بقلم: ماهر عبدالقادر، نيويورك
أشارت واشنطن بوست أن الكونجرس الأمريكي أعطى الضوء الأخضر لأكبر صفقة أسلحه لصالح تل أبيب، حيث أثار قرار الكونجرس الأمريكي بالموافقة على أكبر صفقة أسلحة لإسرائيل منذ سنوات جدلا في واشنطن بعد أن وقع اثنان من الديمقراطيين الرئيسيين في مجلسي النواب والشيوخ بالموافقة على الصفقة، والتي تتضمن 50 طائرة مقاتلة من طرازF15 وتبلغ قيمتها أكثر من 18 مليار دولار، بعد مواجهة ضغوط شديدة من إدارة بايدن والمؤيدين لإسرائيل للسماح للصفقه بالتمرير.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير: “نحن بشكل عام لا نعرف ما الذي يتحدث عنه نتنياهوا. نحن لا نفعل ذلك. كانت هناك شحنة معينة من الذخائر تم إيقافها مؤقتًا”.
بينما أعربت الولايات المتحدة، الثلاثاء، عن استغرابها لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الغير مسؤوله أن حليفته واشنطن تعلّق إرسال أسلحة هامة إلى بلاده التي تخوض حربا ضد حماس في قطاع غزة.
ويشير المدافعون عن نهج الإدارة الأمريكية إلى أن الهجوم الإسرائيلي في رفح كان أكثر تقييدًا مما كان يُخشى في البداية نتيجة للضغوط الأمريكية.
وقال مسؤولون مطلعون على الأمر إنه على الرغم من العديد من الأحداث الأخيرة التي أسفرت عن إصابات جماعية تتعلق بالأسلحة الأمريكية، فإن إدارة بايدن تدرس ما إذا كانت ستوقف تسليم شحنة مكونة من 18000 قنبلة تزن 2000 رطل و1700 قنبلة تزن 500 رطل.
ووفقا للتقرير، القنابل التي يتم إسقاطها جوًا والتي يبلغ وزنها 2000 رطل، قادرة على تسوية مبان بالمدن بالأرض.
وأضافت أنه باستثناء “شحنة معينة من الذخائر” ينظر فيها المسؤولون الأميركيون عن كثب، “ليس هناك أي وقف آخر” لشحنات أسلحة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء إن واشنطن “تواصل مراجعة شحنة واحدة في ما يتعلق بقنابل زنة 2000 رطل بسبب مخاوفنا بشأن استخدامها في منطقة مكتظة بالسكان مثل رفح”، يإشارة إلى المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة.
وأضاف لكن “سوى ذلك كل شيء يجري كالمعتاد”.
وجاءت كلام بلينكن بعد تصريحات لنتنياهو في تل أبيب قال فيها إن وزير الخارجية الأميركي أكد له أن الحكومة الأميركية تعمل “ليلا ونهارا” لمعالجة التأخير في وصول الأسلحة.
وفي بيان عبر الفيديو، أعرب نتنياهو عن تقديره للدعم الأميركي خلال حرب غزة، مضيفا أنه أبلغ بلينكن “من غير المعقول أن تحجب الإدارة في الأشهر القليلة الماضية أسلحة وذخائر لإسرائيل”.
والولايات المتحدة هي الداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل، لكن البيت الأبيض عبّر عن إحباطه إزاء ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في غزة لاستعمال إسرائيل اسلحه فتاكه في المناطق المدنية إشاره لقنابل 2000 رطل.
وردا على هجوم حماس، أطلق الجيش الإسرائيلي عمليات واسعة النطاق في غزة خلفت اكثر من 37372 قتيلا، وأكثر من عشره آلاف مفقود واكثر من 140 الف جريح معظم الضحايا من المدنيين.
نتنياهوا بدأ يستوعب أن الضغوط الامريكيه بدأت تؤثر عليه والتي بدأت حين دفعت امريكا حليفها الوزير غانتس علي الاستقاله من الحكومه.
غانتس يعتبر الان رجل امريكا والذي تؤيده وتراهن عليّه وتدفع بان يكون البديل لنتنياهو حيث شكلت استقالته خطرا علي وجود حكومته، هذا ما يفسر إثاره نتنياهو الان موضوع تأخير إرسال قنابل وزنها 2000 رطل وصفقه الأسلحه لطائرات F-15 حيث أراد من خلاله نتنياهو خلق جدال بين أعضاء الحزب الديمقراطي والجمهوري كونه يميل لتأييد الرئيس السابق ترامب ضد الرئيس الحالي بايدن وحزبه الديمقراطي.
نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل يلعب بالنار ويريد شيطنه العلاقات مع الإدارة الامريكي، فمن جانب يريد ان يبعد الأنظار عن عدم شعبيته في إسرائيل وهزيمته في غزه وعدم قدرته وبعد ثمانيه اشهر من الحرب تحقيق أهدافه بالقضاء علي حماس واعاده الرهائن، كما يريد ارضاء اليمين المتطرف في حكومته مشيرا بطريقه او اخري انه رغم الخلاف مع أمريكا فإن زمام الأمور لا زالت بين يديه وأنه اقوي من الحكومة الحاكمة في البيت الأبيض مستغلا التأييد المطلق لإسرائيل في الكونغرس والعمل الدؤوب للوبي الصهيوني في امريكا لدعم اسرائيل دون شروط او أسباب، وان الديمقراطيين مفصولين عن قاعدتهم الشعبية المعارضة للدعم المطلق والغير مشروط لإسرائيل.
الشرخ في العلاقات يتسع وبعض الاعلاميين والساسة الأمريكيين صنفوا نتنياهو بالخفاء انه لن يحقق أهدافه في غزه وأنه كذاب وغير متزن ويسعي فقط للاستمرار في الحكومة.
الواقع ان الديمقراطيين منقسمون لما يجري في الشرق والأوسط والدعم المطلق لإسرائيل والجمهوريين يريدوا ان يستغلوا الموقف للعودة للبيت الأبيض خاصه بعد محاكمات مرشحهم ترامب وتجريمه من المحكمة.
بناء علي كل المعادلات المتضاربة دفع قادة الجمهوريين في الكونغرس وشاركهم بعض الديمقراطيين لدعوه نتنياهو لأن يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي خطابا أمام الكونغرس الأمريكي في 24 من الشهر المقبل، حيث تلقى قبل حوالي أسبوعين دعوة رسمية من قادة المؤسسة التشريعية الأمريكية لإلقاء الخطاب.
وأعلن رئيس مجلس النواب مايك جونسون وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيلي في بيان مساء الخميس تاريخ خطاب نتنياهو. ويهيمن التوتر حاليا على علاقة رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأمريكي بسبب خلافات حول طريقة اسرائيل في حرب غزة، لا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين وشن عملية برية في رفح.
وأكد مكتب نتانياهو أن الحرب التي أشعلها هجوم حماس في 7 أكتوبر ستتواصل حتى يتم تحقيق جميع “أهداف” إسرائيل، بما في ذلك تدمير قدرات حماس العسكرية.
وكان الكونغرس الأميركي قد وجهوا دعوة إلى نتنياهو جاء فيها “إننا ننضم إلى دولة إسرائيل في كفاحكم ضد الإرهاب، وبخاصة أن حماس تواصل احتجاز مواطنين أمريكيين وإسرائيليين رهائن، وقادتها يعرضون الاستقرار الإقليمي للخطر”.
ومن المرجح أن تؤدي تلبية نتانياهو لهذه الدعوة إلى إحراج زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، الذي كان قد دعا في مارس إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل لانتخاب خلف لنتنياهو.
ورغم أن شومر وقع الدعوة الموجهة إلى نتانياهو، إلا أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لن تكون موضع ترحيب من قبل شخصيات عدة من الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، والسيناتور المستقل بيرني ساندرز الذي وصف نتنياهو بأنه “مجرم حرب”، أكد أنه لن يحضر الخطاب.
وخارج واشنطن، تعرض بايدن لانتقادات كبيرة من الديمقراطيين، بما في ذلك الناخبين الأمريكيين العرب في الولايات المتأرجحة الرئيسية.
ومع تدهور الأوضاع في غزة – مع انتشار المجاعة ونقص الرعاية الطبية – اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ما أدى إلى مقاطعة العديد من فعاليات حملة بايدن.
