مركز الدراسات
القضاء يضيّق الخناق على ترامب.. محكمة أمريكية تسمح بعرض أجزاء حُجبت من تقرير المحقق الخاص روبرت مولر
منحت قاضية أمريكية، الجمعة 25 أكتوبر/تشرين الأول 2019، اللجنة القضائية بمجلس النواب حق الحصول على أجزاء حُجبت من تقرير المحقق الخاص روبرت مولر. ومنحت القاضية بيرل هويل في واشنطن وزارة العدل الأمريكية مهلة حتى 30 أكتوبر/تشرين الأول، لتسليم اللجنة هذه الأجزاء.
وقالت القاضية إن حاجة اللجنة للكشف عن تلك المواد «تفوق الحاجة لاستمرار الحفاظ عليها سرية».
ظل الديمقراطيون في الكونغرس ينتظرون لحظة مثول المحقق الخاص روبرت مولر أمام اللجنة القضائية ولجنة الاستخبارات بمجلس النواب؛ اعتقاداً منهم أنهم سيتمكنون من توجيه ضربة قاضية للرئيس دونالد ترامب على الأقل بتهمة عرقلة العدالة، لكن جاءت شهادة مولر عكس ما تمناه خصوم ترامب.
كان المتوقع أن يكون مولر حاسماً في مسألة اتهام الرئيس بالمحاولات المستمرة لعرقلة العدالة، وأن وزير العدل جيمس بار حاول التغطية على تلك التهمة باللجوء لرأي قانوني، مفاده أنه لا يجوز اتهام رئيس في أثناء شغله المنصب، وهذه النقطة تحديداً لو كان مولر حاسماً فيها لربما تغيرت الأمور.
وفي يوليو 2019 نشر موقع قناة سي إن إن الأمريكية ملخصاً لأبرز ما فشل فيه مولر، وهو تقديم الشرارة التي يحتاجها ويتمناها الديمقراطيون لإقناع الشعب الأمريكي بأن ترامب أعاق العدالة، وأن عزله قد يكون هو القرار الأنسب للتحقيق في التدخل الروسي بالانتخابات التي أتت به للبيت الأبيض.
ما الذي أخفق فيه مولر؟
أبرز ما فشل فيه مولر وهو على منصة الشهود هو الظهور بمظهر الواثق بإجاباته والمحدَّد في ردوده، ومن أهم المؤشرات على ذلك:
رفض الإجابة على كثير من الأسئلة: خلال الساعات الثلاث التي قضاها أمام اللجنة القضائية صباح الأربعاء 24 يوليو/تموز، رفض مولر الإجابة على أكثر من 100 سؤال وجهها له أعضاء الكونغرس. (عديد من تلك الأسئلة تتعلق بـ «ملف ستيل» والنائب العام «ويليام بار»، حيث قال مولر إنه لن يقترب من كلا الموضوعين في شهادته). وتجاوز العدد 200 سؤال بعد شهادته أمام لجنة الاستخبارات في وقت لاحق من اليوم.
عندما أجاب عن الأسئلة المهمة، زاد الأمور ارتباكاً: أحد الأمثلة على ذلك؛ اعتقد الديمقراطيون أن لديهم شيئاً ما للرد على سؤال نائب كاليفورنيا، تيد ليو: «السبب مجدداً في عدم اتهامك دونالد ترامب هو رأي مكتب المستشار القانوني أنه لا يمكنك اتهام رئيس حالي في منصبه، صحيح؟» فأجاب مولر: «هذا صحيح!».
وكما ذكرت نائبة أريزونا ديبي ليسكو، فإن تأكيد مولر يتعارض مباشرة مع البيان المشترك الذي صدر في شهر مايو/أيار الماضي من مكتبي النائب العام والمستشار الخاص، والذي يقول جزء منه: «ذكر المدعي العام سابقاً أن المستشار الخاص كرر مراراً وتكراراً أنه لم يقل ذلك، ولكن بالنسبة لرأي (مكتب المستشار القانوني)، فقد وجد الرئيس معيقاً للعدالة. وأوضح تقرير المستشار الخاص وشهادته اليوم، أن المكتب لن يتوصل إلى قرار حاسم، بطريقة أو بأخرى، حول ارتكاب الرئيس جريمة من عدمه.
وأوضح مولر، أمام لجنة الاستخبارات في وقت لاحق من اليوم، أنه أخطأ في إجابته على ليو. وقال مولر: «أريد أن أعود إلى شيء قلته هذا الصباح في إجابتي على السيد ليو، حيث سألني إن كنت لم أتهم الرئيس بناء على رأي مكتب المستشار القانوني. لم تكن هذه هي الطريقة الصحيحة لقول ذلك. فكما ذكرنا في التقرير، وقلت بالبداية، لم نتوصل إلى قرار بشأن ما إذا كان الرئيس قد ارتكب جريمة. ومع ذلك، سيدي الرئيس، أنا مستعد للإجابة على الأسئلة».
كان مولر أقل إقناعاً وحزماً: الصور المرئية (شاشة التلفاز) هي الطريقة التي يتابع بها معظم الأمريكيين هذا النوع من الأحداث، وقد أظهر التاريخ مراراً وتكراراً أن الصور المرئية هي ما يدرك من خلالها الأشخاص عالم السياسة. (ومناظرة «نيكسون-كينيدي» المتلفزة عام 1960 خير مثال)
ظهر مولر على المنصة متوتراً ويكافح لسماع الأسئلة التي تطرح عليه، ويتأخر في الوصول للاستشهادات ضمن تقريره الذي يستخدمه أعضاء الكونغرس، وكانت ردود فعله متضاربة وبدا مشوشاً في بعض الأحيان، وبينما بدا أنه يرتقي إلى مستوى المهمة المسندة إليه في نهاية اليوم، فقد تأثرت صورة «المدعي العام المثالي» التي كان يتخيلها الناس عنه قبل هذا اليوم.
الخلاصة: شهادة مولر لا تضيف أي جديد للمشهد العام، وإذا كان عدم تغيّر شعور الناس بشأن تقرير مولر ورئاسة ترامب خبراً ساراً بالنسبة للرئيس، فستكون شهادة مولر خبراً ساراً للرئيس.
ولكن هذا لا يعني أن شهادة مولر أمام اللجنة القضائية ولجنة الاستخبارات بمجلس النواب تحمل أخباراً رائعة لترامب.
فكما جاء تقريره المكوَّن من 448 صفحة ويعرض بالتفصيل نتائج تحقيقاته التي استمرت قرابة العامين حول التدخل الروسي واحتمالية عرقلة العدالة، أكّدت شهادة المستشار الخاص الأسبق أنه لا يُدين ترامب بتهمة عرقلة العدالة، وأن تقريره لا يعد كذلك تبرئة كاملة للرئيس، وقال إن ثناء ترامب على ويكيليس كان، على الأقل، «إشكالياً». وأكّد أن الروس أرادوا فوز ترامب وأن حملة ترامب رحبت وشجعت تلك الجهود، وأنه من الممكن اتهام ترامب بعرقلة العدالة بمجرد تركه منصبه.
صحيح أن سماع ذلك من مولر ربما يغيّر بعض الآراء، لكن من الصعب أن نرى أياً من تلك الحقائق المعروفة منذ شهور تنجح في تغيير القصة بشكل جوهري.
المصدر: وكالات