مركز الدراسات
قصة قتل البغدادي التي رواها ترامب باستعراض.. كثير من الأكاذيب قليل من الحقائق …
كشف إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي عن كثير من جوانب شخصية ساكن البيت الأبيض وجعلته كالعادة محط الانتقاد في لحظة كان يفترض أن تمثل نصراً هاماً بالنسبة لرئاسته، فأصبح التركيز أكثر على «الأكاذيب» التي رددها ترامب إضافة لمقارنته مع سلفه باراك أوباما الذي أصدر إعلاناً مشابهاً، فما هي القصة؟
رئيس يدمر أهم لحظاته
موقع فوكس الأمريكي نشر مادة شارحة حول القصة بعنوان «مؤتمر ترامب لإعلان مقتل البغدادي يبرز كيف أنه (الرئيس) يدمر حتى أفضل لحظاته»، ركز فيه على ما قاله ترامب خلال المؤتمر الصحفي الذي استغرق أكثر من 50 دقيقة، فيما كان يفترض ألا يزيد عن 9 دقائق هي وقت قراءة الكلمة المكتوبة، لكنه اختار أن يجيب على أسئلة الصحفيين.
دخل ترامب إلى قاعة الصحافة في البيت الأبيض صباح أمس الأحد 27 أكتوبر/تشرين الأول للإعلان عن مقتل أبوبكر البغدادي خلال عملية عسكرية أمريكية فيما كان يفترض أن تكون لحظة انتصار للبلاد وإضافة هامة لإرث الرئيس، لكنه بدلاً من أن يكتفي بالإعلان عن وفاة الخليفة المزعوم، اختار ترامب أن يجيب عن أسئلة الصحفيين لنحو أربعين دقيقة محولاً الحدث الهام إلى مؤتمر صحفي عاصف.
ترامب قال إن إدارة أوباما لم تستمع لنصيحته بشأن بن لادن!
قال ترامب أنه كان يدرك الخطر الذي يمثله زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامه بن لادن قبل أي شخص آخر، ورصد الموقع النص الكامل لما قاله ترامب بحسب النص الرسمي الصادر عن البيت الأبيض:
«لو أنكم قرأتم كتابي.. كان هناك كتاب ألفته قبل انهيار برج التجارة العالمي ولا أحد يشكرني على ذلك ولكن لا بأس، لا أحد يشكرني أصلاً! لكن أنا ألفت كتاباً – كتاباً ناجحاً جداً في الواقع وقبل عام تقريباً من تفجير مركز التجارة العالمي، قلت فيه: ‘هناك شخص يدعى أسامه بن لادن، الأفضل أن تقتلوه أو تقضوا عليه‘ شيء من هذا القبيل، إنه يمثل مشكلة كبيرة».
«لم يستمع إلي أحد. الجميع كانوا يعرفون البغدادي وسمعوا عنه لأنه كان وحشاً لفترة طويلة، لكن لم يكن أحد قد سمع أبداً عن أسامه بن لادن حتى تدمير مركز التجارة العالمي. ولكن قبل عام أو حتى عام ونصف -عليكم بالتحقق- تم نشر كتابي وكنت أتحدث عن أسامة بن لادن وقلت لابد من قتله ولكن لم يستمع أحد إلي».
هذا ما قاله ترامب، لكن ما هي الحقيقة؟
أولاً: ترامب لم يقل أبداً أنه على الولايات المتحدة أن تقتل بن لادن. صحيح أنه جاء على ذكر زعيم القاعدة في كتابه «أمريكا التي نستحقها»، لكن ترامب لم يقل أبداً أنه على الولايات المتحدة أو أي طرف آخر أن يقتل بن لادن، لكنه كغيره ذكره في بعض المناطق التي يمثل فيها خطراً على الأمن القومي الأمريكي في ذلك الوقت.
والأكثر من هذا أن ترامب ألمح أن أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 ما كانت لتقع لو أن الإدارة الأمريكية استمعت لنصيحته المزعومة بقتل بن لادن وهذا أمر غير محسوم لأن الأحداث كان يمكن أن تقع حتى في غياب قيادة بن لادن.
