مركز الدراسات
ما تخشاه واشنطن أن مقتل خاشقجي قد يبعثر خططها تجاه إيران.. «نيويورك تايمز»: معضلة تسببت فيها الرياض ربما تساعد طهران
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن إدارة ترمب تشعر بقلق بالغ من أن مقتل جمال خاشقجي ورواية السعودية المتغيرة عن مصيره، قد يؤديان لـ عرقلة المواجهة مع إيران».
جاء ذلك في مقالة نشرتها الصحيفة التي تعد واحدة من أبرز الصحف الأميركية واسعة الانتشار، الأربعاء، تحت عنوان: «اختفاء خاشقجي قد يُعرقل خطط ترمب لحصار إيران»، وتحمل توقيع ديفيد ايل سانغر.
وأضافت المقالة أن التطورات المتعلقة بقضية الكاتب السعودي، لا سيما الرواية السعودية المتغيرة عن مصيره، «قد تُعرض للخطر الخطط الأميركية الرامية لتجنيد المساعدة السعودية لتجنب تعطيل سوق النفط».
وبحسب المقالة، فإن مسؤولين أميركيين لم يرغبوا في الكشف عن هوياتهم قالوا إن «هذه المعضلة تأتي في لحظة مشحونة لإدارة ترمب، التي يتوقع أن تعيد فرض عقوبات قاسية على إيران في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بهدف قطع جميع صادرات النفط الإيرانية».
تعتمد إدارة ترمب على علاقتها مع السعوديين
واستطردت المقالة: «لكن من أجل جعل الاستراتيجية ناجحة، تعتمد إدارة ترمب على علاقتها مع السعوديين للحفاظ على تدفق النفط العالمي دون ارتفاع الأسعار، والعمل معاً على وضع سياسة جديدة لاحتواء إيران في الخليج الفارسي».
وأضافت الصحيفة أنه «إذا سارت هذه الخطة المنسقة بعناية، فمن المرجح أن يشهد السعوديون زيادة كبيرة في عائدات النفط في اللحظة التي يتحدث فيها الكونغرس عن معاقبة المملكة بسبب قضية خاشقجي».
الصحيفة ذكرت أيضاً أن «ذلك (معاقبة المملكة) هو أحد الأسباب التي دفعت لإرسال وزير الخارجية مايك بومبيو للملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده محمد بن سلمان، الثلاثاء الماضي».
وقال مسؤولون أميركيون إن «جزءاً من المشكلة هو صورة السعودية التي تبدو كحليف وحشيّ، بما في ذلك قيادتها حملة عسكرية مميتة باليمن، تماماً كما كان ترمب وبومبيو يتهمان إيران بأنها البلطجي في المنطقة».
وقال ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، الذي عمل مع عدد من الرؤساء الجمهوريين: «إنها خدعة رائعة إذا كان بإمكانك معاقبة بلد والقيام بشراكة معه في نفس الوقت».
وتابع قائلاً: «فليس من السهل إبقاء التركيز على سلوك إيران عندما يقوم السعوديون بأمور رهيبة للصحافيين والمعارضين، وقصف الأطفال في اليمن».
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس ترمب، بعد اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي، الثلاثاء الماضي، قال إن حكام المملكة «نفوا تماماً معرفتهم بمصير خاشقجي»، وإن محمد بن سلمان سيوسع التحقيق في اختفاء خاشقجي والاشتباه في قتله قبل أسبوعين.
خطة مفصلة لحصار الإيرانيين سيطرت على المناقشات الداخلية
وقالت «نيويورك تايمز» إنه في مقابلات أجرتها هذا الأسبوع مع مسؤولين في إدارة ترمب وخبراء خارجيين، قالوا إن التداعيات المحتملة على خطة مفصلة لحصار الإيرانيين قد سيطرت على المناقشات الداخلية الأميركية حول تداعيات ما حدث لخاشقجي.
وأضافوا أن قضية الحد من مبيعات الأسلحة الأميركية للسعودية، والتي قال ترمب إنها قد تهدد الوظائف الأميركية، تكتسب أهمية بالغة، مقارنة بقضية خاشقجي.
