صرّح مؤسس شركة فيسبوك ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ -أمس الأربعاء- أن المرحلة المقبلة من مستقبل الشبكة الاجتماعية ستركز على حماية خصوصية المستخدمين. لكن هل نصدق زوكربيرغ أم أنه يخدعنا؟
يقول الكاتب سام بيدل في مقال على موقع “إنترسبت”، إننا يجب ألا ننخدع بكلام زوكربيرغ، وذلك لأن كتابة كلام فضفاض على مدونة الشركة أسهل بكثير من إعادة هيكلة تامة للطريقة التي تعمل بها شركة فيسبوك العملاقة وحساب الضرر الذي سببته.
وكتب زوكربيرغ في منشور طويل من نحو ثلاثة آلاف كلمة، يقول “حين أفكر في مستقبل الإنترنت، أعتقد أن منصة اتصالات تركز على الخصوصية ستصبح حتى أكثر أهمية من المنصات المفتوحة اليوم”.
ويقول الكاتب “إن من يقرأ هذا المنشور يتصور أن فيسبوك تعيد تنظيم نفسها بشكل أساسي كأنها بطلة خصوصية، وأنها شركة لم تعد تتعقب ما تقرؤه وتشتريه وتراه وتشاهده، وتسمعه من أجل أن تبيع للشركات فرصة التدخل في مستقبلك”.
لكن اتضح أن فسبوك الجديدة التي “تركز على الخصوصية” تتعلق بتغيير واحد فقط، وهو “تمكين التشفير من الطرف إلى الطرف” عبر خدمات المراسلة الفورية التابعة لها (إنستغرام وماسنجر وواتساب)، ومن شأن هذا التحول التقني أن يمنع أي شخص خارج المشاركين في الدردشة -حتى فيسبوك- من قراءة رسائلك، وهذا كل شيء، بحسبما يقول الكاتب.
ويقول زوكربيرغ “أعتقد أن المستقبل سيتحول بشكل متزايد إلى خدمات خاصة مشفرة، حيث يمكن للناس أن يكونوا واثقين أن ما يقولونه لبعضهم بعضا محمي، وأن رسائلهم ومحتواها لن تظل إلى الأبد”، وأضاف “هذا هو المستقبل الذي آمل أن نساعد في تحقيقه”.
لكن كاتب المقال يرد على ذلك بقوله إنه “على الرغم من أن هذه الخطوة جديرة بالثناء، وستكون بمثابة نعمة للمستخدمين المنشقين عن فيسبوك في الدول التي تعتبر فيها الرقابة الحكومية مخاطرة حقيقية ودائمة، فإن الوعد بأنك ستتخلى يوما ما عن قدرتك على التنصت على أكثر من ملياري شخص لا يجعلك مؤهلا للقداسة في 2019”.
ولا يساعد في ذلك أن منشور زوكربيرغ -بحسب الكاتب- غائب تماما عن تفاصيل ما وراء خطة تطبيق تغييرات التشفير هذه “على مدى السنوات القليلة القادمة”، الأمر الذي يعتبر سخيفا بشكل خاص بالنظر إلى أن فيسبوك لم تنفذ بعد ميزات الخصوصية الموعودة في أعقاب فضائحها الضخمة السابقة، وعلى رأسها فضيحة شركة كامبريدج أناليتيكا.
وهذا أمر يشعر به مؤسس فيسبوك نفسه، حيث يقول “أفهم أن كثيرا من الناس لا يعتقدون أن فيسبوك يمكن أو ربما ترغب ببناء هذا النوع من المنصات المرتكزة على الخصوصية، لأننا بصراحة ليست لدينا حاليا سمعة قوية في بناء خدمات تحمي الخصوصية، وقد ركزنا تاريخيا على أدوات من أجل مشاركة مفتوحة أكثر”.
ويرى كاتب المقال أن هناك ما يبرر التشكيك في فيسبوك، ويذكر مثالا “من ضمن أمثلة كثيرة” هو أن “الشركة -كما ذكر تقرير لموقع ذا إنترسبت مؤخرا- متورطة وراء الكواليس في محاربة محاولات تمرير قوانين خصوصية أكثر صرامة في كاليفورنيا”.
والأكثر من ذلك، أن منشور زوكربيرغ “الدرامي” المؤلف من ثلاثة آلاف كلمة، يدور فقط حول ميزة خصوصية جديدة واحدة، سيتم طرحها في وقت غير معروف في المستقبل. وفي المقابل، فإن لفيسبوك تاريخ طويل يجب أخذه في الاعتبار، فهي شركة يعتمد نموذج أعمالها بالكامل على استخراج البيانات من جميع أنحاء العالم.
وربما توفر فيسبوك في يوم ما محادثات مشفرة من الطرف إلى الطرف بين مستخدمي فيسبوك وماسنجر، وهذا أمر رائع، لكن لا يوجد ما يشير إلى أنها ستوسع استخدام هذا التشفير لما بعد الرسائل الفورية، لأن ذلك سيدمر الشركة، وفقا للكاتب.