من أرشيف رؤية
تدعي الإدارة الأميركية اليوم بأنها تتزعم حلفاً دولياً لمكافحة الإرهاب، وتحت هذا الهدف أصبحت تبتز معظم دول العالم لتقديم كل ما لديها من معلومات وإمكانات لمساعدة أميركا في النجاح بمهمتها، على اعتبار أن مكافحة الإرهاب يجب أن تتصدر أولويات الدول والحكومات، ذلك لأن الإرهاب لا يهدد الأفراد والجماعات والدول، ويبيح سفك الدماء فقط وإنما ينشر الخراب والدمار ويعطل عمليات التنمية ويعوق تنفيذ الخطط ويزيد من وطأة الفقر حول العالم.
وعلى الأرض فقد أكدت الوقائع بما لا يترك مجالا للشك، أن الذي أطلق ”طالبان” في أفغانستان إبان الحاجة إليها، هو الذي أطلق ”الدواعش” بمختلف مسمياتها في منطقتنا العربية من باب الحاجة لوجودها، تلك هي الحقيقة التي أطلقتها السيدة ”هيلاري كلينتون” في كتابها الجديد ”خيارات صعبة” مؤكدة أن الولايات المتحدة من أطلق ”داعش” وبالتالي من يرعاها، اللهم إذا كان الممول عربي كالعادة، فنكون أمام حقيقة أوضح. وتبقى الانعطافة الحاسمة في موقف واشنطن من ”داعش” الجريمتان الوحشيتان اللتان ارتكبتهما ”الدولة الداعشية” بقطع رأسي صحفيين أمريكيين والتهديد بقتل ثالث بريطاني، ثأراً من الضربات الجوية الأميركية ضد مقاتليها في العراق.
إن قيام أمريكا بتجمع دولي لمكافحة الإرهاب ليكون مبرراً لحروب أمريكا الجديدة، يوضحه ما كتبته ”رتدشادتيل” عن زعامة القرن الواحد والعشرين والذي أقرها المحافظون ومفادها: ”لا يمكن استعادة زمام المبادرة بعد نهاية الحرب الباردة وتأمين زعامة مديدة في القرن الواحد والعشرين إلا بعملية عسكرية إمبراطورية يتم من خلالها احتلال العراق وأفغانستان ومن ثم سورية وإيران والوصول إلى صفقة سياسية في الشرق الأوسط يكون فيها لإسرائيل اليد الطولى في هذه المنطقة”.
كل هذا يفهمه الجميع، لكن ما لا نستطيع فهمه هو هذا التزايد الكبير في عدد الإرهابيين، وإعادة توزعهم على دول جديدة، وزيادة عدد العمليات الإرهابية، واشتداد فظاعتها، على الرغم من أن إدارة ”بوش”، وإدارة ”أوباما” فعلت كل ما صنع الحداد في استباحة الدول والشعوب بحجة محاربة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين.
إن من يتابع تطورات الأزمة السورية والعراقية… يدرك بشكل قاطع بأن أميركا لا تحارب الإرهاب إلا إذا كان الإرهابيون يهددون مصالحها بشكل مباشر، وأنها على استعداد كامل بالتحالف مع الإرهابيين ومع دولة ”داعش” وأخواتها إذا ارتكب هؤلاء إجرامهم ضد الآخرين، وربما تسوّق أعمالهم كبطولات لابد منها لتحقيق الديمقراطية… وإلا ما معنى أن يكون مجلس التعاون الخليجي والغرب في مقدمة الداعمين للعصابات التكفيرية بالمال وبالسلاح، وبالغطاء السياسي؟ وهم يعلمون كما تعلم أميركا التي ترسم مواقفهم بعناية فائقة، بأن تلك المجموعات التكفيرية الذي تم تصنيعها بإيعاز أميركي هو فقط ليقدم الغطاء السياسي للمجموعات الإرهابية التي تمارس الإجرام بحق الشعوب على امتداد الأرض العربية (تقتل، وتسرق، وتخرّب، وتفخخ، وتفجر…) دون أي وازع أخلاقي.
