مقالات
المقارنة التفصيلية بين خطة ترامب وقرارات الأمم المتحدة تكشف كيف أهان المجتمع الدولي ورؤساء أمريكا السابقين
خلال طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يُشر لقرارات الشرعية الدولية أو مبادرة السلام العربية، الأمر الذي يثير سؤالاً ملحاً، وهو: إلى أي مدى تتعارض صفقة القرن مع قرارات الشرعية الدولية بشأن فلسطين.
اللافت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما علق على كلام ترامب تحدّث عن أن الخطة الأمريكية هي التي سيُحدَّد على أساسها الأراضي الفلسطينية التي ستضمها تل أبيب، وكأن الولايات المتحدة باتت بديلاً عن الأمم المتحدة رغم أن أغلب قرارات الشرعية الدولية بشأن فلسطين والأراضي العربية المحتلة صدرت بموافقة الولايات المتحدة.
يريد نتنياهو أن يقول إن الشرعية الترامبية هي البديل لقرارات الشرعية الدولية بشأن فلسطين، بعد أن وصف ترامب بأنه أفضل صديق حظيت به إسرائيل في البيت الأبيض.
إلي أي مدى تتعارض صفقة القرن مع قرارات الشرعية الدولية بشأن فلسطين؟
فيما يلي مقارنة بين أبرز قرارات الشرعية الدولية بشأن فلسطين، والبنود المعروفة من خطة ترامب للسلام، المعروفة إعلامياً بصفقة القرن، وكذلك المبادرة العربية للسلام، التي طرحها الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.
قرار الأمم المتحدة رقم 181: تقسيم فلسطين الذي سعت إليه إسرائيل، ولكن لم تكتف به
قرار تقسيم فلسطين هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة رقم 181، الذي صدر بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947.
وكانت نتيجة التصويت عليه موافقة 33، و13 دولة ضده، وامتناع 10 أخرى.
ويتبنَّى القرار خطة تقسيم فلسطين، القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيم أراضيها التي تبلغ مساحتها نحو 29 ألف كيلومتر مربع إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي:
دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي 4,300 ميل مربع (11,000كم2) وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود، وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي 5,700 ميل مربع (15,000 كم2)، على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي، بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب، بما في ذلك أم الرشراش أو ما يُعرف بإيلات حالياً.
منطقة تحت الوصاية الدولية: وهي تشمل القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تكون خاضعة لوصاية دولية وفقاً للقرار.
كان هذا القرار من أولى محاولات الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية، ولكن جاء على حساب العرب.
وافقت الدول العظمى في ذلك الحين (الاتحاد السوفييتي، والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا) على خطة التقسيم، باستثناء بريطانيا التي كانت سلطة الانتداب، والتي فضلت الامتناع. ومن بين الدول المعارضة للخطة كانت جميع الدول العربية والإسلامية، وكذلك اليونان، والهند وكوبا.
وبذل زعماء الحركة الصهيونية جهوداً كبيرة لإقناع الدول المترددة، واستعانوا بالدبلوماسيين الداعمين للخطة داخل الأمم المتحدة، من أجل تأجيل التصويت، وهو ما أعطاهم الفرصة لإقناع ليبيريا والفلبين وهاييتي بالتصويت مع مؤيدي الخطة، وتأمين دعم ثلثين من الدول الأعضاء، وهي النسبة التي كانت لازمة لإقرار خطة التقسيم.
ومع أن الخارجية الأمريكية قرَّرت عدم ممارسة الضغوط على دول إضافية للزيادة من الدعم، مارَسَ بعض السياسيين ورجال الأعمال الأمريكيين الضغوط على الدول المترددة، التي كانت مرتبطةً اقتصادياً بالولايات المتحدة.
فالذي ضغط على ليبيريا مثلاً كان المليونير الأمريكي المشهور هارفي صامويل فايرستون، صاحب مزارع المطاط في ليبيريا وصاحب مصانع الإطارات المشهورة فايرستون.
اللافت أن القرار يمنح الفلسطينيين أكثر من ثلث مساحة فلسطين التاريخية، إضافة إلى نحو السدس تحت الوصاية الدولية، مع منح اليهود أكثر من نصف مساحة فلسطين.
ولكن على الأرض أطاح الإسرائيليون بالقرار، واستولوا على نحو 78% من مساحة فلسطين خلال حرب 1948.
الاختلاف بين القرار وصفقة القرن
اليوم بدلاً من ثلث مساحة فلسطين التاريخية تتيح صفقة القرن لإسرائيل ابتلاع مناطق المستوطنات وغور الأردن، أي نحو نصف مساحة الضفة الغربية.