ثانياً: كانت الناس قد سمعت عن بن لادن قبل عام 2000 بفترة طويلة، وكان على رأس قائمة المطلوبين بعد تفجير سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998 والتي قتل فيها 224 شخصاً، بل إن السي آي إيه كان بها قسم خاص مكرس بالكلية لبن لادن فقط وذلك منذ منتصف التسعينيات.
الحقيقة إذن هي أن ترامب ليس «خبيراً في مكافحة الإرهاب»، بل هو مجرد رئيس وافق على مهمة عسكرية ناجحة للقضاء على أحد أخطر الإرهابيين في العالم ولا أحد يمكنه أن ينكر ذلك.
ترامب قال إن حظر سفر المسلمين إلى أمريكا يقلل مخاطر الإرهاب
قال ترامب إن الولايات المتحدة أصبحت أكثر حصانة وأمناً من أي هجمات قد تشنها داعش لأن الخلافة المزعومة في سوريا والعراق لم يعد لها وجود وأن زعيمها تم قتله، لكنه ادعى أيضاً أن مقاتلي داعش سيواجهون صعوبات كبيرة في أي محاولة لإلحاق الأذى بالأمريكيين بسبب قراره المثير للجدل بفرض حظر السفر الذي أقره في العام الأول من رئاسته.
قرار حظر السفر شمل مواطني 6 دول منها 5 دول إسلامية هي سوريا واليمن والصومال وليبيا وإيران، إضافة لكوريا الشمالية، وقد أثار القرار معارضة ضخمة من منظمات حقوق الإنسان وخبراء القانون على اعتبار أنه استهداف للمسلمين، ولكن المحكمة العليا في أمريكا صادقت على القرار في يونيو/حزيران 2018.
«إننا على بعد 8 آلاف ميل، والآن يمكن أن يأتي الناس إلى هنا لكننا قمنا بعمل جيد جداً من خلال وزارة الأمن الوطني وحظر السفر وهو بالمناسبة قرار تمت الموافقة عليه من المحكمة الدستورية العليا. لدينا حظر فعال للغاية ومن الصعب جداً أن يأتي الناس إلى بلدنا».
لكن هل هذا حقيقي؟
الحقيقة أنه لم يقم أي مواطن من مواطني الدول التي استهدفها قرار حظر السفر بارتكاب أي عمل إرهابي على الأراضي الأمريكية من الأساس، وعلى إدارة ترامب أن تقدم دليلاً على أن مواطني تلك الدول بالتحديد يمثلون تهديداً على أمن الولايات المتحدة داخل أراضيها حتى تثبت أن ما يقوله الرئيس صحيح.
الأهم هنا هو أن احتمالات قيام إرهابي مهاجر من أي نوع كان، والحديث هنا ليس فقط عن مهاجر مسلم، بقتل مواطن أمريكي تقل عن واحد في 3.6 مليون احتمال، بحسب دراسات وأبحاث أجريت وقت إصدار ترامب لحظر السفر المثير للجدل.
كشف تفاصيل ربما تفيد الإرهابيين؟
النقطة الأخرى التي ركزت عليها وسائل الإعلام الأمريكية تمثلت في الكم الكبير من التفاصيل بشأن العملية نفسها والتحضير لها، في تصرف وصفه كثير من الخبراء الأمنيين والعسكريين «بالضار وغير المحسوب».
«ذكر عدد الطائرات ومن أين تحركت وكيف تم اختراق مبنى والتكنولوجيا التي استخدموها ومعرفتهم بالأنفاق وخرائط تلك الأنفاق، كلها تفاصيل تنظيمية وتحضيرية للعملية،» بحسب ما قاله مايكل لايتر الذي كان قائداً لمركز مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة من 2007 وحتى 2011 لموقع فوكس، مضيفاً «أعتقد أن الرئيس كشف عن كم كبير من المعلومات وأعتقد أنها ستفيد الإرهابيين وتصعب جداً من عمل الأجهزة الأمنية الأمريكية في المستقبل.
«ضايقني قليلاً ما قدمه الرئيس من تفاصيل»، قال مايكل موريل الذي كان قائماً بأعمال مدير المخابرات المركزية في إدارة أوباما لصحيفة واشنطن بوست، مضيفاً «لأن مثل تلك التفاصيل هي ما يلهم بعض الإرهابيين».
وكالات الأنباء