تحليلات سياسية
الانتخابات الأمريكية انتهت، لكن هجمات ترامب ستظل مستمرة، كيف سيقود ذلك البلاد نحو المجهول؟
انتهت الانتخابات الأمريكية 2020، لكن محاولات الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب التي لا أساس لها لتقويضها، وتداعيات تلك المساعي غير الديمقراطية، ستدوم في أمريكا لفترة أطول، هذا ما تقوله صحيفة The Independent البريطانية.
ولم يقف ترامب وحيداً في مسعاه؛ بل دعمه العديد من الجمهوريين ووقف آخرون صامتين، ومنهم 126 من أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب أيدوا محاولة حمل المحكمة العليا على إبطال فوز بايدن في أربع ولايات رئيسية.
واقع صادم في أمريكا
وتكشف تصرفات ترامب وحلفائه عن واقع صادم في أمريكا: أن العديد من مشرعي أحد الحزبين السياسيين الرئيسيين في البلاد إما على استعداد لدعم المساعي لإبطال انتخابات حرة ونزيهة أو غير مستعدين لانتقاد هذه الحملة علانية، تقول الصحيفة البريطانية.
ومع استمرار قيادة الرئيس الحالي لهذه الحملة واستعداد وسائل الإعلام الصديقة لترديد مزاعمه وتضخيمها، تكون النتيجة أن يظل ملايين الأمريكيين على الأرجح مقتنعين ببطلان فوز بايدن وتزوير الانتخابات. ووفقاً لاستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك هذا الأسبوع، يعتقد 77% من الجمهوريين أن تزويراً حدث على نطاق واسع في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، ويقول حوالي 60% منهم إنهم يعتبرون فوز بايدن غير شرعي.
يُذكر أنه قبل فترة طويلة من تولي ترامب الرئاسة، كان المؤيد الرئيسي للكذبة القائلة بأن الرئيس باراك أوباما وُلد في كينيا، وليس في الولايات المتحدة، وأنه غير مؤهل لشغل منصب رئيس. وكانت توجد الكثير من الأدلة التي تثبت خلاف ذلك، لكن هذه الكذبة ظلت قائمة لسنوات، وهو ما أدى إلى تأجيج العداء تجاه أوباما بين بعض ناخبي الحزب الجمهوري وجعل من الصعب على القادة الجمهوريين العمل معه.
ترامب و”لعبة الأكاذيب”
وفي أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، يلجأ ترامب إلى لعبة الأكاذيب نفسها مع بايدن، الذي سيؤدي اليمين في 20 يناير/كانون الثاني. وهجومه على الانتخابات أصاب الكثير من الجمهوريين بالجمود ونزع عنهم الرغبة في الاعتراف بفوز بايدن واستشعار أي حافز سياسي للعمل معه، رغم الجائحة التاريخية والغموض الاقتصادي الذي يلف البلاد.
وحتى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي عمل مع بايدن في مجلس الشيوخ لعقود وأبرم اتفاقات معه حين كان يشغل منصب نائب الرئيس أوباما، رفض التصريح بوضوح بأن بايدن فاز وأن ترامب خسر.
يقول النائب جاستن أماش، النائب الجمهوري سابقاً الذي أصبح مستقلاً (من ولاية ميشيغان) والمنتقد للرئيس وحزبه السابق: “ستُعرف كذبة تزوير الانتخابات بأنها أكثر الأحداث المحرجة والمشينة في تاريخ أمريكا السياسي، والكثير من الجمهوريين أيدوها وروجوا لها”.
المزيد من الجمهوريين يحتشدون وراء ترامب
لكن بعض حلفاء ترامب الرئيسيين لم يستسلموا بعد حكم المحكمة العليا يوم الجمعة. إذ واصل رودي جولياني، المحامي الشخصي لترامب والمحرك للعديد من محاولاته للطعن في فوز بايدن في المحكمة، التأكيد دون دليل على أن الانتخابات “سُرقت”.
وقال جولياني مساء الجمعة 12 ديسمبر/كانون الثاني في قناة فوكس نيوز: “أرى أن هذا سيكون شيئاً فظيعاً ومروعاً في تاريخ أمريكا”.
لقد انتقد ترامب الانتخابات لأسابيع ولم يعِر ما يحدث على أرض الواقع الكثير من اهتمامه. إذ سارع القضاة في طول البلاد وعرضها إلى رفض الدعاوى القضائية التي رفعتها حملته الانتخابية والجمهوريون الآخرون. وحتى المدعي العام وليام بار قال لوكالة أسوشيتيد برس في مقابلة إن وزارته لم تتوصل إلى أي دليل على وجود تزوير من شأنه أن يغير نتيجة الانتخابات.
على أن المزيد من الجمهوريين احتشدوا لدعم جهود ترامب هذا الأسبوع في محاولة عجيبة لحمل المحكمة العليا على إبطال إرادة الناخبين. وأضاف أكثر من 120 جمهورياً في مجلس النواب، ومنهم زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي من كاليفورنيا، دعمهم لدعوى قضائية وجهت اتهامات كاذبة وباطلة للتصويت في جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن- وجميعها ولايات فاز بها بايدن. وأيد القضية أيضاً 19 من المدعين العموميين الجمهوريين.
لكن الأمر المقتضب الصادر عن المحكمة برفض القضية أشار إلى أن القضاة لن يُستدرجوا إلى جهود حزبية سافرة لتقويض نتائج الانتخابات.
“لعبة الأكاذيب” لن تتوقف عند هذا الحد، وتبعاتها ستقود أمريكا للمجهول
وتتجه الأنظار الآن إلى التصويت الرسمي يوم الإثنين في المجمع الانتخابي، وهو حدث مهم أشار بعض الجمهوريين إلى أنهم ينتظرونه قبل الاعتراف بفوز بايدن. ويبدو أن آخرين في الحزب يحاولون الاستمرار في تأجيج الغضب بين ناخبي الحزب الجمهوري قبل جولتي الإعادة في جورجيا في أوائل يناير/كانون الثاني اللتين ستحددان السيطرة على مجلس الشيوخ.
غير أن ثمة دلائل على أن نهاية اللعبة لآخرين قد ترسل البلاد إلى مسار أشد خطورة. فبعد فترة وجيزة من حكم المحكمة العليا يوم الجمعة، دعا ألين ويست، رئيس الحزب الجمهوري في تكساس، جميع الولايات “التي تحترم القانون” إلى الانفصال. وكتب ويست: “ربما يتعين على الولايات التي تحترم القانون أن تجتمع معاً وتشكل اتحاداً للولايات يلتزم بالدستور”.