اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان على صواب، في أن يغادر قمته مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في هانوي بدلا من أن يقبل باتفاق نووي سيء.
وأوضحت الصحيفة – في مقال بعنوان “ما بعد إخفاق ترامب- كيم” بثته على موقعها الإلكتروني – أن كيم سعى، على مايبدو، في هذه القمة إلى رفع كافة العقوبات المفروضة على بلاده في مقابل مجرد إغلاق بعض المواقع النووية وتلك ليست بصفقة جيدة، وترامب كان على صواب في أن ينسحب بدلا من القبول بذلك.
وأعاد المقال إلى الأذهان الواقعة الشهيرة لانسحاب الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان من قمة عام 1986 مع الاتحاد السوفيتي في ريكيافيك بآيسلاند، بدلا من القبول باتفاق حد من التسلح كان يراه معيبا، وعاد السوفييت بعد عام بشروط أفضل وتم إبرام اتفاق.
وتابع قائلا: إنه يمكن للجميع أن يأمل في أن يحدث أمرا مشابها لذلك هذه المرة، لكن لا تزال هناك مخاطر كبيرة منتظرة أهمها أن كوريا الشمالية قد تعود إلى تجارب الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، وهو ما قد يكون علامة على تصعيد كبير للتوترات ويجدد المخاوف من سياسة حافة الهاوية والحرب.
ورجح المقال حدوث ذلك معتبرا أن كوريا الشمالية التي لا تحظى بأهمية بخلاف هذه ولا تلفت الانتباه إلا عندما تتخذ إجراءات استفزازية، لذا فإن زعماءها يعلمون بأن أفضل تأثير لهم يأتي عن طريق إطلاق الصورايخ وتفجير الرؤوس الحربية أو إنشاء منشآت نووية.
وتناول المقال مرحلة الإعداد للقمة حيث رأى أنه بالرغم من أن ترامب كان على صواب في الانسحاب من القمة في هذه الحالة، إلا أنه يبدو لم يستخدم أوراقه جيدا خلال فترة الإعداد للقمة، وتحديدا عندما أشار إلى أنه حريص على التوصل إلى اتفاق وأنه من المرجح أن يحقق “نجاحا رائعا”، وهو ما أدى كله إلى أن يرفع كيم سقف مطالبه اعتقادا بأن ترامب سينحني لها.
وأشار إلى أنه في حالة الرؤساء الاعتياديين يتم التوافق بشكل كبير بين الجانبين على الاتفاقيات التي ستسفر عنها أي قمة لكن ترامب لم يتحل بصبر كبير على تلك العملية الدبلوماسية شديدة الدقة، وبدلا من ذلك وضع ثقة مبالغ فيها في تحقيق تقدم كبير عن طريق العلاقات الشخصية، وكانت ثقته في غير محلها هذه المرة.
ورفض الجانب الكوري الشمالي الاتفاق على ما ستسفر عنه القمة مقدما مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيفن بيجون، وربما يرجع ذلك إلى أن كيم اعتقد أنه سيكون باستطاعته أن يتفوق على ترامب بالحيلة عند لقائه شخصيا في هانوي كما حدث في سنغافورة منذ 9 أشهر مضت.
كما اعتبر المقال أن انهيار المحادثات الأخيرة يبرز كذلك إلى أي حد كان ترامب مضللا في الاجتماع السابق حيث لم يفهم أن كيم يستخدم عبارة “نزع السلاح النووي” ليعني بها شيئا آخر مما تعنيه في الولايات المتحدة، وأعطى كيم هدية هائلة هي إكسابه الشرعية التي تترتب عن عقد قمة معه، دون أن يحصل على مقابل يساوي ذلك.
ومع هذا وحتى إن كان خطر عودة التوترات الحادة منتظرا فمن الممكن أيضا استشراف مسار يمكن أن يحرز تقدما مع كوريا الشمالية بمرور الوقت، بحسب المقال الذي أشار كاتبه إلى أنه يميل إلى الاتفاق مع المشككين في أن كيم ليس لديه أي نية للتخلي عن مخزونه من السلاح النووي، لكنه يرى أنه ما زال هناك مجال لدبلوماسية تترك العالم في حال أفضل.
وأوضح أن تلك الدبلوماسية تقوم على أن كيم يبدو مستعدا للتوصل إلى اتفاق بشأن استمرار إيقافه لاختبارات الرؤوس الحربية والصواريخ وتجميد إنتاج الوقود النووي في مجمع “يونجبيون” وهي أهداف تستحق إذا كان ثمنها غير باهظ جدا، واقترح المقال أن يكون الثمن المعقول لهذه الإجراءات تخفيف العقوبات المفروضة على المشروعات بين الكوريتين، ومنها مشروعات الصناعة والسياحة والسكك الحديد التي تنفذها كوريا الجنوبية لدى الجارة الشمالية.
وأشار إلى أن تلك المبادرات بين الكوريتين تكمن قيمتها في أنها سيكون لها مع أثر مع مرور الوقت في جعل وضع كوريا الشمالية طبيعيا ومنحها مصالح في العالم الخارجي وزعزعة سيطرة النظام.
واختتمت نيويورك تايمز بالقول إن هذا النوع من الاتفاق هو ما يجب أن يكون هدفا لدبلوماسية تستمر وبإمكان الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن – الذي ساعد في بدء عملية السلام بين كوريا الشمالية والغرب – أن يسعى إلى تحقيقه بتأييد أمريكي.