حوارات
حوار مع سعادة السفير/ أحمد فتح الله .. سفير جامعة الدول العربية لدي الأمم المتحدة بنيويورك .. أجري اللقاء / أمجد مكي الـثـلاثـاء 29 يـنـايـر 2013 07:56 ص
السياسة هي فن الوصول للممكن والتعامل مع المستحيل ..
حيث أنه لا توجد صداقة دائمة ولا علاقة دائمة بل هناك مصالح دائمة ..
والسياسة الناجحة هي التي تستطيع من خلال المفاوضات أن تقدم من المرونة
ما يجعل الطرف الآخر يقتنع بان هناك مجال لتحقيق الأهداف …
والدبلوماسي الناجح يدرك ان الحاضر هو وليد الماضي وأبوالمستقبل .. ويدرك ايضا انه لا توجد ثوابت في السياسة فالمثل أو الحكمة تقول
بأنك لا تنزل النهر الواحد مرتين لأن هناك مياه دائما تجري من حولك ..
والذين دفعتهم الظروف للعمل في مجال السياسة
لا بد ان تكون لهم نظرة الصقور ليروا كل شئ وصبر سيدنا ايوب .. !
وقد صدق الراحل جمال حمدان الذى كان محقا فى كتاباته والتي أشار فيها الى عبقرية زماكان ( تفاعل الزمان والمكان ) مشيرا إلى موقع مصر الجغرافى وتراكم الابداع وعمق الحضارة الانسانية قد تركت بدورها بصمة قوية على الانسان المصرى بصفة عامة.
والدبلوماسية المصرية والتى لها تاريخ طويل ومشرف على المستوى الدولى أنجبت من خلال هذا التاريخ العريق أبناء لها عملوا فى الحقل الدبلوماسى المصرى والدولى، وأبدعوا وحظيوا بالتقدير والاحترام الدولى. وقد شرفت جريدة ربيع العرب باجراء الحوار مع أحد أبناء مصر والخارجية المصرية، والذى قضى ما يقرب من ٣٧ عاما فى العمل الدبلوماسى داخل وخارج مصر. وهو السفير / أحمد فتح الله سفير جامعة الدول العربية لدي الأمم المتحدة .
و لقد أجرت جريدة ربيع العرب مقابلة مع السفير / أحمد فتح الله والتي أتيحت لنا .. لنتعرف من خلالها على أبعاد شخصية دبلوماسية كبيرة .. تمرست لسنوات طويلة فى مجال السلك الدبلوماسى، و تفخر مصر بأنه أحد أبنائها الذى تميز فى قدراته، ولم يتحيز فى عطائه بحكم وظيفته .. إنه تاريخ طويل من العمل فى الدبلوماسية المصرية، وتسعد الجريدة بإجراء هذا الحوار الصحفي مع سيادته :
س1 سعادة السفير أحمد فتح الله سفير جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة يسعد جريدة ربيع العرب أن تجري معكم هذا الحوار ونود في البداية ان نقدم السفير / احمد فتح الله لقراء جريدة ربيع العرب فهل تتكرم ان تحدثنا عن شخصكم الكريم وعن سفرياتك والأماكن التي خدمتم بها ؟
ج1 اولا أنا شاكر جدا على هذا اللقاء وهو أول لقاء لي منذ وصولي نيويورك أنت تعلم أنني وصلت قبل بداية الجمعية العامة بعدة أيام وبالتالي يسعدني أن أقوم بهذا اللقاء الصحفي مع جريدتكم ربيع العرب .
