مركز الدراسات
هل ينظم ترامب أول انقلاب عسكري في تاريخ أمريكا؟! .. وماذا سيكون موقف البنتاغون .. ؟
هل يرفض ترامب تسليم السُّلطة إذا هُزم بانتخابات الرئاسة القادمة في 2020؟ وهل يستخدم نفوذه كرئيس، خاصة على البنتاغون، لرفض النتائج؟ وهل يمكن أن ينظم أول انقلاب في تاريخ أمريكا؟
ثمة كثير من الانتخابات المتنازع عليها في التاريخ الأمريكي، وضمن ذلك انتخابات عام 2000، عندما قضت المحكمة العليا بفوز جورج دبليو بوش.
لكن ما لم يحدث قط هو وجود رئيس في منصبه يرفض قبول النتائج، ذلك أنَّ ما يسمى النقل السلمي للسُّلطة عنصر رئيسي في التجربة السياسية الأمريكية، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة CNN الأمريكية.
ماذا يحدث إذا تنازع مرشحان على الفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
الأمر الأكثر شهرة هو ما حدث في انتخابات عام 1800 عندما تعادل توماس جيفرسون وآرون بور بالمجمع الانتخابي، وأمضيا 6 أيام في المناظرات السياسيةبمجلس النواب حتى انكسر هذا التعادل، وتم اختيار جيفرسون بعدما نال تأييد أغلبية النواب.
والرئيس المفضل لترامب واجه الصفقة الفاسدة، ولكنه التزام نتائج الانتخابات
وفي عام 1824، حصل أندرو جاكسون –الرئيس المفضَّل لدونالد ترامب– على أكثر الأصوات في التصويت الشعبي (الانتخاب المباشر) وأكثر أصوات المجمع الانتخابي، ومع ذلك لم يحصل على الأغلبية في أيهما، لكنَّ مجلس النواب منح الفوز لجون كوينسي آدامز، الذي عيَّن رئيس المجلس، هنري كلاي، وزيراً لخارجيته.
جاكسون وصف ما حدث بأنه «صفقة فاسدة»، وذلك وفقاً لموقع مجلس النواب فيما يخص الانتخابات التي تكون نتائجها متقاربة.
لكنَّ جاكسون انتظر وخاض الانتخابات مرة أخرى، ليفوز بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ.
وهكذا تم التعامل مع مزاعم التزوير وشراء الأصوات على مدار التاريخ
وفي عام 1876، وبعد مزاعم واسعة النطاق بالتزوير الانتخابي في الجنوب، أنشأ الكونغرس لجنةً صوَّت أعضاؤها وفقاً لسياستهم الحزبية الرسمية، وأعطت الرئاسة لحاكم أوهايو، رذرفورد هايز، الذي لم يفز لا في التصويت الشعبي ولا بالمجمع الانتخابي ضد حاكم نيويورك صمويل تيلدن.
وقد تم التوصل إلى الحل الوسط الذي وضع هايز في منصبه قبل أيام قليلة فحسب من تنصيبه.
كما أشار هذا الأمر إلى العودة لعصر إعادة الإعمار (حقبة إعادة بناء الولايات المتحدة في أعقاب الحرب الأهلية).
وفي عام 1888، لم تؤدِّ فضيحة شراء الأصوات إلى منع فوز السيناتور السابق والجمهوري بنجامين هاريسون بالرئاسة، رغم أنه خسر التصويت الشعبي بفارق طفيف. ولم ينازع الرئيس الديمقراطي غروفر كليفلاند في هذه النتائج، رغم أنه هزم هاريسون بعد 4 سنوات من ذلك، ولذا يعد كليفلاند هو الرئيس السابق الوحيد الذي يقضي فترتين رئاسيتين غير متتابعتين.
