أخبار العالم
أبو الغيط: على “خطاب حقوق الإنسان” إعادة ترتيب أولوياته فى ظل التحديات الراهنة
أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن التحديات والأوضاع التى تمر بها المنطقة العربية الآن، لابد وأن تنعكس على خطاب حقوق الإنسان فى المنطقة، وأن تُسهم فى إعادة ترتيب أولوياته، وتوجيه اهتماماته الأساسية.
جاء ذلك فى كلمته التى ألقتها نيابة عنه السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد للجامعة العربية لقطاع الشئون الاجتماعية خلال أعمال المؤتمر الإقليمى العربى الثالث حول حماية وتعزيز حقوق الإنسان “أثر الاحتلال والنزاعات المسلحة على حقوق الإنسان لاسيما النساء والأطفال”، الذي عُقد اليوم الأحد بمقر الجامعة العربية بحضور الدكتور محمد محسن عسكر وزير حقوق الإنسان بالجمهورية اليمنية.
وقال أبو الغيط، إن الحق في الحياة تتفرع منه جميع الحقوق الأخرى، مشيرًا إلى أن تشريد البشر، وبخاصة النساء والأطفال، لجوءًا ونزوحًا وتعريضهم لكافة صنوف الخطر والمعاناة والحرمان، هو انتهاكٌ لحقوقهم الأصيلة في العيش الآمن الكريم.
وأكد أهمية الاجتماع في ظل الظروف التي تمر به منطقتنا والتي تُمثل تحديًا هائلًا أمام خطاب حقوق الإنسان ذلك أن أول هذه الحقوق يتعلق بالحياة ذاتها، حق الإنسان في أن يُحافظ على حياته، آمنًا من الخوف والتهديد.
وقال “لقد شهدت الفترة الماضية تصاعدًا غير مسبوق لحالات الاحتراب الأهلي والإرهاب الدموي، سواء داخل الدول أو العابر للحدود.. وقد صاحبت هذه الصراعات انتهاكات -غير مسبوقة في مداها وحدتها ووحشيتها- لأبسط حقوق الإنسان في العيش الآمن”.
ونوه أبو الغيط بأن من تحمل النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات الفئات المستضعفة، من نساء وأطفال، فوجدنا جماعات الإجرام والضلال تبيع النساء في سوق النخاسة، وتُعرِّض طائفة كاملة -الطائفة الإزيدية- لما يُشبه الإبادة الجماعية وشاهدنا الأطفال يُشردون بين الملاجئ ومواطن النزوح ويقضون زهرة أعمارهم تحت رحمة القصف الجوي والبراميل المتفجرة، من دون تعليم أو رعاية صحية أو تغذية طبيعية.. وهي أبسط حقوق الطفل في هذا الزمن، ولا ننسى أن هناك اليوم ما يقرب من 3 ملايين طفل سوري خارج التعليم، ويعيش مليون منهم كلاجئين في دول الجوار.
واستنكر جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي أصبحت تتجاوز كل يوم مستويات جديدة في انتهاك حقوق الإنسان، بداية من حق الحياة وليس انتهاء بحق التعليم والسكن والوصول إلى الخدمات الأساسية، وتابع: إنه منذ أيام هُدمت مائة شقة سكنية في صور باهر بجوار جدار العزل العنصري غير القانوني جنوبي القدس، مشيرًا إلى أن جرافات الاحتلال باشرت عملها المخزي في وضح النهار وأمام كاميرات التليفزيون، لافتا إلى إن التوسع في هدم المنازل ترافقه سياسةٌ ثابتة في توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وأضاف أبو الغيط فى كلمته: “لقد صرنا الآن أمام نظامين منفصلين لحياة السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأول للمستوطنين اليهود، والثاني للفلسطينيين أصحاب الأرض، قائلًا: “إن لم يكن هذا هو الفصل العنصري، فماذا يكون نظام الفصل إذًا؟ إنها جريمة العصر، وتجد للأسف من يبرر لها، ويدافع عنها، ويقدم لها الغطاء السياسي”.