أو كما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس نصف الـ22% التي قبل بها الفلسطينيون، التي احتلت في عام 1967، أي نحو 10 أو 11% من أراضى فلسطين التاريخية.
علماً أنه يظهر من الخريطة التي نشرها ترامب للخطة أنها تتضمن منح الفلسطينين أراضي بمناطق صحراوية على الحدود مع مصر.
القرار رقم 194.. العودة والتعويض للاجئين
يعد هذا القرار من أهم القرارات الأممية بشأن فلسطين، وأكثرها إثارة لتعنت إسرائيل، رغم أن موافقتها عليه كان شرط انضمامها للأمم المتحدة.
وتبنّى الوفد البريطاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة اقتراح الكونت برنادوت بشأن «اللاجئين».
ففي 11 ديسمبر/كانون الأول 1948، صدر القرار بموافقة 35 دولة ضد 15، وامتناع ثماني.
وجاء في الفقرة 11 من القرار أن الجمعية العامة «تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين، الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم، وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات، بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة».
والخيار هنا يعود إلى صاحب الحق في أن يعود وليس لغيره، أن يقرر نيابة عنه أو يمنعه، وإذا منع من العودة بالقوة فهذا يعتبر عملاً عدوانياً.
وحسب القرار لكل لاجئ الحق في العودة، بالإضافة إلى التعويض أيضاً. فهما حقان متلازمان، ولا يلغي أحدهما الآخر.
من المهم ملاحظة أن القرار يدعو إلى عودة اللاجئين في أول فرصة ممكنة، والمقصود بهذا: عند توقف القتال عام 1948، أي عند توقيع اتفاقيات الهدنة، أولاً مع مصر في فبراير/شباط 1949، ثم لبنان والأردن، وأخيراً مع سوريا في يوليو/تموز 1949.
ومنع «إسرائيل» عودة اللاجئين من هذا التاريخ إلى يومنا هذا يعتبر خرقاً مستمراً للقانون الدولي، يترتب عليه تعويض اللاجئين عن معاناتهم النفسية وخسائرهم المادية، وعن حقهم في دخل ممتلكاتهم طوال الفترة السابقة.
ويؤكد القرار على حماية الأماكن المقدسة وحرية وصول المواطنين الفلسطينيين إليها، ونزع السلاح وفرض سيطرة الأمم المتحدة على مدينة القدس، وحرية الوصول إليها.
اللافت أنه عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على طلب «إسرائيل» الانضمام إلى الأمم المتحدة، جاء في قرارها رقم 273، أنه جاء بناءً على تعهُّد «إسرائيل» بتنفيذ القرار رقم 194 (قرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين).
لم تنفذ «إسرائيل» القرار، وكانت الأمم المتحدة تُجدِّد قلقها حول عدم تنفيذ القرار كل سنة تقريباً، وتطالب الاحتلال الإسرائيلي بحق اللاجئين في استغلال ممتلكاتهم عن طريق الإيجار أو الزراعة أو الاستفادة بأي شكل، ولكنها لم تتخذ أي خطوات عملية لتنفيذه.
واعتبر القرار الفلسطينيين شعباً طُرد من أرضه، وله الحق في العودة كشعب وليس كمجموعة أفراد متضررين من الحروب مثل حالات كثيرة أخرى. وهذا الاعتبار فريد من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة، ولا يوجد له نظير في أي حالة أخرى، ولذلك يجب التمسك به.
كما أنه وضع آلية متكاملة لعودة اللاجئين من عدة عناصر، كما أنشأ مؤسسة دولية لإغاثتهم من حيث الطعام والصحة والتعليم والمسكن، إلى أن تتم عودتهم، وهذه المؤسسة أصبح اسمها فيما بعد وكالة الغوث (الأونروا).
لهذه الأسباب تبذل إسرائيل ومؤيدوها كل جهدها لإلغاء قرار 194 واستبداله بقرار آخر وحل وكالة الغوث، لأن قرار 194 وما نتج عنه مثل وكالة الغوث يمثل الدليل القانوني والمادي لحقوق اللاجئين.
الاختلاف بين القرار وصفقة القرن
يلاحظ أنه في حين لم يتطرق ترامب لموضوع اللاجئين في حديثه عن الخطة، فإن نتنياهو في معرض شرحه للخطة قال إن مشكلة الفلسطينيين يجب أن تحل خارج دولة إسرائيل، في إشارة إلى رفض تل أبيب لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإعادتهم لديارهم التي هُجروا منها.
