أخبار من أمريكاالعالم العربيعاجل
ترامب يستهدف استثمارات ضخمة في أول رحلة له إلى الشرق الأوسط

ترجمة: رؤية نيوز
يبدأ الرئيس دونالد ترامب هذا الأسبوع جولةً مهمةً في منطقة الخليج، مستهدفًا صفقاتٍ تجاريةً وشراكاتٍ استراتيجيةً مع ثلاث دولٍ غنيةٍ بالنفط: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر.
تمثل هذه الرحلة أول زيارةٍ خارجيةٍ رئيسيةٍ لترامب في ولايته الجديدة، وتأتي في ظل استمرار المفاوضات النووية مع إيران، واستمرار الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة. وبينما تُركّز الجولة رسميًا على الأعمال التجارية، إلا أن الخلفية بعيدةٌ كل البعد عن الهدوء.
وصفت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، هذه الزيارة بأنها جزءٌ من رؤية ترامب الأوسع المتمثلة في “هزيمة التطرف من خلال التبادل التجاري والثقافي”.
في عهد الرئيس السابق جو بايدن، شهدت العلاقات الأمريكية مع دول الخليج فتورًا، لا سيما بعد تعهد بايدن بجعل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “منبوذًا” بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، لكن ترامب تراجع عن هذا المسار، واعتمد نهجًا أكثر اتسامًا بالطابع التجاري، مما أدى إلى تحسين العلاقات مع قادة المنطقة.
وقال جريج رومان، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط: “الهدف العام هنا هو أن تُذكّر الولايات المتحدة حلفائها في الشرق الأوسط بأننا هنا باقون. نحن هنا لتعزيز مصالحنا المشتركة بدلاً من سياسات التخلي التي اتبعتها الإدارة السابقة”.
أموال طائلة وتوقعات كبيرة
تعهدت المملكة العربية السعودية بالفعل باستثمارات أمريكية بقيمة 600 مليار دولار، تشمل مشتريات الأسلحة، ونقل التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وسوق الأسهم.
وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن السعوديين قد يلتزمون في نهاية المطاف بما يصل إلى تريليون دولار.
وفي حين يهدف القادة السعوديون إلى تنويع اقتصادهم بعيدًا عن النفط، لا تزال هذه الاستثمارات الضخمة تعتمد على عائدات النفط، التي قد تُهددها مساعي ترامب لخفض أسعار الطاقة العالمية.
وقال ترامب في بداية اجتماعه الثنائي مع بن سلمان: “لدينا هنا أكبر قادة الأعمال في العالم. سيغادرون ومعهم الكثير من الشيكات، والكثير من الخدمات التي ستقدمونها. ولدى الولايات المتحدة على الأرجح مليونا وظيفة نتحدث عنها في هذه الزيارة”. “سنواصل خدمة بلدكم العظيم بكل قوة”.
بالإضافة إلى الصفقات الاقتصادية، من المتوقع أن يناقش ترامب وبن سلمان برنامجًا نوويًا مدنيًا محتملًا وتوسيع التعاون الدفاعي، وكانت هذه الاتفاقيات مرتبطة سابقًا بتطبيع محتمل على غرار اتفاقيات إبراهيم بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
لكن الرياض أوضحت أنها لن تعترف بإسرائيل ما لم يكن موضوع الدولة الفلسطينية مطروحًا على الطاولة، وهو أمر عارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة، ولم يُحدد أي توقف في إسرائيل خلال جولة ترامب.
وقال المحلل الجيوسياسي السعودي سلمان الأنصاري: “إن التطبيع الإسرائيلي في أي مشروع سعودي أمريكي خيار عفا عليه الزمن. إن إدارة ترامب الثانية تُعزز سياستها المستقلة استراتيجيًا في الشرق الأوسط”.
وفي بادرة حسن نية محتملة قبل الزيارة، أطلقت حماس سراح الرهينة الإسرائيلي الأمريكي إيدان ألكسندر، وهي خطوة وصفها ترامب بأنها “جسيمة” في إطار الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في غزة.
وبينما تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة لتصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، فإنها ستحتاج إلى رقاقات أمريكية دقيقة.
وقد تجاوزت الإمارات العربية المتحدة السعوديين، حيث وعدت باستثمارات أمريكية بقيمة 1.4 تريليون دولار على مدى العقد المقبل، تركز على الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والتصنيع والطاقة.
وكان بايدن قد شدد القيود على صادرات الذكاء الاصطناعي لإبعاد هذه التقنيات عن أيدي الخصوم في وقت تقربت فيه الصين من دول الشرق الأوسط، وخاصة الإمارات العربية المتحدة.
ويوم الخميس، أعلنت الولايات المتحدة أن ترامب سيلغي القيود التي فُرضت في عهد بايدن.
مسار الرحلة: ثلاثة أيام، ثلاثة مراكز قوة
تبدأ زيارة ترامب الخليجية السريعة يوم الثلاثاء في الرياض، المملكة العربية السعودية، حيث سيرأس منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي إلى جانب وزراء سعوديين، ومسؤول العملات المشفرة في البيت الأبيض ديفيد ساكس، وقادة أعمال آخرين.
سيحضر ترامب يوم الأربعاء اجتماعًا لمجلس التعاون الخليجي قبل أن يتوجه إلى قطر لإجراء محادثات مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني وزيارة قاعدة العديد الجوية التابعة للجيش الأمريكي.
فيما ستكون المحطة الأخيرة يوم الخميس هي أبوظبي، حيث سيلتقي ترامب برئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ويبذل القطريون قصارى جهدهم لإبهار ترامب: فقد عرضوا عليه استخدام طائرة بوينج 747-8 الملكية، المخصصة عادةً للعائلة المالكة القطرية، لتكون بمثابة طائرة الرئاسة الأمريكية.
ومنذ أن اختاره بايدن حليفًا رئيسيًا من خارج حلف الناتو عام 2022، عززت قطر علاقاتها مع الولايات المتحدة، حيث استضافت قوات أمريكية وتوسطت في مفاوضات حساسة، بما في ذلك المحادثات السرية الجارية بين إسرائيل وغزة.
كما تحافظ الدوحة على اتصال وثيق مع الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، الذي أطاح ببشار الأسد، ويسعى الآن إلى تخفيف العقوبات وتطبيع العلاقات مع الغرب.
وقال الخبير الإقليمي جوناثان باس: “ستتاح لقادة المنطقة فرصة مناقشة الوضع مباشرةً مع الرئيس. ترامب هو الرجل الوحيد القادر على قيادة الطريق”.
إيران تراقب عن كثب
وفي حين فشلت الجولة الرابعة من المحادثات النووية الإيرانية في عُمان نهاية الأسبوع الماضي في تحقيق اختراق، من المتوقع أن تراقب طهران عن كثب اجتماعات ترامب الخليجية.
قام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بزيارات غير مُعلنة إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر قبيل وصول ترامب، على أمل إيصال رسائل عبر حكومتيهما إلى واشنطن.
لكن الدول الثلاث التي تستضيف ترامب، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، لا تزال حذرة من طموحات إيران.
وقال باس، في إشارة إلى الحرس الثوري الإيراني: “على المنطقة أن تُعالج مشكلة الحرس الثوري الإيراني علانيةً. فالحرس الثوري الإيراني يُحاول تقويض كل دولة في المنطقة”.