مجدداً تم تسليط الأضواء على ابنة دونالد ترامب، إيفانكا، وزوجها، جاريد كوشنر، ونفوذهما في البيت بعد ظهور عداوتهما للعلن مع كبير استراتيجيي الرئيس الأميركي السابق، ستيف بانون.
وقد تحدث بانون، في لقاء صحفي صريح مع مجلة فانيتي فير الأميركية، عن العداوة المتبادلة بينه وبين كبير مستشاري الرئيس، كوشنر، هذه العداوة التي تعد واحدة من أسوأ أسرار إدارة ترامب، حسب وصف صحيفة الغارديان البريطانية التي نقلت مقتطفات من اللقاء.
وقال بانون: “إنَّ رأس الحربة في كل القرارات السيئة واحد: جافانكا”، مُستَخدِماً لقباً يجمع بين الزوجين (جاريد وإيفانكا).
وتذكَّر بانون، الذي عاد إلى الموقع اليميني بريتبارت، بعد أن أُجبِرَ على الخروج من البيت الأبيض، في شهر أغسطس/آب 2017، اجتماعاً في المكتب البيضاوي اتَّهم فيه إيفانكا بأنها “ملكة التسريبات”. وزعم أنَّ الابنة الأولى ردَّت عليه: “أنت كاذب لعين!”.
وكذلك أدان بانون إيفانكا حول إدارتها انتخابات مجلس الشيوخ الأميركية الخاصة الأخيرة في ولاية ألاباما، حيث أنكر المرشح الجمهوري روي مور اتهاماتٍ بسوء السلوك الجنسي مع المراهقين. كانت إيفانكا قد قالت بوضوح خلال الحملة: “ثمة مكانٌ في الجحيم لمن يعتدون على الأطفال”.
وقال بانون، الذي كان يدعم مور على الرغم من هذه المزاعم، ليشهد خسارة هذا المعقل الخاص بالجمهوريين إلى الديمقراطيين، في اللقاء مع فانيتي فير: “ماذا عن الاتهامات المُوجَّهة لأبيها مع فتاة بعمر الـ13؟”، في إشارةٍ إلى اتهامٍ غير مُثبَت من امرأةٍ من كاليفورنيا بأنَّ ترامب قد اغتصبها لما كانت مراهقة (تخلَّت المرأة عن القضية العام الماضي 2016). وكان ترامب قد واجه اتهاماتٍ مُتعدِّدة بسوء السلوك الجنسي وأنكرها جميعها.
وأضاف بانون لمجلة فانيتي فير: “كانت إيفانكا ينبوعاً للنصائح السيئة خلال الحملة”.
أغبى قرار سياسي في التاريخ
وبالنسبة لكوشنر، لم يبذل بانون الكثير من الجهد لإخفاء احتقاره له، إذ قال: “إنه لا يعرف شيئاً عن الهوبيتس والبائسين”، مُستخدِماً مصطلَحَين ساخِرَين من مؤيدي ترامب.
وقد قيل إنَّ كوشنر هو من شجَّعَ الرئيس على إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، جيمس كومي، وهي خطوة قد تنعكس عليه خلال التحقيقات حول التواطؤ المزعوم لروسيا في الحملة الانتخابية. وقال بانون: “هذا أغبى قرار سياسي في التاريخ السياسي الحديث، بلا استثناء. جرحٌ ذاتي ذو أبعاد هائلة”.
مخمور أشعث
ولم تكن ثمة محبةٌ قط بين بانون والثنائي “جافانكا”، إذ كانوا يتنازعون على اهتمام الرئيس، تماماً كرجال بلاط العصور الوسطى.
ولبانون (64 عاماً) مظهرٌ غير مُهندَم، وقد لاحظ أحد رجال الكونغرس مؤخراً أنه يبدو كما لو كان “مخموراً أشعث”.
وقد تربَّى بانون في طبقةٍ عاملة، في أسرة أيرلندية كاثوليكية في ولاية فيرجينيا. ويُجسِّد بانون غرائز ترامب من القومية المتمردة ومناهضة العولمة، وقد اتُّهِمَ بمعاداة السامية، وهو ما ينكره.
أما كوشنر، فهو يهودي بعمر الـ36، من جيلٍ مختلفٍ، بأناقةٍ واضحة تخالف فظاظة بانون. وهو سليل إمبراطورية عقارات في نيويورك، وكان في السابق مُتبَرِّعاً ديمقراطياً اختلط مع نخب الساحل الشرقي الأثرياء، الذين يحتقرهم بانون.
أما إيفانكا، في الـ36 أيضاً، فهي تنتمي هي الأخرى إلى “عصبة نيويورك”، وينظر إليها على أنها المُفضَّلة من بين أبناء ترامب الخمسة.
