أخبار من أمريكامركز الدراسات
تحديات الولادة في أمريكا واللجوء والمواطنة تتعقّد.. إذن من «يحق» له العيش هناك؟
في 23 يناير/كانون الثاني، أعلن البيت الأبيض إيقاف وزارة الخارجية الأمريكية إصدار تأشيرات زيارة السياحية للسيدات الحوامل؛ في محاولة لوضع حد لاعتماد الولادة في أمريكا أو ما يسمى «سياحة الولادة» كطريق مختصر للحصول على الجنسية الأمريكية.
قرار الرئيس دونالد ترامب يأتي كإجراء إضافي إلى مجموعة قرارات سابقة، طرحها ونفذها لإغلاق الحدود وفرض قيود أكثر تشدداً على من يحق له الدخول إلى أمريكا أو يعيش هناك.
مِن حظر السفر الذي فرضته الإدارة في العام 2017، وكذلك زيادة استخدام مراكز الاحتجاز، ومشروع الحائط الممتد على طول الحدود مع المكسيك وصولاً إلى منع إصدار تأشيرات لمن يشتبه في حملهن لمنع الولادة بأمريكا، تستمر سياسات ترامب لإغلاق الحدود أمام اللاجئين وبعض المهاجرين.
وفي الوقت نفسه، يواصل آخرون نضالهم لتظل الحدود مفتوحة، براً وبحراً وجواً؛ نظراً إلى حاجة المجتمع الأمريكي إلى طاقات شابة تضيف توازناً إلى شيخوخة الكثافة السكانية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: «من يحق له العيش في الولايات المتحدة؟» إذن؟ وما التحديات؟
نلقي في هذا التقرير نظرة إلى المتغيرات التي تحد من فرص اللجوء والهجرة، من بينها خيار الولادة في أمريكا.
1. الانتظار
في الماضي، عندما ظهر طالبو اللجوء على الحدود، كان مسؤولو الجمارك وحماية الحدود الأمريكية هم الخط الأول للتعامل معهم وإصدار القرار بشأنهم.
لكن هذه الصلاحيات تغيرت عام 2018 بعد إدخال نظام «القياس». وأصبح يُقال لطالبي اللجوء على الحدود البرية، إن المعابر الحدودية ممتلئة وإن عليهم الانتظار في المكسيك حتى تتوافر أماكن.
وتسبب هذا الأمر في انتظار آلاف من الناس بمدن على طول الحدود، وفق ما نشره موقع The Conversation.
وفي شهر مايو/أيار 2019، بلغ عدد المنتظرين 19 ألف شخص، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه في نوفمبر/تشرين الثاني السابق.
أما بالنسبة للقادمين من الدول العربية، فإن متطلبات الحصول على تأشيرة زيارة تزداد تعقيداً، مع تقييد إدراة ترامب سفر مواطني عديد من الدول العربية إلى أراضيها.
2. تغيُّر الهجرة
يكتب روجيليو سانز، عالم الديموغرافيا بجامعة تكساس في سان أنطونيو، قائلاً: «العدد الكلي للمهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة أكبر مما كان عليه منذ أكثر من عقد».
وفي الوقت نفسه، انخفض عدد المهاجرين من المكسيك بنسبة 53% بين عامي 2003 و2017.
ومن بين الأسباب المحتملة لهذا الانخفاض زيادة الوجود العسكري على الحدود الجنوبية، وزيادة حالات الاحتجاز والترحيل، وتحسُّن اقتصاد المكسيك.
3. الجذور في الخارج
في عام 2015، كان ما يقرب من نصف مليون قاصر من مواليد الولايات المتحدة يعيشون جنوب الحدود، أي أكثر من ضعف ما كان عليه عام 2000. وولد آباء عديد من هؤلاء المواطنين في المكسيك.
وتكتب كلوديا ماسفرر وإرين هاميلتون ونيكول دنير، الباحثات اللائي درسن سجلات التعداد في هذه المجموعة: «لا نعرف ما يخبئه المستقبل لهذه المجموعة الكبيرة من الشباب الأمريكيين الذين لهم أصول متجذرة في كلا البلدين».
4. مُستبعدون
لطالما كانت مسألة من له الحق في أن يصبح مواطناً ويعيش بالولايات المتحدة معقدة.
كتبت فيكتوريا رييس، عالمة الاجتماع بجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد: «من الناحية التاريخية، لم يُمنح جميع أبناء الجنود من المواطنين الأمريكيين المتمركزين في الخارج الجنسية الأمريكية أو الاعتراف القانوني».