ومن المتوقع أن تعلن الإدارة الأميركية، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أن أية شركة تتعامل مع إيران – في شراء النفط أو تمويل المشاريع أو الاستثمار في البلاد – سوف تمنع من ممارسة الأعمال التجارية في الولايات المتحدة، بما في ذلك التحويلات بالدولار عبر النظام المصرفي الأميركي.
وقالت «نيويورك تايمز» إن «ذلك من شأنه أن يقدم جبهة مشتركة مع السعوديين، ويجعل إيران كمصدر لجميع حالات عدم الاستقرار تقريباً في الشرق الأوسط».
بدوره قال نورمان تي. رولي، الذي أشرف على تقييم إيران لعقود قبل أن يغادر وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.آيه) العام الماضي، في مقابلة من الرياض، إن السعوديين بحاجة إلى التعامل بسرعة وبشفافية مع موضوع خاشقجي.
وأضاف: «لكن نحن والسعوديون بحاجة إلى العودة إلى أعمال استعادة الاستقرار ومواجهة إيران وبناء شرق أوسط أفضل».
وقال خبراء في شؤون الشرق الأوسط للصحيفة إن هدف ترمب والسعوديين كان واضحاً: أَخرج الدور السعودي في اختفاء خاشقجي من العناوين الرئيسية للإعلام وركّز من جديد على الإيرانيين.
من جانبه، قال غاري سامور، مدير مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط في جامعة براندي، وهو مساعد كبير سابق في البيت الأبيض للرئيس السابق أوباما في القضايا النووية: «أعتقد أن لديهم حافزاً قوياً لطبخ بعض القصص التي ستخرجنا من هذا الحل».
وأضاف: «لا يمكنهم الذهاب مع قصة أن محمد بن سلمان قد أمر بتسليم خاشقجي. لذلك عليهم أن يجدوا قصة أخرى ذات مصداقية، وقد تكون القصة أن عملية التسليم قد تحوَّلت إلى سيئة للغاية، أو إلى عملية مارقة».
واستطرد: «والنتيجة هي أنه في الوقت الذي يتحدث فيه الكونغرس عن فرض عقوبات اقتصادية أو عسكرية على الحكومة السعودية، فإن عائدات النفط في الرياض قد ترتفع بالفعل، في الوقت الذي تعوّض فيه الرياض الأعمال التي كانت تملأها إيران في السابق».
تقويض السياسة الأميركية تجاه إيران
نيويورك تايمز قالت كذلك إن «معاقبة ما يهتم به السعوديون أكثر من غيره – وهو عائدات النفط – سيؤدي إلى تقويض السياسة الأميركية تجاه إيران، ويرفع سعر البنزين وزيت التدفئة إلى مستويات أعلى بكثير».
واختفت آثار الصحافي السعودي خاشقجي في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، لإجراء معاملة رسمية تتعلق بزواجه.
وفيما قال مسؤولون سعوديون إن خاشقي غادر القنصلية بعد وقت قصير من دخولها، طالب الرئيس أردوغان، المملكة بتقديم ما يثبت ذلك، وهو ما لم تفعله السلطات السعودية حتى الآن، وقالت إن كاميرات القنصلية «لم تكن تسجل» وقت دخول خاشقجي.
ووافقت تركيا على طلب سعودي بتشكيل فريق تحقيق مشترك في القضية، وفي سياق ذلك أجرى فريق بحث جنائي تركي، مساء الإثنين، أعمال تحقيق وبحث في مقر القنصلية السعودية.
فيما تتواصل، الأربعاء، أعمال فريق التحقيق التركي، داخل مقر إقامة القنصل السعودي بإسطنبول.
وأصدرت أسرة خاشقجي، الثلاثاء، بياناً طالبت فيه بتشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف حقيقة مزاعم مقتله بعد دخوله القنصلية.
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن مسؤولين أتراكاً أبلغوا نظراءهم الأميركيين بأنهم يملكون تسجيلات صوتية ومرئية تثبت مقتل خاشقجي داخل القنصلية، وهو ما تنفيه الرياض.