القرار رقم 242 لعام 1967: الانسحاب من «أراض محتلة»، أم «الأراضي المحتلة»؟
يعتبر هذا القرار أهم القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي برمته وأكثرها التباساً في الوقت ذاته.
القرار رقم 242، أصدره مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، جاء نتيجة الهزيمة التي مني بها العرب في الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة (يونيو/حزيران 1967)، واحتلال إسرائيل لبقية أراضي فلسطين وشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية.
وقد جاء هذا القرار كحل وسط بين عدة مشاريع قرارات طرحت للنقاش بعد الحرب، ومن أبرزها مشروعا القرارين السوفييتي والأمريكي، وذلك تفادياً لإقدام أي من الدولتين الكبريين على ممارسة حق النقض (الفيتو).
واشترط واضع القرار اللورد كارادون -مندوب بريطانيا آنذاك لدى مجلس الأمن- أن القرار لا يقبل أي تعديل أو مساومة، فإما أن يقبل كما هو وإما يرفض، لأن أي تعديل ولو طفيفاً من شأنه -حسب رأيه- نسف المشروع من أساسه.
غموض متعمَّد بسبب اختلاف النسخة الإنجليزية عن باقي النسخ
كان الهدف من هذا الموقف هو المحافظة على الغموض الذي أحاط بالفقرة الخاصة بالانسحاب، خاصة في النص الإنجليزي.
فقد ورد في المادة الأولى/ الفقرة أ: «انسحاب القوات الإسرائيلية من أراض احتلت في النزاع الأخير».
أما في النصوص الفرنسية والروسية والإسبانية والصينية، فقد دخلت «أل» التعريف على كلمة أراض، بحيث لم يعد هناك أي لبس أو غموض.
وزيادة في الوضوح فقد بادر مندوبو عدة دول مثل فرنسا والاتحاد السوفييتي ومالي والهند ونيجيريا إلى التصريح -قبل التصويت على القرار- بأن حكوماتهم تفهم هذه الفقرة بأنها تعني انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي التي احتلت عام 1967.
وإضافة إلى قضية الانسحاب فقد نصّ القرار على إنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمناً بإسرائيل، دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين، التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين، ومن هنا فقد جاء قبول بعض الدول العربية بهذا القرار -ومنها مصر والأردن- ليكرس الاعتراف بالاختلال في موازين القوى.
ويعلن القرار أن تطبيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
وأكد مجلس الأمن الحاجة إلى ضمان حرية الملاحة في الممرات الدولية في المنطقة، وتحقيق تسوية عاجلة لمشكلة اللاجئين.
ويطلب القرار من السكرتير العام للأمم المتحدة أن يعين ممثلاً خاصاً إلى الشرق الأوسط، لإقامة اتصالات مع الدول المعنية، بهدف المساعدة في الجهود للوصول إلى تسوية سلمية ومقبولة، على أساس النصوص والمبادئ الواردة في هذا القرار.
الاختلاف بين القرار وصفقة القرن
يلاحظ أن الصفقة تتحدث عن ضم إسرائيل لنحو نصف الأراضي المحتلة عام 1967، التي يمنحها القرار وفقاً لنسخته غير الإنجليزية بالكامل للفلسطينيين.
قرار مجلس الأمن رقم 1515 لعام 2003.. تأكيد على مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبدالله
يؤيد القرار الذي صدر في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2003، خارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية للسلام بالشرق الأوسط، لإيجاد حل دائم للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني على أساس وجود دولتين.
ويهيب القرار بالأطراف أن تفي بالتزاماتها الواردة في خارطة الطريق بالتعاون مع اللجنة الرباعية، وأن تعمل على تحقيق الرؤية المتمثلة في وجود دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن.
وتنص مقدمة خطة خارطة الطريق على أنه «لن يتم تحقيق الحل القائم على أساس دولتين للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، إلا من خلال إنهاء العنف والإرهاب، وعندما يصبح لدى الشعب الفلسطيني قيادة تتصرف بحسم ضد الإرهاب، وراغبة فيه وقادرة على بناء ديمقراطية فاعلة ترتكز إلى التسامح والحرية، ومن خلال استعداد إسرائيل للقيام بما هو ضروري لإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية، وقبول الطرفين بشكل واضح لا لبس فيه هدف تسوية تفاوضية على النحو المنصوص أدناه».
وحسب خارطة الطريق سوف تحل التسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وتنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، بناء على الأسس المرجعية لمؤتمر قمة سلام مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات الأمم المتحدة 242 و 338 و1397، والاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً بين الطرفين، ومبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله، التي تبنّتها القمة العربية في بيروت، الداعية إلى قبول إسرائيل كجار يعيش بسلام وأمن، ضمن تسوية شاملة.
