العالم العربيتحليلات سياسيةعاجل
لماذا تتسابق الولايات المتحدة والدول العربية الآن للتودد إلى بشار الأسد؟!!
وكالات
“العرب لا يستطيعون أن يُقاتلوا بدون مصر، ولا يمكن أن يعقدوا سلامًا بدون سوريا”، عبارة قالها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كسنجر، وبات الجزء الثاني منها أكثر وضوحًا خلال الفترة الراهنة.
فوسط الأحداث العالمية الراهنة يتجلى سؤالان عاجلان على الساحة فيما يتعلق بسوريا؛ يتمثل الأول في لماذا تتسابق دول العالم على إعادة العلاقات مع دمشق والتواصل معها ولوسرًا؟، أما السؤال الثاني فماذا يعني ذلك للسوريين وماذا يعنيه لمستقبل سوريا؟
أما السؤال الأول، فتأخذنا الإجابة عليه إلى ما قاله كسنجر، بالإضافة إلى عبارة أخرى قالها الصحفي الأيرلندي، باترك سيل، الذي قضى عشرات السنين في دراسة الشأن السوري قبل وفاته عام 2014، وفي عام 1965 قال في كتابه “الصراع على سوريا”: “كل من يريد أن يقود الشرق الأوسط عليه السيطرة على دمشق أولا”.
وكل ما يقصده كل من سيل وكسينجر هو أن دمشق تعتبر عاملًا صعبًا في كافة مشاكل وأزمات الشرق الأوسط، وذلك نظرًا لموقعها الجغرافي في قلب المنطقة، والتي تعتبر منطقة ذات خطورة شديدة، كما يسميها الأمريكيين، فمنطقة الشرق الأوسط تعتبر جميعه ذات خطورة، ولكن المنطقة الواقعة فيها سوريا هي الأخطر، حيث تجاورها من الشمال تركيا، بوابة أوروبا، والأردن ولبنان وفلسطين المحتلة والعراق.
ومنذ الأربعينات بحكم التركيبة الجغرافية والسكانية لسوريا رأت أنها لا تملك إمكانيات عسكرية كبيرة ولا إقتصادية ومن أجل الحفاظ على أمنها واستقرارها، إلا في حال أصبحت لا يمكن الاستغناء عنها في أي ملف من ملفات المنطقة، وقد يبدو هذا الكلام نظريًا ولكن مع تطبيقه على أرض الواقع يتجلى العكس.
تغير الموقف الأمريكي من الحكومة السورية
منذ العام 2011 ويوجد داخل الولايات المتحدة تياران رئيسيان؛ يتمثل الأول في الموافقة على التعامل مع الرئيس بشار الأسد نظرًا لأنه أفضل الخيارات في سوريا وغيابه يعني فوضى عارمة في كل منطقة الشرق الأوسط، أما التيار الآخر فكان يقول أنه حان الوقت للتخلص من الأسد وبداية عهد جديد في سوريا والمنطقة.
ونجد أن التيار الأول قد انتصر طوال عهدي أوباما وترامب منذ اندلاع ثورات الربيع العربي من بداية 2011، ولكن التغير قد طرأ ففي البداية كان هذا التيار يدعو للإطاحة بالرئيس بشار الأسد ونظامه، ثم أدركوا أن هذا المسعى أصبح صعبًا خاصة بعد اتجاه كلٍ من روسيا وإيران في تقديم يد المساعدة للرئيس بشار الأسد، فتغير الهدف الأمريكي من إسقاط الأسد لعزله ومحاصرته والضغط عليه حتى يتغير، ليُصبح مستجيبًا لرغبات الولايات المتحدة ورؤيتها والحفاظ على مصالحها في المنطقة.
بينما كان التغير الآخر هو انتصار التيار الثاني مع آخر عهد ترامب وبداية عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو التيار الذي طالما قال أن أفضل خيارات أمريكا كانت ومازالت هو وجود الرئيس بشار الأسد، يتضح ذلك في كتابات أحد أنصار هذا التيار وهو استيفين وولت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، حيث عبّر عن هذا التيار أكثر من مرة، وفي أكتوبر 2019، أي خلال إدارة ترامب وجه نصيحة للإدارة الأمريكية في السياسة الخارجية، قائلا أن بشار الأسد يُعد أفضل سيناريو لهم من حيث سيطرته على كامل سوريا.
