تتابع الدول المعنية بمساعدة مالي منذ سنوات الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي تُجرى غداً (الأحد)، لكن دبلوماسيين يرون أن سير الاقتراع لن يؤثر كثيرا على مستقبل مليارات الدولارات من المساعدات التي تتلقاها باماكو.
وترفض المفوضية الأوروبية وباريس وواشنطن تحديد الخطوط الحمر التي يجب عدم تجاوزها في هذا البلد الذي ما زال يواجه تهديدا من المتشدّدين ويؤثر تطوره على كل منطقة افريقيا الغربية، إن لم يكن أبعد من ذلك.
ودان المعارض سوميلا سيسي الذي ينافس الرئيس المنتهية ولايته إبراهيما ببكر كيتا في الدورة الثانية، “تعطيل الانتخابات” خلال الدورة الأولى التي أجريت في 29 يوليو (تموز) ، ودعا المانحين الأجانب إلى “تحمل مسؤولياتهم”، معتبرا أن انتقاداتهم مخففة.
وتتهم المعارضة السلطة باستغلال غياب الأمن الناجم عن أعمال عنف يرتكبها متشددون او المواجهات الاثنية لتضخيم النتيجة التي حققها الرئيس المنتهية ولايته، فيما ينفي كيتا ذلك. وكل ما اعترفت به الحكومة هو ان قرابة 250 ألف ناخب لم يتمكنوا من التصويت في الشمال والوسط “لأسباب مختلفة”.
ونفت المحكمة الدستورية الاتهامات بـ “حشو الصناديق” بأوراق الاقتراع وغيرها من تهم بتزوير التوكيلات التي تتيح لناخب التصويت عن آخر، بينما شككت المعارضة في حيادها ونزاهتها.
من جهتها، طالبت بعثة الاتحاد الأوروبي، وهو الجهة المانحة الدولية الرئيسية لمالي، بنشر نتائج “كل مركز اقتراع على حدة”، ودعت قبيل الدورة الأولى إلى مزيد من “الشفافية” وضمان السماح لها بدخول كل مراكز الاقتراع. إلا أن وزارة الخارجية المالية أنّبتها ودعت الاتحاد الأوروبي إلى “عدم عرقلة العملية الانتخابية”.
وبين المساهمات المباشرة للمفوضية الأوروبية ومساهمات الدول الأعضاء، تدفع البلدان الـ 28 كل سنة للحكومة المالية نحو 400 مليون يورو من اجل مشاريع تبلغ قيمتها مجتمعة ملياري يورو.
وكتب الناشط ومقدم البرامج الاذاعية راس باث: “إذا منحتم كل هذه الأموال وارسلتم هذا العدد من الخبراء وفي نهاية الأمر قامت السلطات المالية (…) بحشو الصناديق لانتاج سلطة غير شرعية ستطيل أمد نظام غياب الأمن، فهذا لن يكون أمرا منصفا لدافعي الضرائب الأوروبيين”. وأكد الخطيب المحنّك الذي يدعم سيسي علنا ان “الصمت يعني الشراكة!”.
وقال مسؤول أوروبي انه “نظرا لضيق الوقت” بين دورتي الانتخابات، فان الاتحاد الأوروبي “لا يريد أن يعبر عن موقفه” حاليا من الشروط التي يريد تحديدها لتسليم باماكو مساعداته.
والصمت نفسه يسود فرنسا القوة الأساسية الداعمة لمالي التي تمتنع سفارتها في باماكو عن التعليق على الانتخابات. ووحدها الولايات المتحدة حددت المجالات التي تريد ان تشملها مساعداتها، لكنها رفضت تحديد الشروط لمنحها.
والى جانب الاتحاد الأوروبي، فان البنك الافريقي للتنمية وكندا هما الطرفان الوحيدان اللذان يمولان مباشرة عمل الحكومة في مالي التي تعتبر إحدى أفقر دول العالم.
وقال السفير الكندي لوي فيري ان أوتاوا تنفذ واحدا “من أوسع مشاريعها التنموية في العالم” بدفعها 85 مليون يورو كل سنة، يخصص عشرة في المائة منها للدولة المالية، في قطاعي التعليم والصحة. لكنه أضاف: “بما أن بعض المناطق يصعب ضمان أمنها” بسبب أعمال العنف، “فإننا نعرف أن الانتخابات لن تكون مثالية لكن يجب أن تكون مقبولة وديمقراطية”. وذكر بأن كندا قطعت مساعداتها عام 2012 بعد الانقلاب العسكري.
أما الأمم المتحدة فتنفق سنويا مليار دولار على بعثتها لحفظ السلام في مالي، وهي أكبر مهمة تقوم بها في العالم. وإلى جانب ذلك، تنفق وكالة الأمم المتحدة للتنمية أربعين مليون دولار سنويا للمساعدة على “إعادة سلطة الدولة”.
واللافت أنه هذه السنة، وبطلب من باماكو، لم تضطلع المنظمة الاممية إلا بدور صغير في تنظيم الانتخابات الرئاسية، خلافا للعام 2013 بحسب مديرها في مالي ابو بكر كوليبالي الذي أوضح ان مساعدة برنامج الأمم المتحدة للتنمية لا تتطلب “أي مقابل محدد” من مالي “لأن هذا ما تريده الدول الأعضاء”.