أنا اصلا دبلوماسي مصري في وزارة الخارجية المصرية وعملت في عدد من السفارات في الخارج كان أولها نيويورك منذ أكثر من ثلاثين عاما وكان ذلك عام 1979 ثم بعد ذلك خدمت في نيودلهي ثم انتقلت للعمل في جنيف لفترة طويلة جزءا منها في سكرتارية الأمم المتحدة لفترة 7 سنوات كمستشار قانوني لإحدى الأتفاقيات البيئية ثم بعد ذلك عملت كسفير لمصر في كل من المغرب وتركيا وهولاندا تباعا .. وأثناء تواجدي في وزارة الخارجية المصرية كنت أعمل دائما في القطاع القانوني لدى الوزارة أو قطاع الهيئات والمنظمات الدولية .. وكان آخر منصب توليته في مصر هو وكيل أول وزارة الخارجية المصرية .. قبل حضوري لنيويورك لتولي هذا المنصب في جامعة الدول العربية .
س2 ما هو آخر المستجدات بالنسبة للوضع في سوريا؟ هل هناك ثمة أمل في إنتقال سلمي للسلطة في سوريا لوقف المزيد من حقن الدماء بين أبناء الوطن الواحد في سوريا ؟
ج2 تقييمنا ان المساعي التي يقوم بهاالسيد/ الأخضر الإبراهيمي لم تنجح حتى الآن .. وذلك للتعقيدات الموجودة على أرض الواقع في سوريا نفسها، وللخلافات الموجودة بين مواقف الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن . وبالتالي فإن نجاح أي جهود دبلوماسية يجب أن تتوافر له عدد من الشروط أهمها مايتصل بما يجري علي أرض الواقع في سوريا .. بالإضافة إلي وجود وفاق دولي يدفع بجهود المبعوث الخاص لكل من الامم المتحدة والجامعة العربية ، وبالتالي علينا أن نقيم يوميا مايجري علي الأرض في سوريا لأنه في النهاية يحدد توجه الحل ويؤثر علي مواقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن .
س3 أكثر من 50 عاما مرت على إقامة جامعة الدول العربية كتجمع يعكس آمال العرب ويقرب فيما بينهم ويدعم قضاياهم إلا أن الواقع العربي الحالي في ظل ثورات الربيع العربي يحمل دور جامعة الدول العربية الكثير من المسئولية لدور حيوي أكثر تأثيرا والبعض الآخر يرى ان دور الجامعة العربي يمر في الظروف الحالية باصعب المراحل لان العالم العربي يعيش مرحة تغيير تتباين ملامحة حيث تشهد بعد الدول العربية تغييرا ثوريا وعنيفا مقابل تغيير سياسي في بعض الدول الآخري وهذا الرأي الأخير يرى انه من الصعب اصدار قرارات مشتركة بالجامعة العربيه التي ستعاني من شلل مرحلي مؤقت إذا تصدت لربيع العربي في الوقت الراهن، ما هو رأي سيادتكم في هذين الرأيين؟
ج3 أنا أرى أنه لابد أن يكون للجامعة العربية دور فعال .. كما تعلم أن اي منظمة اقليمية أو دولية تعكس رغبات ومتطلبات أعضاءها .. الا ان هناك دورا هاما يجب ان تقوم به اي منظمة دولية خاصة إذا كانت منظمة اقليمية .. وذلك من خلال إنارتها الطريق للدول أعضاءها حول المخاطر التي تحيط بها وامكانية وجود توجه موحد في هذة الدول .. فإذا نظرنا الى العالم العربي الآن بصرف النظر عن التطورات المتعلقة بثورات الربيع العربي فالواضح هو اأن الأمن القومي العربي مهدد .. وبالتالي فعلى جامعة الدول العربية أن تعطي أولوية خاصة بحماية الأمن القومي العربي وهو يشمل الأمن القومي الداخلي والخارجي .. والداخلي بمعنى التنمية الإقتصادية والأجتماعية للدول علي المستوي الوطني .. حيث ان توفير عناصر الحياة الأساسية لجميع الشعوب هو الذي سيضمن أمنها الداخلي .فأي شعب في العالم يطلب من دولته او حكومته توفير وسائل الحياة الكريمة من مسكن، مأكل، تعليم، وصحة .. والتوصل إلي توفير ذلك للشعوب العربية يعتبر جزء كبير من تأمين وأمن الوطن الداخلي ، وبالتالي فعلى الجامعة العربية أن تقود هذا التوجه وأن تكون هناك ايضا سياسة عربية موحدة بصرف النظر عن اختلافات المجتمعات من فقير الى غني إلى آخره ولكن من المهم توفير الأمن الداخلي لكل دولة عربية مضافا إليها بالطبع تحقيق الديمقراطية الحقيقية ..
