بقلم: مصطفى قطبي
نتابع في موقع رؤية، بعرض سلسلة من المقالات القصيرة، الغنية والمفيدة، تتصدى لظاهرة تفشي الأخطاء اللغوية، وهي أخطاء كثيرة ومتكررة، تكاد تطرد يومياً فيما يسمع ويقرأ، والكل يعلم خطورة الكلمة ووقعها في النفوس، ودورها في تقويم اللسان أو إفساده، فكان والحالة هذه، أن تسلم حتى يسلم اللسان، وأن يساهم الموقع، في توعية لغوية ـ إن صح التعبير ـ حتى تنسجم لغة الإعلام مع جهود المدرسة، إذ الكل يعلم أنّ المدرسة لم تعد وحدها مصدر المعرفة، وأنّ وسائل أخرى كثيرة مما يعرف بمصادر المعرفة قد زاحمتها، بل استأثرت بمكانتها… وما هذه السلسلة من المقالات التي سننشرها اتباعاً، إلا محاولة متواضعة، ومجرد تنبيه إلى الأخطار المحدقة بلغتنا.
نتابع اليوم سلسلة الأخطاء اللغوية الشائعة التي يكثر استخدامها… وفيما يعتبره البعض خطأً شائعاً، فأنا أراه خطأً مُطلقاً، و إلا فإننا نُسَوِّغُ استخدامَه. و هذا التسويغ الدارجُ، أباحَ أمامَ كثيرين، انتهاكَ حُرمةِ قواعدِ اللغةِ العربيةِ في أكثرَ من موقع.
صَحَفي أم صُحُفي أم صِحافـي… ؟
إن العلماء كانوا إذا أرادوا أن يصيبوا من ينقل من الصحف والكتب قالوا: فلان صحفي، وكلمة صحفي مولدة لم تنقل إلينا من العرب وإنما استحدثت بعد عصور الرواية، حين شرع العلماء يكتبون في الصحف ويؤلفون الكتب.
وأن العجب لا ينقضي من تطور كلمة الصحفي، فلقد كانت قديماً كلمة يعاب بها العالم فغدت اليوم كلمة تدل على رجل أقل ما يقال فيه أنه مثقف مطلع يجيد فن الكتابة والتحليل ذو بصر بالأمور وقد يبلغ الصحفي أن يكون ذا شهرة عالمية فأرنست همنغواي مثلاً صحفي.
والسؤال: هل يقال: صَحفي وصُحفي أيضاً…؟
هذه مسألة ترتد إلى بحث النسب فإذا نسبت إلى كلمة مثل: حنيفة وربيعة وصحيفة، فإنك تحذف الياء والتاء ثم تقول: حنفي وربعي وصحفي… وهنا نسبة إلى المفرد، لا إلى الجمع فالصحيفة مفرد والبصريون ينسبون إلى المفرد ولذلك لا يجيزون لك أن تقول صُحفي لأن هذا نسبة إلى الجمع وهو الصحف، قال الخليل بن أحمد إن الصحفي: الذي يروي الخطأ على قراءة الصحف والكوفيون يجيزون النسبة إلى المفرد و الجمع… فإذا نسبوا إلى الصحيفة قالوا: صَحفي وإذا نسبوا إلى الجمع أي الصحف قالوا صُحفي. فالمسألة إذا مسألة معنى، وكل جائز في موضعه فالصحفي منسوب إلى الصحيفة و الصُحفي إلى الصحف..
نقول صَحافة أم صِحافة…؟
في نظرنا إنّ الصحفي يمارس حرفة وللدلالة على الحرفة تصوغ مصدراً على وزن فِعالة بالكسر قياساً وعلى ما تقدم يكون لدينا ثلاثة أسماء لمن يمارس الصحافة:
الصَحفي: نسبة إلى الصحيفة.
والصُحفي: نسبة إلى الصُحف.
والصحافي: نسبة إلى الصحافة.