أخبار العالم
ماذا تعني زيارة بوتين لسوريا بعد أيام من مقتل قاسم سليماني؟ روسيا أكثر المستفيدين من الأزمة القائمة
مع تأثر العالم بالتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، يبدو أن هناك قائداً واحداً غير منزعج تماماً مما يحدث في الشرق الأوسط بل على العكس ربما يكون مستفيداً. إنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وصل بوتين إلى دمشق الثلاثاء 7 يناير/كانون الثاني 2020، في ثاني زيارة له إلى سوريا منذ بدء الحرب الأهلية في البلاد منذ ما يقرب من تسع سنوات.
لماذا هذه الزيارة مهمة؟
توقيت الزيارة مهم للغاية. تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بتقييم الأضرار بعد أن أطلقت إيران سلسلة من الصواريخ على القواعد الجوية الأمريكية العراقية في وقت مبكر من صباح الأربعاء 8 يناير/كانون الثاني 2020، رداً على مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني. الأسواق في حالة تأهب ويسود عدم اليقين بشأن الوجود العسكري الأمريكي المستمر في العراق، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
لكن بوتين يمضي قدماً في أجندته الخاصة في المنطقة، حيث سافر الرئيس الروسي من مطار دمشق إلى مقر قيادة القوات الروسية حيث التقى بنظيره وحليفه بشار الأسد.
وقال أندري كورتونوف، مدير مجلس الشؤون الدولية الروسي، وهي مجموعة لها علاقات وثيقة مع الكرملين: «هذه إشارة واضحة إلى الحلفاء والمعارضين أنه عندما يقل الاستقرار ويزيد الخطر، وعندما تظهر حالة عدم اليقين، تؤكد روسيا أن وجودها في الشرق الأوسط لا يتغير، على عكس الولايات المتحدة». على عكس عدم القدرة على التنبؤ بردود فعل دونالد ترامب، يصبح الاتساق الروسي مفيداً».
لم يكن التدخل العسكري لروسيا في عام 2015، في الصراع السوري هو المفتاح الوحيد لإنقاذ نظام الأسد، بل بشر بوصول صانع قرار سياسي جديد إلى منطقة متقلبة ومزدحمة بالفعل. يذكر أن الزيارة جرى التخطيط لها قبل اجتماع الأربعاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو زعيم آخر دخل المعركة مع توغله في ليبيا.
التقارب الروسي التركي
يذكر أن تركيا هي عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن بوتين تقرب إليها وحقق نجاحاً متزايداً في السنوات الأخيرة حيث يتجه أردوغان رويداً رويداً بعيداً عن حلفاء بلاده التاريخيين في أوروبا والولايات المتحدة.
ونظراً لأن الأحداث في إيران تحتكر الاهتمام العالمي، فثمة مخاطر ألا يُلتفت إلى تطورات كبيرة في أحداث أخرى، مثل استيلاء القائد العسكري الليبي خليفة حفتر على مدينة سرت الساحلية. هذه الخطوة لها قيمة رمزية واستراتيجية لحفتر -المدعوم من روسيا- ويمكن أن تحدد مصير دولة كانت محاصرة في دائرة الحرب الأهلية منذ أطاح الحلفاء الغربيون بالدكتاتور معمر القذافي في عام 2011.
بالعودة إلى واشنطن، أرسلت الولايات المتحدة إشاراتها الخاصة بأنها لم تفقد تركيزها على بقية العالم.
بدأ وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو مؤتمراً صحفياً نادراً نسبياً أمس الثلاثاء 7 يناير/كانون الثاني 2020، ركز خلاله على حرائق الغابات في أستراليا، والمواجهة بين الصين ومحتجي هونغ كونغ، ودور إيران في أفغانستان، ومحنة الإيغور في شينجيانغ، والاضطراب السياسي في فنزويلا، وزيارة رئيس وزراء اليونان. حتى أنه كشف عن تفاصيل خطط سفر وكيل وزارة الخارجية الأمريكية إلى أوروبا.
في البيت الأبيض، التقى ترامب برئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي قال إن الولايات المتحدة يمكنها دائماً الاعتماد على بلاده باعتبارها «حليفاً موثوقاً ويحظى بتصرفات متوقعة».
لكن هذا الاجتماع أكد فقط على أن إيران ما زالت تشغل بال الرئيس ترامب.
بعد الإعلان عن الضربات الصاروخية الإيرانية، غرد ترامب قائلاً «كل شيء على ما يرام!» و»حتى الآن، جيد جداً!». في وقت سابق، وأثناء مراقبة ميتسوتاكيس لحديث ترامب، قال ترامب عن سليماني: «لقد أنقذنا الكثير من الأرواح من خلال قتله»، وأضاف ترامب أن دولاً أخرى «سعيدة للغاية» بالهجوم الأمريكي.
لم تكن روسيا واحدة من تلك الدول. ووصفت وزارة الدفاع الروسية اغتيال سليماني بأنها خطوة «قصيرة النظر» ستؤدي إلى «تصعيد حاد» للتوترات. وقالت الوزارة إن سليماني كان «قائداً عسكرياً قديراً يتمتع بسلطة مستحقة ونفوذ كبير في جميع أنحاء الشرق الأوسط».