
بقلم: عبدالرحمن کورکي (مهابادي)/ کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني
شهد عام 2024 تراجعًا كبيرًا في النفوذ الإيراني، حيث كشفت الهجمات الإسرائيلية عن هشاشة استراتيجية الردع العسكري التي اعتمدتها طهران. كانت إيران تعتمد على ترسانتها من الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات المسيرة لفرض هيبتها في المنطقة. لكن هجوم “الوعد الحق” على إسرائيل، الذي لم يُسفر إلا عن أضرار طفيفة، أظهر محدودية هذه الأسلحة أمام الدفاعات الإسرائيلية المتطورة.
أظهرت إسرائيل تفوقًا عسكريًا واستخباراتيًا لافتًا، حيث استهدفت قادة بارزين مثل إسماعيل هنية في طهران وحسن نصرالله في لبنان، بالإضافة إلى ثلاثة جنرالات من الحرس الثوري. هذه العمليات كشفت عن ثغرات أمنية خطيرة في الدفاعات الإيرانية، مما أضعف ثقة النظام في قدراته.
العقوبات الأمريكية المستمرة زادت من الضغط، حيث تسببت في تدهور الاقتصاد الإيراني، مما قلل من قدرة طهران على تمويل تطوير أسلحتها أو دعم حلفائها الإقليميين. فشل هذه الأسلحة في تحقيق تأثير استراتيجي جعل إيران في موقف دفاعي غير مسبوق، حيث أصبحت أقل قدرة على مواجهة خصومها.
الخسائر الإقليمية
لم تقتصر التحديات على الجبهة العسكرية، بل امتدت إلى شبكة الحلفاء الإقليميين. كان حزب الله في لبنان ركيزة أساسية لإيران، لكن الهجمات الإسرائيلية دمرت جزءًا كبيرًا من ترسانته الصاروخية. في سوريا، أدى سقوط نظام بشار الأسد إلى قطع خطوط إمداد الأسلحة إلى حزب الله، مما جعل إيران تفقد قاعدة استراتيجية. الحوثيون في اليمن يواجهون ضغوطًا متزايدة من التحالف العربي، مما قلل من قدرتهم على تهديد الملاحة البحرية.
هذه الخسائر جعلت إيران أكثر عزلة، حيث أصبحت أدواتها للتأثير على المنطقة أقل فعالية من أي وقت مضى.
الضغوط الدولية
تواجه إيران تهديدات متصاعدة من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تدفعان نحو فرض عقوبات أشد أو عمل عسكري.
هذا الوضع يضع النظام الإيراني أمام خيارين صعبين: إما المخاطرة بتطوير برنامج نووي تحت التهديدات، أو قبول التفاوض والتنازل عن طموحاتها النووية لتخفيف الضغط. السعي لامتلاك سلاح نووي قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة، خاصة مع تصريحات دونالد ترامب المتشددة، بينما قد يُنظر إلى التفاوض كاستسلام يُضعف النظام داخليًا.
في عام 2024، تآكل النفوذ الإيراني بسبب فشل قدراتها العسكرية وخسائر حلفائها الإقليميين. تفوق إسرائيل الاستخباراتي والعسكري، إلى جانب الضغوط الأمريكية، جعل طهران في مأزق استراتيجي. أمام إيران خيارات محدودة: التصعيد النووي المحفوف بالمخاطر، أو التفاوض الذي قد يُضعف شرعيتها.
استعادة النفوذ تتطلب تغييرًا جذريًا في الاستراتيجية، لكن مع استمرار الضغوط الإقليمية والدولية، تبدو هذه المهمة شاقة للغاية في الوقت الحالي.