مركز الدراسات
5 رؤساء أمريكيين خسروا التصويت لكنهم فازوا بالانتخابات ضد إرادة الشعب
من بين 58 انتخابات رئاسية أمريكية، حظي 53 من الفائزين بكلٍّ من الأصوات الشعبية والأصوات الانتخابية، إلا أن هناك 5 رؤساء أمريكيين شهدوا فارق ضئيلاً للغاية في الأصوات، من ضمنها آخر 3 سباقات رئاسية، فخسر فيها الفائزون الأصوات الانتخابية، أي التصويت الشعبي.
كيف نجحوا إذاً؟
لا يُنتخب الرئيس أو نائب الرئيس في أمريكا عن طريق التصويت الشعبي المباشر، إنما ينص القسم الأول من المادة الثانية من الدستور على أن مجموعة من “الناخبين” الذين تعيّنهم الدولة، يحق لهم الانتخاب غير المباشر لأعلى المناصب في البلاد، وتُعرف هذه المجموعة بالمجمع الانتخابي.
للفوز في الانتخابات الرئاسية الحديثة، يحتاج المرشح إلى الحصول على 270 من إجمالي 538 صوتاً انتخابياً.
وتُخصَّص الأصوات الانتخابية للولايات بناءً على عدد الممثلين الذين ينوبون عن الولاية في مجلس النواب، بالإضافة إلى العضوين اللذين يمثلانها بمجلس الشيوخ.
ويُقسم الناخبون وفقاً لتعداد كل ولاية، لكنَّ الدستور يكفل للولايات الأقل تعداداً ثلاثة ناخبين بحد أدنى (ممثل وعضوان في مجلس الشيوخ).
ويعني هذا الحد الأدنى المكفول أن الولايات ذات التعداد الأصغر تتمتع في نهاية المطاف بتمثيل أكبر في المجمع الانتخابي، للفرد الواحد.
ونظراً إلى أن معظم الولايات (48 بالإضافة إلى واشنطن العاصمة) تمنح جميع أصواتها الانتخابية للشخص الذي يفوز بالتصويت الشعبي على مستوى الولاية، فمن الممكن حسابياً الفوز بالأصوات الانتخابية، مع فقدان الأصوات الشعبية.
على سبيل المثال، إذا فاز مرشح بنسب كبيرة في عدد قليل من الولايات ذات الكثافة السكانية العالية، فإنه سيفوز على الأرجح في التصويت الشعبي.
لكن إذا فاز خصمه في الولايات الصغيرة بفارق ضئيل، فما يزال بإمكانه الفوز إذا حاز الأصوات الانتخابية؛ وهذا ما حدث في عام 2016.
وإليك المرات الخمس التي فاز فيها رؤساء أمريكيين بالبيت الأبيض بسبب أصوات المجمع الانتخابي، رغم خسارته للتصويت الشعبي، بحسب ما عددها موقع History الأمريكي.
فوز رؤساء أمريكيين بأصوات المجمع الانتخابي
جون كوينسي آدامز (1824)
كانت تلك هي المرة الأولى، ضمن مرتين، التي يخسر فيها الرجل المنتخب في النهاية كلاً من الأصوات الشعبية، والانتخابية.
في عام 1824، كان هناك أربعة متنافسين على الرئاسة، وجميعهم أعضاء في الحزبين الديمقراطي والجمهوري نفسه: أندرو جاكسون، وجون كوينسي آدامز، وويليام كروفورد، وهنري كلاي.
عند فرز الأصوات، فاز أندرو جاكسون بأكثرية الأصوات الشعبية والانتخابية. لكن للفوز بالرئاسة، يحتاج المترشح أكثر من مجرد تعددية (أكبر عدد من أصوات المجمع الانتخابي)، إذ يحتاج إلى الفوز بالأغلبية (أكثر من النصف)، وكان جاكسون متراجعاً بـ32 صوتاً انتخابياً عن خصمه.