أما الأمن الخارجي فنحن نعلم ان المنطقة العربية مهددة من الخارج وأن هذة التهديدات موجهة للعالم العربي أجمع ويتطلب ذلك توحيد الرؤي بين الدول العربية ووضع إسترتيجيات واضحة للحفاظ علي الأمن العربي وعلي الجامعة العربية أن تقوم دائما بالتذكير بأن الأمن العربي هو الأولوية في هذة المرحلة مهما اختلفت سياسات الدول أعضاء المنظمة لأن ضياع دولة عربية أو دولتين أو ثلاثة سيؤثر على مجموع الدول العربية التي من المفترض ان تكون كتلة قوية ومتماسكة من اكثر من ٦٠ عاما أي منذ إنشاء جامعة الدول العربية .. وبالتالي فإن الدور التنسيقي للجامعة العربية وطرح الأفكار والإستراتيجيات علي أعضائها هو دورا هاما في هذه المرحلة .
س4 هل هناك موقف عربي موحد تجاة عقد مؤتمر دولي لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكذلك هل هناك موقف عربي موحد إيضا تجاة معاهدة الإتجار في الأسلحة التقليدية ؟
ج4 بالطبع هناك موقف عربي موحد سواء بالنسبة لمؤتمر 2012 والذي لم يعقد في 2012 لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية .. أو من مشروع الاتفاقية الخاص بالإتجار في الأسلحة الصغيرة .. ولكن الموضوع هو أكبر من وجود موقف عربي موحد ..
الموضوع أن انعقاد مؤتمر إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية له متطلبات كثيرة جدا هناك مسئولية على دول غير عربية وهي الدول المودع لديها تلك الإتفاقية والتي عليها ان تعقد هذا المؤتمر بالتعاون مع الأمم المتحدة والميسر الفنلندي حيث ان هناك دور حيوي للميسر الفنلندي لعقد هذا المؤتمر وكذلك على الدولة المضيفة وهي فنلندا ..
وكما ذكرت وقلت كثيرا حينما كنت أتولى منصبي في مصر للميسر الفنلندي في لقاءاتنا معه أن فشل إنعقاد المؤتمر يعد فشلا له شخصيا وللدولة المضيفة أي فنلندا التي يتمتع بجنسيتها وبالتالي فعليه وعلي فنلندا أن يكون شديدا الحرص علي عقد المؤتمر وإنجاحه وبالتالي نتمنى بعد تأجيل مؤتمر 2012 أن تكون الدول غير العربية أكثر جدية وإيجابية في عام 2013 لأن الإستمرار في عدم إخلاء المنطقة من السلاح النووي سوف يؤثر على الأمن في العالم أجمع فمنطقتنا مليئة بالمشاكل التي يمكن ان تمس في المقام الأول الأمن الأوروبي بإعتبار أن أوروبا هي أقرب منطقة جغرافية لنا ..
فعلي سبيل المثال فإن المسافة بين مصر وقبرص هي 197 ميل بحري .. أي بالطائرة حوالي 45 دقيقة فهي أقل من المسافة من القاهرة الى اسوان .. وبالتالي على الأوروبيين أن يعلموا ان مسألة الأمن في منطقتنا هي أمر حيوي بالنسبة لهم والوصول بنتائج ايجابية من خلال ماسيقرره المؤتمر يعتبر تأمينا للدول الأوروبية وتأمين للدول الأسيوية .. ونفس الشئ لجنوب الصحراء في أفريقيا ،فهي كلها جيرة مباشرة لمنطقتنا في الشرق الأوسط .
