شنَّ الكاتب الأميركي الشهير توماس فريدمان هجوماً قوياً على الرئيس دونالد ترامب، بعد توجيه مكتب التحقيقات الفيدرالي التهم رسمياً لـ13 روسيّاً بضلوعهم في التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جاءت بترامب لسدة الحكم، معتبراً أن الرئيس يخفي شيئاً ما في هذه الواقعة.
فريدمان، قال في مقال بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الإثنين 19 فبراير/شباط 2018، إما أنَّ الروس يُهدِّدون الرئيس ترامب بشيءٍ ما، وإما أنَّه شديد الحماقة، وإما كلا الأمرين. لكنه في كلتا الحالتين، أثبت أنَّه غير راغب أو غير قادر على الدفاع عن أميركا ضد الحملة الروسية لتقسيم وتقويض ديمقراطيتنا.
وأضاف الكاتب الأميركي الشهير: “هذا يعني أنَّه إما قد حصلت إمبراطورية ترامب العقارية على مبالغ طائلة من القلة المشبوهة المرتبطة بالكرملين لدرجة أنَّها صارت تملكه حرفياً، وإما أنَّ شائعات ارتكابه انتهاكات جنسية في أثناء إقامته بموسكو لإدارة مسابقة ملكة جمال الكون (والتي تحتفظ بها المخابرات الروسية على أشرطة فيديو ولا يرغب ترامب في نشرها) صحيحة فعلاً، وإما أنَّ ترامب يصدّق فعلاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما يقول إنَّه بريء من التدخل في انتخاباتنا، أو بريء -بالأحرى- مما اكتشفه رؤساء وكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة الأمن القومي، ومكتب التحقيقات الفيدرالي.
يخفي شيئاً أم غير مؤهل؟
وتابع فرديمان: “خلاصة القول، إما أنَّ ترامب يخفي شيئاً يُهدِّد منصبه، وإما أنَّه غير مُؤهَّلٍ جنائياً ليكون القائد الأعلى للولايات المتحدة. الحسم بصحة أي من هذه التفسيرات أمر مستحيل، لكن يبدو أنَّ أحد هذه السيناريوهات يفسر رفض ترامب أن يردَّ على الهجوم المباشر الذي تشنه روسيا ضد نظامنا، في سكونٍ لم يسبق أن صدر من أي رئيس أميركي بالتاريخ. روسيا ليست صديقتنا، فقد تصرفت بطريقة عدائية، إلا أنَّ ترامب مصر على تجاهل كل شيء”، بحسب فريدمان.
حتى هذه اللحظة، ظلَّ ترامب ينتهك معايير الرئاسة، حتى إنه يرفض الآن تنفيذ ما تنص عليه اليمين الدستورية من حماية الدستور والدفاع عنه. إليكم تشبيهاً غير دقيق، لكنَّه قريب مما يحدث، تخيلوا لو كان جورج دبليو بوش صرَّح بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول بأنَّه “لا يهم. سأذهب للعب الغولف خلال عطلة نهاية الأسبوع في فلوريدا، بينما أكتب تدوينات ألقي فيها باللوم على الديمقراطيين. ليس هناك حاجة لعقد اجتماع لوكالة الأمن القومي”، بحسب المقال.
وفي الوقت الذي وجَّه فيه المحقق الخاص روبرت مولر (مستعيناً بما جمعته وكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالية من معلوماتٍ استخباراتية على مدار عدة سنوات) لوائح اتهام ضد 13 من الرعايا الروس و3 مجموعات روسية، ترتبط جميعها بطريقةٍ ما بالكرملين، بالتدخل في الانتخابات الأميركية لعام 2016- تحتاج أميركا إلى رئيس يقود دفاع أمتنا ضد هذا الهجوم على سلامة ديمقراطيتنا الانتخابية.
ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بتثقيف الجمهور حول حجم المشكلة، وحشد الأطراف المعنيّة كلها (سلطات الانتخابات المحلية والدولية، والحكومة الاتحادية، وكل من الحزب الجمهوري والديمقراطي، وجميع أصحاب الشبكات الاجتماعية التي استغلها الروس لتنفيذ تدخُّلهم) من أجل شن دفاعٍ فعال؛ إضافةً إلى حشد خبرائنا الاستخباراتيين والعسكريين لشن هجومٍ فعال ضد بوتين. هذه هي أفضل طريقة يمكن اتباعها للدفاع عن بلادنا، بحسب فريدمان.
“تغريدات مبتذلة”
ولام فريدمان ترامب، قائلاً: “لكن بدلاً من ذلك، لدينا رئيس ينشر تغريداتٍ مُبتَذَلة، تقول إنَّ الروس (يضحكون في موسكو) على الطريقة التي نُحقِّق بها في تدخلاتهم، ويستغل حادث إطلاق نارٍ بشعاً في مدرسة ثانوية بولاية فلوريدا (وفشل مكتب التحقيقات الفيدرالي في تقديم المعلومات اللازمة عن القاتل لمكتبه الميداني بميامي قبل الحادث) لإطاحة مكتب التحقيقات بأكمله، وخلق عذر جديد بقصد إغلاق تحقيق مولر.
