ولنا رؤية
إرهاب التنظيمات الإرهابية لن يسكت صوت الإعلام المقاوم…؟ *مصطفى قطبي
يتكرر مسلسل استهداف الزملاء الإعلاميين خلال تأديتهم لواجبهم المهني من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، حيث قامت المجموعات المرتزقة عصر يوم الأحد 2 فبراير 2020، باستهداف الإعلاميين والمصورين، خلال تغطيتهم عمليات الجيش السوري الباسل على المحاور الجنوبية الغربية لمدينة حلب شمال سوريا، ما أدى إلى إصابة مراسلتي قناة العالم، ضياء قدور، وقناة سما كنانة علوش، ومصور قناة العالم ابراهيم كحيل، ومصور قناة الكوثر صهيب المصري، حيث تم نقلهم إلى مشفى حلب الجامعي وتقديم العلاج اللازم.
وفي هذا السياق أكد وزير الإعلام السوري عماد سارة، أن ما تعرضت له الفرق الإعلامية، استهداف منظم من قبل المحور الداعم للإرهاب لإسكات صوت الحق، ومنعه من نقل بطولات الجيش العربي السوري، وتعرية إجرام الإرهاب بكل تفاصيله وتضاريسه، مشيراً إلى أن محاولات إسكات الإعلام الوطني الصادق عبر استهدافه، دليل على دوره ووجوده في الخندق الصحيح، وهو خندق الدولة السورية والجيش العربي السوري. وقال إن الإعلاميين الحربيين هم في الصفوف الأولى لرصد انتصارات الجيش، ومن اختار هذا الطريق يدرك خطورته، وهم يعرفون أنهم قد يتعرضون للإصابة والاستشهاد، الذي نرفع رأسنا به، ولكننا مصممون على نقل الحقيقة، وأن نكون إلى جانب الوطن والجيش العربي السوري والسيادة والكرامة والعزة. وأشار الوزير سارة، إلى الشغف لدى الإعلاميين الحربيين الذين يعشقون عملهم ووطنهم ويضحون لأجل عزته وكرامته.
أنا شخصياً، لم أفاجأ باستهداف الزملاء الإعلاميين من قناة سما والعالم والكوثر، الذين تعرضوا للإصابة، ولن أفاجأ مستقبلاً، إذا ما استهدفوا وسائل إعلامية عربية أو سورية أخرى، وقيامهم بقتل إعلاميين، من وسائل إعلامية أخرى ”المرئية، والمسموعة، والمكتوبة”، لأن الإعلام الشريف والمقاوم وقف في مواجهة جهلهم، وكفرهم، وسكاكينهم، وفضح أعمالهم، وإجرامهم، وسفه ثقافتهم التكفيرية، وكشف ارتباطهم، وارتباط من يموّلهم بالرجعية وأمريكا والغرب الاستعماري.
لقد كشفت الجماعات الإرهابية، المنفذة للاعتداء على الطواقم الإعلامية، عن نهج عدواني متأصل في الكراهية والعداء للحقيقة والرأي الآخر… هم خفافيش الظلام، هم الزائلون، المزيفون، عبيد الدولار… خدم الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها إسرائيل… تمادوا في غيهم، إجرامهم، صبوا نار حقدهم بلا توقف على الشعب السوري…
الإعلام المقاوم، صوت الحق والحقيقة منارة الشعوب العربية… كل لحظة يُستهدف… ما الذي يريدونه من هذا الاستهداف…؟! يريدون اغتيال صوت الناس وكلمة الحق والحقيقة…
إنه الدنس الذي لم يسبق للبشرية أن عرفت له مثيلاً… أيها الخونة المارقون… بكم من المال تم شراؤكم…؟! انكسرتم في كل مكان، أصابكم الخزي والعار ولن تحصدوا إلا الدنس والعار… قد تصلون إلى أماكن كثيرة… لكنكم لن تكسروا إرادة الحياة والتحدي عند السوريين…
أيها العابرون في عوالم الجهل والخزي… ماذا نقول لكم: أهي الخيانة التي أردتموها لتخريب حياة السوريين وكسر صوتهم… نعم هي، لكنكم واهمون، واهمون، من كل مكان سيأتيكم صوتهم، صورهم، حرفهم، لن يخافوا لن يصابوا بالذعر… هم اليوم أمضى عزيمة وأشد بأساً…
انتبهوا… الكاميرا تفضحكم… هي اليوم في حرب مع عقولكم المغلقة… إنه الصراع الدائم بين الضوء والظلمة… بين الحقيقة، والدجل، بين الإنسانية، وأعدائها؟
إن المعركة اليوم في أوجها بين الفكر الحر المتفتح المتسم بالوهج المقاوم، وبين الجهل، بين الحق والباطل، بين الصمود والاستسلام، بين الشرف والخيانة، هؤلاء الإرهابيون القتلة لا يمتلكون عقولاً تفكر بالخير، وممارسة الحب، لأن ثقافتهم تقوم على القتل، وعلى فلسفة الاغتصاب، والتدمير، وسفك الدماء التي نرى آثارها اليوم في إدلب…
أي شعارات يتلطون خلفها، إذا كانت فيها الكلمة والكاميرا مستهدفة… إذا كان القتل هو السمة الأساسية لها، إذا كان الخوف الذي تقدمه عبر مشاهد الدم، والترهيب، يمشي في الناس، وفي المشاعر، وفي الفكر، والقول… يتحول إلى كابوس يلاحق البشر، والفكر، والعاملين بإنتاج الفكر والإعلام والثقافة؟!
