طالما سمعنا ونحن صغاراً قصصاً تركب الأعاجيب وتزحف بالغرائب نحو عوالم نقيّة طاهرة تتجسّد في البادية والغابة وأناسها المتشبّعون بالقيم والشمائل… كان الأمس حكاية براءة طفولة، واليوم شتّان بين الثرى والثريّا.
لقد زحف العهر والمكر وارتدى عدّة أقنعة، وجرف في طريقه زهرات ذبلت وماتت في الرّيعان، وللقارئ أن يحكم على قدر قاصر، رمتها ظروفها التّعيسة للرعي بدل الدراسة، لترتكب جريمة في حقّ جنين وتدفنه تحت التراب وهي الطفلة التي لم تتعدى 13 سنة.
بدأت معالم قصّة الطفلة “ليلى” تتكشّف عندما تقدّم والدها إلى مركز الدرك، يُشعر فيها أنّ ابنته البالغ من العمر 13 سنة قد اختفت ولا يعرف مصيرها، ولصغر عمرها فهو يخاف أن يمسّها مكروه من فصيلة الحيوان، لم يكن يدري أنّ فلذة كبده القاصر التي ترعى غنم الأسرة، قد فتك بها ذئب آدمي، من فصيلة البشر، راعي غنم من قبيلتها لم يتجاوز عمره 25 سنة.
وبعد التحريّات تمّ العثور على الطفلة “ليلى” بمكان مهجور وسط الغابة، لم تستطع الهروب فهي منخورة القوى، وملابسها البسيطة لم تقدر أن تستر جريمتها، إذ تلطخت بالدّماء ونثرت بقع الدّم الدّاكن على الصّخر الذي كان يأويها، لقد عثروا عليها وهي في حالة انهيار.
وقد اعترفت بوضعها لجنين ودفنه، وفي محضر التحقيق أفادت “ليلى” أنّها كانت ترعى الغنم بمنطقة تدعى القبور، وأنّها تعرّفت على ” ل.ب” الذي يسكن غير بعيد عن مسكنها، فهو مثلها راعي غنم، وبحكم اللقاءات اليومية والأحاديث الطويلة، والفضاء الغابوي المتّسع والبعيد عن أعين المتلصصين…
لم يجد صعوبة في إقناعها بمضاجعتها، وقد سيطر على لبّها وجعلها أسيرة لرغباته الجنسية… والطفلة ببراءة تعترف أنّها كانت تتمدّد على ظهرها ويمارس عليها الجنس كلما التقيا، إلى أن حمل أحد أيّام آذار المفاجأة الصّدمة، إذ توقفت الدورة الشهرية، ولم تعرف أنّها قد افتضّت بكارتها، وتحمل جنيناً في أحشائها، لم تراود خيالها أنها أمّ بالرغم عنها.
لقد أحسّت بالآلام تسري في ضلوعها ومخاض لم تحسّه من قبل، وهي الطفلة ذات 13 ربيعاً، أرادت أن تخفي جريمتها بعدما تأكّدت أنّها حامل، هربت إلى الغابة التي شهدت ميلاد حبّها المغتصب، خوفاً من أن يفتضح أمرها، لكن من النّار إلى الرّمضاء، تحكي فصول اعترافها، وتجلس على ركبتيها، وتقوم بعملية إنزال للجنين مرّات ومرّات حتى خرج رأس الجنين ولم يخرج باقي الجسد، فقبضته من عنقه ورأسه وأخرجته بالقوّة وسط دماء شهدت على هذه الجريمة، إذ أنزل الجنين قهراً فمات، وهي لشدّة خوفها من أسرتها دفنت الجنين لتتخلص من آثار ما ارتكبت يداها، وقد كان الجنين ذكراً.
أمّا من حوّلها إلى طفلة متوحشة “ل.ب” فقد اعترف في محضر التحقيق أنّه كان على علاقة جنسية مع الطفلة راعية الغنم “ليلى” وكانت تضاجعه بمحض إرادتها، إذ كانت تزيل دون ضغط منه، ملابسها وتفترش الأرض، ولم ينكر وعده لها بالزواج، لولا رحيل عائلتها إلى جهة لا يعلمها.
هذه التصريحات لم ترق “ليلى” التي أقرّت بحضور والدها في فترة التحقيق سواء ابتدائياً أو تفصيلياً، أنّ المتهم “ل.ب” كان يرغمها على ممارسة الجنس حتى افتضّ بكارتها وتسبّب لها في الحمل.
وكما في البحر، إذ يذهب الزبد جفاء، فكذلك الغابة تلفظ كلّ ما يدنّس طهارتها وطبيعتها، فالطيش واتّباع النزوات بطش براعي غنم وحوّله لمتهم بهتك عرض قاصرة يقلّ عمرها عن 13 سنة بدون عنف نتج عنه افتضاض، وبدل أن يعيش في فضاء الغابة وقطيع الغنم، اختار لنفسه السجن الذي سيذكره دوماً بجريمته التي ارتكبها في حقّ طفلة قاصر، لم تنصفها الأسرة، فاختارت رعي الغنم اضطرارياً لتغرق في أتون علاقة غير شرعية مع شاب يفوقها عمراً وخبرة ليفتض بكارتها ويحوّلها لأمّ قاتلة.