مركز الدراسات
إنتحر ام قتل ام هرِّب؟ – الإعلان عن موت چيفري أپستين – عايدة عوض
الإعلان عن موت چيفري أپستين رجل الأعمال والمتهم في دعارة الاطفال. بعض الاخبار تقول وجدوه ميت في زنزانته واخبار اخري تقول انه نقل للمستشفى من الاحتجاز وهو في حالة توقف للقلب cardiac arrest وآخرين يقولوا انه انتحر وآخرين يشككون في كل هذا.
موته كان من المنتظر منذ فتره لانه بدأ يساوم المحققين لتخفيف الحكم عليه مقابل معلومات يعطيها لهم عن ناس من علية القوم متورطين في فضائح جنسية. ودائماً كان هناك شك ان مصدر ثروته الطائله كان من أبتزاز هؤلاء. ولكن لو كان الموضوع يقتصر على ذلك لما كان وضع نفسه في الخطر الذي قضى عليه في النهايه. لكن الموضوع اخطر وأعمق من ذلك لانه متورط مع عدة مؤسسات مخابراتية في عدة دول.
كونه متورط مع المخابرات المركزيه الامريكيه فهذا قد يكون طبيعي لان نوعية عمله وضعته حيث يمكنه مقابلة عليا القوم في العالم وليس في امريكا فقط، ولكن ان يكون متورطاً مع مؤسسات مخابراتية اجنبيه ايضاً فهذا هو المستغرب وهنا مكمن الخطر.
من المعروف ان چيزلين ماكسويل ابنة روبرت ماكسويل صاحب عدد كبير من الصحف المعرفه والميليونير اليهودي الذي كان يعمل مع الموساد، كانت هي من جندت أپستين للعمل مع الموساد وكانت هي حلقة الوصل معه. وكلما قامت الشرطة بالبحث الأعمق في أعمال إپستين كلما تكشف اكثر مدي تدخل الموساد في كل العمليات التي كان متورط فيها. واكتشاف جواز سفر بأسم اخر لكن بصوره أپستين من النمسا وبه إقامه في السعوديه يعطي فكره بسيطه عن مدى تشعب أعمال هذا الرجل الذي حتى الان لا يعرفوا كيف حصل على كل أمواله الطائله بالرغم من الشكوك في مصادرها.
التصفية الجسدية لاي شخص يصبح عبئ على اي جهاز للمخابرات هو الحل الأمثل ، ويبدو انه كان قد بدأ يهدد هذه الأجهزة بالبوح ببعض الأسرار لو لم يضغطوا بالقدر الكافي لإخراجه من السجن كما فعلوا في المره السابقة. ولكن هذه المره كانت مختلفه لان من يحاكموه ليسوا متورطين في اي فضائح ممسوكه عليهم ، ولذا يصعب الضغط عليهم ليرضخوا لطلبات تخفيف العقوبة كما حدث مسبقاً. وفي مثل هذه الحالات فالحل الأمثل هو التصفية الجسدية لمن فقد نفعه للجهاز وقد أصبح مصدر خطر بالمعلومات التي لديه.
لو هناك إراده حقيقية للوصول الى قلب القضية فموت أپستين لن يؤثر على سير التحقيقات، ولكن لو عدد المتورطين فيها كثيرين ومناصبهم الحاليه هامة وحساسة فممكن ان تغلق القضية الى الأبد ولو حدث ذلك سيكون أنعكاس مشين على امريكا برمتها.
توقيت موته ايضاً مهم لانه للتو كان قد حكم برفع الحظر على احد اهم الملفات في القضية والذي به اسماء الكثير من المتورطين في عمليات إپستين المشينة والذي من ضمنهم الأمير أندرو الإبن الثاني للملكة إليزابيث ملكة بريطانيا.
