مركز الدراسات
لن يكون كترامب، ودبلوماسيته ربما تفاجئ الجميع.. كيف سيتعامل جونسون مع أزمة إيران؟
بعد دقائق من إعلان تنصيب ابنه زعيماً لحزب المحافظين، اتخذ ستانلي جونسون قراراً مريباً للظهور على محطّة Press TV، التي تعد ذراعاً إعلامياً للتلفزيون الحكومي الإيراني. وقال جونسون الأب إنه سيكون «من السهل للغاية» حل الخلاف مع بريطانيا، مشيراً إلى أن كل جانب يحتاج ببساطة إلى الإفراج عن ناقلة النفط التي احتجزها من الجانب الآخر. في الواقع، المهمة الواقعة على عاتق رئيس الوزراء البريطاني الجديد ليست بهذه البساطة، وتبدأ باختيار قاسٍ.
فهل يواصل بوريس جونسون سياسة سالفته المتمثلة في التمسك بالبقاء على مقربة من الحلفاء الأوروبيين أملاً في أن تخفف العلاقات الدبلوماسية حدّه الخلاف مع إيران؟ أم أنه يتخذ موقفاً أكثر تشدداً وينضم إلى حملة «الضغط الأقصى» الذي شنّها دونالد ترامب ضد الجمهورية الإسلامية؟
ماذا سيختار جونسون؟
تقول صحيفة Telegraph البريطانية، كل الدلائل تشير إلى أن جونسون يفضل شخصياً اتباع نهج أكثر سلاسة تجاه إيران.
أثناء تقلّده منصب وزير الخارجية، دافع بوريس جونسون عن الاتفاق النووي الإيراني حتى في الوقت الذي عارضه فيه ترامب. وقد زار طهران في عام 2017 خلال رحلة دبلوماسية تخللتها الكلمات الليّنة ولكنّها لم تحقق سوى القليل من النتائج الملموسة.
وفي عام 2006، اقترح جونسون أنه قد يكون من المنطقي السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وهي فكرة من المحتمل أن تثير غضب الرئيس الأمريكي إذا تجددت على مسامعه.
وفي الآونة الأخيرة، قال بوريس إن الحرب مع إيران لم تكن «خياراً معقولاً بالنسبة لنا في الغرب».
هل يواجه معارضة داخلية لموقفه من إيران؟
يفضل دبلوماسيو بريطانيا ومسؤولوها المعنيون بالأمن القومي النهج الأكثر صرامة الذي تتسم به السياسة الحالية، وهو ما يعني أن أي قرار بتغيير المسار سيلقى معارضة بيروقراطية على الأرجح.
يشكك دومينيك راب، وزير الخارجية الجديد في حكومة جونسون، في ما يصفه بالمغامرات العسكرية «المتغطرسة» في الشرق الأوسط، وحذر من أن بريطانيا يجب أن تقبل محدودية قدرتها على استخدام القوة في الخارج.
قال راب في عام 2013، إبان معارضته للتدخل العسكري في سوريا، إن «الاختبار الحقيقي لبريطانيا هو أن تقبل حقيقة دورها الأكثر اعتدالاً حتى لو كانت تكرهها».
المسار الدبلوماسي هو الخيار الأرجح ولكن
هذا كلّه يشير إلى أن رئيس الوزراء الجديد قد يتمسك على الأرجح بالمسار الدبلوماسي، ويظل على مقربة من فرنسا وألمانيا والمؤيدين الأوروبيين الآخرين لاتّفاق إيران النووي. ومع ذلك، فإن ما تقضيه الجاذبية السياسية الكبرى قد يدفعه في اتجاه آخر.
تتمثل الأولوية القصوى لجونسون في الخروج من الاتحاد الأوروبي ثم التوقيع على اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة. ومع ابتعاد بريطانيا اقتصادياً عن أوروبا واتّجاهها نحو أمريكا، قد يشعر رئيس الوزراء بأنه يتعين عليه التحرك بالطريقة نفسها على الصعيد السياسي.
ومن الممكن أن تتخيل جونسون وهو يغير سياسة بريطانيا في الشرق الأوسط لتكون أكثر صرامة لأنه يعتقد أن ذلك سيساعد في كسب الدعم الأمريكي الذي يأمل في بنائه تجاه بريطانيا في الفترة اللاحقة لخروج بلاده من الاتحاد الأوروبي.
وثمة قلق عميق في إيران من أن هذا هو الطريق الذي سيختاره جونسون في نهاية المطاف، وتركز وسائل الإعلام الإيرانية على ترقّي منصب جونسون، الذي تظهره حالياً كرئيس وزراء ضعيف يخضع لأهواء ترامب.
فمثلاً، أظهر رسم كاريكاتوري على الصفحة الأولى من صحيفة Javan الإيرانية المتشددة ترامب وجونسون بشعرهما الأشقر متشابكاً، وكان العنوان: «قرين ترامب في لندن».
ترامب غير مضمون بالنسبة للندن
فشلت السياسة التي ورثها جونسون عن تيريزا ماي وجيريمي هانت حتى الآن في استعادة ناقلة النفط «ستينا إمبيرو» بعد الاستيلاء عليها الأسبوع الماضي، ويبدو أن المسؤولين الإيرانيين يستمتعون بوضع أيديهم على ناقلة النفط وإذلال المملكة المتحدة.
لكن حتى إذا تقارب جونسون مع الولايات المتحدة، عن طريق إعادة فرض العقوبات على إيران بسبب خرقها للاتفاق النووي ومن خلال الانضمام إلى مهمة بحرية تقودها الولايات المتحدة في الخليج، فليس هناك ما يضمن مساعدة الولايات المتحدة في الأزمة الحالية.
أوضحت إدارة ترامب حتى الآن أنها غير مهتمة بالتدخل في مصير ناقلة النفط البريطانية. وقال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، في تصريح أدلى به هذا الأسبوع: «المسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق المملكة المتحدة في ما يتعلّق بحراسة سفنها».
تختم صحيفة Telegraph البريطانية القول بإن المواجهة مع إيران، شأنها شأن العديد من القضايا الأخرى التي تنتظر جونسون، ليس لها إجابات سريعة وسهلة.
المصدر: وكالات أنباء