س5 هل لسيادتكم ان تتحدثون عن مهامكم الرئيسية أو الدور الذي يقوم به فرع جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة في حل أو المساهمة في حل قضايا الوطن العربي مع ذكر بعض الأمثلة ؟
ج5 دور جامعة الدول العربية هو متعدد فهو في أحيان كثيرة على غرار اي بعثة تمثل اي دولة في نيويورك حيث نقوم بالاتصالات اللازمة مع مختلف الوفود الأخرى لتحقيق هدف أو آخر .
والمثال البسيط على ذلك حينما تم الأعتداء على غزة فقد كان دور جامعة الدول العربية كمكتب على غرار بقية البعثات الدبلوماسية فكنا نتقاسم العمل في الأتصال بمختلف الدول ونقوم بنفس عمل اي سفير آخر ثم يضاف الى ذلك العمل التنسيقي : هناك مسئولية يقوم بها هذا المكتب وهو التنسيق بين السفراء العرب في مختلف الموضوعات وبالتالي هناك دورين دور تنسيقي وهو ينفرد به مكتب الجامعة في جميع المجالات من حقوق الانسان الى نزع السلاح الى آخره ..
وبالأضافة فنحن نشارك الدول العربية بالاتصال بالدول الأخرى لتحقيق أهدافنا من مختلف القرارات التي تصدر عن الأمم المتحدة والشئ الوحيد الذي لا يمكن ان نقوم به على غرار الدول الأخرى هو مشاركتنا في التصويت او في تبني القرارات .
ومع ذلك وبالنسبة لتبني القرارات العربية فمكتب الجامعة يقوم بدور محوري يتمثل في جهوده لجمع اكبر عدد من المتبنيين لمختلفي القرارت العربية وهو شئ هام في إطار عمل الأمم المتحدة ، فالتوصل إلي الحصول علي أكبر عدد من المتبنيين لقرار ما يعطي له ثقل عند مرحلة التصويت عليه .
س6 لماذا هذا الانطباع لدى معظم الشعوب العربية على ان دور الجامعة العربية نحو مشكلات العرب الداخلية اصبح كما يبدو دورا تقليديا ويبتعد عن الدور المؤثر والفعال والريادي حتى بدأ الشارع العربي ينسى دورها عدا بعض المؤتمرات الضعيفة هنا أو هناك ، هل ترى سيادتكم ان هذا الدور وفاعليته سببه عدم تعامل الجامعة العربية بجدية مع مشاكل الوطن العربي أم أن سببه ذلك هو عدم التعاون الفعلي مع معظم انظمة الدول العربية مع الجامعة العربية حتى اصبحت في هذا الموقف الضعيف ؟
ج6 انا أري ببساطة .. كما ان هناك تطوير على المستوى الوطني في دول العالم العربي او معظمها لوجود نوع من التوجهات الجديدة القائمة على المنطق والجدية واحترام رغبات الشعوب فإن ذلك يجب ان ينعكس علي الجامعة العربية فهي جزء مما يحدث في المنطقة العربية وبالتالي فتطوير هذة المنظومة مطلوب .. فكما ان هناك تطوير في معظم الدول العربية الآن سواء من خلال ثورات الربيع العربي .. او تطورات سياسية داخلية بدون ثورات في بعض الدول الأخرى .. فلابد كذلك ان ينعكس هذا داخل جامعة الدول العربية نفسها ودورها والالتزامات على العاملين بها ايا كان مستواهم ودرجاتهم .
س8 من المعروف ان لمصر دور رياديا ومؤثر في المنطقة العربية بحكم عوامل كثيرة؟ هل ترون ان وصول التيار الاسلامي للحكم في مصر سيكون له مردود سلبي على دور الجامعة العربية في المنطقة ام ان لوصول هذا التيار سيكون له مردود ايجابي للجامعة العربية؟
ج8 في رأيي ان الموضوع ليس هو موضوع تيار اسلامي أو تيار غير اسلامي .. الموضوع هو ضرورة وجود وضوح في ا لرؤية لدى اي نظام في العالم العربي بما فيها مصر ووجود خطوات تنفيذية حقيقية للوصول للأهداف المرجوة فأيا كان النظام .. عليه ان يعي ان أهم شئ هو تحقيق اهداف تلبي طموحات شعبه ووضوح في الرؤية وخطوات عملية لتحقيق هذة الأهداف .
