة.
تقوم هذه المنظمات بجهود منفردة ومشتركة من أجل مصالحها في الولايات المتحدة ومصالح تل أبيب، ولعل أشهرها على الساحة هي لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، المعروفة اختصاراً بـ”آيباك”، وهي أقوى جماعات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي، هدفها تحقيق الدعم الأمريكي لإسرائيل.
تعود نشأة آيباك إلى ستينيات القرن الماضي، وقد سعت منذ تأسيسها إلى لمّ شمل اليهود في الولايات المتحدة، وتوحيد توجهاتهم للدفاع عن إسرائيل والعمل لصالحها، فاليهود نسبتهم لا تتجاوز 3% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، لكن إحصائيات ودراسات لنفوذهم تتحدث عن أن أكثر من 20% من أساتذة الجامعات الكبرى في أمريكا هم من اليهود، وحوالي 50% من أفضل 200 مثقف في أمريكا، وحوالي 60% من كتاب ومنتجي أفضل وأقوى الأفلام والمسلسلات الأمريكية هم أيضاً من اليهود، ناهيك عن الصحف والمجلات والقنوات الفضائية وكبرى شركات النفط والسلاح.
وهذه الشبكة من المنظمات اليهودية داخل الولايات المتحدة، باستطاعتها في وقت انتخابات الكونغرس توجيه كميات كبيرة من المال مع أو ضد هذا المرشح أو ذاك، وعقب الانتخابات تستطيع التأثير في الكونغرس بما تتقنه من أساليب الترغيب والترهيب السياسي، وفي عهد ترامب تضاعف نفوذ اللوبي الإسرائيلي، خصوصاً أنه لم يعد يستمد نفوذه أساساً من إسرائيل، بل تمكن من تجنيد وتحريك لوبيات أخرى.
لا يمكن الحديث عن لوبي عربي موحد في واشنطن، لكن هناك لوبيات متعددة لدول عربية؛ منها المملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات، ومصر؛ وتسعى كل منها لتحقيق مصالح دولتها بالطريقة التي تراها مناسبة.
ويرتبط ضعف تأثير جماعات الضغط العربية بتركيزها على التأثير المحدود في مراكز صنع القرار، خاصة الإدارة الأمريكية، وإغفال التأثير في الرأي العام الأمريكي، ووسائل الإعلام، ومراكز الفكر والرأي، والكونغرس الأمريكي؛ حيث إن التعددية التي تتسم بها عملية صنع القرار الأمريكي تتطلب مراجعة سياسات الضغط المركزية التي تتبعها هذه الجماعات، وتتسم أغلب جهود جماعات الضغط العربية بالطابع التكتيكي المؤقت الذي يركز على قضية واحدة، أو تحقيق مصلحة بعينها دون وجود استراتيجية شاملة لإدارة حملات الضغط بصورة مستدامة لتحقيق المصالح العربية بصورة مستمرة.
ولا ينفصل ذلك عن غياب التنسيق فيما بين جماعات الضغط العربية التابعة لدول مختلفة، وتضارب جهودها وتعارضها؛ ما يضعف من تأثيرها، كما يؤدي افتقاد نهج جماعي في التفاوض إلى ضعف إدراك صناع القرار الأمريكيين للمصالح العربية التي تدافع عنها هذه الجماعات، وتوصيات السياسات التي ترغب في تمريرها لتحقيق هذه المصالح.
اللوبي الإيراني في واشنطن.. هجمة مرتدة
يتكون اللوبي الإيراني من مجموعتين: الأولى تعمل في أجهزة الإعلام الأمريكية ومنظمات بحثية، ويتركز نشاط هذه المجموعة أيضاً على الكونغرس الأمريكي، ولها درجات مختلفة من الارتباط بطهران.
أما المجموعة الثانية فهي مرتبطة “بصناعة النفط”، واستطاعت خلق مصالح مؤثرة إلى درجة أصبح لها “منافع مالية لها أولوية على المصالح الوطنية الأمريكية”. وفقاً للعديد من المصادر فإن نشاط اللوبي الإيراني تعاظم ووصل إلى أوجه في عهد الرئيس الإيراني محمد خاتمي، ثم تراجع نشاطه في عهد أحمدي نجاد، لكن مع وصول روحاني للسلطة منذ يونيو/حزيران 2013 زاد نشاطه، وتكثفت تحركاته في أوساط الجالية الإيرانية في الولايات المتحدة، وذلك بهدف استغلال الحماس القومي لديهم وتجنيدهم للعمل لصالح سياسات النظام الإيراني وأهدافه.
