مقالات

أيهما أكثر خرافة في المجتمع المغربي… الرجل أم المرأة؟…؟ – مصطفى قطبي

هل يبدد التعليم ظلام الخرافة؟… وأيهما أكثر خرافة الرجل أم المرأة؟…

للإجابة على هذه الأسئلة أجرينا تحقيقاً ميدانياً حول هذه الموضوعات الحيوية، وذلك من منطلق اهتمام المجتمع المعاصر في المغرب بقضايا الشباب، و ضرورة توفير الرعاية المتكاملة لهم حماية و إشباعاً لحاجاتهم بالطرق المشروعة و توجيههم توجيهاً وطنياً وروحياً على قيم الحق والخير والجمال و الصفاء والنقاء والطهر والطهارة والعدل و الجدية وتحمل المسؤولية و الشعور بالانتماء لأرض الوطن الكبير وتحريرهم مما يكبل طاقاتهم بالأغلال و القيود و حلَ مشكلاتهم ورفع المعاناة عنهم وفتح الآفاق الواسعة أمامهم ليأخذوا حظهم العادل في العمل والإنتاج و القيادة.

مناهج التحقيق وأدواته:

للقيام بهذا التحقيق، تم إجراء العديد من المقابلات الشخصية مع عدد كبير من الشباب، حيث صمم اختبار مكون من 45 سؤالاً إلى جانب سؤال مفتوح النهاية، لمعرفة آراء الشباب في موضوع الخرافة واقتراحاتهم لتخليص الأذهان من سمومها.

وقد تناول التحقيق عدداً كبيراً جداً من الأفراد بلغ 2000 منها 900 من الذكور، و1200 من الإناث من بين طلاب المدارس الإعدادية والثانوية والجامعات والمعاهد العليا والمعامل والمؤسسات وبعض مراكز التكوين المهني… من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية والاقتصادية…المختلفة. ولقد تبين أنَ الإيمان بخرافة ما يختلف باختلاف محتواها إذ تتراوح نسبة الاعتقاد في الخرافات المختلفة ما بين 8 في المائة و68 في المائة.

الخرافات أكثر انتشاراً:

الأولياء وأصحاب ”الكرامات” قادرون على إحداث الخوارق… 39 في المائة.

إنَ الحسد يؤثر في حياة الناس. 68 في المائة.

الاعتقاد بأنَ هناك أرواحاً طيبة وأخرى شريرة 54 في المائة.

الأحلام تأويلاتها تتأرجح بين البشائر والمصائب 20 في المائة.

الخرافات أقل انتشاراً:

يفيد السحر في حدوث الحمل في حالات عقم النساء 8 في المائة.

من الممكن أن تعرف حظك عن طريق العرَافات وضاربات الودع 8 في المائة.

قراءة الفنجان تكشف عن المستقبل 10 في المائة.

إنَ الأحجبة تساعد الفرد على قضاء حاجاته 10 في المائة.

أنا أؤمن بصدق الحظ الذي أطالعه في الصحف 11 في المائة.

الذي يدخل المرحاض في الظلام تلبسه العفاريت 11 في المائة.

يفيد السحر في علاج بعض الأمراض العصبية 12 في المائة.

يفيد السحر في علاج بعض الأمراض العضوية الصعبة 12 في المائة.

أسفر هذا التحقيق الميداني عن انتشار أنواع متعددة من الخرافة بين الشباب كما أوضح أنَ هذه الخرافات تناولت جميع جوانب حياة الفرد كالحب والزواج وتكوين الأسرة والنجاح والفشل. ومن الغريب أنَ هناك 45 في المائة من مجموع أفراد العينة يؤمنون أنَه من الممكن أن يصيب الإنسان مسّ من الجنّ بينما هناك 43 في المائة يعتقدون أنَ بعض الأماكن يسكنها الشياطين كالأماكن المهجورة والقريبة من المقابر.