وقبِل ريتشارد نيكسون هزيمة بفارق طفيف للغاية عام 1960 أمام كنيدي، رغم مزاعم بالتزوير في ولاية إلينوي، وقبِل آل غور في النهاية قرار المحكمة العليا إنهاء إعادة فرز الأصوات في فلوريدا عام 2000.
ولكن هناك مخاوف من أن يكسر ترامب هذه القواعد التاريخية.. فماذا سيفعل الجيش؟
وقد أشار الرئيس دونالد ترامب، في الأيام القليلة الماضية، إلى أنَّ شرعية انتخابات عام 2020 أحدث الطرق التي يستعد بها لكسر جميع السوابق، وعمل اختبار إجهاد لكل من الدستور والبلاد.
هذه المخاوف حقيقية بما يكفي، لدرجة أنَّ أحد المحامين السابقين بمجلس الأمن القومي كتب إلى شبكة CNN، في شهر فبراير/شباط 2019، قائلاً إنَّ المشرِّعين ينبغي لهم أن يطلبوا من مسؤولي البنتاغون القَسَم على أنهم سوف يحترمون الفائز في انتخابات 21 يناير/كانون الثاني 2021، حتى لو لم يكن ذلك الشخص هو ترامب.
إذ كتب جوشوا غيلتزر، النائب السابق للمستشار القانوني لمجلس الأمن القومي، في مقال حديث لشبكة CNN: «يستحق الأمر أن نطلب من وزير الدفاع ورؤساء هيئة الأركان، وهم يدلون بشهادتهم أمام الكونغرس في الشهور القادمة، أن يؤكدوا أنهم يفهمون ذلك، وأنهم سوف يتصرفون وفقاً لذلك».
رغم فوزه فإن لديه جنون ارتياب في العملية الانتخابية
كان جنون الارتياب (البارانويا) مبدأ منظماً لسياسة الرئيس دونالد ترامب.
إذ دخل انتخابات عام 2016 مستعداً للهزيمة، وجادل على نحو استباقي بتزوير الانتخابات ضده، وأنَّ ملايين الأشخاص قد سُجلوا للتصويت بشكل غير قانوني (ليس ثمة دليل على أيٍّ من ذلك).
وعندما فاق ترامب توقعاته وفاز، تحولت مزاعمه بتزوير الانتخابات إلى مزاعم بتزويرٍ انتخابيٍّ كلَّفه التصويت الشعبي (مرة أخرى، ليس ثمة أي دليل على ذلك)، وأنَّ دولة عميقة من البيروقراطيين المعادين تتحفز له، وتحوَّل ذلك إلى مزاعم بأنَّ الرئيس باراك أوباما قد تجسس عليه (تم فحص هذه المزاعم)، وأنَّ تحقيق المستشار الخاص في التدخل الروسي بالانتخابات كان «مطاردة ساحرات».
إنَّ السمة البارزة هنا أنَّ ثمة شخصاً ما أو شيئاً ما، على الدوام، متربص بترامب، وأنَّ فرصه ضئيلة. وهذه الحقيقة هي الأساس الذي تستند إليه أية افتراضات حول نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما يحين موعد الاقتراع، ويناير/كانون الثاني 2021 عندما يقسم قَسَمه الثاني في منصبه، أو يراقب ديمقراطياً يتولى مكانه.
والأسوأ أنه يعتقد أنَّ رئاسته قد «سُرقت»
خلال عطلة نهاية الأسبوع أكد ترامب، على تويتر، أنَّ عامين من رئاسته قد سُرقا.
كان ترامب يؤيد تغريدة كتبها أولاً أحد كبار مؤيديه، جيري فالويل جونيور، الذي ألقى دعابة (هذه دعابة، أليس كذلك؟) حول تعويضات العبودية، واقترح أنَّ ترامب ينبغي له استرجاع عامين من رئاسته.
