بعد ساعات من إعلان الصين فرض رسوم انتقامية على البضائع اﻷمريكية يوم الجمعة الماضية، طالب الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب، الشركات اﻷمريكية بالبحث عن بدائل للصين، بما فى ذلك إعادة الشركات إلى الوطن اﻷم وصنع المنتجات فى الولايات المتحدة.
قالت وكالة أنباء رويترز، إن المخاطر أصبحت كبيرة، إذ أوضحت بيانات معهد روديوم للأبحاث أن الشركات اﻷمريكية استثمرت ما مجموعه 256 مليار دولار في الصين بين عامى 1990 و2017، مقارنة بـ 140 مليار دولار استثمرتها الشركات الصينية فى الولايات المتحدة.
وأوضحت أن بعض الشركات الأمريكية كانت تعمل على نقل عملياتها خارج الصين حتى قبل بدء الحرب التجارية قبل أكثر من عام، ولكن إنهاء العمليات تدريجيا وتحويل الإنتاج إلى خارج الصين سيستغرق بعض الوقت بالتأكيد، بالإضافة إلى ذلك، من المؤكد أن العديد من الشركات الأمريكية، منها تلك العاملة فى قطاعات الطيران والخدمات وتجارة التجزئة، تحرص على مقاومة الضغوط المفروضة لمغادرة سوق ليس كبيراً فحسب، بل آخذ فى النمو أيضاً.
وعكس الصين، لا تمتلك الولايات المتحدة اقتصاداً مخطط مركزياً، لذا فما هو الإجراء القانونى الذى يمكن لترامب اتخاذه لإجبار الشركات اﻷمريكية على تنفيذ أوامره؟
قالت رويترز، إن ترامب يمتلك عددا من الأدوات القوية التى لا تحتاج إلى موافقة الكونجرس الأمريكى، وهى كالآتى:
مزيد من التعريفات الجمركية
يمكن أن يعزز ترامب ما يقوم به بالفعل حالياً، فهو بإمكانه رفع التعريفات الجمركية للضغط على أرباح الشركات بشكل يكفى لجعلها تتجه للعمل خارج الصين.
وكان ترامب، أعلن يوم الجمعة الماضية، فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 5%، بجانب التعريفات البالغة 25% القائمة بالفعل، على نحو 250 مليار دولار من الواردات الصينية، بما فى ذلك المواد الخام والآلات والسلع مكتملة الصنع، لتدخل التعريفات الجديدة البالغة 30% حيز التنفيذ بداية من 1 أكتوبر المقبل.
وأضاف أن الرسوم الجمركية المقررة بنسبة 10% على ما قيمته 300 مليار دولار من السلع الاستهلاكية الصينية الصنع، ستزداد إلى 15%، لتدخل تلك التدابير حيز التنفيذ في بداية سبتمبر ومنتصف ديسمبر المقبل، وبالإضافة إلى زيادة تكلفة شراء المكونات من الموردين الصينيين، تعمل زيادة التعريفات الجمركية على معاقبة الشركات الأمريكية التى تصنع السلع عبر المشاريع المشتركة فى الصين.
الطوارئ الوطنية
يمكن أن يلجأ ترامب لمعاملة الصين مثل إيران، ويصدر أوامر بفرض عقوبات، قد تتضمن إعلان حالة طوارئ وطنية بموجب قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولى الصادر فى عام 1977.
وقال مسئولون فيدراليون سابقون وخبراء قانونيون، إنه بمجرد إعلان حالة الطوارئ، يمنح القانون ترامب، سلطة واسعة لمنع أنشطة الشركات الفردية أو حتى القطاعات الاقتصادية بأكملها.
على سبيل المثال يمكن أن يأمر ترامب، الشركات اﻷمريكية بتجنب بعض المعاملات، مثل شراء المنتجات التكنولوجية الصينية، فى ظل التصريحات التي تفيد بأن سرقة الصين للملكية الفكرية الخاصة بالشركات الأمريكية تشكل حالة طوارئ وطنية، وفقاً لما قاله تيم ماير، مدير برنامج الدراسات القانونية الدولية فى كلية الحقوق التابعة لجامعة فاندربيلت اﻷمريكية.
وفى الوقت نفسه، قال بيتر هاريل، المسئول السابق عن العقوبات في وزارة الخارجية اﻷمريكية، إن استخدام هذا الإجراء قد يحدث ضرراً غير مقصود على الاقتصاد الأمريكى، لذا سيحتاج المسؤولون الأمريكيون إلى تقييم اﻷثر المحتمل لهذا الإجراء على الشركات الأمريكية.
فرض قيود
قال كبير المستشارين فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بيل رينش، إن الخيار الآخر الذى لا يحتاج تدخل الكونجرس يتمثل فى حظر الشركات الأمريكية من التنافس على العقود الفيدرالية، حال كان لديها أى عمليات فى الصين.
وربما يستهدف هذا الإجراء بالتحديد بعض القطاعات، خصوصاً أن عقود الشراء المفتوحة تمس شركات مثل “بوينج” التى تعتبر صانع أسلحة رئيسى لدى البنتاغون وأكبر مصدر للولايات المتحدة، فقد افتتحت الشركة اﻷمريكية أول مصنع للطائرة “بوينج 737” فى الصين فى ديسمبر الماضى وهو استثمار استراتيجى تهدف من خلاله التقدم فى المبيعات على منافستها الأوروبية “إيرباص”.
وتعمل شركتا “بوينج” و”إيرباص” على توسيع وجودهما فى الصين، وتتنافسان على تلبية طلبات سوق الطيران سريع النمو فى البلاد، الذى يتوقع تفوقه على الولايات المتحدة ليصبح أكبر سوق فى العالم خلال العقد القادم.
قانون التجارة مع العدو 1917
هناك إجراء أكثر حدة يمكن أن تتبعها إدارة ترامب، وهو اللجوء إلى قانون التجارة مع العدو، الذى أقره الكونجرس خلال الحرب العالمية الأولى، ويسمح هذا القانون للرئيس الأمريكى بتنظيم الشئون التجارية مع البلد الذى تخوض معه الولايات المتحدة حرباً.
ويعتقد مارك وو، أستاذ التجارة الدولية في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، عدم احتمالية استخدام ترامب هذا القانون، خصوصاً أنه سيزيد من حدة التوترات مع الصين، موضحاً أن إعلان الصين كعدو تواجهه الولايات المتحدة فى الحرب ستكون خطوة خطيرة للغاية، بالنظر إلى أن ترامب كان يسلط الضوء أحياناً على صداقته واحترامه للرئيس الصينى شى جين بينغ.