أخبار من أمريكا
بعد مداهمة الشرطة لقصر ترامب الباذخ.. ما هي التهم التي تطارده، وهل تمنع ترشحه للرئاسة؟
وكالات:
لقد فتشوا حتى خزنتي” بهذه الكلمات غرد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شاكياً من مداهمة المباحث الفيدرالية الأمريكية لقصره الباذخ الذي يقع في منتجع مارالاغو، في بالم بيتش بولاية فلوريدا الأمريكية، في مؤشر على مشكلات ترامب القانونية معرض للتفاقم.
ولم تعلن المباحث الفيدرالية عن أسباب مداهمة قصر ترامب، ولكن هناك شكوك بأن الأمر يتعلق بعملية إتلاف واسعة نفذها الرئيس السابق لمستندات رئاسية رسمية.
البيت الأبيض الشتوي.. قصة قصر ترامب الباذخ في منتجع مارالاغو
يوصف هذا المنتجع بأنه “البيت الأبيض الشتوي” خلال رئاسة ترامب، واستقبل فيه رؤساء بعض الدول؛ مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، ومنه أمر ترامب بشن هجمات صاروخية أمريكية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ويتلقى هذا النادي الخاص -الذي يمتد على مساحة ثمانية هكتارات والذي أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي أمراً بتفتيشه- رسوم عضوية سنوية قدرها 200 ألف دولار وأصبح رمزاً للفترة التي قضاها دونالد ترامب في منصب الرئيس الأمريكي.
ويقع في قلب منتجع مارالاغو، الذي اشتراه ترامب عام 1985، قصر مكون من 126 غرفة تضم شرفات واسعة ومحاط بمروج خضراء مشذّبة بعناية.
وقد شُيّد عام 1927 لوريثة شركة الحبوب والشخصية الاجتماعية البرجوازية، مارجوري ميريويذر بوست، التي أوصت بمنحه للحكومة الأمريكية عام 1973. ولكن لم يستخدمه ريتشارد نيكسون أو جيمي كارتر وأعيد إلى الملكية الخاصة عام 1981.
ماذا وجدت المباحث الفيدرالية في خزنة ترامب؟
وقال دونالد ترامب يوم الإثنين 8 أغسطس/آب إن ضباط مكتب التحقيقات الفدرالي داهموا قصره في مارالاغو وفتشوه.
وغرد ترامب بأسى قائلاً: “لقد اقتحموا حتى خزنتي”.
لا يمكن تأكيد أن المباحث الفيدرالية قد اقتحمت بالفعل خزنة ترامب؛ حيث لم تؤكد الوكالة تفاصيل المداهمة، ولكن تغريدة ترامب، دفعت البعض للتساؤل حول ما هي الأشياء التي يمكن أن يخفيها ترامب في خزانة مقفلة؟ هل من الممكن أنه كان يخفي بعض الوثائق السرية التي قيل إن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يبحث فيها؟
وقال نجله إريك ترامب إن “الرئيس السابق لم يكن لديه حتى أي شيء في الخزنة”.
وهذا التفتيش على ما يبدو جزء من تحقيق في إتلاف ترامب بعض ملفات البيت الأبيض بشكل غير قانوني بعد رئاسته.
إليك أبرز مشكلات ترامب القانونية
تتضمن مشكلات ترامب القانونية سلسلة من التحقيقات والدعاوى القضائية على عدد من الجبهات.
استرداد ملفات سرية من منزل ترامب
أخطرت إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية الأمريكية (نارا) الكونغرس في فبراير/شباط بأنها استردت حوالي 15 صندوقاً من وثائق البيت الأبيض من منزل ترامب في فلوريدا، بعضها يحوي ملفات سرية.
وقالت لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي حينذاك إنها توسع التحقيق في تصرفات ترامب، وطلبت من إدارة المحفوظات تسليمها معلومات إضافية. وأكد ترامب في وقت سابق أنه وافق على إعادة بعض الملفات إلى إدارة المحفوظات، واصفاً ذلك بـ “إجراءات عادية وروتينية”.