تدرس فيكتوريا حالات الأبناء المولودين لأمهات فلبينيات وجنود أمريكيين، وهي مجموعة شنت لسنوات معركة غير ناجحة للاعتراف بها.
وما يزال هناك ما يتراوح بين 25 ألفاً و50 ألفاً من الأمريكيين الآسيويين، الذين لم يحصلوا على الجنسية، في الفلبين اليوم.
5. الخطوة الأخيرة
في هذه الأثناء، تراكمت طلبات الحصول على الجنسية، لتصل إلى أكثر من 700 ألف طلب في 17 سبتمبر/أيلول 2019.
وتضاعفت أوقات انتظار قبول هذه الطلبات على مدى السنوات القليلة الماضية، مع متوسط انتظار المتقدم للرد من 10 إلى 18 شهراً.
وهذا يعني أنه يتعين على هؤلاء المتقدمين تعليق عديد من جوانب حياتهم.
تقول مينغ هسو تشن، من جامعة كولورادو بولدر: «منع الأشخاص المؤهلين للحصول على الجنسية من المشاركة في اختيار رئيسهم والتصويت على السياسات المهمة يمثل مشكلة. وفضلاً عن ذلك، تتوقف أهلية المهاجرين للتوظيف والخدمات العامة على الجنسية».
ولكن ما منافع الولادة في أمريكا ؟
تتمحور منافع الحصول على الجنسية الأمريكية حول 3 أمور:
سهولة الانتقال حول العالم دون الاضطرار إلى الحصول على تأشيرات زيارة.
الدراسة في الجامعات الأمريكية بتكلفة أقل من الطلاب الدوليين، إذا ما قرر الأهل إرسال أطفالهم في المستقبل للدراسة هناك.
إمكانية حصول الوالدين على الإقامة الدائمة أو البطاقة الخضراء بعد بلوغ ابنهم سن 21 عاماً، وذلك بعد سلسلة إجراءات قانونية تتطلب إقامتهم بأمريكا عدداً من السنوات قبل تقدُّمهم للحصول على الجنسية بأنفسهم.
وكم تكلف الولادة في أمريكا؟
تكلفة الولادة في الولايات المتحدة ليست رخيصة على الإطلاق.
يبلغ متوسط تكلفة الإنجاب دون مضاعفات في أثناء الولادة، نحو 10808 دولارات، وهو ما يمكن أن يرتفع إلى 30000 دولار لو تمت إضافة تكلفة الرعاية المقدمة قبل الحمل وبعده.
هل تؤثر الولادة بأمريكا في فرص زيارتها لاحقاً؟
إذا ما كان ابن المسافر أو المسافرة أمريكي الجنسية بسبب ولادته هناك، فإن ضباط حماية الحدود والهجرة يسألون المسافرين المرافقين عن فاتورة دفع تكاليف المستشفى والولادة.
فإذا لم يتمكن الزائر من إثبات دفع تكاليف الولادة في المستشفى، يحق لعناصر حماية الحدود منع دخولهم، حتى لو كان الوالدان حصلا على تأشيرة زيارة نافذة الصلاحية.
وكيف يتم دفع الضرائب لاحقاً؟
وفقاً لموقع وكالة تحصيل الضرائب الأمريكية IRS، يخضع جميع مواطني الولايات المتحدة لقانون الضريبة على دخلهم في جميع أنحاء العالم، بغضّ النظر عن مكان إقامتهم.
أي يخضع مواطنو الولايات المتحدة المقيمون في الخارج لنفس متطلبات تقديم ضريبة الدخل السنوية التي تنطبق على المواطنين الأمريكيين المقيمين في الولايات المتحدة.
وأقرت أمريكا في عام 2010 قانون Foreign Account Tax Compliance Act الذي تفرض فيه على مواطنيها دفع الضرائب السنوية بناءً على مدخولهم، وذلك لضمان جباية الضرائب من مواطنيها من شتى أنحاء العالم، وهو القانون الذي يواجه بعض المعارضة.
ولكن إلى جانب هذا القانون، وقَّعت أمريكا على اتفاقية Common Reporting Standard، التي سرى مفعولها في 1 يناير/كانون الثاني 2017.
وتعد اتفاقية CRS معياراً دولياً جديداً للتبادل التلقائي للمعلومات حول «الحسابات المالية» (مثل حسابات البنوك وصناديق الاستثمار المشتركة وغيرها)، بين الدول المشاركة.
تشمل هذه الدول أمريكا وكندا وعدداً كبيراً من دول العالم؛ ومن الدول العربية نذكر: قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة السعودية ولبنان والكويت والبحرين وسلطنة عمان والمغرب.