حتى موت أپستين به لغز لانه منذ أواخر الشهر الماضي عندما وجد على ارض زنزانته وعلامات حول رقبته تشير إما لمحاولة قتل او انتحار، وهو موضوع تحت الرقابة خوفاً من ان ينتحر suicide watch. والسؤال هنا كيف تمكن إپستين من الانتحار وهو تحت رقابه مستمره بكاميرات في زنزانته التي لا يطفأ فيها الامور ابداً ، خصيصاً لمنعه من الانتحار؟ من الواضح انه لو اغتيل فكان ذلك اكيد مسجل على شرائط الكاميرات واكيد بعلم وتسهيل من حرس السجن واكيد بناء على تعليمات من جهات مسؤلة. او انه اغتيل جراء عملية رشوة كبيرة جداً لتسهيل عملية الاغتيال التي تبدو انها إما انتحار او من ازمه صحية طبيعية. وهناك تكهن ثالث وهو انه هرب من السجن وغالباً يوجد الان في إسرائيل.
لكن كل ما قيل هو انه نقل من الحجز الى المستشفى حيث وجدوا ان قلبه قد توقف!
اكبر فضيحة في الموضوع هي ان عند سماع الخبر لم يبدي اي شخص اي اندهاش لانه كان متوقع، وهذا وحده أدانة قوية لنوع “العدالة” الممارسة في امريكا.
كان إپستين رجل عديم الأخلاق، رجل فاسد ومفسد، لكنه يبدو انه كان لديه كاريزما عالية وشيء من الذكاء الذي مكنه ان يعيش في بذخ ويتعارف على علية القوم العالميين ويطلق العنان لكل شهواته وشهواتهم المريضة ولا يحاسب على اي من جرائمه لحماية هؤلاء له لانه يوفر لهم إشباع شهواتهم ويبتزهم في نفس الوقت. ولكن الظروف تغيرت وبدأ الخناق يضيق عليه لان الفضائح بدأت رائحتها تفوح بقوة وكانت مجلة الهيرالد في فلوريدا وراء ذلك ، وهذا مثال اصبح نادراً للعمل الصحفي الشريف في وسط الاعلام المؤسسي الذي يخضع لسيطرة الأجهزة المخابراتيه ووجهة نظر النخبة التي تملي عليه الاخبار، فقبض عليه ووجهت له عدة اتهامات جديده يصعب التنصل منها. ولم يكتمل الشهر على القبض عليه واحتجازه من قبل الشرطه وإذا به يموت – او هاكذا أعلن – في ظروف غامضه.
لا اسف على موت رجل افسد في الارض وترك الكثير من الضحايا ولكن المؤسف في الموضوع انه ذهب الى قبره ومعه الكثير من المعلومات التي كانت قادرة على كشف باقى المجرمين وتنظيف مستنقع النخبة العالمية. والان منظومة القضاء الامريكية برمتها على المحك وسيكون تصرفها في التعامل مع هذه القضيه هو الحكم الفيصل عليها. لو استكملت القضيةالى نهايتها وعوقب كل من تورط فيها سيظهر القضاء في امريكا في احسن صوره، ولكن – وكما هو متوقع من جهات عديده – ستغلق القضية بحجة موت إپستين المتهم الاول، فهذا سيؤدي لإدانة عالمية لافتقار امريكا لأي نوع من الأخلاق او العدالة.
ولكن العالم اليوم احسن حالاً للتخلص من احد اكبر المفسدين وذهابه حيث يلقى الحكم العادل على جرائمه. وفي إمتظار تطبيق العدالة الأرضية على باقي المذنبين معه.
وعلى الباغي تدور الدوائر.
ملحوظة: سأنشر المقال الذي كان مقرراً للنشر اليوم تباعاً في الغد إن لم يجدّ جديد
لإخطار شخصي برابط المقال اتبع حسابي على تويتر
https://twitter.com.AidaAwad/
وستجد المقال على الموقع الإلكتروني
aidaawad.wordpress.com
وعلي عربفيس
https://arabface.online/
Aida Awad