ترويض ترامب
وقد عبَّرَ المراقبون الليبراليون عن أملهم أنَّ “جافانكا” سوف يُروِّضان دوافع ترامب الجامحة، لكنهم أُصيبوا بخيبة أمل مطردة. وقد كان قرار الرئيس بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ نصراً ملحوظاً لبانون.
وقال المُحلِّل الجمهوري، والمُؤسِّس المشارك بشركة فاوندري ستراتيجيز للاستشارات، ريك تايلر: “هذه الأشياء غاية في الصعوبة عندما تنخرط أسرةٌ ما مع أي مسؤول منتخب. إذ تكون لديهم علاقةٌ مختلفة مع المبدأ، ويكون من الصعوبة بمكان تجاوز المشكلات حال وجودها”.
وأضاف تايلر: “لا أعرف الإضافة التي يُقدِّمها جاريد وإيفانكا إلى الإدارة. يقول البعض إنهما سوف يجعلان الرئيس أكثر اعتدالاً ويحافظان على مظهره الرئاسي، لكن ما مِن دليلٍ كبيرٍ على ذلك. أعتقد أنَّ الكثير من النصائح التي أدليا بها إلى الرئيس لم تكن جيدة”.
تتفاخر بجهلها
وقد تعرَّضَت إيفانكا لانتقاداتٍ شديدة الأسبوع الماضي لترويجها للإصلاح الضريبي الكاسح للجمهوريين، الذي يعد أول إنجاز تشريعي كبير لأبيها. وقد زعمت إيفانكا، خلال لقاء صحفي مُتَمَلِّق أجرته معها شبكة فوكس نيوز، التي أشادت بها لتأمينها زيادةً في الائتمان الضريبي للأطفال، قائلةً: “إنني حقاً أتطلَّع قُدُماً للسفر كثيراً، في شهر أبريل/نيسان، عندما يدرك الناس تأثير هذا الأمر… سوف تؤدي الأغلبية العظمى ضرائبها في بطاقةٍ بريديةٍ واحدة”. وقد سارع المنتقدون بالإشارة إلى أنَّ هذه البطاقة البريدية مجرد حيلة دعاية ووعد لم يتحقَّق.
وجاء في عنوانٍ صحفي لصحيفة واشنطن بوست الأميركية: “مرة أخرى، تتفاخر إيفانكا بجهلها”. وكتبت الصحفية جنيفر روبن: “إنَّ إيفانكا دعابة تمشي على قدمين لخطر المحاباة، ومثال نموذجي لطبقة الامتيازات، وممثل ممتاز للجمهوري الذي لا يعرف شيئاً. كان من المُفتَرَض لها أن تكون العقل المُفكِّر في العائلة والثقل الأخلاقي لها، لكنها بدلاً من ذلك مجرد دعاية متواطئة”.
مصير كوشنر
وفي غضون ذلك، يبدو أنَّ كوشنر في تراجع، فبعد أنَّ كان دائم الظهور، قلَّ ظهوره العلني. وقد أُعلِنَ على نطاقٍ واسع أنَّ حقيبة مسؤولياته الضخمة قد تقلَّصَت وأنَّ نفوذه آخذٌ في التضاؤل، وهو ما يطرح أسئلة حول المدة التي سوف يبقى فيها الـ”جافانكا” في واشنطن.
وربما يرجع هذا الأمر، جزئياً، إلى التكهُّنات القائلة إنه سوف يكون الشخصية كبيرة النفوذ القادمة التي سوف يقع في تحقيق المستشار الخاص، روبرت مولر، في قضية التدخُّل الروسي في الانتخابات الرئاسية العام الماضي.
وقد كان هناك ظهورٌ مطرد لمعلومات عن دوره في هذه الدسيسة. وكان كوشنر قد أُجبِرَ أيضاً على الاعتذار، في شهر يوليو/تموز، لتقديمه استمارات أمنية غير كاملة. وقد أنكر أي نوع من التواطؤ مع روسيا.
القدس
وبحسب تقارير وسائل الإعلام أيضاً، فإنَّ كوشنر كان له دورٌ محوري في قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وهي خطوةٌ أدت إلى ردة فعل دولية عكسية ضخمة. وقد صوَّتَت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس الماضي 21 ديسمبر/كانون الأول 2017، بأغلبيةٍ ضخمة، رفضاً للموقف الأميركي.
وأضاف تايلر، الذي كان مُتحدِّثاً سابقاً لحملة المرشح الجمهوري تيد كروز: “لقد تقلَّص جاريد من دائرة الضوء. كان في السابق يبدو كما لو كان في كل صورة، وكان يدرك تماماً موقع المُصوِّرين ونوع العدسات التي يستخدمونها. لكننا لم نسمع منه قط، وعندما سمعناه، لم يكن مذهلاً”.
وقال تايلر: “عادةً، عندما نضع الناس في مواقع مسؤولية وسلطة كبيرة، فإننا نكون على معرفة بمؤهلاتهم وخبراتهم: أما في حالة جاريد، فنحن لا نعرف شيئاً”.