والمراقب للعلاقة المشبوهة بين دولة ”داعش” والولايات المتحدة يحار في أمره وتأخذه الظنون بعيداً، فتارة تبدو ”داعش” وكأنها العدو الأول لواشنطن، تهاجم مصالحها وتقتل مواطنيها تيسعى لإفشال مخططاتها حول العالم، وتارة تبدو وكأنها الصديق الأول لها، فكل نشاطاتها الإرهابية وأعمالها التخريبية تصب في خدمة الولايات المتحدة ومشاريعها في المنطقة والعالم، بحيث إذا أرادت الولايات المتحدة محاصرة بلد أو التدخل في شؤونه الداخلية حضر هذا التنظيم ونشط بقوة وراح يهدد باستهداف المصالح الأميركية ممهداً الطريق أمام آلة العدوان الأميركية لتأتي وتساعده كما يجري اليوم بشأن الأزمة في سورية والعراق، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا ”الداعش” لم يقدم على أي عمل يمس المصالح الصهيونية منذ نشأته حتى اليوم، بل إن نشاطاته في لبنان والجولان السوري المحتل وشبه جزيرة سيناء المصرية تصب دائماً في خدمة الكيان الصهيوني، فاستهداف المقاومة اللبنانية أو الجيشين العربيين السوري والمصري لا يمكن أن يخدم سوى طرف واحد هو العدو الإسرائيلي.
المفارقة الصادمة في هذه العلاقة أن الولايات المتحدة ما تزال تضع هذا عصابة ”داعش” على لوائحها الإرهابية في الوقت الذي تتحالف فيه مع الدول والأنظمة التي ترعاه
واليوم نجد الولايات المتحدة واقعة في نفس المأزق، فالمجموعات الإرهابية التي تقاتل في سورية والعراق والتي ينتمي معظمها إلى جبهة النصرة وإلى تنظيم ما يسمى دولة العراق والشام ”داعش”، تحظى بدعم حلفاء واشنطن في المنطقة تركيا وقطر، والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة تستهدف تنظيم ”داعش” وتصفي قياداته في العراق بينما في سورية تقدم له كل أنواع الدعم!
ويبدو في ظاهر القول أن هناك اتفاقاً أمريكياً غربياً تاماً على أهمية محاربة الإرهاب ومعاقبة داعميه، إلا أنه بالنظر إلى مغزاه وتفاصيله نجد أن العقل الغربي المستعمِر (بكسر الميم) فصَّلَ محاربة الإرهاب وآلية الدعم وفق ما يناسب مقاس توجهاته ويحقق أهدافه الاستعمارية، وهذا ما بدا من خلال:
أولاً: رفض العواصم الغربية التعاون مع سوريا المكتوية بالإرهاب، والإصرار على استمرار الدعم المالي والتسليحي للعصابات التي تمارس الإرهاب ضد الشعب السوري، ولتبرير ذلك ولإكسابه صفة الشرعية دائماً ما يحاول الداعمون إعطاء تعريفات خاصة من عندهم لآفة الإرهاب باللجوء إلى فرز الجماعات الإرهابية وإطلاق توصيفات ومسميات عليها وتقسيمها بين جماعات إرهابية متطرفة، وجماعات إرهابية ”معتدلة”، حيث كان لافتاً الاعتراف الصريح للرئيس الفرنسي ”فرانسوا هولاند” بأن بلاده أرسلت شحنات سلاح إلى العصابات الإرهابية في سوريا والتي يسميها بـ”المعارضة”، وكذلك الإصرار والتأكيد من قبل ”أوباما” على مواصلة الإدارة الأميركية دعم وتسليح العصابات الإرهابية التي يسميها ”المعارضة المعتدلة”.
ثانياً: مراوحة القول عن ملاحقة ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ”داعش” في سوريا بين رفض توجيه ضربات ضد التنظيم، وبين احتمال مد الضربات من العراق وحتى سوريا، حيث كان الموقف الأول الرافض لوزير الخارجية الفرنسي ”لوران فابيوس” مؤكداً أن بلاده تدعم ما أسماها ”المعارضة المعتدلة”، والموقف الثاني ذو الاحتمالية لكل من وزير الدفاع الأميركي ”تشاك هاجل” ورئيس أركان الهيئة المشتركة للجيوش الأميركية الجنرال ”مارتن ديمبسي” مؤكدَيْنِ أن المعركة مع هذا التنظيم الإرهابي طويلة.