ويركز القرار على أن هذه المبادرة عنصر جوهري في الجهود الدولية للتشجيع على سلام شامل على جميع المسارات، بما في ذلك المساران السوري- الإسرائيلي، واللبناني- الإسرائيلي.
الاختلاف بين القرار وصفقة القرن
من الواضح أن خطة ترامب لم تشر لمبادرة السلام العربية التي تمثل أكبر إسهام في عملية السلام من قبل السعودية، الحليف الأهم للولايات المتحدة في المنطقة، كذلك لم تشر لخارطة السلام التي وضعتها الرباعية الدولية في عهد سلف ترامب الجمهوري الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن.
وتتضمن المبادرة العربية التي طرحها الملك السعودي الراحل عبدالله، عندما كان ولياً للعهد، وأقرتها القمة العربية في بيروت، الاعتراف العربي بإسرائيل، والتطبيع معها في حال جلاء الاحتلال عن الأراضي العربية المحتلة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وإقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار رقم 194، الذي يؤكد على حق العودة والتعويض.
ويلاحظ أن صفقة القرن التي يعتقد أن السعودية موافقة عليها ضمنياً تطيح بالحقوق التي أكدتها المبادرة السعودية للسلام، والتي ثمنتها الولايات المتحدة مراراً.
إذ من الواضح أن الصفقة تحاول تشريع انتزاع إسرائيل للقدس الشرقية من الفلسطينيين.
إذ قال ترامب إن خطته تعتبر القدس غير المقسمة عاصمة لإسرائيل.
وفي الوقت ذاته تمنح الخطة الفلسطينيين عاصمة في القدس، وسوف تقوم الولايات المتحدة بافتتاح سفارة بها.
ومن المفهوم أن العاصمة التي يريدها الإسرائيليون وإدارة ترامب لفلسطين سوف تكون قرية على حدود القدس (أبو ديس على الأغلب)، على أن تسمى القدس ذراً للرماد في العيون.
كما أن الصفقة تتجاهل قضية اللاجئين تماماً.
في المقابل يبدو أن الصفقة تركز على التطبيع العربي مع إسرائيل، وكذلك التمويل العربي لها.
والخطة تلوح بتقديم استثمارات تجارية كبيرة، تقدر بخمسين مليار دولار في الدولة الفلسطينية الجديدة، وقال ترامب إن الكثير من الدول تريد المشاركة في هذا الأمر.
ويفهم أن هذه الدول ستكون السعودية والإمارات على وجه الخصوص.
قرار الجمعية العامة رقم 67/19 لعام 2012.. فلسطين دولة غير عضو بالأمم المتحدة
جاء هذا القرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تعذر صدوره من مجلس الأمن.
وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار الذي صدر برقم 67/19 في اجتماعها السابع والستين، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، وهو تاريخ اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وقدم الاقتراح ممثل فلسطين في الأمم المتحدة.
ويرقي القرار مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو.
واللافت أنه مع رفض الحكومة الإسرائيلية القرار، إلا أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت عبر عن تأييده له.
وأيد القرار 138 دولة، وعارضته 9 دول، وامتنع عن التصويت 41، وتغيبت خمس.
وتتيح الصفة الجديدة لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية، وتساوي الصفة الجديدة لفلسطين صفة الفاتيكان.
ومارست فلسطين حقها في التصويت لأول مرة بموجب صلاحياتها الجديدة في المنظمة الأممية، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالتصويت لانتخاب أحد قضاة محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة.
ونقل القرار للجمعية العامة بعد فشل التصويت على مشروع قرار لجعل فلسطين دولة عضو في الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن، حيث بلغ التصويت لصالح القرار 8 دول من 15 (أقل بصوت واحد من المطلوب).
وقبيل التصويت على القرار، أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، أنه سيكون من الصعب إقناع الكونغرس بالإفراج عن 200 مليون دولار من المساعدات للسلطة الفلسطينية.
وعقب إعلان نتيجة التصويت الأممي، وترقية صفة فلسطين، أعلن وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينتس تجميد تحويل أموال الضرائب والجمارك للسلطة الفلسطينية، وتقدر بـ121 مليون دولار، وقال إنها ستستخدم في سداد ديون على السلطة لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية، وأعلنت «إسرائيل» أيضاً عن بناء 3 آلاف وحدة استيطانية جديدة وفق الخطة المسماة إي-1، وسيكون البناء في منطقة بين معالي أدوميم والقدس، وهو ما يقسم الضفة الغربية شمالاً وجنوباً.