إن أشد أنواع القتل دموية، وإرهاباً هو قتل الكلمة وتهشيم الكاميرا، وقتل العاملين على إنتاجها، في كل الأزمنة الاستعمارية، كانت الكلمة مستهدفة، وكان أصحاب الكلمة مستهدفين.
فسوريا تعيش استهدافاً ممنهجاً من قبل القتلة لقتل كلمة الحق، لأن هذه الكلمة السورية باتت أشد وقعاً على القتلة ومسانديهم من رصاص البنادق، لأنها تفضحهم، و تكشف ارتباطهم بمشروع أمريكي صهيوني، تحت غطاء من المذهبية البغيضة، التي تنتمي إلى فلسفة صهيونية خطيرة تهدف إلى تفكيك الفكر الإسلامي، والفكر العروبي.
يوم دخل هولاكو بغداد ألقى بكتبها في نهر دجلة، لأن الثقافة كانت عدوه الأول… ولأن الثقافة القومية المقاتلة المقاومة هي الخندق الذي يمنع اختراق إسرائيل لنسيج المنطقة العربية، كما يقول ”شمعون بيريز”.
إذاً… لا غرابة في أن يستهدف القتلة ”جماعة هولاكو” الإعلام المقاوم ورجالاته الأحرار والشرفاء، هذا الإعلام المقاوم بات يقلق، ويخيف مشايخ النفط، وأمراءه الغارقين في شهواتهم، وخياناتهم، في الماضي كان الإعلام السوري صامتاً عنهم، وعندما اتجه لكشف حقيقتهم، شنوا حقدهم عليه، وأعطوا الأمر بقتله كما يقتلون السوريون بعد أن أظهر الإعلام المقاوم كذبهم، وبدت صورة المجرمين، والمساندين لهم على حقيقتها…
إن الإعلام الكاذب المضلل يقوم على تقديم الإرهابي القاتل على أنه بطل، يدافع عن الشعب، ويقاتل من أجل الحرية، ومن أجل تحقيق الديمقراطية في إطار مشروع إعلامي ممنهج تشارك فيه كل قنوات ووسائل وقوى التضليل العربية والدولية، ولكن الإعلام المقاوم، وفي المقدمة قنوات العالم والكوثر الإيرانيتين وسما والإخبارية السورية… هذه القنوات وغيرها، نجحت في تمزيق تلك الصورة، وتقديم صور الإرهاب على حقيقته، قتل، واغتصاب، وتدمير، وقطع طرق، واغتيال الجيش السوري، واستهداف الكفاءات العلمية والعسكرية…
سورية ليست في نزهة، هي في حرب كونية… في حرب جنودها، الشعب السوري، وقواته المسلحة، والإعلام المقاوم، من أشد جبهات هذه الحرب اشتعالاً اليوم، هي جبهة الإعلام، و جنودها الإعلاميون الشرفاء من أكثر المقاتلين تأثيراً في مجرى الأحداث وانتصاراً للحقيقة والحق، ويقف معهم وإلى جانبهم المثقفون والكتاب والمفكرون الوطنيون.
لقد بات من الواضح لكل من يتابع ملف الأزمة السورية حجم الهمجية البربرية التي ترتكب بحق سوريا كوطن أولاً وبحق الإعلام السوري ثانياً، وأصبح استهداف الإعلاميين جريمة تمارسها ميليشيات الإرهاب، والرسالة واضحة جداً وعلى كل القائمين في هذا الشأن أن ينتبهوا إلى خطورة التهديد الذي يواجه الإعلاميين السوريين، حيث نجد من خلال متابعتنا لوسائل الإعلام الأجنبية بأن الإعلام السوري أثبت بكل ما تعنيه الكلمة وقوفه وصموده بوجه الهجمة الشرسة التي تتعرض لها سوريا، وأنه استطاع فضح المخططات والأكاذيب التي تروج لها قنوات سفك الدم السوري للنيل من وحدة وحرية وقرار السوريين.
إن أدوات الإرهاب المجرمة لن تثني الإعلاميين من قناة سما والعالم والكوثر أو غيرهم من الإعلاميين عن مواصلة رسالتهم الإعلامية في إيصال صوت الحق والحقيقة إلى العالم، وسيواصل الإعلام المقاوم الشريف، مسيرته في تعرية أدوات المؤامرة العربية والصهيونية الرخيصة وتعرية كذب وتضليل قنوات القتل والفتنة التي تستهدف الشعب السوري ولن توهن عزيمة الشعب بل ستزيده إصراراً على التمسك بوحدته الوطنية ونهج سوريا القومي الصامد والمقاوم.
إنَّ رسالةَ الإعلام رسالة إنسانية مثلى، من يَعتدِ عليها فقد اعتدى على كل القيمِ الإنسانية المثلى، ومَن اعتدى على الكلمة فقد اعتدى على كل مَن ينطق بها، في كل زمانٍ ومكان. والإعلامي السوري يدرك أن استهدافه هو جزء من استهداف سوريا، ولذلك فقد نذر نفسه للدفاع عن هذا الوطن أياً كانت التضحيات.
خلاصة الكلام: للجماعات الإرهابية وأولئك نقول: إذا كان لجولةِ الباطلِ ساعة، فإنَّ جولة الحق إلى قيامِ الساعة. وإنَّ الشَّعبَ السوري بأطيافه وحروفه كطائر الفينيق كلما احترق، قام من رماده طائراً حرّاً طليقاً.
باحث وكاتب صحافي من المغرب.