ومن يدقق في هذين الموقفين يجد لا تناقض بينهما، وإنما هما منسجمان تماماً، من حيث الموقف من ما يسميه الغرب ”الإرهاب المتطرف” الذي يمثله ما يسمى تنظيم ”داعش” في العراق، و”الإرهاب المعتدل” في سوريا والذي تمثله ”جبهة النصرة والجبهة الإسلامية والجيش الحر وغيرها”، وبالتالي مقتضيات مد الضربات إلى سوريا إن تتطلب ذلك فستكون من أجل تقدم ”الإرهاب المعتدل” على ”الإرهاب المتطرف”.
والحقيقة الثابتة أنه لو كانت الولايات المتحدة جادة فعلاً في محاربة الإرهاب، لما غضت الطرف عنه في سورية، ولما استبعدت دمشق من الائتلاف الدولي الذي تعمل على تشكيله ضد ”داعش”، رغم علمها أن الحرب على الإرهاب لن تكون ناجعة ما لم تتم بالشراكة مع سورية، وبالاستفادة من خبرتها العسكرية والأمنية الكبيرة في هذا المجال…
فهل ثمة قاعدتين واحدة صديقة للأميركيين وأخرى عدوة لهم أم أن هناك قطبية مخفية في العلاقة بين الإرهاب الذي تمارسه ”داعش” وأخواتها وبين الإرهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة…؟!
خلال فترة حكم الرئيس الأميركي السيئ الذكر ”بوش” الابن وظفت واشنطن ورقة القاعدة واستثمرتها إلى الحدود القصوى وكان من نتيجة ذلك حربان مدمرتان في أفغانستان والعراق، وخلال الحكم الحالي لأوباما لم تستغن واشنطن عن هذه الورقة بل فعلتها بشكل مختلف، أي بدل الصراع المباشر مع المجموعات الإرهابية وما يعنيه ذلك من تكاليف وخسائر كبيرة، ذهبت إلى الدفع بالدواعش ومشتقاتها للقتال على جبهات اختارتها واشنطن بنفسها أي سورية والعراق ومصر واليمن…
ولا يغيب عن البال أن تركيا وقطر تدعم التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق من أجل تمزيق هذين البلدين عبر إشعال نيران الفتنة الطائفية بين أبنائهما، ولا يخفى على أحد التحالف القائم بين هذه الأنظمة وبين الولايات المتحدة، بمعنى آخر لو أرادت الولايات المتحدة فعلياً القضاء على هذا التنظيم لضغطت على حلفائها وأمرتهم بوقف دعمه وتمويله ووقف تسلله إلى داخل سورية والعراق، وهذا لم يحدث برغم استهداف التنظيم لسفيرها في ليبيا.
فهل هي محض صدفة أم أنها حقيقة تلخص التحالف القائم بين إرهاب واشنطن وإرهاب تنظيم ”داعش” وأخواتها من المجموعات الإرهابية…؟!
للإجابة على السؤال، كان لابد لنا أن نستأنس بشهادة الكاتبة الأميركية (بوني كريستيان) المسؤولة في منظمة الشباب الأميركية اليسارية حين تتساءل بدورها حول دعم الولايات المتحدة لمجموعات إسلامية كثيرة في الشرق الأوسط وهي التي كانت تعتبر الإسلاميين خطراً إرهابياً على أميركا والعالم.
فتحت عنوان ”إدارة أوباما تقول إنها تحارب الوحوش الإرهابيين وهي التي تخلق المزيد منهم” تقول كريستيان: إن منظمة القاعدة التي يفترض أنها تشكل خطراً على الولايات المتحدة تحولت إلى ”منتجة لمنظمات إرهابية أكبر منها وأكثر عدداً من قواتها بفضل قواعد اللعبة الأميركية في الشرق الأوسط”، وتكشف أن واشنطن صمتت على استيلاء منظمة ”داعش” للأسلحة التي صدرتها واشنطن للجيش العراقي فازدادت العمليات الوحشية لداعش في العراق فمن الذي يضمن ألا تقع أسلحة دول صديقة وحليفة لأميركا في المنطقة بأيدي هذه المجموعات المسلحة نفسها؟
فحين تجد واشنطن أن مثل هذه النتيجة ستخدم مصالحها فلن تتردد بالتخلي عن حلفائها وأصدقائها وحين تزداد النقمة الشعبية ضد بعض الحكام المتحالفين معها يصبح من مصلحتها خلق فوضى ودماء لكي تستبدلهم بآخرين من الموالين الجدد لها لمنع وصول حكام يعملون لمصلحة شعوبهم وليس لمصلحة أميركا..
