مقالات
أخر الأخبار

النظام الديكتاتوري لا مكان له في إيران! – عبدالرحمن کورکي

بقلم: عبدالرحمن کورکي (مهابادي)/ کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

منذ أن تم استبدال ديكتاتورية الشاه بديكتاتورية ولاية الفقيه، أي منذ عام 1979، ظل أنصار الديكتاتورية في إيران يسعون جاهدين لإبقاء هذا البلد تحت حكم الاستبداد، ومنع الشعب من تحقيق حلمه القديم المتمثل في الحرية والاستقلال. حاولت التيارات المرتبطة بالاستبداد والديكتاتورية بشتى الطرق الممكنة الحيلولة دون “تغيير نظام الملالي” في إيران، وإبقاء الشعب مُقيّدًا. بيد أن التاريخ أثبت أنه من رابع المستحيلات أن تدوم أي ديكتاتورية إلى الأبد.

في مواجهة هذا الاصطفاف المعادي للشعب، قام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بقيادة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بسد جميع السبل التي تؤدي إلى بقاء الديكتاتورية في إيران. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المجلس، على عكس كل التيارات الموالية والمتساهلة، لم ولن يرضخ على الإطلاق للمفاوضات والمساومة مع الديكتاتور.

لقد أثبتت التجربة أن أي نوع من المساومة أو المصالحة مع ديكتاتورية ولاية الفقيه لن يؤدي إلا إلى إطالة عمرها. كما أثبتت التجربة أن التفاوض مع ديكتاتورية ولاية الفقيه يتناقض مع الحرية والديمقراطية في إيران، خاصةً وأن التفاوض مع الديكتاتورية يعتبر خطًا أحمر لأي قوة إيرانية، ويجب الحفاظ عليه وعدم تجاوزه. هناك العديد من الأمثلة على الأنظمة القمعية في العالم، والتي سقطت فقط بإصرار شعوبها، وليس بالتفاوض!

من أسباب بقاء الديكتاتورية في إيران؛ الدعم الخفي والعلني من قبل القوى الخارجية والمتساهلين الغربيين مع هذه الديكتاتورية. أظهرت الانتفاضات الشعبية وأنشطة وحدات المقاومة، في السنوات الأخيرة، أن عهد الاستبداد والديكتاتورية في هذه الأرض قد ولّى. وأظهرت الانتفاضات الشعبية في أعوام 2017 و 2019 و 2022 أن الشعب الإيراني مستعد لتجاوز هذه الديكتاتورية الدينية أيضًا. وقد كشفت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان مرارًا وتكراراً النقاب عن القمع الوحشي للمتظاهرين وعمليات الإعدام الواسعة، بيد أن هذا النظام الفاشي، غير المكترث بمطالب الشعب الإيراني وبالإدانات العالمية، ما زال يواصل سياساته القمعية.

والجدير بالذكر أن الإحصائيات الاقتصادية أيضًا تُعد دليلاً آخر على عجز النظام الإيراني عن إدارة البلاد وتلبية مطالب الشعب. إذ تُظهر معدلات التضخم، وانتشار الفقر، والبطالة، وهروب رؤوس الأموال والكفاءات من إيران؛ أن هذا النظام ليس لديه أي خطة أو رؤية لتحسين وضع حقوق الإنسان والأوضاع المعيشية للشعب. يعيش الشعب الإيراني، في الوقت الحالي، في ظل ظروف اقتصادية صعبة، بينما تنفق الحكومة مليارات الدولارات على الحروب بالوكالة وبرامجها النووية. وأدى هذا الوضع إلى تفاقم السخط الاجتماعي، وحوَّل المقاومة إلى الخيار الوحيد الممكن. فالشعب الإيراني لا يطيق هذا النظام، وتتمثل مطالبه في إسقاط الديكتاتورية في بلاده. إن الطريق الوحيد لتحقيق النصر هو الإصرار على النضال. وتقع هذه المهمة والرسالة التاريخية الآن على عاتق وحدات المقاومة المنتشرة في جميع أنحاء إيران، والتي تواصل النضال وتنفيذ العمليات الانتقامية ضد الديكتاتورية في ظل حكم ولاية الفقيه.

ولهذا السبب، يُعتبر “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، هو البديل الوحيد الحقيقي لهذا النظام، من خلال تقديم برنامج ديمقراطي يشمل فصل الدين عن السياسة، وتحقيق المساواة للنساء والأقليات القومية والدينية والسياسية، وإرساء جمهورية حقيقية يختارها الشعب. إن مستقبل إيران سيُحدده شعبها. إن حركة الشعب الإيراني تسير في مسارها الطبيعي نحو الحرية والاستقلال، والتيارات التي لا تمثل في جوهرها مثل هذا المحتوى، زائلة ومقدرٌ لها الاندثار. مثل هذه القوى التي لا جذور لها، رغم دعم بعض الأوساط الخارجية، ستكون كالزبد على سطح الماء، وسرعان ما ستختفي أمام الموجة العارمة والغاضبة للشعب.