وهناك 41 في المائة يعتقدون أنَ السحر يتسبب في حدوث الكره والطلاق بين الأزواج، أمّا مشكلة تحضير الأرواح وهي من المسائل التي تجذب انتباه الشباب في وقتنا الحاضر، فلقد وجد أنَ هناك 39 في المائة يعتقدون أنَ بعض الناس يستطيعون تحضير الأرواح. ومن بين الخرافات المتعلقة بسلوك الانسان في حياته اليومية الاعتقاد ”بأنَ الانسان عندما يضحك لابد أن يحدث له في النهاية مكروه” 37 في المائة. أمّا بالنسبة للقدرة على التنبؤ بوقوع الأحداث السياسية والاجتماعية فيعتقد بصحتها 36 في المائة من مجموع العينة.

أما دور السحر في أمور الحب والزواج فيقرره 35 في المائة. أمَا الإيمان بوجود الأرواح في عالمنا هذا فنسبته 35 في المائة ومثله الاعتقاد بأنَ المندل يكشف عن أماكن الأشياء المسروقة بنسبة انتشار 35 في المائة.

والحقيقة أنَ الإنسان يلجأ إلى  الخرافة والشعوذة عندما يعجز عن تفسير الظواهر أو حل المشكلات التي تواجهه حلاًَ علمياً وموضوعياً مثل هذا التفسير وإن كان خرافياً فإنَه يريح الإنسان ويخفض عنده حالة التوتر عندما يقف عاجزاً عن تفسير ظواهر الموت والمرض والزلزال والبراكين أو الفقر أو العجز… وهكذا يضع الإنسان المغلوب على أمره أمله في الصورة الخيرة ورموزها الخرافية.

كما يسقط مخاوفه وعجزه ومشاعر ذنبه الناتجة عن فشله الوجودي على أعداء خرافيين بدورهم. ومن خلال تجنب هؤلاء، والتقرب من أولئك تتم له السيطرة الخرافية على حاضره، ويشعر بشيء من التحكم بالقوى التي تحرك مصيره. يضاف إلى رموز الشر الماورائية (جن وعفاريت) تفشي ظاهرة الحسد والعلاقات الاضطهادية بين الانسان المغلوب والآخرين. هناك خوف دائم من الأذى يلحق به إذا أصابه غم، أو رزق قسطاً من النعمة أو خير.

إنَه يخفيه ويتستر عليه خشية عيون الحاسدين التي تهدد ما كسب ويتوسل لدرء هذا الحسد وسائل متنوعة تبطل مفهوم النظرة الحسود. هنا أيضاً يسقط ما يلم به من شرور تذهب بنعمته، على النوايا العدوانية للعين الحاسدة، وسائل دفاعية تتخذ طابعاً خرافياً اضطهادياً معظم الأحيان.

سؤال: أيهما أكثر خرافة الذكر أم الأنثى؟ 

لقد كشف التحقيق عن تساوي أفراد الجنسين في كثير من الظواهر الخرافية التي شملها، ويفسر ذلك بوجود تقارب فكري وثقافي وتعليمي بين الجنسين، فكلاهما يتعرض لنفس المؤثرات الثقافية، ويخوض كل منهما نفس الأنشطة تقريباً.

ولقد تراوحت الفروق بين الجنسين ما بين صفر و 14 في المائة. ومع ذلك فإن الإناث كن أكثر اعتقاداً عن الذكور في أمور مثل حدوث شيء سيء للفرد بعد الضحك وتأثير الحسد في حياة الناس في الوقت الحاضر والإعتقاد في صحة الفأل والمخاواة من أهل الجن وفكرة أن دخول الشخص حليق الذقن على المرأة يصيبها بالعقم. وقد ترجع هذه الفروق إلى ارتباط مسائل الحسد والجن والعقم بالمرأة أكثر من ارتباط الرجل.

أما الذكور فكانوا أكثر اعتقاداً في أمور مثل:

ـ إن الأرواح موجودة في عالمنا هذا.

ـ هناك بعض الأماكن التي يسكنها الشياطين.

ـ من الممكن أن يصيب الإنسان مس من الجن.

ـ يمكن استخدام السحر لإيذاء الأعداء.

