عاجلمقالات
أخر الأخبار

إيران- الكشف عن أبعاد جديدة لجريمة غير مسبوقة – عبد الرحمن كوركي

بقلم: عبد الرحمن كوركي (مهابادي)/ كاتب ومحلل سياسي في الشأن الإيراني

في تطور صادم يكشف عن جانب مظلم آخر من جرائم نظام الملالي في إيران، تمّ نشر تسجيل صوتي جديد يعود إلى اللقاء الثاني بين آية الله حسين علي منتظري، خليفة خميني حينها، وأعضاء ما يُعرف بـ “لجنةالموت” المسؤولة عن مجزرة السجناء السياسيين في صيف عام 1988.

ويأتي هذا التسجيل بعد نحو تسع سنوات من نشر الجزء الأول عام  2016، والذي وصف حينها بأنه يوثّق “أكبر جريمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية”. إلا أن التسجيل الجديد يسلّط الضوء على تفاصيل أكثر فظاعة، ويؤكد أن ما جرى لم يكن مجرد تجاوزات، بعملية إبادة جماعية ممنهجة استهدفت بالدرجة الأولى منظمة مجاهدي خلق، إلى جانب جماعات سياسية أخرى، وبأوامر مباشرة من روح الله خميني.

وفقًا لما جاء في التسجيل، يعترف منتظري بوضوح بأن وزارة المخابرات وأحمد خميني، نجلا الخميني، كانا المحرّكين الرئيسيين للمجزرة، ويقول: “أنت بنفسك قلت لي إن هؤلاء المنافقين يجب إعدام عشرة آلاف منهم، فقط لأنهم يقرأون نشرات مجاهدي خلق.”

كما يكشف الشريط عن إعدام 300 امرأة من مجاهدي خلق تمّ اعتقالهن خلال عملية  “الضياء الخالد”، من بينهن فتاتان فرنسيتان. وتُظهر تصريحات منتظري مدى الوحشية والعنف الأعمى ضد النساء، حتى في حالات لم يكن هناك فيها أي دليل على “المحاربة” ،سوى الانتماء الفكري أو قراءة منشورات المعارضة.

الجريمة لا تسقط بالتقادم

وفي هذا السياق، أصدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بيانًا أكد فيه أن الكشف الجديدي قدّم دليلاً إضافيًا على ارتكاب النظام الإيراني لجريمة ضد الإنسانية، وأن محاسبة المسؤولين عنها ضرورة لايمكن تجاهلها.

وجاء في البيان: “هذا التسجيل يثبت مرة أخرى أن المجازر لم تكن تصرفات فردية أو أخطاء، بل سياسة دولة يقودها ولي الفقيه ونفّذتها مؤسسات أمنية وقضائية كاملة. لا يمكن تبرئة لا خميني،ولا خامنئي، ولا أي من المتورطين والمخططين والمنفّذين، من هذه الجريمة الكبرى.”

كما استند البيان إلى تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة، البروفيسور جاويد رحمان، الذي وصف المجزرة بأنها “جريمة ضد الإنسانية” ودعا إلى إنهاء الإفلات من العقاب ومحاكمة المتورطين، مهما علت مناصبهم.

جريمة ظلّت طيّ الكتمان بسبب خنق الحريات

من اللافت أن هذا الكشف الجديد لم يظهر إلا بعد 36 عامًا من وقوع الجريمة، وهو ما يعكس حالة الخنق التام لحرية التعبير والتعتيم الإعلامي الشديد داخل إيران.

رغم ضخامة المجزرة، لم تُنشر تفاصيلها إلا على فترات متقطعة وبفضل تسريبات نادرة، مما يؤكد حرص النظام على إخفاء جرائمه عن أعين العالم والشعب الإيراني، لعلمه المسبق بحجم الإدانات التي قد يتعرضلها.

منتظري نفسه، رغم كونه أحد أركان النظام، أظهر في التسجيل حجم الغضب الشعبي الذي أثارته المجازر، وقال بالحرف الواحد: “الناس سئموا من نظام ولاية الفقيه…  حتى عائلات من أعدمنا أبناءهم الآن يقولون إن كلام المجاهدين كان صحيحًا.”

كما تساءل بمرارة عن شرعية إعدام شابات لم يرتكبن أي فعل سوى حمل فكر سياسي مخالف، قائلاً: “هل يجوز إعدام فتاة مؤمنة فقط لأنها قالت إن الجمهورية الإسلامية لا تناسب ذوقها؟!”.

جريمة لا تزال مفتوحة

الجريمة لا تزال جرحًا مفتوحًا في الذاكرة الإيرانية، والكشف الجديد ليس إلا جزءًا من الحقيقة. وبحسب المجلس الوطني للمقاومة، فإن الكثير من المتورطين في المجزرة لا يزالون في مواقع السلطة حتى يومنا هذا، ويتمتعون بالحماية الكاملة داخل النظام.

المقاومة الإيرانية تؤكد أن محاسبة هؤلاء ليست فقط ضرورة قانونية وأخلاقية، بل شرط لتحقيق العدالة وبداية لأي انتقال ديمقراطي حقيقي في إيران.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

إغلاق