عوامل قلق الولايات المتحدة في سوريا
وبالرغم من أن وولت صاحب موقف عنيف ضد الأسد، حيث يراه مجرم حرب وإن كان العالم مثاليًا فيجب أن يكون الأسد مكانه أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي لمحاكمته على جرائمه وليس أن يحكم دمشق، ولكنه يقول أن العالم ليس مثاليًا وعلينا التعامل مع الواقع الموجود بأفضل صورة ممكنة، ومن وجهة نظره تعتبر أفضل صورة للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة وحل كل مشاكلها في المنطقة وذلك عبر مساعدة الرئيس الأسد لاستعادة سيطرته على كامل سوريا.
وأوضح وولت أن مشاكل الولايات المتحدة في سوريا تتمثل في الآتي:
- مشكلة تركيا مع الكرد.
- مشكلة المتطرفين والإرهابيين.
- زيادة النفوذ الروسي الإيراني.
- مخاوف إسرائيل على أمنها القومي.
حيث يرى أن حل كافة تلك المشكلات يتمثل في تواجد الرئيس السوري بشار الأسد وسيطرته على سوريا بالكامل.
فعلى سبيل المثال، لن تتوانى تركيا طالما أن الكرد لديهم طموحات وإمكانية لإقامة منطقة حكم ذاتي في سوريا لأن ذلك يعني من وجهة نظر تركيا أن عدوى الحكم الذاتي سينتقل إلى دول الجوار، وبالتالي قد ينتقل إلى تركيا ذاتها وهو ما يمثل خط أحمر لها، وبالتالي ستواصل الحرب في شمال سوريا ولن تستقر المنطقة.
وحتى يتم حل هذه المشكلة فعلى الولايات المتحدة أن تساعد الرئيس بشار الأسد في السيطرة على المناطق في شمال سوريا والتي يسيطر عليها الكرد، ليعودوا كما كانوا قبل 2010 خاضعين لنظام الأسد.
وأوضح وولت أن الكرد لم يكون لهم دولة، ولن يكون لهم دولة بل ومن الصعب إقامة دولة لهم، لأن الأمريكيين أدركوا منذ وقت مبكر أن هذا يعني اندلاع حرب كبيرة في المنطقة لا يمكن السيطرة على نتائجها.
وعلى الرغم من كون الأكراد أهم حليف للولايات المتحدة في الحرب ضد داعش، ولكن التحالف معهم ليس مطلقًا ولا أبديًا، وبالتالي على الولايات المتحدة مساعدة الأسد في السيطرة على مناطق الكرد، حتى لو بدا ذلك تخليا عن الكرد، ولكنها تسعى كغيرها من الدول للحفاظ على مصالحها، ليُصبح أفضل حل لها هو مساعدة الأسد ، وإخضاع الكرد لحكومة بشار، كما في خضعوا للحكومة في العراق والحكومة في تركيا وفي إيران.
أما بالنسبة لداعش فتضائل خطرها، ويمكنها أن تستيعد خطرها مرة أخرى ولكن في حال سيطر الأسد على سوريا، فالولايات المتحدة لن تكون في حالة للسعي إلى تحفيز بشار الأسد للوقوف ضد داعش، نظرًا لأن لديها الكثير من الحوافز بالأساس.
فداعش تعتبر الرئيس بشار الأسد وأسرته المنتمية للعلويين كُفارا، فبالتالي لديها حافز لمحاربة الأسد، وكذلك الأسد لديه أكثر من حافز للقضاء على الجماعة والتيارات المماثلة.
تأتي تباعًا مشكلة إيران وروسيا، فعندما أصرت الولايات المتحدة على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وعندما أصرت لاحقا بالضغط عليه للخضوع لمطالبها لجأت لإيران وروسيا اللذين يمتلكان مصالح ضخمة في سوريا.
