أخبار من أمريكا
وعدهم وخذلهم.. كيف يمكن للبحرية الأمريكية إفساد فرص ترامب في الفوز بانتخابات 2020؟
كانت ولايات ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن من الولايات التي انقلبت من دعم باراك أوباما عام 2012 إلى التصويت لدونالد ترامب عام 2016، وكانت من الولايات المهمة التي أوصلته إلى البيت الأبيض. تبدو انتخابات عام 2020 أشبه ما تكون بسباق بين ثلاث ولايات مرةً أخرى، حيث تلعب الولايات الثلاث مرةً أخرى دوراً حاسماً.
من غير المرجح أن تكون ولايتا فلوريدا وأوهايو لاعبتين فاعلتين على الساحة؛ إذ إن نتائج الانتخابات النصفية لعام 2018 بيّنت ميلهما الواضح للحزب الجمهوري. كما أن آمال الديمقراطيين بتغيير مسار ولايتي تكساس وأريزونا يقع في نفس فئة محاولة الجمهوريين تحويل ولاء ولايتي نيوهامشير أو كولورادو: وهو أمرٌ محتمل الحدوث ولكن بعيد الاحتمال.
وفيما يتصل بتوقيت الدفاع عن الجدار الأحمر الممتد بطول البحيرات العظمى، فإن الرئيس ترامب يسعى إلى مواجهة تبعات قيادته لإخفاق البنتاغون في تنفيذ خطة البحرية التي تتكون من 355 سفينة، التي طالما وعد بها، كما تقول صحيفةThe Washington Post الأمريكية.
يصنع عمال بنسلفانيا الكثير من العناصر الأساسية التي تصعد على متن السفن، بما في ذلك الأعمدة المصنعة في مدينة إيري، وأنظمة التبريد المصنوعة في مدينة يورك. وفي كل مرة تمنح البحرية فيها عقداً لإنشاء سفينة جديدة، ينبغي أن نجد الرئيس أو نائبه في أحد تلك المنشآت يتحدث عن الوظائف التي ستوفرها تلك العقود. غير أن البحرية لم تصدر أي عقد حتى الآن؛ وبالتالي لا يمكن للرئيس أن يُعلن ذلك في أي سياق.
كان من الممكن أن تكبر البحرية الأمريكية -ولا يزال هذا الخيار قائماً- في فيلادلفيا. ولمد عمر الأسطول الحالي، تقول «نيويورك تايمز» نقلاً عن شخص مطلع على التخطيط أن البحرية يجب أن تقوم بما يقرب من 100 عملية رسو سفن في العقد القادم وهو ما يفوق القدرة الاستيعابية لمساحة الرسو الحالية. تمتلك شركة Philly Shipyard القدرة على بناء مراسٍ جافة عائمة للتعويض عن هذا النقص. فلماذا لا يعلن ترامب خطة لتوسعة البنية التحتية للبحرية أثناء وقوفه في Philly Shipyard؟
ترامب بحاجة لمعجزة
تستفيد Philly Shipyard من بناء سفن البحرية بطريقين: أولهما أن هناك حوضاً لبناء السفن في مارينيت بالولايات المتحدة وتخلق وظائف في كل من ويسكونسون وشبه جزيرة ميشيغان العليا. وتشارك مجموعة Fincantieri Marine Group في تقديم العروض على برنامج فرقاطة الصواريخ الموجهة البالغ عددها 20 سفينة، غير أن السياسة لا يمكن أن تسرق الأولوية من تصميم السفن، وبالتالي لم يُمنح لها العقد للرسو على جانب البحيرة في ويسكونسن. أقل ما يمكن أن يفعله ترامب هو أن تسرّع وتيرة مسابقة التصميم التي تسير بوتيرة بطيئة إلى حدٍّ مزرٍ.
تلتزم مجموعة Fincantieri Marinette Marine بالفعل بعقد لبناء أربع سفن مقاتلة للسعودية. وبالتالي فإن المزيد من العمل سيتم إرساله في طريق ويسكونسون إذا تمكنت إدارة ترامب من إقناع السعوديين بزيادة الطلب أو بإدخال المزيد من الدول، مثل إسرائيل، في الاتفاق.