فاذا كان النظام المصري أيا كانت الصفة الملصقة به اسلامي او غير اسلامي سوف يصل الى مرحلة هذا المفهوم المتكامل وبالتالي فانه سيساعد على قيام مصر بدور الريادة المعتاد في العالم العربي ويساعد الدول العربية الأخري على اخذ مصر كمثال يحتذي به .
س9 هل انت مع القول الشائع ان ثورات الربيع العربي ما هي الا مخطط امريكي لمنطقة الشرق الاوسط بغرض تقسيمه والاستيلاء على ثرواته؟ ام انها ثورات حقيقية لشعوب هذة الدول على انظمتها البائدة؟
ج9 انا اعتقد في شيئين وانا دائما اتحدث بصراحه في جميع المحافل .. فهي بالتأكيد ثورات حقيقية ..
لان لو اخذنا مثال كمصر او اي دولة اخرى حدث فيها الربيع العربي فالمنطق هو انه هناك حدود لصبر الشعوب .. فهناك تغيرات حدثت في دول اسيويه وشرق أوروبا وامريكا اللاتينية ودول في جنوب الصحراء في افريقيا للتوجه نحو تحقيق الديمقراطية الحقيقية وآمال الشعوب في حياة كريمة .
والعالم العربي هو آخر المناطق الذي وصل إليها هذا التوجه العالمي وبالتالي فمايحدث الآن كان متوقعا حيث انه لم يكن من المتوقع ان تتخلف المنطقة العربية عن مواكبة الدخول في القرن الحادي والعشرين بمنظور جديد أجمع عليه المجتمع الدولي .
النقطة الأخرى هي هل ستقوم قوة أخري خارجية باستغلال هذة الثورات وتحويلها لصالحها فكل دولة ترسم سياستها وفقا لمصالحها وبالتالي علينا ان نعي داخل دولنا العربية بأن إنجاح هذة الثورات يجب ان يرتكز علي منطلق وطني وان نحافظ على هويتنا والا ننجرف في محاولات قوة خارجية لإستغلال مايتم في صالح تحقيق أهدافها فهذا المفهوم هام جدا في توجهنا داخل المنطقة العربية بما فيها مصر.
س10 ترى لماذا أمتدت ثورات الربيع العربي لتلك الدول فقط ولم تمتد الى دول اخرى هل نمعى ذكل ان تلك الدول الأخرى تتمتع بالديمقراطية الحقيقية؟
ج10 اولا تواجد الثورات العربية في هذه الدول لسبب انا أراه سبب واضحا جدا فالعنوان الأكبر هو موضوع الفساد في هذة الدول وعلي رأسه الفساد السياسي .. واولى عناصر هذا الفساد السياسي كان عملية التوريث ..
واذا نظرت الى هذه الدول كاليمن ومصر وليبيا .. فإن هذا الموضوع (التوريث) كان غير مقبول من شعوب هذة الدول فكل رؤساء هذة الدول والتي تم الإطاحة بهم حلفوا اليمين على ان هذا نظام جمهوري .. وبالتالي مضيهم في عملية التوريث يخالف دستور هذه الدول .
وبالتالي ظهرت هذة الدول بعينها بالأضافة ما يرتبط بفساد اقتصادي وفساد مالي كان له علاقة مباشرة بالفساد السياسي وهذا هو الفارق الاساسي بين ماحدث في دول الربيع العربي والدول الأخري .