هل يحاكم بسبب الهجوم على الكونغرس؟
تعمل لجنة بالكونغرس تحقق في هجوم 6 يناير/كانون الثاني، الذي نفذه أنصار ترامب على مبنى الكابيتول الأمريكي، على إثبات أنه خالف القانون بمحاولته إبطال هزيمته في انتخابات 2020.
وليس بإمكان اللجنة اتهام ترامب بارتكاب جرائم فيدرالية؛ لأن هذا القرار يعود لوزارة العدل، التي يقودها المدعي العام ميريك غارلاند. ويقول خبراء إنه إذا قررت وزارة العدل إدانته، فسيواجه المدعون العموميون صعوبة كبرى في إثبات أن ترامب تصرف بنية فاسدة.
وقد يُتهم ترامب أيضاً بتنفيذ “مؤامرة مثيرة للفتنة”، وهو قانون نادر الاستخدام يحظر إطاحة الحكومة الأمريكية بالقوة، وهي تهمة وُجهت بالفعل للعديد من المشاركين في الهجوم.
ترامب جمع أموالاً من مؤيديه ثم أنفقها في غرض آخر
من مشكلات ترامب القانونية المحتملة، أنه قد يواجه اتهاماً بالاحتيال، حيث قال ديمقراطيون في جلسة استماع في يونيو/حزيران إن ترامب، جمع حوالي 250 مليون دولار من مؤيديه لتقديم مزاعم زائفة في المحكمة بأنه فاز في الانتخابات، لكنه وجّه معظم هذه الأموال لغرض آخر.
وقال خبراء قانونيون إن هذا قد يؤدي لاتهامه بالاحتيال الإلكتروني، الذي يحظر قانونه تلقي أموال على أساس “ادعاءات كاذبة أو احتيالية”.
محاكمة بسبب مكالمة هاتفية حاول عبرها تغيير نتائج الانتخابات
من أبرز مشكلات ترامب القانونية، محاولته لتغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية في ولاية فلوريدا عندما كان رئيساً.
وتشكلت هيئة محلفين كبرى خاصة في مايو/أيار لدراسة أدلة من تحقيق المدعي العام لولاية جورجيا في محاولات ترامب المزعومة للتأثير على نتائج انتخابات الولاية لعام 2020.
ويركز هذا التحقيق جزئياً على مكالمة هاتفية أجراها ترامب مع براد رافينسبرغر، سكرتير ولاية جورجيا الجمهوري، في 2 يناير/كانون الثاني عام 2021.
وطلب ترامب من رافينسبرغر “إيجاد” الأصوات اللازمة لإبطال خسارته في الانتخابات، وفقاً لتسجيل صوتي حصلت عليه صحيفة The Washington Post.
وقال خبراء قانونيون إن ترامب ربما انتهك ما لا يقل عن ثلاثة قوانين انتخابية جنائية في جورجيا: التآمر للتزوير في الانتخابات، والتحريض الجنائي لتزوير الانتخابات، والتدخل المتعمد في سير الواجبات الانتخابية.
وبإمكان ترامب أن يدافع عن نفسه بالقول إن حديثه كان حرية تعبير وإنه لم يكن ينوي التأثير على الانتخابات.
عائلته حاولت تخفيض قيمة الضرائب
مشكلات ترامب القانونية ترتبط أيضاً بعائلته وشركاتها.
كان ألفين براغ، المدعي العام لمنطقة مانهاتن، يحقق في ما إن كانت شركة العقارات التابعة لعائلة ترامب قد تلاعبت في قيمة ممتلكاتها للحصول على قروض بنكية وخفض قيمة الضرائب.
واستقال اثنان من كبار المحامين المشرفين على التحقيق في فبراير/شباط، وهذا أثار تساؤلات عن مستقبله، لكن مكتب براغ قال إنه مستمر.
وتُجري ليتيشا جيمس، المدعية العمومية لولاية نيويورك، تحقيقاً مدنياً لمعرفة إن كانت شركة ترامب قد ضخّمت قيمة عقاراتها. ووافق ترامب واثنان من أبنائه البالغين؛ دونالد ترامب جونيور، وإيفانكا ترامب، على الإدلاء بشهادتهم في التحقيق بداية من 15 يوليو/تموز.
ونفى ترامب ارتكاب أي مخالفات في قضيتي نيويورك، وقال إن وراءهما دوافع سياسية.
قضية تشهير بسبب إنكاره اغتصاب كاتبة
من ضمن مشكلات ترامب القانونية، دعوى مرتبطة باتهام كاتب له باغتصابها، حيث رفعت إي جين كارول، وهي كاتبة سابقة في مجلة Elle، دعوى قضائية على ترامب بتهمة التشهير عام 2019 بعد أن أنكر الرئيس آنذاك مزاعمها بأنه اغتصبها في التسعينيات في متجر في مدينة نيويورك. واتهمها بالكذب للترويج لكتابها.
وتستعد محكمة استئناف الدائرة الثانية في مانهاتن للبت في رفض دعوى كارول.
وقال محامي ترامب إنه محمي بموجب قانون فيدرالي يمنح موظفي الحكومة حصانة من دعاوى التشهير.
هل الترشح للرئاسة يحمي ترامب من المحاكمة؟
رغم أن وزارة العدل تتبع سياسة منذ عقود تقضي بعدم توجيه اتهامات لرئيس حالي، لا يحظى مرشحو الرئاسة بحصانة مماثلة.
وتساءلت صحيفة The New York Times: لو خالف ترامب قانوناً يخص إتلاف ملفات رسمية، فهل سيُحرم من تولي منصب فيدرالي في المستقبل؟
تؤكد المادة 2071 من الباب 18 في قانون الولايات المتحدة أن أي شخص لديه عهدة مستندات أو ملفات حكومية يعمد إلى إخفائها أو التخلص منها أو تحريفها أو محوها أو تزويرها أو إتلافها بشكل متعمد وغير قانوني، يُدان ويغرّم مالياً أو يحكم عليه بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. وزيادة على ذلك، ينص القانون على أنه في حالة توليه منصباً فيدرالياً، “يُحرم” من هذا المنصب، ومن تولي أي منصب في الولايات المتحدة.
وظاهرياً، إذن، لو اتُّهم ترامب وأُدين بالتخلص من أو إخفاء أو إتلاف ملفات حكومية بموجب هذا القانون، فسيبدو غير مؤهل للترشح للرئاسة.
لكن هذا القانون دخل إلى دائرة الضوء عام 2015، بعد أن تبين أن هيلاري كلينتون، التي كان يتوقع أن تكون المرشحة الرئاسية الديمقراطية لعام 2016، استخدمت خادم بريد إلكتروني خاص لإجراء مهام حكومية أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية.
وأشار بعض الجمهوريين إلى إمكانية أن يحرم هذا القانون السيدة كلينتون من دخول البيت الأبيض، وكان منهم مايكل موكاسي، المدعي العام السابق في إدارة جورج بوش الابن.
لكن عدداً من الباحثين القانونيين -منهم سيث تيلمان من جامعة ماينوث في أيرلندا ويوجين فولوخ من جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس- أشاروا إلى أن الدستور يحدد معايير الأهلية لمنصب الرئيس، وقالوا إن أحكام المحكمة العليا لا تسمح للكونغرس بتغييرها. ويسمح الدستور للكونغرس بحرمان الأشخاص من تولي المنصب في حال تنفيذ إجراءات العزل، لكنه لا يمنحه هذه السلطة في القانون الجنائي العادي.
وكتب فولوخ لاحقاً في مقال له أن موكاسي -وهو أيضاً قاضٍ فيدرالي سابق- كتب أنه كان مخطئاً وأن تحليل تيلمان كان “دقيقاً”. (لم تتهم كلينتون بأي جريمة تتعلق باستخدامها للخادم).
وأقر المحامي الديمقراطي مارك إلياس على تويتر بأن أي إدانة بموجب المادة 2071 قد لا تمنع ترامب من الترشح للرئاسة مرة أخرى، لكنه قال إنه من الضروري خوض معركة قانونية.