إن التظاهرات الواسعة للإيرانيين في باريس، والتي جرت يوم 8 فبراير 2025 كانت تجليًا لهذه الموجة التي ستؤتي ثمارها قريبًا. أظهرت مجموعة التظاهرات أنه لا يوجد سوى البديل الديمقراطي الوحيد، وهو “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، في مقابل المحاولات الفاشلة والمستمرة لأنصار الديكتاتورية في إيران،. وذلك لأن هذا البديل يسعى لتحقيق جمهورية ديمقراطية شعبية ضد الديكتاتورية في إيران، رافعاً شعارات “لا للشاه ولا للشيخ” و “الاستقلال والحرية”. كانت هذه التظاهرات الكبرى، التي شاركت فيها جميع شرائح المجتمع، من بينهم كبار السن والشباب، والنساء والرجال، وجميع الأقليات القومية والدينية والسياسية؛ نموذجاً لإرادة الشعب الإيراني وتضامنه الوطني ضد الديكتاتورية، وظهور الديمقراطية والعدالة في إيران، واستقرار وأمن هذه المنطقة من العالم، ولدعم ميثاق السيدة مريم رجوي المكوَّن من 10 بنود من أجل إرساء إيران حرة غدًا. وهي موجة لن يتحملها أي نظام ديكتاتوري في إيران وسوف تسقطه!

من السمات البارزة لهذه التظاهرة عنصر “الحسم” و”التنظيم” في المواقف المناهضة للدكتاتورية التي يتبناها البديل الديمقراطي. مواقفٌ أبطلت “التفاوض مع دكتاتورية ولاية الفقية” وسياسة الانتهازية المتمثلة في “العنف”، و “النضال السلمي”، و “النشاط المدني” و”الهروب من دفع الثمن في مواجهة الدكتاتورية”، حيث بشّرت قلوب ونفوس العاشقين للحرية في إيران، وأظهرت للعالم ضرورة “إسقاط الدكتاتورية في إيران”. أو بعبارة أخرى، عكست هذه التظاهرة الخط الفاصل الحقيقي بين المشروع الوطني والشعبي لإيران، وبين المشاريع الرجعية والاستعمارية.

بتأمل أوضاع نظام الملالي، والظروف السياسية في المنطقة والعالم، ندرك أن نظام ديكتاتورية ولاية الفقيه يعيش مرحلته الأخيرة، وأن الاستثمار في هذا النظام سيكون خطأً فادحاً آخر. لأنه يعرِّض السلام والاستقرار في المنطقة والعالم مرة أخرى للخطر. لذا، من الضروري تفعيل آلية الزناد في إطار القرار 2231 لمجلس الأمن الدولي، ووضع “الحرس الثوري”، الذي يُعد الأداة الرئيسية للقمع وإشعال الحروب والإرهاب داخل إيران وخارج حدودها، على قائمة المنظمات الإرهابية، والاعتراف رسمياً بـ “شرعية” المقاومة المشروعة للشعب الإيراني، ولا سيما بأنشطة وحدات المقامة داخل إيران.

قالت السيدة مريم رجوي في الذكرى السنوية لانتفاضة الشعب الإيراني المناهضة للملكية: “إن ثورة عام 1979 كانت “نحسًا” على ورثة الشاه، ولكنها احتفال لمجرّة الشهداء والثوار بالانتصار على الديكتاتورية الملكية. ومع أن الملالي سرقوا تلك الثورة، إلا أن زمنهم قد أوشك على الانتهاء. إذ أن هناك ثورة أخرى على وشك الانطلاق”. وأضافت سيادتها أن نظام ولاية الفقيه محاصر من كل الجهات بمقاومة الشعب الإيراني، ومجتمع يفيض بالغضب والتمرد، وغارق داخل السلطة في صراعات داخلية وخارجية، وقاعدة هذا النظام تنهار في المنطقة. وفيما يتعلق باحتمال قيام هذا النظام بإجراء مفاوضات مع الدول الغربية، قالت السيدة رجوي إنه وفقًا لتصريحات مساعد وزير مخابرات نظام الملالي، فإن “المفاوضات هي السم الأخطر!”. كما أن “خامنئي قد قال كلمته الأخيرة وأعلن أن التفاوض ليس خيارًا عقلانيًا!”. ووجهت السيدة رجوي كلمة للديكتاتورية الحاكمة قائلة: “سواء بالمفاوضات أو بدونها، وبالسلاح النووي أو بدونه، فإن الانتفاضة والإطاحة بانتظاركم”. وأكدت السيدة رجوي أن “الحل يكمن في انطلاق ثورة أخرى. ثورةٌ لسحق نظام الإعدام والإبادة الجماعية”.

الكلمة الأخيرة

إن إسقاط ديكتاتورية ولاية الفقيه، وما يتبع ذلك من إرساء الاستقرار والأمن ووقف تصدير الإرهاب في المنطقة والعالم، أصبح ممكن تحقيقه. ولتحقيق هذا “التطور العظيم”، لا يوجد هناك حل سوى الاعتراف بشرعية مقاومة الشعب الإيراني، والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل وحيد. إن إيران ملك للإيرانيين. إنهم يطالبون بالقضاء على الديكتاتورية في بلادهم. وفي ظل “الاستقلال والحرية”، ستتحقق حقوق جميع القوميات والشرائح المختلفة في المجتمع الإيراني. لا سيما وأن النساء الإيرانيات سيجدن موقعهن الحاسم في جميع مستويات إدارة الحكم.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

إغلاق