إذ غرد فالويل: «بعد أفضل أسبوع على الإطلاق لـ@دونالد ترامب، بلا عوائق ولا تواطؤ، تعترف صحيفة NYT بأنَّ @باراك أوباما قد تجسس على حملته، وأنَّ الاقتصاد آخذ في الارتفاع. أنا الآن أدعم التعويضات: ينبغي أن يضاف عامان إلى الفترة الأولى لترامب، تعويضاً عن الوقت الذي سرقه هذا الانقلاب الفاشل».
واتفق ترامب مع فالوريل، وهو -على ما يبدو- لا يرى المفارقة في القول بأنه صاحب أنجح رئاسة في التاريخ (وهي مسألة خلافية بالتأكيد)، وأنَّ رئاسته حتى الآن قد سُرقت.
إذ قال ترامب: «على الرغم من النجاح الهائل الذي حققتُه بوصفي رئيساً، وضمن ذلك ربما، أعظم اقتصاد وأكثر نجاح في أول عامين من أي رئيس بالتاريخ، فقد سرقوا عامين من رئاستي (رئاستنا) (وهْم التواطؤ) لن نستطيع أبداً استعادتهما…».
يشتكي ترامب هنا من تقرير المستشار الخاص، الذي قدَّم دليلاً على عرقلته العدالة في محاولاته الساعية إلى إنهاء ذلك التحقيق، رغم أنَّ روبرت مولر وفريقه لم يوصوا بتوجيه اتهامات إليه، أو إجراءات محاكمته أمام الكونغرس.
وأضاف ترامب في وقت لاحق، أنَّ من المحال فوز الديمقراطيين «بشكل عادل» عام 2020.
وقد وثق كريس سيليزا، من شبكة «سي إن إن«، أنَّ هذا النوع من التعليقات ليس أمراً استثنائياً؛ فالرئيس يتحدث (يمزح؟) حول البقاء في البيت الأبيض كثيراً.
هل يرفض ترامب تسليم السُّلطة لخصومه؟.. زعيمة الديمقراطيين قلقة من عدم احترامه نتائج انتخابات 2020
لن يضطر ترامب حقاً إلى القلق من محاكمته في المناخ الحالي، لسببين:
* قالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب التي تتحكم فيما يصوت عليه الديمقراطيون في مجلس النواب، مراراً وتكراراً، إنَّ محاكمة ترامب ليست الطريقة المثلى لإزالته من منصبه.
* وحتى لو تحرَّك الديمقراطيون في مجلس النواب، بطريقة ما، لمحاكمته، فإنَّ الجمهوريين يتحكمون في مجلس الشيوخ، ولا يبدو من المرجح أن يصوت أيٌّ منهم لإزالته من منصبه.
ومع ذلك، فقد قالت بيلوسي أيضاً لصحيفة The New York Times، إنها تريد أن يتخذ الديمقراطيون مساراً أكثر اعتدالاً في 2020، ليستطيعوا إلحاق هزيمة «كبيرة» بترامب.
وقالت إنه دون حدوث ذلك، فإنها تخشى أنه سيتمكن من رفض النتائج.
إذ قالت لصحيفة The New York Times: «ينبغي لنا أن نحصن أنفسنا من ذلك. ينبغي لنا الاستعداد لذلك».
وقد كانت لديها مخاوف مماثلة عام 2018، أثناء انتخابات التجديد النصفي التي سيطر فيها الديمقراطيون على مجلس النواب.
إذ قالت عن تفكيرها في ذلك الوقت، وكيف كانت تشعر بالقلق من أنه سوف يتحدى أغلبيتهم إذا كانت أقل حجماً: «لو فزنا بأربعة مقاعد لكل منها ألف صوت، فلن يحترم نتيجة الانتخابات، سوف يسمم عقل الجمهور، سوف يتحدى جميع السباقات وسوف يقول: لا يمكنكم قبول أولئك الناس، كان ينبغي لنا الفوز. تخيل لو لم نفز، أوه.. لا تتخيل ذلك، لذا بينما نمضي قدماً، ينبغي لنا اتباع النهج ذاته».