وفي حال توصلت الولايات المتحدة الآن لاتفاق مع الأسد ثم مع حلفائها في المنطقة بما يسمح بإعادة العلاقات ورفع العقوبات عن سوريا، سيعني هذا قلة حاجة بشار الأسد لكل من إيران وروسيا، وعلى الرغم من أن الأسد قد قال، في وقت مبكر، عن تحالفه مع روسيا وإيران بأنه قوي ولا يمكن كسره، وعن الإيرانيين تحديدا، وهذا ليس صحيح، لأن لديه مشاكل كثير مع إيران والروس ولكنهم أفضل تحالف له الآن.
وإذا فتح الغرب والحلفاء العرب أذرعه إلى سوريا فمن غير المتوقع أن يتخلي عن إيران وروسيا، ولكن ستكون لديه مساحة أكبر من الإستقلال ما يجعله يستطيع مُجابهتهم وعدم الموافقة على كافة طلباتهم وهو تراجع تدريجي في نفوذ إيران وروسيا في سوريا، وهو ما يسعد الولايات المتحدة بل ويُطمأن إسرائيل نظرًا لقلقها الكبير من التمدد الإيراني في إسرائيل، والتي تخشى من تحقق الكابوس، وهو نجاح إيران في خلق حزب الله جديد في سوريا ويُصبح لإسرائيل حدود مباشرة معها في سوريا.
وبالتالي يخلص ستيفن وولت بأنه يجب على الولايات المتحدة أن تأخذ الخطوة الثانية وتقوي علاقاتها مع الرئيس الأسد خصوصا في عدم وجود بدائل فعالة لذلك القرار استدلالا بالعشر سنوات الماضية.
موقف بايدن
ويبدو أن الرئيس الأمريكي قد بدأ في الاستجابة لهذا التيار، وأدرك خطأ السياسات السابقة في التعامل مع الرئيس بشار الأسد، وهناك إشارات متعددة على أن الرئيس بايدن بدأ يميل للتيار الثاني المنادي بفتح قنوات مع الرئيس بشار، وتعتبر أبرز مؤشرات تراجع الولايات المتحدة:
غض النظر عن محاولات حلفائها خصوصا في دول المنطقة في التواصل مع الرئيس بشار وفتح قنوات له، فقالت مصادر سورية أن رئيس المخابرات السعودية قاد وفدا لزيارة دمشق في مايو الماضي، كما كانت هناك زيارات متبادلة بين السوريين والأردنيين والمصريين والبحرينيين وغيرها، وهي ليست لقاءات بروتوكولية ولكنها لقاءات حثيثة لتطبيع العلاقات مع دمشق وعودتها مرة أخرى لجامعة الدول العربية.
وربما لا تستطيع الولايات المتحدة منع دولة عربية من استعادة علاقتها مع دمشق، ولكنها تستطيع ممارسة ضغوطًا كبيرة على أي دولة تحاول تطبيع العلاقات وإعادتها مع دمشق وتجديد علاقات اقتصادية وسياسية معها، لأن قانون قيصر الأخير وقوانين أخرى تفرض عقوبات على أي دولة تقيم مشاريع مع نظام الأسد.
ولكن الولايات المتحدة أصبحت تغض الطرف عنها كما فعلت مؤخرا عندما سمحت بتمرير الغاز المصري للبنان عبر الأردن وسوريا، وتعتبر هذه مخالفة واضحة لقانون قيصر الذي أقرته الولايات المتحدة في 2020.
عوامل تغير الموقف الأمريكي
سعت الضغوط العربية من خلف الكواليس لإقناع الإدارة الأمريكية لفتح قنوات متعددة مع الرئيس بشار الأسد باعتبار أنه أصبح أمر واقع، وأحد هذه الدول كانت أبوظبي التي تحدثت عن ذلك علنا وسرا، كما كانت الأردن ومصر ضمن هذه الدول.
أما الأردن، فكان الملك عبدالله أول زعيم عربي يلتقي بادين في يوليو الماضي، وتواترت أخبار الصحف بأنه طالب بإعادة النظر في سياستهم التي تسعى إلى حصار الأسد باعتبار أنه أصبح أمر واقع والتعامل معه يحقق الكثير من المنافع للولايات المتحدة ولدول المنطقة، وهو أمر يستحق التوقف لأن الملك عبدالله كان أول زعيم عربي يدعو الرئيس بشار الأسد في 2011 للتنحي وترك السلطة.
