قالت رئاسة كتلة أحزاب الخضر، في بيان لها الجمعة، إن غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والأغلبية في البرلمان الأوروبي والمفوضية، يعارضون مشروع خط الأنابيب «نورد ستريم 2»، الذي بدأت شركة «غاز بروم» الروسية خطوات بنائه في بحر البلطيق.
وقالت رئاسة كتلة أحزاب الخضر في البرلمان الأوروبي إنه في الوقت الذي ستجتمع فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شلوس مسيبرغ، السبت، سوف يبحث القادة السياسيون والاقتصاديون من جميع أنحاء أوروبا مشروع خط الأنابيب.
وتفضل الحكومة الألمانية تجاهل النقد الموجه إليها بشأن هذا المشروع، وتتظاهر بأن المشروع مجرد واحد من بنود التعاون الاقتصادي، لكن الحقيقة أن «نورد ستريم 2» أصبح أحد البنود الرئيسية في أجندة بوتين وميركل، مما يجعله موضوعاً سياسياً في نظر البعض.
وأشار بيان كتلة أحزاب الخضر إلى معارضة واشنطن لهذا المشروع، في الوقت الذي تتمسك به ألمانيا، وهو ما قد يحول هذا المشروع إلى معركة بين الجانبين الأميركي والألماني.
وطالب البيان من ميركل عدم التصرف بشكل أحادي في هذا الملف، وناشدها أن تمتنع عن السماح لروسيا باتباع سياسة الطاقة المثيرة للخلاف في أوروبا.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت شركة «نورد ستريم 2» عن أنها «حصلت على التصريح الضروري الثاني لبناء وتشغيل خط أنابيب الغاز (التيار الشمالي 2)، في المنطقة الاقتصادية الخالصة لفنلندا، واستكملت بهذا الشكل عملية الحصول على التصاريح في فنلندا». وصدر هذا التصريح من الوكالة الإدارية الإقليمية لجنوب فنلندا، وفقاً لقانون المياه.
يذكر أن مشروع «التيار الشمالي 2» يفترض بناء خطي أنابيب لنقل الغاز بطاقة تمريرية 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، من روسيا إلى ألمانيا، عبر بحر البلطيق.
وتبلغ حصة عملاق الغاز الروسي «غاز بروم» في المشروع 50 في المائة، وتملك الشركات الأوروبية الخمس المشاركة في المشروع حصة 10 في المائة لكل شركة. وتصل كلفة المشروع إلى 8 مليارات يورو، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 9.5 مليار يورو. ومن المخطط بناء خط الأنابيب «التيار الشمالي – 2» بمحاذاة خط أنابيب «التيار الشمالي – 1».
وتعارض بلدان عدة تنفيذ هذا المشروع، وعلى وجه الخصوص أوكرانيا التي تخشى خسارة عائداتها من عبور الغاز الروسي عبر أراضيها، فضلاً عن الولايات المتحدة التي بدورها تنسج خططاً طموحة لتصدير غازها الطبيعي المسال إلى أوروبا. وتثير أنابيب نقل الغاز الروسي إلى قارة أوروبا كثيراً من الخلافات داخل دولها، إذ تفضل الشركات الأوروبية وبعض الدول مواصلة التوسع في استخدام الغاز الروسي لأسباب اقتصادية بحتة، من بينها رخص كلفة استيراد الغاز الروسي، واستدامة الإمدادات، لأن روسيا تملك أكبر احتياطات عالمية من الغاز الطبيعي.
وترى دول حليفة لواشنطن ضرورة تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، فيما ترى دول أخرى أن ضمان أمن الطاقة في أوروبا يجب أن يخضع للمصلحة البحتة، من دون اعتبارات سياسية.
وفي يونيو (حزيران) من عام 2017، أعلنت المفوضية الأوروبية عن أنها ترغب في التفاوض مع روسيا لضمان أن مشروع خط أنابيب الغاز بين روسيا وألمانيا «نورد ستريم 2» المثير للجدل «سيتم استغلاله بشفافية، ومن دون تمييز». وذكرت المفوضية أنها رغم معارضتها المشروع، فقد طلبت رسمياً من مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء، منحها التفويض اللازم لإجراء هذه المفاوضات.
وقال نائب رئيس المفوضية، ماروس سيفكوفيتش، إن «خط أنابيب الغاز (نورد ستريم 2) لا يساهم في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي. وإذا تم بناء هذا الخط، يتعين علينا أن نحرص على أن يتم استغلاله بطريقة شفافة، تحترم قواعد الاتحاد الأوروبي».
وهذا المشروع الذي ينقسم الأوروبيون حوله يرمي إلى مضاعفة قدرات شقيقه الأكبر «نورد ستريم 1» بحلول نهاية 2019، وإيصال كميات أكبر من الغاز الروسي مباشرة إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، أي من دون المرور عبر أوكرانيا.
وفي حين تدافع برلين بقوة عن هذا المشروع، فإنه يلقى معارضة شرسة من كثير من دول شرق أوروبا، وفي مقدمتها بولندا، وذلك وسط التوتر الجيوسياسي بين الاتحاد الأوروبي وموسكو منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا في 2014.
وبحسب المفوضية، فإن «الشطر البحري من (نورد ستريم 2) له وضع خاص، لأنه يقع في جزء منه، ولا سيما في مدخله الوحيد، خارج نطاق ولاية الاتحاد الأوروبي، وهذا الأمر يحتم بالتالي التفاوض على إطار قانوني خاص، يأخذ في الاعتبار المبادئ الأساسية للقانون الدولي والقانون الأوروبي».
من جهته، قال المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة، ميغيل ارياس كانيتي، إن «خط الأنابيب هذا لا يمكن استغلاله في ظل فراغ قانوني»، وأضاف أن «الاتحاد الأوروبي يريد ضمان أن يتم استغلال هذا الخط بطريقة شفافة، وألا يكون هناك تمييز في الأسعار، تستفيد منه أطراف ثالثة، وأن تكون أنشطة التزويد والنقل منفصلة».
وفي رسالة إلى رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، قال رئيس المفوضية جان كلود يونكر إن «وجهة نظري سلبية بالنسبة إلى هذا المشروع، لأنه يجعلنا أكثر اعتماداً على الإمدادات الروسية، ويعزز موقع (غاز بروم) الروسي، كمزود للغاز مهم في الاتحاد الأوروبي»، مشدداً على أن هذه العوامل مجتمعة تجعل المشروع «لا يخدم المصالح الأوروبية».