تأمَّل للحظة، كيف كانت تغريدة ترامب ليل السبت 17 فبراير/شباط 2018، مختلّة: “حزين جداً أنَّ مكتب التحقيقات الفيدرالي غاب عنه العديد من الإشارات التي بعث بها مُطلِق النار في مدرسة فلوريدا. هذا غير مقبول. إنَّهم يقضون قدراً هائلاً من الوقت في محاولة لإثبات التواطؤ الروسي مع حملة ترامب. ليس هناك أي تواطؤ. عودوا إلى الأساسيات واجعلونا جميعاً فخورين!”.
وانتقد الكاتب الأميركي، الرئيس قائلاً: “لكن عكس كلامه، كانت وكالة الاستخبارات المركزية لدينا، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الأمن القومي، بمساعدة المستشار الخاص، مدعاةً لفخرنا جميعاً. لقد كشفوا عن برنامج روسي لتقسيم الأميركيين وإمالة انتخاباتنا الأخيرة تجاه ترامب (أي لتقويض جوهر ديمقراطيتنا) بينما ينصحهم ترامب بأن يعودوا إلى الأمور المهمة، مثل تتبُّع مطلقي النار بالمدارس. نعم، ارتكب مكتب التحقيقات الفيدرالي خطأً في ولاية فلوريدا، لكنَّه تصرف ببطولية فيما يخص روسيا. ما الذي يعد أكثر أساسية من حماية الديمقراطية الأميركية؟
ما ينويه ترامب واضح جداً: مرة أخرى، إما أنَّه ذليل لبوتين، وإما أنَّه يحاول -على الأرجح- إخفاء شيء يملكه الروس ضده، ويعرف أنَّه مع استمرار مولر في تحقيقه، سيكشف هذا الأمر ويفضحه في غالب الأمر”، بحسب فريدمان.
“انتقاد لترامب”
ووجه فريدمان انتقاده لترامب مباشرة: “دونالد، إذا كنت بريئاً حقاً، فلماذا تلجأ إلى هذه الحيل، محاولاً إغلاق تحقيق مولر؟ وإذا كنت حقاً رئيساً للبلاد (وليس فقط رئيساً لمنظمة ترامب، بينما تعتبر وظيفتك رئيساً للولايت المتحدة عملاً إضافياً) لمَ لا تقود البلاد فعلاً، ليس بشن دفاع مناسب عن انتخاباتنا عبر الإنترنت فقط، لكن أيضاً بشن هجومٍ فعلي ضد بوتين.
استغل بوتين الحرب السيبرانية لتسميم السياسة الأميركية ونشر الأخبار الوهمية، للمساعدة في انتخاب مرشح فوضوي، كل ذلك من أجل إضعاف ديمقراطيتنا. يجب أن نستغل قدراتنا السيبرانية لنشر الحقيقة حول بوتين (كم من المال سرق، وكم من الكذبات نشر، وكم من منافسيه قد سجن أو أخفى) لإضعاف حكمه المطلق. فهذا ما سيفعله أي رئيسٍ حقيقي في الوقت الراهن.
تخميني الشخصي هو أنَّ ما يخفيه ترامب يتعلق بالمال، أو بعلاقاته المالية بنخب رجال الأعمال المرتبطين بالكرملين. ربما يمتلكون حصة كبيرة فيه شخصياً. من يمكنه أن ينسى الجملة التي قالها ابنه دونالد ترامب الابن في عام 2008: “يشكل الروس مقطعاً عرضياً غير متجانس من الكثير من أصولنا”. لعل الروس يملكون رئيسنا، بحسب فريدمان.
وختم الكاتب الأميركي مقاله لكن مهما كان الأمر، فإنَّ ترامب إما يحاول جاهداً إخفاءه، وإما أنَّه ساذج جداً أمام روسيا لدرجة أنَّه ليس مستعداً فقط لمقاومة شن دفاع مناسب عن ديمقراطيتنا، بل إنَّه في واقع الأمر مستعد لتقويض بعض أهم مؤسساتنا، مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل، للحفاظ على فضيحته مستترة.
لا ينبغي التسامح مع ذلك. هذا خرقٌ أمني. يقبع أكبر تهديد لسلامة ديمقراطيتنا اليوم في المكتب البيضاوي.شنَّ الكاتب الأميركي الشهير توماس فريدمان هجوماً قوياً على الرئيس دونالد ترامب، بعد توجيه مكتب التحقيقات الفيدرالي التهم رسمياً لـ13 روسيّاً بضلوعهم في التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جاءت بترامب لسدة الحكم، معتبراً أن الرئيس يخفي شيئاً ما في هذه الواقعة.