لماذا دول العالم وخاصة الدول العربية غيرت موقفها 180 درجة؟! ويتجلى ذلك بوضوح في كلمة “المصالح”، فمصالح الأردن أصبحت تميل للتعامل مع النظام القائم، وتتمثل أهم نتيجة للمصالحة الأردنية مع سوريا، في التعامل مع قضية اللاجئين السوريين في الأردن، والتي تضم نحو مليون لاجئ سوري، وهو ما يمثل عبئًا ثقيلا على الأردن.
وبعودة العلاقات مع الأردن والبدء في إعادة إعمار سوريا، سيحقق للأردن التخلص من اللاجئين السوريين أو جزء منهم، وبفتح المعابر والحدود تعود أحد شرائيين الحياة للاقتصاد الأردني، كما سينعش إعادة الإعمار الاقتصاد الأردني، ويخفف الضغوط الأمنية في مواجهة الفوضى الموجودة في المنطقة، ومواجهة مخاطر الحركات المتطرفة المتواجدة في المنطقة العربية.
ومن الأردن إلى أبوظبي، التي رأت من وقت مبكر أنه يجب إعادة النظر في قرار الدول العربية بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وسعي عدد من الدول لإسقاط الأسد بدعم جماعات مسلحة.
ومنذ 2018 وبدأ التغير، نظرًا لأن دوافع الإمارات يمكنها أن تتعزز بفتح طريق مع الرئيس بشار الأسد، فهي تسعى لمحاصرة النفوذ الإيراني والتركي، والذي يتحقق بفتح أبواب للتعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد.
كما تستفيد الإمارات من التعاون في ضرب جماعات الإسلام السياسي، وكذلك دعم ملف الاستثمار، والذي يتمثل في إعادة إعمار سوريا، وهو ما تحرص أبو ظبي بالانضمام إليه هناك في التوقيت المناسب.
أما الرياض فقد بدأ موقفها في التغير التدريجي منذ عامي 2015 و 2016، وقت بدأ التسليم بتواجد الأسد على أنه أمر واقع يجب التعامل معه، وتتمثل المصلحة السعودية أو “كلمة السر” في التواجد السعودي في “محاصرة النفوذ الإيراني”،والذي تسعر إليه السعودية بكافة الطرق، إما بالطرق الخشنة في استخدام القوة، أو عن الطرق الدبلوماسية والتي بدأت فيها مؤخرًا بعد إقراراها بالفشل في الطريقة الأولى.
ولم تخرج مصر من قائمة الدول التي سعت إلى تغيير طرق التعامل مع الأسد، فمنذ وقت مبكر وقد سلمت بأهمية الوصول لحوار مع الرئيس بشار الأسد، مُعيلة على أن العكس من ذلك سينجم عنه صعود جماعات متطرفة تقوم الإدارة المصرية بمجابهتها، لتجمع العديد من وجهات نظر عدد من دول المنطقة أن تواجد بشار الأسد أفضل من تواجد الجماعات المتطرفة المسلحة.
وأخيرًا لم يقل الدور التركي أهمية عن باقي أدوار الدول العربية، فعلى الرغم من أنه كان الأكثر تشددًا ضد الرئيس بشار الأسد، ما جعل أردوغان واثقًا في 2012 من سقوط بشار الأسد، وقال “قريبا سوف نصلي في المسجد الأموي مع أخواتنا السوريين” المعارضين لللأسد، بالإضافة إلى وصفه مرارا وتكرارا بأن الأسد سفاح وإرهابي.
ولكن اختلف الخطاب التركي مؤخرًا، وأصبح يؤكد استعداده على التعاون مع سوريا، مُعيلا على فوز الأسد بانتخابات ديموقراطية، حفظًا لماء الوجه، ما يجعله يتعاون معه.
الأسد محور الأحداث
وتعني كافة المؤشرات السابقة أن بشار الأسد قد أصبح في محور الأحداث، على اعتبار أنه الوسيلة الوحيدة لتمثيل سوريا التي لا غني عنها في المنطقة وفي الأحداث، وأصبح من المنتظر عودة سوريا مرة أخرى إلى الجامعة العربية، والمجتمع الدولي مرة أخرى، ليعود الأسد المنبوذ إلى قلب الأحداث مُرحبًا به.
