مقالات
تهديد ترامب بالجحيم للشرق الأوسط هل يطلق سراح الرهائن؟ أم يشعل حربا جديدة؟ أم يعيد صياغة “سايكس بيكو”؟ – أحمد فاضل
بقلم: أحمد فاضل
تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب والمنتظر تنصيبه الشهر القادم رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية حول تهديد منطقة الشرق الأوسط بتحويلها إلى “جحيم” إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن قبل 20 يناير، تثير قلقاً مشروعاً بشأن تأثير هذا الخطاب على استقرار المنطقة ويطرح عددا من التساؤلات أهمها هل التهديد بالجحيم سيطلق سراح الأسرى الإسرائيليين من قبضة حركة حماس؟!، أم أنه ينذر بحرب جديدة في المنطقة والقيام بعمل عسكري عنيف ضد قطاع غزة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين أم يؤشر لسيناريو تقسيم جديد في الشرق الأوسط ومحاولة إعادة رسم خريطة المنطقة على غرار اتفاقية سايكس بيكو، ولكن بتعديلات جديدة تضع المنطقة أمام تحديات خطيرة وكبيرة.
التهديدات العلنية التي تعكس توجهات عدوانية قد تُفسر على أنها استعداد لاتخاذ خطوات تصعيدية مما يضع دول المنطقة أمام تحدٍ مزدوج: الحاجة إلى التصدي لهذا الخطاب دون إثارة مزيد من التوترات.
التزام الصمت حيال هذه التهديدات قد يُفهم من قبل ترامب وفريقه على أنه موافقة ضمنية أو ضعف في الردع، مما يزيد من احتمالية تنفيذ سياسات عدائية.
ومن هنا تأتي أهمية البحث عن صيغة دبلوماسية ملائمة تقوم من خلالها دول المنطقة، بشكل فردي أو جماعي، بإبلاغ ترامب بأن هذه اللغة غير مقبولة وأن أي تقدم في القضية المعقدة يتطلب احترام المصالح والحقوق المشتركة.
يجب أن تكون الرسائل الموجهة إلى الإدارة الأمريكية المقبلة واضحة في تأكيد أن الاستقرار الإقليمي لا يمكن تحقيقه بالتهديدات، بل من خلال الحوار والتفاهم المتبادل، فالمنطقة ليست بحاجة إلى مزيد من الصراعات، بل إلى شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والتوازن في المصالح.
تصعيد الموقف دون حوار جاد سيؤدي إلى نتائج كارثية، في حين أن الرسائل الدبلوماسية القوية والمتوازنة يمكن أن تمنع تفاقم الأزمة وتحفظ للمنطقة استقرارها، وللولايات المتحدة علاقاتها الاستراتيجية.
أما التهديد بأن الشرق الأوسط سيواجه “الجحيم كلّه” إذا لم يتم إطلاق جميع الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة قبل 20 يناير المقبل فلن يحل القضية إطلاقا بل يزيدها سوءا وتعقيدا ويفاقمها بشكل غير مسبوق فخطر التصعيد ولغة التهديد تولّد ردود فعل متشددة، مما يزيد احتمالية التصعيد العسكري ويُعرّض حياة الرهائن لمزيد من الخطر بدلا من إطلاق سراحهم.
كما أن التهديدات المتكررة تعزز حالة عدم الثقة بين الأطراف، بينما الحوار المتوازن والتفاهم المشترك هما الأساس في معالجة القضايا المعقدة مثل قضية الرهائن، ولنا في الأزمات السابقة على مدار التاريخ الدروس والعبر التي أثبتت أنه نادرًا ما يحقق نتائج مستدامة، بل يؤدي إلى زيادة الفجوة والعنف والعداء بين الأطراف جميعا مما يجعل الوضع الإقليمي الحالي في الشرق الأوسط ينذر بعواقب وخيمة، ما يجعل الحاجة ملحة إلى تكاتف دول المنطقة لمواجهة التحديات المتصاعدة وحماية سيادتها في ظل تصاعد الضغوط الدولية والتوترات الإقليمية المتصاعدة.