بقلم: حسين عابديني/ نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا
يمتلك الشعب الايراني تجربة بالغة المرارة مع الدکتاتورية سواءا دکتاتورية الشاه أو الدکتاتورية الدينية، والدرس والعبرة العميقة التي أخذها من هذه التجربة، إدراکه الکامل بأنه من دون القضاء على الدکتاتورية بشکليها وبصورة حاسمة، فإن الاوضاع السلبية ستستمر وسيبقى يعاني الامرين من جراء ذلك.
الشعب الايراني الذي أصيب بصدمة غير عادية عندما وجد نفسه في ظل حکم دکتاتوري يتخذ من الدين غطاءا له والذي آلمه أکثر حينما لمس بأن هذا النظام يسعى من أجل الاستفادة من تجربة سلفه نظام الشاه في مجال الاستبداد والقمع، وقد توضحت الصورة أکثر له عندما رأى بأن النظام الديني يکره ويعادي وبصورة ملفتة للنظر شريحتة النساء کما إنه يحذر کثيرا من شريحة الشباب ويستخدم مختلف الطرق والاساليب من أجل السيطرة عليهم وحرف أفکارهم وتصوراتهم بما يخدم مصلحة النظام، مع ملاحظة إن الشرائح والاطياف الاخرى لم تسلم أيضا من شرور وعدوانية هذا النظام، ولذلك فإننا لا نعلن سرا إذا ما قلنا بأن کراهية الشعب الايراني لهذا النظام ليست بأقل من کراهيته ومقته لنظام سلفه الشاه.
مع ملاحظة إن الشعب الايراني قد تيقن في حالة حدوث التغيير في إيران فإن خياره الافضل لمستقبله لما بعد هذا النظام، هو في إقامة الجمهورية الديمقراطية، لأنها تضمن حقوقه وحقوق أجياله القادمة، فإن إثارة البعض لموضوع العودة لنظام الشاه يمکن أن يکون في صالح الشعب الايراني وفي صالح المنطقة والعالم، لکن، هکذا طرح يثير الشبهات، ولاسيما وإن نجل الشاه المخلوع الذي قضى أفضل سنوات عمره في حياة البذخ والترف بأموال الشعب المسروقة وکان أبعد ما يکون عن معاناة الشعب الايراني، من المستحيل أن يصبح الوجه والبديل المرتجى والمنتظر لإيران ما بعد هذا النظام بل وإن تصليح الخطأ الکبير الذي حدث بمصادرة التيار الديني المتطرف بقيادة خميني للثورة الايرانية، وذلك بمصادرة عملية الصراع والمواجهة التي يخوضها هذا الشعب جنبا الى جنب مع المقاومة الايرانية ضد الدکتاتورية الدينية منذ 45 عاما وإعادة نظام الشاه المباد تحت مسميات وحجج وأعذار کاذبة ومخادعة، إنما يعتبر مٶامرة مفضوحة ضد طموحات وأمان الشعب الايراني وسعي مرة أخرى من أجل تحريف وتزييف المسار التأريخي لنضال الشعب الايراني من أجل الحرية.
الشعب الايراني بأمس الحاجة لتغيير حقيقي يلمس من خلاله إن نضاله ومعاناته لخمسة وأربعين عاما ضد الدکتاتورية الدينية لم تذهب هباءا وإنه يقطف ثمارها من خلال جمهورية ديمقراطية تحسم موضوع دکتاتورية الشاه والولي الفقية في إيران بصورة قاطعة ولايريد مرة أخرى أن يجد نفسه في مواجهة مٶامرة مشبوهة معدة أساسا من أجل تغيير مزيف يسعى لإعادة الدکتاتورية للحکم، فهذا هو الامر والاحتمال الذي لا يمکن للشعب الايراني أن يوافق عليه أبدا.