الاختلاف بين القرار وصفقة القرن
وبينما يشكل هذا القرار خطوة قانونية في اتجاه الدولة الفلسطينية المستقلة، فإن صفقة القرن حسب ما تسرب منها تمنح الفلسطينيين دولة أقل في صلاحيتها مما يأملون، حيث ستكون دولة لا تسيطر على حدودها ومنافذها ومنزوعة السلاح.
القرار رقم 2334 لعام 2016: إدانة الاستيطان بموافقة أمريكية ضمنية وتواطؤ عربي مع ترامب
يعد هذا القرار واحداً من أغرب قرارات الشرعية الدولية من حيث ظروف صدوره.
تعودنا أن القرارات الصادرة لصالح الشعب الفلسطيني تواجه بدعم من الدول العربية، لاسيما المعنية بالقضية، واعتراض أمريكي.
ولكن عندما اقترح الجانب الفلسطيني هذا القرار سحبته مصر، العضو العربي في مجلس الأمن، بدعوى أنها تريد الحفاظ على «التوازن المطلوب» في موقفها، لضمان تأثيرها على الأطراف في أي مفاوضات مستقبلية.
وأفادت تقارير إعلامية آنذاك بأن نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نسق مع إدارة ترامب التي كانت قد انتخبت للتو، ولكن لم تتسلم الحكم من إدارة أوباما لعدم إصدار القرار.
والمفارقة أن من طرح القرار في مجلس الأمن كان السنغال، وماليزيا، وفنزويلا، ونيوزلندا.
أما المفارقة الأكبر فهي أن الولايات المتحدة، التي كانت في الأيام الأخيرة لرئاسة أوباما امتنعت عن استخدام الفيتو ضد القرار، وهو ما سمح بصدوره.
ولأول مرة منذ 36 عاماً، صوت 14 عضواً في مجلس الأمن لصالح القرار، في حين امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية فقط عن التصويت.
ويؤكد القرار من جديد على تطبيق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، المؤرخة في 12 أغسطس/آب 1949، على الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، والأراضي العربية الأخرى المحتلة منذ عام 1967، مستذكراً الرأي الاستشاري الصادر في 9 يوليو/تموز 2004، من قبل محكمة العدل الدولية في هذا الشأن.
ويؤكد من جديد على أن جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، غير قانونية، بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام على أساس حل الدولتين.
ويعرب عن بالغ القلق من أن استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية إنما يعرض للخطر جدوى حل الدولتين على أساس حدود 1967.
كما يدين جميع التدابير الأخرى الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ويؤكد ضرورة تجميد إسرائيل كل الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك «النمو الطبيعي»، وتفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ مارس/آذار 2001.
وردّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على القرار قائلاً: «إن إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لم تكتف بعدم الدفاع عن إسرائيل وحسب، بل تعاونت (ضدها) خلف الكواليس.. إسرائيل تتطلع إلى العمل مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإبطال أضرار (هذا) القرار السخيف».
وشكل الموقف الأمريكي هذا تحركاً نادراً من واشنطن، التي عادة ما تدافع عن إسرائيل أمام مثل هذه القرارات، فيما اعتبره مراقبون في ذلك الوقت «طلقة الوداع» من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي ازدادت علاقته توتراً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مسؤول رفيع المستوى قبل التصويت، اتهامه للرئيس الأمريكي، ووزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بالوقوف وراء مشروع القرار.
في المقابل، عبر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عن رفضه لعدم استخدام واشنطن لحق النقض الفيتو، تجاه قرار مجلس الأمن بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
وكتب ترامب على صفحته الرسمية في تغريدة على موقع «تويتر»، «الأمور ستكون مختلفة بعد أن أتولى مهام منصبي، في 20 يناير/كانون الثاني 2017».
الاختلاف بين القرار وصفقة القرن
صدق ترامب في وعيده، إذ إن خطته للسلام ستعترف عبرها واشنطن بسيادة إسرائيل على الأراضي التي توفرها الرؤية، لتكون جزءاً من دولة إسرائيل.
كما تحدّث ترامب عن أن الكل سيبقى في بيته، في إشارة لبقاء المستوطنات، والاعتراف بها جزءاً من إسرائيل.
وأشار جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، في إطار شرحه للصفقة خلال حديثه لقناة الجزيرة، إلى أن الخطة تتضمن إيقاف نمو المستوطنات لمدة أربع سنوات.
وشدد على أن الخطة لن تُخرج أي إسرائيلي أو فلسطيني من بيته، وهو ما فهم منه أن المستوطنات ستبقى وتُضم إلى إسرائيل