تقول «نيويورك تايمز» إن الأمر المذهل هو أن ولاية ميشيغان تقع في ذيل قائمة الولايات عند حساب الإنفاق على الدفاع في صورة نسبة من إجمالي الناتج المحلي للولاية، إذ تحتل المرتبة السابعة والأربعين من الخمسين في السنة المالية لعام 2017 فيما كان يُعرف بترسانة الديمقراطية. بلغ إنفاق الرئيس على الدفاع في ولاية ميشيغان في ذلك العام ما يقرب من 386 دولاراً مقارنة بـ 1554 دولاراً في ولاية أوكلاهوما.
حين قررت القوات الدولية عام 2017 ألا تضع حاملة المقاتلات F-35A في قاعدة الحرس الوطني في سيلفريدج بولاية ميشيغان، أضاعت فرصة لاتباع طريقة سهلة للوصول إلى شيء من العدالة في توزيع دولارات قطاع الدفاع في الولايات. وكان بوسع ترامب أو يوجه البنتاغون بالرجوع عن قراره.
حالة من الاحتقان ضد ترامب
تدعو خطط البحرية الأمريكية لإنشاء سفينة سطحية كبيرة غير مأهولة إلى إنشاء سفينة يمكن بناؤها في منشأة تقع في البحيرات العظمى؛ وربما يكون من المنطقي أن تستهدف الخطة أن تكون المنشأة بالقرب من ديترويت، فقط إذا كان ذلك من قبيل إنصاف ولاية تخضع للتجاهل بشكل عام في عهد إعادة البناء العسكري الذي بدأه ترامب. وبالأخذ في الاعتبار الحاجة طويلة الأجل للعديد من تلك السفن في المستقبل، يمكن أن يتم زرع منشأة جديدة وإنماؤها على امتداد البرنامج. ربما تجد ولاية أوهايو غضاضة في بيان ذلك، غير أن إقامة القاعدة في مكان ما على امتداد ساحل ميشيغان، بالقرب من أوهايو سيكون أمراً منصفاً.
وينبغي ألا يكون التركيز المنصبّ على ولايات ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن محدوداً على وزارة الدفاع وحدها. إذ مؤخراً دفع السيناتور كوري غاردنر بنجاح في سبيل نقل مكتب وزارة الداخلية لإدارة الأراضي بحيث يقع في غراند جنكشن في ولاية كولورادو، في خطوة ذكية لتقريب المسافة بين مسؤولي الحكومة والمواطنين الذين يحكمونهم، والذين يفترض أنهم يخدمونهم. وكذلك فإن نقل أجزاء كبيرة من وكالة حماية البيئة إلى فلينت بولاية ميشيغان، أو في مواقع قريبة، يمكن أن يوصِّل الرسالة نفسها.
لدى ترامب فرصة لتخفيف حالة الاحتقان في هذا الصدد مع جعل الهيئات الحكومية أكثر قرباً من الناس في بلدٍ مترامي الأطراف كالولايات المتحدة. ولكن عليه أن يتصرف بسرعة.
وأخيراً، فإن ما ينبغي فعلاً أن يحزَّ في نفس قائد الجيش الأمريكية هو إخفاق البحرية الأمريكية بشكل كامل في تقديم حتى ولو خطة هزيلة لتحقيق وعود الرئيس بإنشاء بحرية تتكون من 355 سفينة. سيتم قريباً تعيين قائد جديد للقوات البحرية. ولا بد أن الرئيس الجديد سيجد في انتظاره على مكتبه نسخاً من خطابات وعد فيها وزاد في الوعد بإنشاء بحرية تتألف من 355 سفينة، بالإضافة إلى شعار شهير اعتاد ونستون تشرشل ترديده مرسوماً بقلم ترامب الحبر باهظ الثمن الذي اعتاد استخدامه «يُعمل به اليوم»!