تثير خطة أمريكية للسلام في الشرق الأوسط حالة من الغضب والتوجس داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة إذ تزيد من الاحتمالات بأن يتبدد وإلى الأبد حلم اللاجئين بالعودة إلى منازلهم السابقة في أراض أصبحت الآن إسرائيل.
وفي مخيمات بأنحاء مختلفة من المنطقة، نظم فلسطينيون إضرابات، وأحرقوا الأعلام الإسرائيلية والأمريكية وأذاعوا أغاني وطنية عبر مكبرات الصوت للاحتجاج على خطة يقولون إنها قد تؤدي إلى حرمانهم من موطن أجدادهم إلى الأبد.
وتدشن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبادرة اقتصادية قيمتها 50 مليار دولار خلال اجتماع دولي بدأ في البحرين يوم الثلاثاء في إطار مخطط سياسي أشمل لحل الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وعلى الرغم من أن تفاصيل الشق السياسي من الخطة لا تزال طي الكتمان، فإن المشروع أحيا مخاوف كثير من الفلسطينيين بأن زعماء الدول العربية، ومن بينها الدول التي تستضيف لاجئين فلسطينيين، قد يقلصون دعم القضية الفلسطينية مقابل حوافز اقتصادية.
وقال إبراهيم أبو سيد وهو أحد سكان مخيم البقاع على مشارف العاصمة الأردنية عمان وأحد نواب البرلمان الأردني ”الصفقة لن تمر… لن نقبل بيع الأردن أو فلسطين“.
وذكر آخرون أنه ينبغي على واشنطن ألا ترشو الأردن ودولا أخرى بمشاريع اقتصادية ضرورية للغاية مثل تلك التي تعتزم الكشف عنها خلال اجتماع البحرين.
وقال خليل عطية وهو نائب بارز من أصل فلسطيني ”لا بأس بمشاريع لتشغيل اليد العاملة ولكن ليس على حساب التوطين والقبول بالوضع الراهن وتهجير الشعب الفلسطيني وإلغاء حق العودة. هذا مرفوض. حق العودة مقدس لا يمكن التنازل عنه“.
وفي مخيم البقاع الذي يسكنه أكثر من 150 ألف شخص، استجابت الكثير من المتاجر لدعوة نشطاء محليين إلى إضراب عام احتجاجا على خطة ترامب.
وكتب على لافتة في قلب المخيم المكتظ ”لا للتوطين. هذا خط أحمر“.
* ”ما زلت أحلم بالعودة“وعبر مكبرات الصوت، أذاعت بعض المتاجر أغاني وطنية أشادت ”بالكفاح المسلح“ ضد إسرائيل ونددت بالقادة العرب الذين يلومهم كثيرون على محنتهم.
ورفعت بعض المتاجر أعلاما سوداء ولافتات ترفض التوطين في الأردن، البلد الذي استوعب النصيب الأكبر من الفلسطينيين الذين إما فروا أو طُردوا من منازلهم في أعقاب قيام دولة إسرائيل.
وبالنسبة للاجئ الفلسطيني عمر العيدي، فإن منزله رمز لحلمه بأن يعود يوما ما إلى منزل عائلته.
والعيدي (43 عاما) بائع خضروات وواحد من نحو مليوني لاجئ فلسطيني يعيشون في الأردن وينتمي إلى الجيل الثاني الذي ترجع أصوله إلى قرية قرب مدينة طولكرم بالضفة الغربية المحتلة. وقال ”المخيم بمثلي فلسطين أنا الآن معتقل بدون سياج… كل الزعامات العربية باعت فلسطين“.
وأردف قائلا ”بشوف فلسطين في المخيم، في أزقة المخيم، في روائح المخيم. كل شي بذكرني في فلسطين في المخيم وما زلت أحلم بالعودة“.
وحتى الفلسطينيون الشبان الذين لم يروا منازل أسلافهم قط يتوقون للعودة يوما ما. وتحتفظ الكثير من العائلات بمفاتيح منازل أجدادها القديمة التي تركوها خلفهم بعد قيام إسرائيل عام 1948.
ويخشى كثيرون من أن تكون مساعي الإدارة الأمريكية لنزع صفة اللاجئ عن الفلسطينيين بقطع التمويل عن وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة محاولة لتصفية قضيتهم. وتقدم الأونروا الدعم لأكثر من خمسة ملايين فلسطيني في الشرق الأوسط.
وقال عبد الله النجار (56 عاما) وهو فلسطيني من قرية قرب الخليل ”إذا تفكك المخيم قضية فلسطين راحت.. ضاعت كرامتنا ضاعت.. ما ظل لنا شي“.
وفي مخيم عين الحلوة للاجئين في لبنان، أضرم اللاجئون النار في الأعلام الأمريكية والإسرائيلية خلال احتجاج على مؤتمر البحرين.
وقال فؤاد عثمان من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خلال الاحتجاج إن الخطة لن تمر حتى لو اجتمع العالم لفرضها لأن الشعب الفلسطيني متحد في رفضه لبيع أراضيه وقضيته.
ورُفعت الأعلام الفلسطينية ولافتات تنتقد المبادرة خلال احتجاج على الخطة في وسط بيروت. وكُتب على إحداها ”خطة القرن محاولة فاشلة لمحو الحقوق الفلسطينية“.
وقال أحمد عبد الهادي المسؤول في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ”نرفض مؤتمر البحرين لأنه سيقدم عرضا للأسف على الفلسطينيين يتضمن أن يأخذوا حفنة من المال، وليس الأمريكي ولا الصهيوني الذي سيدفعها وإنما بعض حكام العرب والخليجيين هم الذين سيدفعونها، مقابل أن يبيع الفلسطيني حقه“.
وقال علي القيام أحد المشاركين في الاحتجاج ”نحن ضد صفقة القرن… لا نحتاج للمال… نحتاج لبلادنا وأرضنا“.
وفي مخيم اليرموك في سوريا، خرجت فصائل فلسطينية مؤيدة لدمشق في تجمع للتنديد بخطة السلام.