ويعد المجلس الوطني الإيراني الأمريكي (NIAC) أهم لوبي إيراني في الولايات المتحدة، ويعد هذا اللوبي الذي يصف نفسه بـ”منظمة غير ربحية في المجتمع المدني” ومقرها واشنطن؛ أكبر وأهم لوبي تابع للنظام الإيراني، كما يعد رئيسه “تريتا بارسي” أشهر المؤسسين.
وتنتهج اللوبيات الإيرانية نهج معظم اللوبيات العاملة في واشنطن؛ من خلال دعم وتمويل بعض المرشحين في الانتخابات الإيرانية، بالإضافة لدعم المرشحين الإيرانيين الأمريكيين، لإيصالهم إلى مناصب سياسية عليا، سواء على مستوى الولايات أم على مستوى الحكومة الفدرالية، ويتمثل هذا الدعم من خلال الإعلانات في الصحافة والإذاعة التلفزيونية والإنترنت، وقام أيضاً بدعم وتمويل مجموعات اللوبي الإيراني الأخرى، وبعض الشخصيات والناشطين، الجدير بالذكر أن اللوبي الإيراني لعب دوراً بارزاً في إحباط الخطوات التصعيدية التي كان ينتويها الرئيس ترامب ضد النظام، وهناك من يؤكد أن اللوبي الإيراني قام بجهد بارز في إعادة الملف الإيراني إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية من جديد.
نجحت العديد من جماعات الضغط في تحقيق مصالحها وتحقيق مصالحها في واشنطن، وتمكنت من تغيير سياسة الولايات المتحدة تجاه دولها، بما يعزز دور هذه الجماعات، وكان من أبرزها اللوبي الروسي.
فقد عرقل اللوبي الروسي في واشنطن أية عقوبات فعالة على الكرملين على مدار عقود، رغم قيام بوتين بالعديد من “المغامرات” خارج حدود بلاده، بما فيها ضم القرم وأقاليم انفصالية في مناطق كانت خاضعة للاتحاد السوفيتي من قبل.
وعلى مدار القرن الحادي والعشرين، استخدم الكرملين مراراً شركات تديرها الدولة الروسية وشركات أخرى مرتبطة به، لتخفيف التداعيات التي قد تنجم عن مغامرات روسيا الخارجية، وتجنيب الكيانات الروسية أية عقوبات أمريكية شديدة الوطأة، غير أن العقوبات الأمريكية المفروضة الآن على الحكومة الروسية والشركات المرتبطة بالكرملين جعلت الإنفاق الروسي المعتاد غير ممكن.
وفي هذا السياق، غيَّرت جماعات الضغط الروسية أهدافها من حشد الضغوط في أروقة السياسة الأمريكية إلى التحايل من أجل التخفيف من حدة انهيار العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا. ومع ذلك، فإن الحال لم تكن كذلك دائماً، فقد كان للحكومة الروسية والشركات المرتبطة بالكرملين نفوذ كبير في الولايات المتحدة قبل غزو روسيا لأوكرانيا، حسب الموقع الأمريكي.
هكذا عمل بفاعلية خلال الهجوم الروسي على جورجيا
كان الغزو الروسي لجورجيا عام 2008 مرحلة انطلاق بارزة في مسار الضغط السياسي المعتمد على إنفاق الأموال ببذخ، فقد لامت واشنطن روسيا وقتها على الحرب التي استمرت 5 أيام، وطالب سياسيون أمريكيون بارزون، مثل السيناتور الراحل جون ماكين، الإدارة الأمريكية بمعاقبة روسيا على عدوانها.
لما طُرحت العقوبات وانعقد العزم الأمريكي على إقرارها، ضاعفت روسيا تقريباً إنفاقها على جماعات الضغط السياسي، وكشفت السجلات القانونية لتسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة عن إبلاغ شركات العلاقات العامة التي تتلقى الأموال من روسيا عن زيادة في الإنفاق الروسي من 5 ملايين دولار في عام 2007، قبل غزو جورجيا، إلى أكثر من 9 ملايين دولار في عام 2009.