في الحالات التي لا يفوز فيها أي مرشح رئاسي بأغلبية بالأصوات الانتخابية، يكفل الدستور التصويت لمجلس النواب.
ووفقاً للتعديل الثاني عشر، لا يمكن لمجلس النواب التصويت إلا على أكثر ثلاثة أعضاء حاصدين للأصوات، مما أدى إلى استبعاد كلاي من الترشح، لكن هذا لم يمنع كلاي من ممارسة بعض نفوذه بصفته متحدثاً باسم مجلس النواب.
صوَّت مجلس النواب على جعل آدمز رئيساً، مع أن جاكسون كان متقدماً على آدمز بـ99 صوتاً انتخابياً مقابل 84. ثم عُين آدمز كلاي وزيراً للخارجية، مما أثار حنق جاكسون، الذي اتهم خصمَيه بسرقة الانتخابات في صفقةٍ فاسدة.
قال جاكسون: “لقد أنهى يهوذا الغرب العقد، وسيحصل على ثلاثين قطعة من الفضة. هل شهدتم فساداً بهذه الوقاحة في أي بلد من قبل؟”.
رذرفورد هايز (1876)
على غرار انتخابات عام 1824، لم يقرر الناخبون الفائز في انتخابات عام 1876، إنما مجلس النواب. إلا أن هذه المرة، لم يكن لدى الدستور حل للنزاع الانتخابي.
كانت المنافسة شرسة بين الجمهوري رذرفورد هايز والديمقراطي صمويل تيلدن، وبعد فرز الأصوات، حصل تيلدن على 184 صوتاً انتخابياً، وهو أقل من الأغلبية المطلوبة حينئذٍ للفوز بالرئاسة، بصوت واحد.
فاز هايز بـ165 صوتاً فقط، لكن كان هناك 20 صوتاً انتخابياً متنازعاً عليها.
اعترض الجمهوريون على نتائج فلوريدا ولويزيانا وكارولينا الجنوبية، إذ ادعى كلا الحزبين أن مرشحهم هو الفائز بتلك الولايات.
كانت للدستور خطة احتياطية إذا لم يفز أي مرشح بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي، لكن لم تكن لديه وسيلة أو عملية ما لحل نزاع قائم بين الحزبين.
لذلك أنشأ مجلس النواب لجنة انتخابية اتحادية من الحزبين تتألف من ممثلين عن مجلس النواب، وأعضاء مجلس الشيوخ، وقضاة المحكمة العليا.
وصوتت اللجنة لمصلحة منح هايز اﻷصوات العشرين المُتنازع عليها، ثم فاز بالانتخابات بفارق بالغ ضئيل جداً: 185 إلى 184.
لماذا قررت اللجنة منح المنصب إلى هايز الذي خسر كلاً من التصويت الشعبي والانتخابي؟
يعتقد معظم المؤرخين أن هناك صفقة توسطت بين الطرفين. وافق الديمقراطيون، الذين كان معقلهم الجنوب، على تنصيب هايز رئيساً مقابل أن يعِد الجمهوريون بسحب جميع القوات الفيدرالية من الولايات الكونفدرالية السابقة.
بنيامين هاريسون (1888)
كانت المنافسة في عام 1888 بين غروفر كليفلاند، الذي كان رئيس الولايات المتحدة وقتها، ومنافسه الجمهوري بنيامين هاريسون، مشبعة بالفساد.
إذ اتهم كلا الطرفين الطرف الآخر بمنح أموال للمواطنين مقابل التصويت لمرشحه. انتشرت وقتها فئة من الناخبين الذين لقبوا بـ”العوائم”، لم يكن لدى تلك الفئة أي ولاء لأي من الحزبين، وكانوا على استعداد لبيع أصواتهم لأعلى مزايد.
في إنديانا، ظهرت رسالة تزعم أن الجمهوريين يتآمرون على شراء أصوات الناخبين، وتعطيل الجهود الارتشائية التي يمارسها الحزب المنافس.
