لم تكن ثريا حسيني متأكدة مما سيحدث لها عندما قررت أن تغني في أول حفل تحييه امرأة في شوارع كابول فيما تعيه ذاكرة الأفغان الحديثة.
خشيت ثريا (20 عاما)، التي فرت عائلتها من الحرب الأهلية إلى إيران خلال التسعينيات، على سلامتها. لكن نحو 50 شخصا شاهدوا الحفل الذي لم يعلن عنه والذي أحيته فرقة ثريا التي تعرف باسم (أزادي) في حي كارته تشار بكابول في مارس أذار وغنوا وصفقوا مع الموسيقى.
تقول ثريا ”البعض كان يعارض هذا الحفل، لكننا لم نستسلم… كلنا نخاف من التفجيرات الانتحارية والانفجارات والخطف وما شابه في هذا البلد“.
وكان الحفل حدثا غير معتاد سواء من حيث أنه نظم في الشارع أو من حيث رد الفعل الإيجابي الذي لقيه في بلد يتعامل مع النساء وأمور الترفيه بنظرة محافظة جدا.
وفي تناقض صارخ، ظهر تسجيل فيديو هذا الأسبوع وانتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي لرجال يجلدون امرأة وتردد أن ذلك عقاب من طالبان على الغناء علنا. ولم يتضح متى تم تصوير الفيديو لكنه أثار انتقادات شديدة على الإنترنت لطالبان.
ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة التسجيل. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان إنه لا يمكنه تأكيد أن الفيديو يصور أعضاء في الجماعة وإنه يجري التحقيق في الواقعة.
وتناولت محادثات السلام المكثفة بين الولايات المتحدة وطالبان مكانة المرأة في المجتمع الأفغاني. ويقول كثيرون إنهم يخشون أن تتلاشى الحريات التي تم اكتسابها في السنوات القليلة الماضية في ظل أي تسوية مع الإسلاميين.
ومنعت طالبان النساء من عزف الموسيقى أو الظهور بدون نقاب في الأماكن العامة عندما سيطرت على أفغانستان من 1996 إلى 2001.
ومن بين مظاهر التغيير التي حدثت منذ الإطاحة بطالبان زهرة إلهام (18 عاما) التي أصبحت الشهر الماضي أول امرأة تفوز بمسابقة ”نجم أفغانستان“ الغنائية منذ 14 عاما عندما بدأ تلفزيون (تولو) المحلي في عرض البرنامج الشهير وهو النسخة الأفغانية من برنامج أمريكان أيدول.
وقالت زهرة ”أخيرا صوتوا لامرأة. في هذا اليوم أحسست بالعدالة.. لقد سمحوا لفتاة بالمضي قدما“.
ومع ذلك تقول زهرة إن البعض لم يحتفل بنجاحها وتتذكر ليلة مخيفة سارت فيها كيلومترين من الاستوديو التلفزيوني إلى منزلها في يناير كانون الثاني عندما بدأت شهرتها تتنامى.
تضيف زهرة المنتمية لأقلية الهزارة التي عانت من التمييز طويلا في أفغانستان ”كان الجميع يسخرون مني في الطريق… كانت هناك تعليقات حول الأصل العرقي لأنه في قبيلتنا لا يحبذ أن تكون الفتاة مغنية. الآن زاد خوفي“.
* ”خطي الأحمر“
حظيت الصحفية التلفزيونية فرح ناز فوروتان (26 عاما) بدعم كبير حينما أطلقت الشهر الماضي حركة على وسائل التواصل الاجتماعي بوسم ”خطي الأحمر“ لتشجيع النساء والرجال على الإعلان عن الحقوق التي لن يتنازلوا عنها.
وأطلقت فرح ناز الحركة بالإعلان عن أن قلمها الذي يرمز لمهنتها هو خطها الأحمر. ومنذ الإطاحة بحكومة طالبان في 2001 ظهرت صناعة إعلام قوية في أفغانستان تعمل فيها العديد من الصحفيات.
حظي فيديو فرح ناز بالمشاهدة 12 ألف مرة تقريبا على فيسبوك. وهي تعتزم زيارة جميع الأقاليم الأفغانية وعددها 34 لتوسيع حملتها.
وسجل أنصار الحملة فيديوهات قصيرة بالهواتف الذكية يعلنون فيها عن خطوطهم الحمراء وكانت من بينهم محامية تتحدث عن عملها في الدفاع عن حقوق النساء.
تقول فرح ناز ”نؤكد على أننا لن نعود للوراء“ مشيرة إلى عهد طالبان.
في الوقت نفسه تعتزم ثريا، التي لا تزال تعيش في إيران، الغناء في حفلين آخرين في شوارع أفغانستان واحد في إقليم باميان والثاني في كابول.
وتقول ”أتوقع مستقبلا جيدا في أفغانستان وأتمنى أن تصبح حفلات الشوارع أكثر شيوعا هنا“.