كلنا يذكر خروج طلاب جامعات النخبة الأمريكية المرموقة (والتي تعتبر ملجأً لأبناء الأسر الثرية من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أبناء الأغنياء من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، وغيرها من الاحتجاجات اليومية في أمريكا وأوروبا ودول عديده أخرى في العالم تذكر بتلك التي شهدتها امريكا أثناء حرب فيتنام وحركة مكافحة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
يُظهر الحراك الذي جري ويجري في الجامعات الأمريكية، وخاصة تلك المنضوية تحت مجموعة “Ivy League”، وعياً وفخراً لهذا الجيل من الشباب الذي كان يُتهم عادة بالأنانية والنرجسية والكسل، ويعرف بـ”جيل لماذا؟” أو “Generation Why”. وإن تعميم حراكهم السلمي تضامناً مع الفلسطينيين في غزة ورفضاً لسياسات إدارة الرئيس المتصهين
بايدن ومشاركته في دعم حرب الإبادة التي تشنها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتقديم السلاح والمال والمعلومات الاستخبارية كذلك الدعم والغطاء العسكري والدبلوماسي خاصّه في الأمم المتحدة ومحكمه العدل الدولية، والاستخباراتي ما هو إلا صحوة ضمير في صفوف نخبة طلائعية من الطلاب والأساتذة المثقفين وصناع الرأي.
المؤسسات الأمريكية المنادية لحقوق الانسان تتداعى الان لقمع الحراك الطلابيّ في أمريكا.
إن ما يجري في غزة إبادة جماعية، ويؤكد أن أمريكا ليست فقط متواطئة، بل مشاركة في هذه الإبادة، بمليارات الدولارات تمويلاً وتسليحاً ودعماً اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسياً ولدى القضاء الدولي، حيث تمارس واشنطن ضغوطاً كبيرة على مدعي عام محكمة الجنايات الدولية بعدم إصدار مذكرات اعتقال، ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين، كما مارست الضغوط ذاتها على محكمة العدل الدولية لرفض قبول الاتهامات الموجهة لإسرائيل، ضمن الملف الذي تقدمت به جنوب أفريقيا وتبنته عده دول .
ما كشفته الحرب علي غزه والحراك الطلابيّ في العالم الغربي، ان اللوبي الصهيوني قام ومنذ نشاه الكيان الصهيوني في فلسطين سنه 1948 علي تدجين النظام الحاكم والمؤسسات العلمية والعسكرية لتقبل وبسردية مغلوطة علي اظهار الجلاد الإسرائيلي في صورة الضحية، والضحية الفلسطيني في صورة الجلاد.
المرشح الرئاسي السابق بيرني ساندرز الذي قال: «لا يا سيد نتنياهو، القول إن حكومتك قتلت 34 ألفا في 8 أشهر ليس معاداة للسامية ولا مناصرة لحركة حماس، والقول إنك دمرت بنية غزة التحتية ونظامها الصحي ودمرت221 ألف مسكن ليس عداء للسامية”.
هذا التناقض الواضح من قبل االإدارة الأمريكية ليس بجديد، فهو موجود منذ بداية الحرب، حتى أن هناك محام سابق في وزارة الخارجية الأمريكية قال في أحد اللقاءات لا أفهم هذا التناقض، حتى أن رئيس المطبخ العالمي وهو صديق الرئيس الأمريكي جو بايدن قال ما زلت حتى الآن لا أفهم تناقض إرسال السلاح والمساعدات من قبل امريكا في وقتٍ واحدٍ.
وأمريكا اليوم ليست مجرد حليفة لإسرائيل بل هي شريكة لها؛ لعدة أسباب أهمها أن بايدن صهيوني لا يؤمن بالضغط على إسرائيل، كما أن النظام الأمريكي سببه هو وجود اللوبي الصهيوني الذي يدعم وبقوة، فالوضع الطبيعي أن امريكا تدعو
وتنادي بضرورة وقف إطلاق النار، وعلى الجانب الآخر تقوم بإرسال المساعدات، فهذا التناقض ليس جديد على السياسة الأمريكية، التي تبنت الرواية الإسرائيلية.
نتنياهو سيقوم أمام الكونجرس بإعادة تصوير أن اسرائيل هي الضحية، وهو يعلم جيدًا أن امريكا ستصدق رواياته؛ لأن نتنياهو له تأثير في واشنطن أكبر من تأثير بايدن نفسه، وبايدن يعرف ذلك، فسبق وتواجه أوباما ونتنياهو في أمريكا وتمت دعوة نتنياهو إلى الكونجرس أيضًا، وحينها انتقد أوباما وبيل كلينتون عجرفة نتنياهو في التعامل معهم، وسبب هذه العجرفة هي أن نتنياهو يعرف أن اللوبي اليهود يلديه قوة ومال ولولا المال اليهودي لما كان
كلينتون أو اوباما في البيت الأبيض، فنتنياهو له تأثير قوي في واشنطن.
ماهر عبدالقادر، رئيس الكونغرس الفلسطيني الأمريكي – واشنطن.