بذلت شركة العلاقات العامة “كيتشوم” Ketchum جهوداً كبيرة للانقلاب على رواية الغزو الروسي لجورجيا، بل إلقاء اللوم على الأخيرة في اندلاع الصراع. ويسَّرت الشركة عقد مقابلات بين صحيفة The New York Times الأمريكية ومسؤولين عسكريين روس، ووزَّعت ملاحظات موجزة عن الحرب من وجهة النظر الروسية على صحيفة The Washington Post، ونظَّمت مقابلة لشبكة CNN مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه.
ثم استأجرت الحكومة الروسية في أوائل عام 2009 شركة علاقات عامة أخرى، هي شركة Alston & Bird، ودلَّ ذلك على حجم الإنفاق الكبير الذي باتت تخصصه روسيا لهذه الشركات في خدمة مصالحها وتحسين صورتها.
حققت حملة إعادة الاعتبار الروسية نجاحاً كبيراً، واستطاع الكرملين الصمود في وجه العاصفة التي تسبب فيها الغزو الروسي لجورجيا. ولم تفعل إدارة جورج دبليو بوش سوى القليل لمعاقبة بوتين على عدوانه، ثم جاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ولم يكن الشأن الروسي على صدارة اهتمامه.
ولكن ضم القرم أضعف النفوذ الروسي في واشنطن، فعادت روسيا إلى قائمة العقوبات الأمريكية بعد ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014، وانضم أوباما إلى منتقدي روسيا، وقلَّ تسامح واشنطن مع روسيا عما كانت عليه الأمور في أعقاب الحرب على جورجيا، الأمر الذي أضعف تأثير اللوبي الروسي في واشنطن.
لما شعرت روسيا بوقوعها في حالة المنبوذة سياسياً في العاصمة الأمريكية، ردَّت الحكومة الروسية بوقف حملات العلاقات العامة، وقطع الكرملين علاقاته مع شركة كيتشوم، وعلَّل ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، الأمرَ في ذلك الوقت بالقول: “قررنا عدم تجديد العقد مع شركة كيتشوم بسبب هوس العداء لروسيا، وحرب المعلومات الجارية علينا”.
ولكن هذا لم يعنِ على الإطلاق نهاية دور اللوبي الروسي في واشنطن، فعلى الرغم من أن الحكومة الروسية قررت عدم الإنفاق مباشرة على جماعات الضغط في واشنطن، فإن شركات مرتبطة بالكرملين والحكومة الروسية عملت على مقاومة العقوبات الأمريكية بإنفاق الملايين من أجل تعزيز نفوذها في السياسة الأمريكية.
وفي سياق المحاولات الروسية للتخفيف من حدة تداعيات غزو أوكرانيا عام 2014؛ سجَّل أكثر من 10 نواب سابقين في الكونغرس، وموظفون بالكونغرس، ومسؤولون رفيعو المستوى، أسماءهم ضمن قوائم الضغط السياسي نيابةً عن بنوك مرتبطة بالكرملين، ونخب روسية، وشركات الغاز الروسية المسؤولة عن خط “نورد ستريم 2″، وفقاً لما كشفت عنه دراسة حديثة أجراها معهد كوينسي الأمريكي.
ونجحت روسيا في تخفيف العقوبات الأمريكية إلى أن وقعت أزمة أوكرانيا الأخيرة.
رغم أن الدستور الأمريكي ينظم عمل جماعات الضغط؛ إلا أن هناك من يمارس هذه الأعمال بعيداً عن أعين الرقابة القانونية في البلاد، ومن أبرزهم السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، الذي اقترن اسمه بعدد من الممارسات التي قد توصف بـ”الفضائح” إبان الأزمة الخليجية التي وقعت صيف 2017.
فقد كشف معهد شؤون الخليج في واشنطن، أن يوسف العتيبة دفع مئات الآلاف من الدولارات لأحد الشهود الذي أدلى بشهادته في جلسة استماع بالكونغرس بشأن العلاقات “الأمريكية – القطرية”. وكان إيلان جولدنبرغ، الذي يعمل بمركز الأمن الأمريكي الجديد، أدلى بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في جلسة حملت عنوان “تقييم العلاقات الأمريكية – القطرية”، أدان فيها الدوحة بناءً على طلب من عضو الكونغرس إليانا روس لتينن، رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وكشفت وثائق مسرّبة، حصل عليها المعهد، تفاصيل عدد من الاتصالات التي أجراها جولدنبرغ مع يوسف العتيبة لمدة عام، مقابل تمويل أنشطة مركز الأمن الأمريكي، وتفاصيل عن رحلة للباحث وزملائه إلى دبي.
لا تسمح سياسة مركز الأمن الأمريكي بتلقي أي تمويل من مصادر أجنبية، سواء الإمارات العربية المتحدة أم غيرها، ولا نتلقى أموالاً أجنبية من أي شخص.. هكذا قال المركز عبر بيان تم توزيعه على الصحف بعد نشر تسريبات معهد شؤون الخليج في واشنطن، إلا أن التسريبات تحوي الحقيقة، وإجابة السؤال الأهم: كيف وصل التمويل إلى المركز؟
أرسلت فاتورة، عبر الإيميل، إلى يوسف العتيبة لطلب تمويل دراسة عن نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ بالإمارات العربية المتحدة، مع أن الإمارات ليست طرفاً في نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ.
يقول معهد شؤون الخليج في واشنطن، تعليقًا على ما أورده من تسريبات: إن “تمويل بعض الدول للمراكز البحثية أمر معروف، لكن هذه القضية تحديدًا تعتبر أخلاقية وبها جدل قانوني بالنسبة إلى لجان الكونغرس، التي تعتمد على شهود يتلقون تمويلاً أجنبياً يشكك في مصداقيتهم، ويسلط الضوء على تأثير الأموال الأجنبية على المسؤولين الأمريكيين، والجهات التنفيذية والتشريعية.
وكشفت التسريبات، حينها أيضاً، ما فعله العتيبة لشراء ذمم المسؤولين الأمريكيين، فقد تواصل مع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية لتنظيم مؤتمر لمدة يوم واحد، تم تنظيمه في أيار/مايو عام 2017، بعنوان “قطر والانتماءات العالمية لجماعة الإخوان المسلمين.. السياسات الجديدة للإدارة الأمريكية الجديدة”.
وأظهرت الرسائل المتبادلة بين الطرفيْن عبر البريد الإلكتروني أن هذا المؤتمر كان مموّلاً بالكامل من السفارة الإماراتية، وحمل هجوماً على قطر، كان إحدى بذور الأزمة، التي نبتت مؤخراً بين البلديْن فيما سُمّي “القطيعة الخليجية”.
هذه الممارسات لعبت دوراً قوياً في الأزمة الخليجية، والتي تسببت في إنفاق دول الخليج لملايين الدولارات في أروقة السياسة الأمريكية في ظل الحرب المتبادلة بين قطر وأطراف دول الحصار، فقد أنفقت الدوحة نحو 30 مليون دولار لإبعاد تهمة تمويل الإرهاب عنها، فيما أنفقت الإمارات العربية المتحدة حوالي 15 مليوناً فقط في عام 2020 على جماعات الضغط من أجل تثبيت التهمة على الدوحة.
حجم الإنفاق على جماعات الضغط عام 2020
- روسيا: 41 مليون دولار
- قطر: 34 مليون دولار
- الصين: 31 مليون دولار
- إسرائيل: 15 مليون دولار
- الإمارات العربية المتحدة: 13 مليون دولار
- المملكة العربية السعودية: 12 مليون دولار
حينها كانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تعمل بنظرية الدفع مقابل القرار، عبر الصفقات التي كان يقوم بها صهره جاريد كوشنر، الذي كان ضالعاً وبشكل كبير في الأزمة الخليجية، والذي قيل، في بعض الأحيان، إن الرسائل التي يغرد بها ترامب على تويتر يقوم بكتابتها كوشنر.
وبعيداً عن المنافع التي عادت على الدول التي استخدمت المال السياسي في أمريكا، إلا أن قيام جماعات الضغط حقق العديد من المكاسب للمسؤولين السابقين في الولايات المتحدة، أو ما بات يعرف بـ”الباب الدوار”، والتي تتمثل في خروج مسؤولي إدارة سابقة أو أعضاء بالكونغرس للعمل في شركات لوبي، ثم عودتهم مرة أخرى بعد سنوات للعمل الحكومي، وتكرار هذا السيناريو، وهو ما يشير إلى استغلال العلاقات الشخصية والخاصة لإنجاز مهام العملاء من خلال شبكات العلاقات المباشرة.
وهذا الأمر جعل الديمقراطية الأمريكية قابلة للبيع، إذا جاز لنا قول ذلك.