مقالات
إنتهى المولد … أمريكا إلى أين .. ؟! – أحمد محارم – نيويورك
من سيدي ترامب إلى سيدى بايدن فقد حدث تطور كبير فى الشأن الأمريكي حيث رسب ترامب فى انتخابات الرئاسة للعام ٢٠٢٠ وصعد جوزيف بايدن كرئيس منتخب للولايات المتحدة الأمريكية. ماذا يعني هذا التغيير الجذري بالنسبة لأمريكا، وأيضاً بالنسبة لنا فى مصر؟
بالنسبة لأمريكا، فسوف تستعيد إحترامها على المسرح العالمي وينتهى بذلك عهد الإنعزال الأمريكي الذى سماه ترامب بالخطأ “أمريكا أولاً”. بصعود بايدن، ستعود أمريكا للمجتمع الدولي باحترامها الأمم المتحدة وعضويتها فى إتفاقية باريس للمناخ وأيضاً التواجد العسكري الأمريكي فى أماكن هامة في العالم.
سوف نجد فى عهد بايدن إحتراماً للإسلام والمسلمين لإن ترامب الذي قد استفاد من منطقة الخليج العربي بمليارات من الدولارات، ورغم ذلك فانه وضع ست دول عربية وإسلامية فى قائمة حظر السفر إلى أمريكا
نضيف إلى ذلك ان الإنحياز الشديد الذى مارسه ترامب مع إسرائيل سوف يقل كثيراً وقد تعود السفارة الأمريكية من القدس إلى تل أبيب كما كانت هناك من قبل، إحتراما للشرعية الدولية. وأيضاً قد تنخفض المعونة الأمريكية لحكومة اسرائيل حيث ان بايدن يرى أهمية حياد أمريكا بالشرق الأوسط ويعتبر ذلك بمثابة مكسب كبير لأمريكا. ونتوقع أن يعمل بايدن على تقليل النفوذ والتواجد الروسى فى الشرق الأوسط؛ وكذلك أيضاً إعادة النظر فى الممارسات التى تعامل بها ترامب تجاه – أو ضد – إيران.
إن ترامب لسبب غير معروف حتى الآن كان يولى بوتين إهتماماً شديداً، بيد أن ذلك كان يتعرض للمعارضة من وكالات المخابرات الأمريكية وعددها (١٧) وكالة. ويبدو أننا سنرى عودة أمريكا إلى محاولة إعادة تفعيل حل الدولتين فى منطقة الشرق الأوسط: إحداهما عربية والأخرى إسرائيلية. هذا التوازن سيكون فى صالح أمريكا أولاً، فضلاً عن تقليص نفوذ جارى كوشنر اليهودى صهر ترامب وزوج ابنته، وكذلك من المتوقع أن تقل حميمية العلاقة بينه وبين نتانياهو.
ولكننا نقول أن نجاح بايدن وتزايد إحتمالات الحيدة الأمريكية قد لا يدوم لأكثر من أربعة سنوات مدة الرئاسة، ومن ثَمَّ، فإنه من الأهم أن نراعي مصالحنا القومية على النحو التإلي:
أولاً: إستمرار مصر فى مراعاة بنود معاهدة السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1979 والمحافظة عليها.
ثانياً: علينا أن نضع حداً لمحاولات تدخل القيادات الفلسطينية في الشأن المصري الداخلي، وعلى الفلسطينيين ان يراعوا الحقوق السيادية المصرية. فمعروف للكافة أن مصر قد ضحت بالكثير من أجل هذه القضية.
ثالثاً: جاء الوقت الذى تستمر فيه مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الإهتمام بالشأن الداخلي المصري، والأقربون أولى بالمعروف.
رابعاً: على القادة فى فلسطين أن يضطلعوا بمسؤولياتهم فى التعامل مع إسرائيل وكيف يستطيعوا الوصول إلى إقامة دولتهم وهم أنفسهم منقسمون بين رام الله وحماس فى غزة، وكيف انهم لا يعلنون عن الميزانية المالية للحكومة الفلسطينية وانعدام الشفافية، وأين موضوع مكافحة الفساد؟ وعليهم ان يدركوا ان قضيتهم هى قضية الفلسطينيين وليست قضية العرب أجمعين.
هناك معاهدة سلام بين مصر واسرائيل وأيضا بين الأردن وإسرائيل، وانضمت حديثاً الإمارات والبحرين والسودان إلى اتفاقيات سلام ايضاً. ليس الرئيس محمود عباس الحق فى أن يهاجم هذه الإتفاقيات ويصفها بانها طعنة فى ظهر فلسطين. فلكل دولة عربية حقوقها السيادية ونحن لسنا جالسين على اعتاب ما حدث عام 1948 حينما ألقى الفلسطينيون باللوم على ظهر العرب أجمعين بانهم كانوا سببا للنكبة.
والغريب أن القيادات الفلسطينية يودعوا ملايين الدولارات فى البنوك الاسرائيلية ولا يهتمون بشرح كيفية انفاق المعونات الدولية على الشعب الفلسطيني، وهل ياترى مات عرفات وترك وراءه خمسة مليارات من الدولارات كما يُشاع ذلك فى الغرب؟ والسؤال: من أين كان له هذا؟ كما ان رام الله هى الكيان السياسي الوحيد فى العالم الذى له وزاره اسمها “وزارة المفاوضات”، وهى وسيلة موقته وليست مهنة دائمة الا اذا كان الفلسطينيون يعتقدون ان الامة العربية كلها مسئولة عن اخطائهم فى التعامل مع العدو الصهيوني. ونحن كمصريين لا ننسى انه عندما اغتيل الرئيس انور السادات، كان رد فعل الزعامات الفلسطينية أن قالوا “بوركت اليد التي شدت الزناد”.
على إخوتنا الفلسطينيين أن يدركوا أن هذه مصر، وان آخر اغتيال لرئيس بها حدث منذ ٧٠٠ سنة، ومصر لا تعرف الاغتيالات السياسية لان مصر تحترم المعاهدات الدولية ولم يحدث ان انتهكت مصر اية معاهدة دولية ولا اي اتفاق. وكان من أخطاء الإعلام المصري قوله ان الرئيس جمال عبد الناصر أمم قناة السويس، لان الحقيقة انه أمم “شركة” قناة السويس. فالقناة جزء من أرض مصر وليس لأي رئيس أن يؤمم ما هو ملك لمصر أصلاً.
كان ذلك إستشرافنا الأول وسنرى ماذا تحمل الأيام القادمة ويتضح لنا المزيد لكي نعرف أمريكا: إلى أين؟