فقد سمحت واشنطن باستبدال ”مبارك” وهي التي طلبت منه الخضوع والاستقالة لكي تمهد طريق الفوضى الخلاقة في ساحة الثورة المصرية واستلام الإخوان المسلمين المصريين للحكم رغم اعتراض الجيش، وهي التي أبعدت أمير قطر حمد ورئيس وزرائه بعد فشل دوره ضد سورية والولايات المتحدة لم تستنفد خططها لتقسيم ليبيا ولذلك خلقت حروباً مجانية داخلية بين معظم المتحالفين معها داخل الساحة السياسية الليبية لتدميرهم جميعاً ثم تقسيمهم كما تشاء والولايات المتحدة هي التي طلبت بمشاركة بعض حلفائها استقالة علي عبد الله صالح الرئيس اليمني وتنصيب نائبه لاستكمال مشروعها في تقسيم اليمن ومنعه من الاستقرار والقرار المستقل.
وها هي تسعى الآن لاستخدام قادة الأكراد في شمال العراق بطريقة الفوضى حين تتعهد بإرسال السلاح إليهم لمحاربة ”داعش” بينما هي تطلق ”داعش” ضد كل العراقيين وتمتنع عن إرسال السلاح للجيش العراقي..
فمن الواضح أن ”أوباما” يريد التحكم بقواعد لعبة الحرب الداخلية في العراق من خلال خطة يسيطر فيها من الجو ويوزع من خلالها مصادر القوة النارية على أي طرف ضد مصلحة الطرف الآخر في الساحة العراقية وكأن ”أوباما” يريد أن يرسم الحدود لدولة ”داعش” ويوجهها حين يرغب لتقتل وتدمر في المكان الذي يتناسب مع خطته في تقسيم العراق وتفتيت قدراته وتاريخه بهدف تحويله إلى إمارات صغيرة تحقق مصالحه في العالم العربي والإسلامي في المنطقة.
فالسياسات التي تتبع لدى الإدارة الأميركية، تتخذ أشكالاً مختلفة ومتعددة تحت غطاء محاربة الإرهاب، وهذا يستدعي تسخير جميع المنظمات والهيئات الدولية، الأمم المتحدة ـ مجلس الأمن و... لخدمة المشيئة الأميركية، وبنظر الولايات المتحدة الأميركية كل من يغرد خارج السرب يصنف ويوضع في خانة مساندة الارهاب. فالولايات المتحدة تريد إيهام العالم أن ”داعش” يشكل خطراً أممياً ولا مفر من محاربته لكن بشروط واشنطن وليس بشروط الأمم المتحدة، أي بعيداً عن كل المواثيق الدولية وأهمها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وما تقرره الشعوب.
فأمريكا تبحث اليوم عن حلف يوفر التمويل أولاً، ثم يمارس هذا الحلف ضغوطاً دولية لتنفيذ الأجندة الأميركية في المنطقة بحجة ”الحرب على الإرهاب” ويمهد كذلك لحرب طويلة جداً بشر بها ”أوباما” في حديثه عن السنة والشيعة وهو الحلم الأميركي الصهيوني القديم المتجدد الذي لم ينجح من خلال الحرب على سورية ولعله ينجح من خلال ”الحرب على الإرهاب” كما تريدها واشنطن!