ـ إن الدين يعترف بوجود السحر.

ـ هناك أرواح شريرة وأخرى طيبة.

ـ للحظ والصدفة أثر أكبر في حياة الفرد عن الكفاح.

وكلها تدور تقريباً حول إيمان الذكور بالأرواح والشياطين والسحر والحظ واعتراف الدين بالسحر. هذا بالنسبة لمفردات الخرافة، كل مفردة على حدة. أما الصورة العامة للفرق بين الجنسين فتدل أن الإناث أكثر خرافة من الذكور وذلك في ضوء المتوسط الحسابي الذي حصل عليه كل من الذكور و الإناث، حيث كان متوسط الذكور  11.74 في المائة، ومتوسط الإناث 12.32 في المائة.

كذلك كشف التحقيق أن النزعات الخرافية تقل لدى المتفوقين دراسياً أي الذين يحصلون على تقديرات علمية عالية في المواد الدراسية، أما الفرق الذي يرجع إلى السن فلم يصل إلى حد الدلالة الإحصائية مما يدل أن إيمان الفرد بالخرافة لا يتأثر بمرور الزمن أو نضوج الفرد.

ومن النتائج المثيرة والجديرة بالملاحظة، إيمان نسبة كبيرة من أفراد العينة قدرها 47 في المائة بأن للحظ والصدفة أثراً أكبر في حياة الإنسان عن العمل والكفاح. ولمثل هذا الإعتقاد خطورته من الناحية التربوية والمهنية، ومن ناحية تأثيره على طموح الفرد ونضاله من أجل تحقيق أهدافه وأهداف المجتمع الذي يعيش في كنفه في التقدم والرخاء والرقي.

ومن النتائج المثيرة للإنتباه أن 39 في المائة من مجموع أفراد العينة ما يزالون يؤمنون أنه في استطاعة أصحاب الكرامات إظهار الخوارق. كما أن هناك أكثر من ثلث العينة 35 في المائة مازالت تؤمن بأن السحر يِؤثر في أمور الحب والزواج، وأكثر من ربع العينة 28  في المائة تؤمن بأن كل شخص له زميل أو زميلة من أهل الجن. بل إن من النتائج الغريبة وغير المتوقعة أن يؤمن 8 في المائة بأنه باستطاعة الساحر في المجتمعات البدائية أن يجعل الأمطار تنزل.

وتصبح هذه النتيجة غريبة في ضوء التفسير العلمي المعروف لهطول الأمطار نتيجة لعوامل البرودة والتبخر وتكثيف البخار.

الأمر الذي يعكس ضعف تأثير التعليم في أذهان الشباب وعدم قدرة التعليم بصورته الراهنة على محو الأفكار الخرافية وإزالتها في أذهان الطلاب… الأمر الذي يلقي ظلالا من الشكوك في جدوى طرائق التدريس الحالية التي تدرس بها العلوم والرياضيات والفيزياء وما إلى ذلك من العلوم التي ينبغي أن يِؤدي تدريسها إلى تطهير الأذهان من الرواسب الخرافية.

فعندما يستفحل الجهل والأمية والقهر ويستشري الحرمان، ويفلت المصير كلياً من السيطرة الذاتية، كي يرتهن بقوى خارجية، يستجيب الإنسان بالقدرية. إذ تجنب المرء الصراع العنيف الذي لابد أن يعصف بنفسه، إذا ما وضع أمام مصيره، دون أن يتمكن من السيطرة عليه بطريقة ما. ومن ذلك تجمل المغبونين بالصبر عن عقيدة فيها تحبيذ للقناعة والرضا بالمكتوب والمقدر، والقسمة والنصيب، عقيدة تدعو إلى القبول بالأمر الواقع على أنه طبيعة الأمور.

 

مدير موقع رؤية بالمغرب العربي.

رؤية نيوز

موقع رؤية نيوز موقع إخباري شامل يقدم أهم واحدث الأخبار المصرية والعالمية ويهتم بالجاليات المصرية في الخارج بشكل عام وفي الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص .. للتواصل: amgedmaky@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق