مقالات
همسات الاوراق – بقلم الدكتور/ ياسين العيوطى – مستشار قانونى وكاتب من مدينة نيويورك
ليس المقصود هنا اوراق الكتابة ولكن المعنى اوراق الشجر .لها حفيف سحرى وتداعبها موسيقى خاصة هى فحيح الرياح الهادية حينما تسمعها الاشجار تهتز راقصة باعاليها وليس باواسطها وتهمس الاوراق امام نافذتى ان الطبيعةحينما ترزق يرزقها المطر ويجففها وجه الشمس
وحين تعزف تلك الموسيقى السماوية تبدا الطيور المتربعة فوق هامات الاشجار المحيطة بمنزلنا فى هزيج عصفورة له نغمات رباعية او خماسية
الطبيعة تثير فى الطيور مرح الحياه والطيور تثير فى انا الانسان الشوق الى المزيد وليس لى ان اغمض عينى اذ اود الا تفوتنىً تلك الهمسات الربانية
وفجاة اجدتى ارسل صفيرا بين شفتى محاولا ان اخدع الطيور فوق تلك الاشجار التى تخف بمنزلنا فى لونج ايلاند وتمتد الى داخل مدافن تاريخية تطل علينا من مرتفع يعلو منزلنا القبور حية لا بمن دفنوا فيها منذ القرن الثامن عشر ولكن بما تحدثه الاشجار والطيور والريح والمطر من هزات تقول :
الموتى هنا يسمعون الطبيعة فى صمت ووقار لا يرددون ولا يتدخلون فى احداث الطبيعة التى تحيط بازرعها بقبورهم وتطيل فى امد صمتهم
لكننى ترى من خلال نافذتى التى اطل منها على تلك القبور لا طيورا فحسب
ارى كائنات اخرى تسير بخطى مختلفة السرعة فى حديقة الصمت التى تضيف جلالا الى جلال
ارى الغزلان تدب فى صمت بجوار المقابر وتمد اعناقها لتاكل الاوراق الخضراءالتى كان لها ان تكف عن الهمس وتصبح غذاء طبيعيا لتلك الحيوانات الراقصة التى تعيش من حولنا فى انتظار طعامها الخاص الذى تقدمه زوجتى لها لكى تغذى القطة الام رضيعاتها الاربعة دون ارهاق
القطة الام تستلقى على جانبها وتحدث صوتا هادئا اسميه لغة القطط تخف القطط الصغيرة الى الرضاعة فى شوق وشغف دون منافسة ودون ارهاق
وحينما تظهر الغزلان فوق الرف الطبيعىً المحيط بالمقابر ولا تفزع القطط من هذه الحيوانات الجميلة ذات الذيول البيضاءوكان الحيوانات على اختلافها لها قانون سلام خاص هذه هى سمفونية الطبيعة الخلاقة والبيئة الخلابة دوى السيارات نسمعه من بعد وصوت صفارات عربات الشرطة والمطافىً لا يحدث الا فى اوقات متباعدة
الكل يسعى فى طريق دون اعاقة المخلوقات او الاليات الاخرى على القيام بدورها وكانها تعيش طبقا لوصف محدد لمخلوقات الله حين قال صلى الله عليه وسلم :كل امرء ميسر لما خلق له
او كما قال الشاعر :
كل امرء فى الحياة يطلب صيدا ولكن الشباك مختلفات
وتطبيقا لذلك فقد وفقنا الله للكتابة والملاحظة والتوثيق ويسر للقطط بيئة رحيمة لا تعكر صفوها باحد من العابثين ويسر للغزال طعامه وشرابه وراحته واستراحته واقول استراحته لاننى ارى ام الغزال ترقد فى اخر الارض المورقة المحيطة بمنزلنا وكانها تستريح من عناء السير او توكد لى انها لا تخشى ضررا متى او من زوجتى او من ابننا الذى يعيش معنا ويضيف الى مشيبتنا شبابا متجددا
هذا التناسق فى البيئة والمعيشة وهذا الحفيف الذى هو همسات الاوراق الخضراءكلها من صنع الله وكفاءة الحرص البشرى فى هذه الحارة المغلقة فى اخرها على عدم تعكير اى مظهر من مظاهر الطبيعة الخلابة التى منحها الله لهذه الناحية من لونج ايلاند (الجزيرة الطويلة )
والتى يخف شمالها خليج لونج ايلاند
وان سمعت صفير القطار من بعيد فهذا تاكيد بان الحياة العادية قد عادت رويدا الى جزيرتنا بعد الانغلاق الذى انت جائحة كورونا له والان وقد جاء الخريف فان نبض الحياة قد عاد مرحبا بذلك النبض ومرحبا بهمسات الاوراق ومرحبا بالغزال يخطو فى امام امام نافذتى
مرحبا بالامم والسلام