ان ازدواجية المعايير ومحاولة التوظيف السياسي للإرهاب لم ولن يعود تجارة رابحة لمن راهن على الاستثمار فيه، فالإرهاب لن يبق تحت السيطرة بل سيرتد على مصنعيه ومصدريه وسيضرب في وسط الدار غير آبه بكل التحذيرات والتهديدات بكشف الأوراق والإفصاح عن مكان الولادة والرعاية والاحتضان وهو ما أفصحت عنه الصحافة الغربية وبعض الساسة الأمريكيين في كتاباتهم ومذكراتهم…
إن إرهاب ”داعش” وملحقاتها والتطرف ليست تنظيماً محدداً بقدر ما هو فكر وطريقةً تفكير وذهنية ثقافية يمكن أن تنشأ حيث يتوفر المناخ الفكري والثقافي والتربوي والإعلامي، من هنا تأتي أهمية أن يدرك الجميع أن المعالجة والمواجهة للإرهاب يجب أن تنبع من اتباع استراتيجية عالمية واضحة ومحددة لمكافحته وتجفيف منابعه وتعقب تنظيماته وتشكيلاته المسلحة حيثما كانت وتواجدت لأنها محكومة باستراتيجية الحركة من مكان إلى آخر وحيث تستدعي الحاجة والمصلحة لمشغليهم ومستثمريهم على ساحة الصراع الدولي وهو ما يلاحظه كل متابع للإرهاب العابر للحدود.
وللأسف المأسوف عليه، أنّ المنطقة العربية اليوم أمام مرحلة جديدة من الفوضى والحروب والإرهاب لا مكان فيها للجيوش، ولا للدول بمعناها الحقيقي، مرحلة تختلف عن تلك السابقة، مرحلة يمكن أن نسميها مرحلة ”التدمير الذاتي”، وهذا ما أكدت عليه بكل صراحة ووضوح ودون أدنى مواربة ”هيلاري كلينتون” حين قالت ”لن يكلفنا غزو العرب شيئًا بعد اليوم، إنهم سيقضون على أنفسهم بأيديهم”.
فإذا كان حرث الأرض أنجزه المجندون العرب تحت كذبة ”الجهاد” في أفغانستان، وفتح الطرق أمام الاستعمار الأميركي لآسيا، فإن المجندين الداعشيين الجدد وتحت أكاذيب ”الجهاد والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة” و”التستر بالإسلام” هم ذاتهم اليوم من يحرث الأرض العربية أمام كيان الاحتلال الصهيوني والقوى الامبريالية الاستعمارية الغربية المتحالفة استراتيجياً مع الكيان الصهيوني، لتنفيذ المشروع الصهيو ـ غربي، لإعادة رسم خريطة المنطقة وتمزيقها إلى كيانات طائفية متناحرة، وتوزيع ثرواتها، وتتربع على عرشها المستعمرة الكبرى المسماة ”إسرائيل” الممتدة من النيل إلى الفرات.
والحال: إن العالم أمام ظاهرة إرهابية خطيرة وتمدد غير مسبوق لها باتت تهدد المجتمعات الإنسانية وتحاول رسم خرائط صراع لم تكن قائمة في أكثر مناطق العالم حساسية وأهمية اقتصادية وجيوسياسية، ما يعني أننا أمام خطر وجودي غير مسبوق يستدعي مواجهة حقيقية ولا نمطية في أساليبها وصيغها وطبيعتها العسكرية التي يجب أن تتجاوز كل ما هو قائم أو حاصل من حسابات سياسية أو تحالفات إقليمية وغيرها؟
بيت القصيد: أليست ”داعش” نازية القرن الحادي والعشرين؟ ومحاربتها والقضاء عليها وأخواتها من جذرها ومشيمتها الوهابية هو فرض عين على كل إنسان…!
فبين الإرهاب والظلم توجد علاقة قويةً وصلة وثيقة منذ قديم الأزل فحيثما وُجِدَ الظلم سيولد الإرهاب وبحسب القاعدة الفيزيائية القائلة: لكلِّ فعلٍ ردُّ فعل يساويه في القوّة ويعاكسه في الاتجاه، فكلما زاد ضغطُ الظلم المتمثل بدول الاستكبار والاستبداد على المستضعفين كلما نما الإرهاب وتكاثر أثره، ولن يُنهى الإرهاب أو يحدّ منه إلا العودة إلى العدل والإنصاف على مستوى الأفراد والشعوب. وكل اليقين، أن الإرهاب ودوله والظلم وأهله إلى زوال.