مقالات
ماذا وراء تأجيل المواجهة والتصدي للنظام الايراني؟ – بقلم حسين عابديني
هل يمکن أن تکون حرب غزة الدامية وماقد تداعى ونجم عنها، آخر مايمکن أن يتسبب عن الدور المشبوه للنظام الايراني؟ هل يمکن لهذا النظام أن يفهم ويستوعب حقيقة وحجم المأساة الجارية والخطورة التي شکلها على الامن في المنطقة والعالم ويتعظ من ذلك؟ لمن لا يفهم أو لم يتسنى له أن يفهم فکر ونهج والسياسة الملتوية للنظام الايراني، قد يکون متفائلا الى حد ما ويجيب بالإيجاب، ولکن لمن يعرف النظام الايراني جيدا وعاصر الاحداث والتطورات التي جرت منذ تأسيسه ولحد الان، فإن الاجابة ستکون بنفي قاطع!
عند البحث في الظروف والاوضاع الدولية والاقليمية عموما والايرانية خصوصا والتي کانت سائدة قبل إندلاع الحرب في غزة، فإنها وعلى الصعيدين الدولي والاقليمي، کانت شائکة ومعقدة ولکن کان هناك ثمة ضوء في نهاية النفق الفلسطيني يلوح في الافق من جراء جدية البحث الذي کان جاريا من أجل حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وهو الحل الذي تطالب به الدول العربية والفلسطينيين ويعتبر الرکيزة والاساس العملي والواقعي الذي يبنى السلام عليه.
أما إيرانيا، فإن الاوضاع والظروف لم تکن طبيعية ولاسيما في ضوء عدم قدرة النظام الايراني على تحسين الاوضاع السيئة السائدة وإستمرار الاستياء الشعبي وإحتمال مضاعفته لأن الظروف الذاتية والموضوعية کانت تساعد على ذلك على أفضل مايکون، بل ولمن لايستوعب أو يصدق بهذا الکلام يجب أن يراجع تصريحات ومواقف المسٶولين وخبراء حکوميين في النظام وقتئذ والتي کانوا يحذرون فيها من إندلاع الاحتجاجات الشعبية بصورة أقوى بکثير من تلك التي حدثت في 16 سبتمبر2022، وهو مايعني بمختصر العبارة التحذير من نهاية النظام وسقوطه.
الذي يلفت النظر هو إعترافات لافتة من داخل النظام بأن هذه الحرب قد جاءت هبة من السماء وأنقذت النظام من الاخطار والتهديدات التي کانت تحدق به وغيرت من مسار سقوطه الى ضمان بقائه وإستمراره!
ما ذکرناه سابقا ليس مجرد کلام من وحي تفکيرنا أو رص کلمات وتعابير کتحليل مبني على الظنون، وإنما هو أمر واقع وحقائق ملموسة لايمکن نکرانها، وبناءا على ذلك فإنه من الواضح بأن إندلاع الحرب في غزة لم يأتي من فراغ أو من جراء صدفة قدرية وإنما من جراء سابق تخطيط ولاسيما وإن للنظام الايراني باع طويل وطويل جدا بهذا الصدد وخصوصا عندما تحدق به التهديدات من کل جانب وتطبق عليه ويجد إن ماينتظره قد يردي به وينهي أمره.
حقيقة إن النظام الايراني ومن أجل رفع قوة الضغط الداخلي عن نفسه وضمان عدم إنهياره، فإنه يلجأ الى إثارة الحروب والمشاکل والنشاطات الارهابية غير العادية، صارت ماثلة وملموسة ولاسيما وإن کثرة ليس من الکتاب والمحللين السياسيين بل وحتى أوساطا وشخصيات سياسية مختلفة في العالم باتت تٶکد على ذلك وتدعو في ضوئه الى ضرورة مواجهة هذا النظام وردعه وعدم السماح له بأن يسترخص دماء وأمن وإستقرار شعوب المنطقة من أجل عدم سقوطه.
بطبيعة الحال فإن إثارة الحرب في غزة وماقد تداعى ونجم عنها لن تکون خاتمة أعمال ونشاطات النظام الايراني، بل يجب إعتبارها فصلا جديدا من فصوله المستمرة طالما بقي في الحکم، وإن تأجيل مواجهته والتصدي له ولاسيما بعد أن أزاح القناع عن وجهه ودخل في الساحة بصورة مباشرة وهو ما أکد على مسٶوليته عن کل الحروب والمصائب السابقة التي أثارتها أذرعه في المنطقة، هو أمر خاطئ خصوصا وإنه صار ليس يستوجب التصدي والمواجهة له ضده فقط بل وحتى محاسبته ومعاقبته عن کل ماقد إرتکبه بحق بلدان المنطقة والعالم.
*نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا