تنطلق غدا في العاصمة الألمانية برلين، أعمال مؤتمر السلام في ليبيا الذي دعت له المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بمشاركة الأطراف الفاعلة في ليبيا وعدد كبير من قادة الدول ذات الاهتمام بهذا الملف وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي و نظيره الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بهدف إيجاد مسار جديد يضع حدا للصراع هناك، في ضوء التطورات الجديدة على الأرض، وخاصة بعد أن فشلت مباحثات موسكو بشأن تحقيق هدنة في ليبيا.
وأكدت الحكومة الفيدرالية الألمانية أن مسار برلين يمثل دعما للجهود الأممية التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة من خلالها مبعوثها الخاص لليبيا لوضع حد للصراع هناك، موضحة أن مؤتمر برلين يهدف إلي خلق مساحة للحوار بين الأطراف الدولية التي لها تأثير على طرفي النزاع من أجل وضع إطار لعملية سياسية ليبية، ومن هنا جاءت فكرة تنظيم مؤتمر عالي المستوى حول ليبيا في برلين.
وأشارت الحكومة الألمانية ـ في بيان رسمي لها ـ إلى أن مؤتمر برلين تم تنظيمه بالاتفاق بين المستشارة ميركل والسكرتير العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش، لافتة إلى أن ألمانيا بدأت إطلاق عملية المشاورات حول ليبيا في شهر سبتمبر الماضي مع غسان سلامة الممثل الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة في ليبيا، حيث إن ليبيا تقع في الجوار المباشر لأوروبا وتعاني من حرب أهلية خلفت وراءها الكثير من الضحايا إلى الآن.
وشددت الحكومة الألمانية على دعمها بدون تحفظ للجهود المبذولة من الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى سلام واستقرار دائمين في ليبيا ، واعتبرت أن هناك مسئولية تقع على عاتق المجتمع الدولي لصياغة تعهد وحيد وقوي من أجل وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية في ليبيا.
واعتبرت أن مؤتمر برلين ليس نقطة نهاية، ولكن بداية لعملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة حيث إن حل المشكلات الليبية لا يمكن أن يتم في يوم وليلة، مشددة على أن وحده الحل السياسي هو الكفيل بوضع حد للحرب الأهلية، أما الاستمرار في اللجوء إلى الوسائل العسكرية والتدخلات الخارجية لن يؤدي سوى لتفاقم الوضع.
وأعلنت الحكومة الألمانية القائمة الرسمية للمدعوين للمشاركة في مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية على مستوى رؤساء الدول والحكومات وقادة المنظمات الدولية، والتي تضمنت بعض التعديلات عن القائمة الأصلية المتمثلة في مجموعة “5+5″، وهي مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وتمثل على المستوى الرئاسي كل من روسيا وفرنسا وبريطانيا بينما يمثل الولايات المتحدة مايك بومبيو وزير الخارجية، والصين يمثلها المبعوث الشخصي للرئيس تشي جين بينج.
ويشارك في مؤتمر ألمانيا (الدولة المنظمة) إلى جانب مصر/ كل من الإمارات وإيطاليا وتركيا بالإضافة إلى الجزائر والكونغو (اللتان تمت دعوتهما في اللحظات الأخيرة) حيث يتولى الرئيس الكنغولي دنيس ساسو أنغيسو، رئاسة اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بالأزمة الليبية من قبل الاتحاد الإفريقي.
ومن المنظمات الدولية، تشارك الأمم المتحدة وبعثتها إلى ليبيا والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.
كما أكدت الحكومة الألمانية دعوة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق.
من جانبه، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيشارك في المؤتمر الدولي بشأن ليبيا، وكشف سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي في حكومة تصريف الأعمال، أنه تم الاتفاق على الوثائق الختامية لمؤتمر برلين حول ليبيا وأنها لا تتعارض مع قرارات مجلس الأمن في الشأن الليبي.
وأكد لافروف تأييد موسكو للمبادرة الألمانية منذ البداية، لأنه كلما زاد عدد الدول الراغبة في مساعدة الليبيين أسهم ذلك في تهيئة ظروف تسوية الأزمة، لافتا إلى أن العلاقات لا تزال “متوترة جدا” بين طرفي الأزمة، المشير حفتر ورئيس حكومة طرابلس، قائلا: إنهم يرفضون حتى التواجد في ذات المكان”، مؤكدا أن سبب الأزمة الليبية الأساسي هو سياسة حلف شمال الأطلسي (ناتو) مع بدء الأحداث عام 2011.
وكانت المستشارة ميركل قد أطلعت الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي الأسبوع الماضي على الجهود والاتصالات الألمانية الأخيرة ذات الصلة بالملف الليبي سعياً لبلورة مسار سياسي لتسوية القضية، وتم تبادل وجهات النظر تجاه المستجدات الأخيرة على الساحة الليبية، وتداعياتها على ليبيا والمنطقة.
وقد تم التوافق في هذا الصدد على أن أي مسار لحل سياسي لإنهاء الأزمة الليبية يجب أن يتم صياغته في إطار شامل يتناول كافة جوانب القضية من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وكذلك تقويض التدخلات الخارجية غير المشروعة في الشأن الليبي.