يبقى الرد السؤال الثاني المتمثل في؛ ماذا يعني ذلك للسوريين وماذا يعني ذلك لمستقبل سوريا؟!
نظرًا لتشتت السوريين وعدم اجتماعهم في صفوف واحدة، فتعتبر الإجابة على السؤال من أصعب ما يكون، فهناك سوريين داخل سوريا، وخارجها، وهناك سوريين موالين ومعارضين، ولكن يعد أفضل سيناريو للسوريين الموالين للأسد المتواجدين في الداخل السوري، هو العودة إلى جزء لما كانت عليه سوريا في 2010.
أما المعارضين في الداخل والخارج، فالوضع أصعب، لأن البلد كان في حالة حرب أهلية انتصر طرف بقيادة الأسد، ولا يبدو أن الطرف الفائز قد يكون على استعداد لفتح ذراعيه لمن خسر، وهو ما سيجعل الأمور صعبة عليهم، وهو مما تبينه المعطيات الحالية.
ففي وقت يتبلور فيه أمل السوريين في الداخل والخارج في “إعادة الإعمار”، إلا أنه لا يوجد من يقدر عليه سواء من الدول الخارجية الداعمة للرئيس الأسد أو من خلال الإدارة الداخلية للرئيس بشار الأسد نفسه.
فليس هناك من الدول الخارجية من لديهم فائض اقتصادي لتساهم في إعادة الإعمار، والمقصود هنا الدول الموالية لسوريا المتمثلة في روسيا وإيران، أما الدول المعارضة سواء الدول الغربية أو الولايات المتحدة فهي لازالت مستمرة في التحفظ على البدء في إعادة الإعمار إلا بعد التأكد من أن سياسة بشار الأسد سوف تأخذ مصالحها في الحسبان، وبالتالي هناك عدم حماس وقدرة لملف إعادة الإعمار.
أضف إلى ذلك معاناة كل الدول من توابع أزمات عالمية منها كوفيد 19، فليس هناك من لديه فائض يُقدّر بحوالي 200 أو 400 مليار دولار لإعاة الإعمار، على أقل تقدير، كما أن الأسد وحكومته ليست متحمسة كثيرًا لإعادة الإعمار كما يتحدث عنه في الأمم المتحدة، حيث من المنتظر أن تقلص الأموال المجمّعة عالميًا لإعادة الإعمار من الأمم المتحدة، من حركة الأسد، لما قد تفرضه عليه في التصالح مع كل الأطراف، وتحد من صلاحياته.
ويبدو أن الأسد لديه نظره أخرى، وهو أن الإعمار على نطاق واسع يكفي أن يكون هدفه مكافئة الموالاه الذين صبروا معه في السنوات العشر الماضية، فهو لا يرغب بعودة السوريين الذين وقفوا ضده ورفعوا عليه السلاح، وبالتالي ليس هناك داعي لإعادة إعمار سوريا بأكملها الآن.
ولكن بعيدًا عن صعوبات إعادة الإعمار، طرح مركز دراسات إيطالي اهتم بدراسة إعادة الإعمار في سوريا عام 2019، محورًا هامً في هذا الشأن؛ فكثير من دول العالم والهيئات تتحدث عن إعادة إعمار سوريا، ولكن ما هي إعادة الإعمار المقصودة؟!
فالكلام عن إعادة سوريا كما كانت قبل 2010 هو كلام واهٍ لأنه أمر صعب جدا لأن الحرب كانت بين السوريين معًا، شاركت فيه دول أخرى وأثرتها لكن الأساس كان الطرفين سوريين وبالتالي هناك عملية استقطاب عنيفة جدا، أضف إلى ذلك أن استمرار الحرب على مدار 10 سنوات قد أدى إلى تغيرات أثرت على مفهوم “الدولة السورية” التي تغيرت تمامًا بكافة محاورها عدا نظام الرئيس بشار الأسد.
وبالتالي يعتبر الحديث عن إعادة إعمار سوريا لما كانت أمر غير دقيق أو تفاؤل في غير محله.
فعلينا أن نعرف ما هي سوريا الجديدة؟ وكيف يتصورها النظام القائم؟ وكيف يمكن أن تؤثر بشكل واضح على السوريين وعلى مصالح الدول المجاورة؟!!