س11 ترى ما هي انجازات الجامعة العربية منذ انشاءها وحتى الآن اذا استطعنا ان نوضح هذة الانجازات باختصار ؟
ج11 يجب النظر اولا ليس لجامعة الدول العربية وانما لاي منظمه دولية بما فيها الامم المتحدة والشئ الواضح للعالم هي المشاكل السياسية التي دائما ما تتناولها وسائل الاعلام فالناس دائما في جميع انحاء العالم تنظر كمثال للامم المتحدة انها لا تفعل شيئا لدول العالم وكذلك نفس النظرة من شعوب العالم العربي للجامعة العربية انها لا تفعل شيئا لشعوبها العربية فالمواطن في اي مكان في العالم او في العالم العربي لا تصل له للأسف معلومة التطوير في الموضوعات الفنية الأخرى والتي تمس حياته اليومية كموضوع الصحة او الموضوعات الاقتصادية .
وعلي سبيل المثال إذا تحدثنا علي منظمة الامم المتحدة يجب كذلك تقييم عمل جميع المنظمات والوكالات المتخصصة التابعة لها وعلي سبيل المثال جهود منظمة الصحة العالمية في القضاء علي الكثير من الأمراض والأوبئة والتوصل إلي تطعيمات لتفادي تفاقم الأمراض إلخ .. ومساعدتها للدول النامية بما فيها الدول العربية من خلال مايربطها من علاقات مع مختلف أجهزة الجامعة العربية .
وبالتالي فأي تقييم لأي منظمة دولية او جامعة الدول العربية يجب الا يقتصر على الموضوعات السياسية فقط بل ان يمتد الى الموضوعات الاقتصادية والى الموضوعات البيئية إلخ … فعلي وسائل الإعلام ان تسلط الضوء كذلك علي إنجازات الجامعة العربية في مختلف المجالات الاخري من خلال متابعة دقيقة لاجتماعات مثل وزاراء البيئة العرب او الثقافة إلخ .. حتي تصل إلي الشعوب حقيقة ماتقوم به الجامعة العربية وعدم الإقتصار علي الواجهه السياسية وهي الاكثر تعقيدا ولكن للأسف الاكثر اثارة .. وبالتالي فالتقييم النزيه لأي نظام دولي لابد ان يشمل جميع عناصر تكوين هذا النظام الدولي ..
فلو اردنا القيام بتقييم جامعة الدول العربية لابد ان نقيم بهدوء المجهودات التي تقوم بها جامعة الدول العربية من ناحية حماية الثقافة العربية وحماية اللغة العربية والفن العربي والبيئة العربية وبالتالي على وسائل الاعلام ان تكون اكثر عدلا .
س١٢ ترى ما هي مشكلة انجاز مفهوم الوحدة العربية او مفهوم القومية العربية هل يرجع ذلك الى طبيعة الشعوب العربية وعدم طموحها في الوصول لهذة الوحدة او الوصول لفكرة القومية العربية ام انها مشكلة انظمة الدول العربية وحكامها ؟
ج١٢ اولا للأجابة على السؤال فهناك عدد من العناصر التي يجب النظر اليها اولا هل الوصول الى هذا التصور للتضامن العربي او الوحدة العربية يبدأ بالسياسة ام بالاقتصاد؟ أثبتت التجربه في اكثر من 60 عاما ان البدء بالسياسة قد أفشل التوصل الى هذا الهدف ..
واثبتت التجربة في الاتحاد الاوروبي ان البدء بالاقتصاد هو الذي يحقق هذا الهدف لأن وحدة المصالح المبنية علي المصالح الاقتصادية تؤثر على المواطن شخصيا وتؤثر على الدول الأعضاء لأي تجمع وبالتالي تفسح المجال لتضامن سياسي وبالتالي لابد من تغيير المنظور للاستفادة من تجارب المناطق الأخرى من حيث كيفية تحقيق الوجود العربي القوي بأن نبدأ بمايجمعنا من مصالح وبالتالي التركيز علي التعاون الاقتصادي قبل البدء بالناحية السياسة التي قد تكون بالنسبة لوسائل الإعلام
مانشيتات أكثر جاذبية الا ان ذلك لم تتمخض عنه النتائج المرجوة خلال اكثر من نصف قرن .