وكذا فإنَّ بيلوسي تطلب من الديمقراطيين أن يتبنوا طريقاً وسطاً لا سياسات يمكن لترامب نبذها بوصفها راديكالية.
وحتى الديمقراطيون بدأوا يشككون في نزاهة الانتخابات
لكن السؤال حول ما سوف يفعله ترامب لو خسر عام 2020 هو سؤال وجيه.
إذ شكك سياسيون آخرون في الآونة الأخيرة في نزاهة الانتخابات، بما في ذلك الديمقراطية ستاسي أبرامز، التي خسرت في محاولتها لتولي منصب حاكم جورجيا ورفضت قبول النتائج التي وضعت برايان كيمب في المنصب. ولما كان كيمب سكرتير الدولة في ولاية جورجيا أثناء انتخابات عام 2016، فقد أشرف على انتخابات الولاية، وزعمت أبرامز وجود حملة لقمع الناخبين كلفتها الفوز.
لكنَّ أبرامز، المحامية التي تلقت تعليمها في جامعة ييل، قبلت النتائج في نهاية المطاف، وتُركز اهتمامها الآن على حماية حقوق التصويت للأقليات.
لكن لترامب ميول أخرى. فهو يقيناً لم يبدِ أيَّ تأنيب للضمير على دفع وزارة العدل إلى إجراء تحقيقات بشأن هيلاري كلينتون.
فليس ثمة تمييز بين الشخص والرئاسة في ذهنه، وهو ما كان واضحاً من تقارير جيمس كومي بأنَّ ترامب يطلب الولاء التام لنفسه من مرؤوسيه. وهو أيضاً أمر حاضر في الانتقاد بأنَّ نائبه العام، ويليام بار، قد تصرف لمصلحة الرئيس لا مصلحة البلاد، عندما أبطأ من إصدار تقرير مولر. والنتيجة النهائية أنَّ ترامب قد يكون له موالون في إدارته حين يأتي يوم الانتخابات.
ترامب لن يحترم الانتخابات في حالة الخسارة
في عام 2016، في مناظرة رئاسية مع هيلاري كلينتون قبل يوم الانتخابات مباشرة، لم يلتزم ترامب احترام النتائج.
إذ قال، شاكياً من أنَّ وسائل الإعلام قد سممت عقول الناخبين ومدلياً بادعاءاته غير المدعومة بالدليل حول ملايين الناس الذين لا ينبغي لهم التصويت: «سوف أنظر في ذلك الأمر في حينه. أنا لا أفكر في أي شيء الآن، سوف أفكر في ذلك الأمر في حينه».
وأشار والاس إلى أنَّ الانتقال السلمي للسُّلطة من حزب إلى آخر، عنصر أساسي في النظام السياسي الأمريكي. وسأل والاس، ترامب: «هل تقول إنك غير مستعد الآن لالتزام هذا المبدأ؟».
ردَّ ترامب، المرشح الرئاسي في ذلك الوقت: «إنَّ ما أقوله هو أنني سوف أخبرك في حينها. سوف أُبقيك في حالة تشويق، حسناً؟».
الكارثة أنه يتحكم حالياً في الجيش الأمريكي وأجهزة الاستخبارات
والآن هو الرئيس، وقد وضع بالفعل الأساس للجدال بأنَّ الخسارة ليست أمراً عادلاً بالنسبة له. ومن المؤكد أنَّ هذا السؤال، حول ما إذا كان ترامب سوف يقبل النتائج، سوف يظهر مرة أخرى.
وهو الآن بالبيت الأبيض ويتحكم في الجيش الأمريكي وجهاز الأمن القومي للبلاد.
ينبغي لهذه المنظمات أن تحترم قَسَمها بالمحافظة على الدستور، لكن لو رفض ترامب النتائج فمن المؤكد أنَّ ذلك سوف يخلق فوضى ويشكل ضغطاً تاريخياً على الحكومة الأمريكية.