في هذه الأثناء، بذل الديمقراطيون الجنوبيون كل ما في وسعهم لقمع تصويت السود، الذين اصطف معظمهم مع الجمهوريين، “حزب لينكولن”.
وبانتهاء هذا السباق المرير أخيراً، سيطر كليفلاند والديمقراطيون على الجنوب بأكمله، بينما فاز الجمهوري هاريسون بالشمال والغرب، وضمن ذلك ولاية إنديانا، مسقط رأس كليفلاند، بفارق ضئيل.
باكتساح الجنوب، فاز كليفلاند في التصويت الشعبي بأكثر من 90 ألف صوت، لكنه مع ذلك خسر أصوات المجمع الانتخابي، بـ168 صوتاً فقط مقابل 220.
بعد أربع سنوات، عاد كليفلاند وتغلَّب على هاريسون، ليصبح الرئيس الأمريكي الأول والوحيد الذي يخدم فترتين غير متتاليتين.
جورج دبليو بوش (2000)
على مدار الأعوام الـ112 التالية، عادت نتائج الانتخابات إلى طبيعتها، بحصول الفائز بالأصوات الانتخابية على التصويت الشعبي أيضاً. ثم جاءت الانتخابات الرئاسية لعام 2000، التي احتدمت فيها المنافسة، إلى حد وصولها إلى المحكمة العليا.
كان المرشحان هما الجمهوري جورج دبليو بوش، نجل الرئيس السابق، والديمقراطي آل غور، الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد بيل كلينتون.
في ليلة الانتخابات، كانت النتائج متقاربة للغاية: أوريغون ونيو مكسيكو وفلوريدا. انتهى غور بالفوز بأوريغون ونيو مكسيكو بفارق ضئيل، مما ترك القرار بيد ولاية فلوريدا.
احتدمت المنافسة في فلوريدا لدرجة أن قانون الولاية تطلّب إعادة فرز الأصوات.
فعندما صدّقت المسؤولة عن أمانة شؤون ولاية فلوريدا، كاثرين هاريس، على بوش باعتباره الفائز بـ537 صوتاً، رفع غور دعوى قضائية، بحجة أنه لم تُحسب جميع بطاقات الاقتراع.
كانت هناك أكوام من البطاقات المثقبة التي جُنِّبت، بسبب أخطاء الناخبين التي أدت إلى عدم احتسابها.
انحازت المحكمة العليا في فلوريدا إلى غور، لكن بوش استأنف أمام المحكمة العليا الأمريكية، التي صوتت في النهاية، 5 مقابل 4، لمصلحة إلغاء حكم محكمة فلوريدا ووقف إعادة الفرز.
باحتساب أصوات فلوريدا، فاز بوش بـ271 صوتاً مقابل 266 من الأصوات الانتخابية، في حين تفوق غور على خصمه بـ500 ألف صوت إضافي من الأصوات الشعبية.
دونالد ترامب (2016)
في انتصار مفاجئ تحدى معظم استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، فاز المرشح الجمهوري الدخيل دونالد ترامب على الديمقراطية هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس السابق بيل كلينتون، على الرغم من حقيقة أن هيلاري كلينتون تفوقت على ترامب بـ2.8 مليون صوت شعبي، لتحرز أكبر تفاوت في الأصوات تشهده الولايات المتحدة على الإطلاق.
حققت كلينتون أداءً جيداً في المدن الكبرى والولايات المكتظة بالسكان مثل كاليفورنيا ونيويورك، حيث تغلبت على ترامب بنسبة 30 نقطة مئوية و22.5 نقطة مئوية على التوالي.
لكن ترامب فاز بفروق بسيطة في ولايات حاسمة مثل ويسكونسن (0.8%) وبنسلفانيا (0.7%) وميشيغان (0.2%).
في النهاية، ربما خسر ترامب أصوات الملايين، لكنه فاز في المجمع الانتخابي بحصوله على 304 أصوات انتخابية مقابل 227 لكلينتون.