فعلينا ان ننظر الى تجارب ناجحة سواء في جنوب شرق اسيا او في الاتحاد الاوروبي وننظر الى كيفية التعامل مع هذة الموضوعات الآن لإثبات تواجدنا بقوة كدول عربية علي الساحة العالمية يتطلب توافر القوة الداخلية لدينا .
س13 هل تحدثنا سيادتكم عن الفترة التي قضيتموها في الأمم المتحدة من خلال عملك في برنامج الأمم المتحدة للبيئة وما هو طبيعة هذا البرنامج واسهاماتك فيه ؟
ج13 بالنسبة لي هذة كانت فترة مفيدة جدا فأنا دائما أجد حريتي الشخصية في التفكير وفي التعبير عن نفسي وانت تعلم انني الآن عضو في لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة .. وبالتالي فهو من ضمن الاشياء التي اعتز بها حيث ان الخبير بلجنة حقوق الانسان يتمتع بإستقلالية ويعبر بحرية عن أرائه.
والفرصة الأخرى التي تناولتها أني عملت لمدة 6 سنوات كمستشار قانوني للأتفاقيات البيئية الخاصة بمنع نقل النفايات الخطرة فأرغب في التأكيد ان نجاح عملي فيها قد إرتكز أساسا علي معرفتي التفصيلية لكل المفاوضات التي سبقت إقرار الإتفاقية من خلال قيامي بتمثيل مصر في المرحلة التفاوضية بأكملها علي غرار ماقمت به مثلا في إتفاقية حقوق الطفل .
وبالتالي فإستمرارية المفاوض العربي في موضوع معين هو شئ أساسي ومهم ، وقد أعطاني ذلك الدفعة الرئيسية في مساعدة الدول في تنفيذ هذه الإتفاقية لسابق خبرتي بتفاصيلها ، وبالتالي قمت بإقتراح عدد من الأدوات القانونية لتسهيل عملية التنفيذ الآمن للإتفاقية ثم عرضها ومناقشتها من الدول أطرافها والموافقة عليها وهو ماأحمد الله عليه .
س١٤ ما الشخصية التي تأثرت بها خلال عملك في وزارة الخارجية المصرية ؟
ج١٤ انا شخصيا طوال فترة عملي قبل ان اكون سفيرا عملت مع سفيرين هما الدكتور / نبيل العربي .. ولا زلنا نعمل سويا في إطار الجامعة العربية الآن ..
وايضا تأثرت بالسيد / عمر موسى فقد استفدت من كل شخصية بطريقة مختلفة .. فاستفدت من الدكتور / نبيل العربي في ممارسة القانون الدولي ومن السيد عمر موسى من صفات ماأطلق عليه (الدبلوماسية الجريئة) .. فالدبلوماسية الناجحة علي خلاف مايتصوره البعض .. تتطلب الجراءة وحرية التفكير والإبداع والتعبير عن ذلك بوضوح .
كما استفدت من خبرة الدكتور / نبيل العربي القانونية فرغم أنني خريج كلية الحقوق إنما الواقع العملي في تعلم القانون الدولي هو الممارسة التي قمت بها من خلال عملي مع الدكتور / نبيل العربي فهو يملك الملكة القانونية الدولية التي لاتوفرها كليات الحقوق في مصر .
وأؤكد ان إستفادتي من خبرتهما في تكوين شخصيتي الدبلوماسية لاتعني إتفاقي معهما في التوجهات والرؤي . بل أننا إختلفنا في الكثير من الموضوعات وكيفية التعامل معها سواء كان ذلك علي المستوي الوطني أو الإقليمي أو الدولي ، بالإضافة إلي تقييم الأوضاع العالمية وتأثيراتها علي منطقتنا العربية وبالتالي مايجب أن تكون عليه التوجهات المصرية والعربية .. ورغم فارق العمر فإن قبولهما دائما للرأي الآخر مثل حجر الزاوية في إستمرار علاقتنا الصحية وإدارة حوار حضاري يعبر كل منا عن رأيه مع إحترام متبادل من الصغير للكبير ومن الكبير للصغير .
