كنّا ومازلنا سعداء عندما نردد معاً أغنية “فيها حاجة حلوة” والتى أشادت بما يملكه أبناء مصر كبشر من صفات بهرت الدنيا، حتى إن فريق غنائي من البحرية الأمريكية غنوا معاً هذه الأغنية ولاقت إستحساناً كبيراً من كثيرين، بل وأكدت إن بلدنا فيها حاجات حلوة ليس فقط فى عيون أبناءها بل أيضاً فى عيون الدنيا كلها. فكيف نستطيع أن نحافظ على هذه الأشياء أو الهبات أو المواصفات الحلوة رغم العديد من الصعوبات والمشكلات التى واجهت ومازالت تواجه أبناء الشعب المصري؟ تشير الشواهد إلى مدى قدرة المصريين على إبهار الدنيا من خلال التميز فى العطاء والظهور الإيجابي وقت الأزمات والمحن حتى قالوا إننا شعب (ليس له كتالوج).
أسرد هذه القصة التي حدثت مع الصديق/ ثروت أحمد وهو مواطن مصرى مقيم فى أمريكا منذ ٣٠ عاماً. كان ثروت – ومازال له إهتمامات كبيرة بالعمل العام حيث أسس جريدة مهجرية واهتم بالعمل الإعلامى فى المهجر لخدمة أبناء جاليتنا المصرية المهاجرة إلى أمريكا. كذلك هو صاحب خبرات متميزة في مجالات التأمين والخدمات العقارية. أما على المستوى الشخصي والإنسانى، فهو رب أسرة وعايَش تجربة لم تكن سهلة عليه ولا حتى على المقربين منه من أبناء جاليتنا المصرية. فقد عايش محنة فقد عزيز لديه وهو إبنه جوزيف الذى رحل عن دنيانا فى عمر الشباب وهو إبن ١٨ عاماً. كان متفوقاً علمياً ودراسياً وأخلاقياً حتى إنه قد صار حديث المدينة التى عاش فيها بولاية نيوجرسي. فقد تعرض للإصابه بمرضٍ تم تشخيصه بعد جهود كثيرة على إنه نوع من سرطان العظام ونادراً ما يصيب الشباب فى سن المراهقة. ورغم الأحزان التى عاشها بفقد إبنه، إلا إنه – وبمشاركة أفراد أسرته والمجتمع المدني – نجح فى تأسيس جمعية خيرية إهتمت بدعم الأبحاث العلمية لمحاربة هذا المرض العضال. وبجهود حثيثة ومخلصة وبالتعاون مع موسسات علمية عديدة، توصلوا إلى نوع من العلاج للتغلب على المرض. وأجريت تجارب سريرية على عدة مرضى فى أمريكا وبعدها بدأ فى التواصل مع المسؤولين فى القطاع الصحي بمصرنا الحبيبة من أجل إتاحة الفرصة لكي تستفيد بلدنا الغالية من هذه الخطوة الهامة.
فسافر الأستاذ/ ثروت أحمد إلى القاهرة فى رحلة لمقابلة بعض المسؤولين فى القطاع الصحي. وأمضى حوالي أسبوعين كان فيهما دائم السفر ما بين القاهرة والإسكندرية فى زيارات ولقاءات مكوكية لعرض الموضوع على من يهمهم الأمر. كان ثروت سعيداً بمدى الإهتمام والتجاوب، لكنه تذكر أغنية فيها حاجة حلوة عندما تعرض لهذا الموقف السخيف الذى من الممكن أن يتعرض له أى مواطن مصرى أو زائر أجنبي. فقد إستقل في إحدى سفرياته من القاهرة إلى الاسكندرية أتوبيس تابع لشركة “جو باص” المعروفة بإنها إحدى الشركات التى تقدم خدمات السفر والتنقل فى ربوع مصر. وكان يحمل حقيبته التي تضم أمتعته الشخصية والأوراق الخاصة بالمهمة التى من أجلها تَحَمَّل عناء وأعباء السفر من أمريكا إلى مصر. ورغم أنه كان يحمل البطاقة التى تشير إلى أن له حقيبة على متن هذه الرحلة، إلا إنه إكتشف عند محطة الوصول أن الحقيبة قد فُقِدَت!!
وكان مستوى التعامل من قِبَل موظفي الشركة معه لا يليق بالسمعة أو الصورة الذهنية التى يتوقعها الراكب عن الشركة. كانت هناك محاولات جادة من قِبَل المسؤولين بالشركة في أن يعالجوا الموضوع بأن عرضوا عليه تعويضاً قدره (1000) جنيه مصري ولكن هذا المبلغ الزهيد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتناسب مع فداحة الضرر أو الخسارة المادية أو المعنوية التى تعرض لها. كيف تضيع مثل هذه الحقيبة في الوقت الذي فيه سياسة أي شركة نقل هي عدم تسليم أي أمتعة للركاب في محطة الوصول إلا بعد إبراز البطاقة التي تثبت ملكية الشخص لممتلكاته للموظف المختص بتسليم الحقائب لأصحابها؟
إلى من يهمه الأمر: نتمنى أن تظل أغنية “فيها حاجة حلوة” تُشَكِّل صورة قَيِّمَة لوجدان المصريين فى الداخل والخارج وسيبقى السؤال: كيف نحافظ على الاشياء الحلوة والجميلة؟ أجيبونا أفادكم الله.