وأوضح أن الطفل الفلسطيني لا يزال الضحية الأكبر لجريمة الاحتلال، ويكفي أن نعرف أن نحو 20% من ضحايا وجرحى مسيرات العودة الباسلة هم من الأطفال.. ونسمع، مع هذا كله، من يريد أن يحرم نحو نصف مليون من الأطفال الفلسطينيين من اللاجئين من حقهم في التعليم الذي توفره لهم 700 من مدارس الأونروا ..فيحاول النيل من هذه الوكالة الدولية التي تقوم بمهمة إنسانية نبيلة عبر التضييق عليها في التمويل، والافتئات على ولايتها القانونية المنشأة بموجب قرار دولي.
من جانبه، أكد وزير حقوق الإنسان اليمني، محمد محسن عسكر، ضرورة التعامل بجدية أكبر من قبل المنظمات الدولية مع عدد من ملفات حقوق الإنسان في اليمن في مقدمتها تجنيد الأطفال وزراعة الألغام.
وقال عسكر -في كلمة له في افتتاح المؤتمر- “لقد استولى الحوثيون على السلطة في اليمن بمساعدة إيران التي تستخدمهم لفرض نفوذها في المنطقة”.
ونبه إلى أن التفريط في أمن اليمن له عواقب وخيمة على الملاحة والاستقرار والأمن الدولي والإقليمي، مشيرًا إلى أن ميلشيات الحوثي ترفض أي حلول وترف تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اجتماع السويد لأنها لا تملك أي قرار لإيقاف الحرب وتحقيق السلام لأنها تعمل وفقًا لأجندة غير وطنية.
وأشار إلى أن الحوثيين أوقفوا مصادر الإنتاج وامتنعوا عن دفع الرواتب ويقومون بنهب المساعدات والزج بالأطفال إلى معارك، ما سيؤدي إلى كارثة في البلاد، مضيفًا “نحن أمام مشهد مأساوي لجيل كامل بالبلاد”.
وأكد ضرورة الحفاظ على مبادئ حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا حقوق الإنسان الذين يعانون جراء انقلاب ميلشيات الحوثي.
ولفت إلى قيام الحوثيين تجميع للآلاف في مخيمات هذا الصيف لنشر ثقافة الكراهية والموت والطائفية، مشيرًا إلى أن زعماء الميلشيات الحوثية يريدون استمرار الحرب.
وأشار إلى أن الحكومة اليمنية حريصة على تطبيع أوضاع اليمنيين، وباشرت دفع مرتبات القطاع الصحي والعدالة، ولكن كلما حققت الحكومة أوضاعًا جيدة لصالح المواطنين قام الحوثيون بممارسة مضادة، مشيرًا إلى أن الميلشيات الحوثية اعتقلت الموظفين وصادرت الجوازات الصادرة من الحكومة الشرعية.
وشدد على أن إطالة الحرب لا تخدم سوى تجار الحروب، داعيًا إلى الضغط من أجل تنفيذ الحل السياسي في اليمن، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية من أجل خروج اليمن من دوامة الحرب.
من جانبه، أكد فرانشيسكو موتا، رئيس فرع آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ضرورة حماية المدنيين من آثار النزاعات، واحترام مبادئ قانون الدولي.
وقال إنه على الدول تدريب جنودها على هذه القواعد ومعاقبة الانتهاكات، وخاصة الجرائم، مشيرًا إلى أنه في حال الاحتلال يكون الضحايا في الأغلب من المدنيين، مشددا على أنه من الضروري خلال النزاعات أن يتم التركيز على حماية الفئات الأضعف مثل النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، لافتا إلى أنه خلال النزاعات يكون الوصول للإمدادات والخدمات الطبية والعدالة أمرًا صعبًا، ويحدث تدفق واسع للاجئين.
وقال: قطاع غزة يمثل حالة إنسانية خطيرة في ظل الحصار، إذ أن موارد المياه المحدودة وهناك صعوبات في إمكانية الوصول للخدمات مثل المياه والصحة والتعليم العالي، منوهًا إلى ممارسات الاحتلال في باقي المناطق الفلسطينية المحتلة لاسيما الأطفال والنساء.