وفي نهاية حديثنا مع سعادة السفير/أحمد فتح الله، فإن إدارة جريدة ربيع العرب تتوجه بالشكر لسيادته على الفرصة التي أتيحت لنا لكي نجري معه هذا الحوار حتي تتاح الفرصة للمجتمع العربي أن تتعرف عن قريب علي شخصيته وأيضا فهي شهادة بمدي نجاح وتميز الدبلوماسية المصرية ، وهي فاتحة خير أيضا لنا بالجريدة أن نقدم الذين تميزوا في العمل العام… حتي يرانا العالم بصورة أكثر وضوحا .
وكم كانت سعادتنا ان اننا استطعنا من خلال هذا الحوار الجرئ والصريح ان نطلع القارئ العربي على اجابات محددة ومقنعة لموضوعات عامة تشكل خاطر ووجدان معظم المواطنيين في ارجاء مجتمعنا العربي وايضا المقيمين بالخارج وان كنا قد نجحنا في الحصول على رؤية واضحة من دبلوماسي مصري له رؤية شاملة وواضحة من اجاباته على معظم الاسئلة تعطي مزيدا من الوضوح والفهم وايضا تؤكد لنا ان هناك أمل بأن الصورة ليست ضبابية كما يعتقد البعض ..
وان هناك محاولات جادة خاليه ومستمرة من قبل القائمين على الدبلوماسية العربية في ان يتعاملوا بشكل واضح وعملي مع كثير من القضايا الاقليمية والدولية والتي تمس صانع القرار وحاضر ومستقبل الأنسان العربي .
ولك عزيزي القارئ أن تعلم أن :
جامعة الدول العربية هي منظمة تضم دولاً في الشرق الأوسط وأفريقيا ويعتبر أعضاؤها دولاً عربية، ينص ميثاقها على التنسيق بين الدول الأعضاء في الشؤون الاقتصادية، ومن ضمنها العلاقات التجارية، الاتصالات، العلاقات الثقافية، الجنسيات ووثائق وأذونات السفر والعلاقات الاجتماعية والصحة. المقر الدائم لجامعة الدول العربية يقع في القاهرة، عاصمة مصر (تونس من 1979 إلى 1990). وأمينها العام الحاليّ هوالدكتور / نبيل العربي.
تسهل الجامعة العربية إجراء برامج سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واجتماعية لتنمية مصالح العالم العربي من خلال مؤسساتٍ مثل مؤسسة جامعة الدول العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليسكو) ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية. وقد كانت الجامعة العربية بمثابة منتدىً لتنسيق المواقف السياسية للدول الأعضاء، وللتداول ومناقشة المسائل التي تثير الهم المشترك، ولتسوية بعض المنازعات العربية والحد من صراعاتها، كصراع أزمة لبنان عام 1958.كما مثلت الجامعة منصةً لصياغة وإبرام العديد من الوثائق التاريخية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين بلدان الجامعة. أحد أمثلة هذه الوثائق المهمة وثيقة العمل الاقتصادي العربي المشترك، والتي تحدد مبادئ الأنشطة الاقتصادية في المنطقة.
لعبت الجامعةُ العربيةُ دورا هاما في صياغة المناهج الدراسية، والنهوض بدور المرأة في المجتمعات العربية، وتعزيز رعاية الطفولة، وتشجيع برامج الشباب والرياضة، والحفاظ على التراث الثقافي العربي، وتعزيز التبادلات الثقافية بين الدول الاعضاء. فقد تم إطلاق حملاتٍ لمحو الأمية، وعمليات نسخٍ للأعمال الفكرية، وترجمةٍ للمصطلحات التقنية الحديثة لاستخدامها داخل الدول الاعضاء. كما تشجع الجامعة اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الجريمة وتعاطي المخدرات، وللتعامل مع القضايا العمالية، ولا سيما بين القوى العربية العاملة في المهجر .
وإلي لقاء آخر مع شخصية دبلوماسية أخري فانتظرونا..